بعد مفاوضات شاقة وأخذٍ وردّ طويلين، توصّل الأمن العام اللبناني، أمس، إلى صيغة نهائية تقضي بخروج مسلّحي ما يسمّى «سرايا أهل الشام» صباح اليوم من وادي حميّد في جرود عرسال، نحو بلدة الرحيبة السورية في القلمون الشرقي.
وبحسب الاتفاق، فإن قافلة الحافلات التي تجمّعت خلال الأيام الماضية في منطقة فليطا السورية، ستتحرك عند السابعة والنصف من صباح اليوم نحو الأراضي السورية، وعلى متنها مسلحو «سرايا أهل الشام» وأكثر من 3 آلاف مدني. وبخروج آخر حافلة من وادي حميد، يكون الوادي، ومنطقة الملاهي المحاذية له، قد أصبحا خاليين من أي وجود مسلّح ومدني، ليتسلم الجيش اللبناني المواقع هناك. الجيش، كان قد وضع مهلة تنتهي اليوم، ليتصرّف بعدها على قاعدة أنه سيحدّد الساعة الصفر لانطلاق معركته ضد «داعش»، حتى لو بقي مسلّحو «السرايا» داخل الأراضي اللبنانية، وليُكمل المفاوضون عملهم الذي كان سينتهي بتسليم المسلحين أسلحتهم إلى الجيش فجر أمس، ويندمجوا بالنازحين.
وتشير معلومات «الأخبار» إلى أن المؤسسة العسكرية أنهت تحضيراتها للمعركة، وانتشر في جرود عرسال والقاع ورأس بعلبك لواءان وفوج تدخّل وفوج المجوقل. ومن المنتظر أن يُشكّل فوج إضافي كقوات احتياط (ربما فوج المغاوير). وترى مصادر عسكرية أن «موعد انطلاق المعركة لن يتأخر»، بما يحافظ على أفضلية عنصر المفاجأة في المعركة لمصلحة الجيش. وتُرجّح المصادر أن تبدأ المعركة «في أي وقت» هذا الأسبوع. ومع أن المصادر العسكرية تتحفّظ على الدخول في أي إطار زمني، إلا أن الجيش يحرص على تنفيذ مهمّته بدقّة، بحيث يكون في يده تحديد لحظة بدء المعركة ولحظة إنهائها أيضاً. وفي الوقت الذي تسود فيه البلبلة صفوف عناصر التنظيم الإرهابي، وتعدّد الخيارات التي يفكّر فيها الإرهابيون بين القتال حتى الموت والبحث عن تسوية أو محاولات الفرار الفردي نحو الداخل السوري أو اللبناني، يبدو هامش الإرهابيين ضيّقاً في التفاوض، في ظلّ ارتباطهم بقرار مركزي للتنظيم. غير أن هامش المناورة ضيّق أيضاً، إذ بات معلوماً أنه حال فتح الجيش اللبناني المعركة من الغرب، ستطبق قوات الجيش السوري وحزب الله والحزب السوري القومي الاجتماعي على الإرهابيين من الشرق والشمال، في خطة محبوكة لمنعهم من الفرار نحو الداخل السوري وفتح أكثر من جبهة لإرباكهم.
وفي ما خصّ المفاوضات مع «سرايا أهل الشام»، على الرغم من لجوء الفصيل إلى اللعبة الإعلامية بغية الضغط على المفاوض اللبناني، وبالتحديد جهاز الأمن العام، إلّا أن دفّة التفاوض بقيت ممسوكة بيد اللواء عبّاس إبراهيم وضباط الجهاز، بما يمثّل ثمرة الاتفاق السوري ــ اللبناني على إخراج آخر فصيل مسلّح من جرود عرسال.
وليل السبت الأحد، كان ممثلو الفصيل لا يزالون يصرّون على الخروج بسياراتهم من جرود عرسال إلى الأراضي السورية، في محاولة للهروب من صورة الخروج في حافلات، والتي باتت تمثّل صورة عن هزيمة المجموعات المسلّحة على الأرض السورية. وطالب المسلحون بخروج قسم منهم بالسيارات، والقسم الآخر بالحافلات من دون جدوى. في حين أن عدداً لا بأس به من السيارات مسروق وبعضها الآخر من مخلّفات «جبهة النصرة». غير أن المفاوض اللبناني نقل للمسلّحين قراراً سورياً ــ لبنانياً حاسماً برفض الخروج بالسيارات، وهذا القرار غير قابل للتفاوض، كونه يكرّس سابقة، قد تحاول اللجوء إليها مجموعات مسلّحة أخرى في المستقبل.
وأمام محاولات المسلّحين المراوغة والمماطلة بعيد منتصف ليل السبت ــ الأحد، جرى إبلاغهم بقرار لبناني ــ سوري أن الساعة السادسة من صباح يوم الأحد، هي المهلة الأخيرة لتنفيذ الاتفاق، بعدما تمّ تمديد المهلة من السادسة مساء يوم السبت. وأنه في حال عدم موافقة المسلّحين على الاتفاق، ستكون السادسة صباحاً هي المهلة الأخيرة لتسليم السلاح، والأطراف المعنية في حلّ من الاتفاق، وأنه إذا جرى رفض تسليم السلاح ستكون لغة القوّة هي البديل.
الحريري: لا إجراءات كويتية ضد لبنان
في سياق آخر، أكد الرئيس سعد الحريري بعد زيارته أمير الكويت صباح الأحمد جابر الصباح أنه سيتابع شخصيّاً حل الأزمة بين البلدين بعد ما يسمّى «خليّة العبدلي». وقال الحريري إنه «نقل تحيات الشعب اللبناني ورئيس الجمهورية، وقلنا بصراحة إننا نندد بما حصل في خلية العبدلي، وإن لبنان مستعد للتعاون»، مؤكّداً أن «هناك استياءً كويتياً كبيراً جداً حياله، ونحن في لبنان سنتعاون في هذا الموضوع». وجزم الحريري بأن «العلاقات تسير نحو الأفضل، الدولة والحكومة ضد أي عمل أمني، ونعتبر أن أمن الكويت من أمن لبنان». وردّاً على أسئلة الصحافيين، قال الحريري إنه «لن يكون هناك أي إجراءات ضد الجالية اللبنانية في الكويت». وحول ما إذا قدّم الكويتيون أدلّة عن الاتهامات بحقّ حزب الله، أجاب الحريري: «القضاء الكويتي واضح وصريح، والتعاون سيتم بيننا وبين الأجهزة الأمنية والقضاء، ونحن سنتعاون بشكل واسع جداً».
بري: السلسلة عند عون
من جهته، بدد رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره مساء أمس، أي انطباع بالتشاؤم حيال مصير قانون سلسلة الرتب والرواتب، مشيراً إلى أن «القانون أُقر وهو مطلب حق منذ سنوات عدة». وأضاف: «هذا القانون تم طبخه جيداً». ورداً على سؤال، شدد على وجود ضغوط تمارسها المصارف والهيئات الاقتصادية على السلسلة، وأن «رئيس الجمهورية ميشال عون يدرك هذا الأمر جيداً». ويرغب رئيس المجلس في أن يصار إلى إتمام مسار قانون السلسلة عند رئيس الجمهورية بتوقيع القانون، «على أن تذلل أي عراقيل تنشأ في ما بعد، على غرار ما هو حاصل مع قانون الانتخاب». ورفض سعي المدارس الخاصة الى زيادة الأقساط بحجة السلسلة لـ«كسب المزيد من المال على حساب المواطنين».