ساهمت الزيارة الوديّة التي قام بها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري إلى الكويت ولقاءاته مع أمير الدولة وسائر المسؤولين الكويتيين في تفادي التأثيرات السلبية التي تسببت بها مشكلة خلية «العبدلي» الإرهابية المرتبطة بحزب الله على العلاقات المميزة التي تربط بين لبنان والكويت، اولا من خلال التأكيد على اهتمام الحكومة اللبنانية بمتابعة جدّية ومسؤولة لكل ما يتعلق بهذه المشكلة حتى النهاية، وثانياً، إظهار حرص الحكومة والشعب اللبناني على رفض أي محاولة لاستعمال لبنان منطلقاً لاستهداف أمن الكويت الشقيق أو أي دولة عربية أو خليجية وغيرها من أي جهة كانت.
وقد لاقت هذه الزيارة اهتماما من المسؤولين الكويتيين وكان لها صدى إيجابي لدى أمير الدولة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي ركز في لقائه مع الرئيس الحريري على أهمية العلاقة التي تربط الكويت بلبنان على مرِّ السنين الماضية، وعلاقات الود والصداقة بين الشعبين الشقيقين والحرص على استمرارها على هذا النحو مستقبلاً.
وخلال اللقاءات، أبدى المسؤولون الكويتيون، استغرابهم واستياءهم الشديد لارتباط عناصر هذه الخلية الإرهابية بحزب الله باعتبار ان الكويت لم تبادر إلى القيام بأي أعمال استفزازية أو عدائية ضد الحزب أو إيران أو ضد الشعب اللبناني، بل كانت على الدوام تحافظ على علاقات الصداقة وحسن الجوار وتدعو باستمرار إلى حل المشاكل عن طريق الحوار، وأكثر من ذلك كانت الكويت حريصة كل الحرص على الوقوف إلى جانب لبنان في جميع الملمات والاعتداءات الإسرائيلية والمشاكل الداخلية، وقدمت المساعدات المادية والمعنوية لجميع أبناء الشعب اللبناني دون تفرقة بين منطقة أو طائفة وأخرى، وساعدت باستمرار في عملية إعادة الاعمار والنهوض بلبنان وهي مستمرة في سياستها على هذا النحو وفي مدّ يد المساعدة للبنان حيث يمكنها ذلك.
من جهته، أكّد الرئيس الحريري الذي عاد مساء أمس إلى بيروت حرصه الشديد وحرص سائر المسؤولين والشعب اللبناني على الحفاظ على متانة العلاقات اللبنانية – الكويتية في مختلف المجالات ومثنياً على التعاطي الأخوي للمسؤولين الكويتيين مع الشعب اللبناني واللبنانيين المقيمين في الكويت، ومشدداً على ضرورة فصل أي التباسات أو مؤثرات سلبية تسببت بها خلية «العبدلي» بها، وتعهد بمتابعة شخصية لكل ما يرتبط بهذه المشكلة، وأبلغ الجانب الكويتي بأنه سيوفد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق قريباً إلى الكويت لاستكمال كل معطيات ووقائع هذه القضية المقلقة والعمل على ملاحقتها من الجانب اللبناني، لأنه لا يمكن التغاضي على هكذا ممارسات وارتكابات إرهابية ضد الكويت أو غيرها انطلاقاً من لبنان.
وعلمت «اللواء» ان الجانب الكويتي كان مستاءً جداً من ارتباط أفراد هذه الخلية الإرهابية بـ«حزب الله»، واستند في اتهاماته إلى الحزب بسلسلة من الاعترافات الموثقة أدلى بها أفراد الخلية في التحقيقات التي جرت معهم والاحكام القضائية المبرمة الصادرة بحقهم عن القضاء الكويتي، وتبين من خلالها ان مسؤولية الحزب ارتكزت على تشكيل الخلية وتدريبها وتمويلها وتسليحها على الأراضي اللبنانية، وتحديد مهمتها باستهداف أمن الكويت من خلال تنفيذ سلسلة اعتداءات إرهابية تشمل أهدافاً حيوية محددة.
وعكست تصريحات نائب رئيس الوزراء الكويتي وزير الخارجية الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، الذي شارك في استقبال أمير الكويت للرئيس الحريري نجاح المساعي اللبنانية للملمة تداعيات «خلية العبدلي» وانعكاساتها على لبنان، من خلال تأكيد حرص بلاده على استمرار العلاقات الجيدة التي تربط الكويت بلبنان، والذي كان أحد الأهداف الرئيسة للزيارة، آملاً ان تتم معالة أمر الخلية في إطار العلاقة المميزة بين البلدين، وكاشفاً عن تأكيد من أمير الكويت ورئيس الوزراء بأن العلاقات لم تتأثر بهذه الأمور.
لكن الشيخ صباح خالد الحمد الصباح قال: «اننا شددنا على اشقائنا في لبنان على ضرورة العمل سويا على تعزيز أمن البلدين، ونمو العلاقات في مختلف جوانبها»، مضيفا «أننا نتطلع إلى ان نتلقى جواباً على المذكرة الكويتية، وأن اخواننا في لبنان سيؤكدون على عدم المساس بأمن الكويت واستقراره.
وعن توضيحات الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، ردّ وزير الخارجية الكويتي قائلاً: «نحن لدينا اعترافات، والاعتراف سيّد الأدلة، وننتظر من اخواننا في لبنان بعد تزويدهم بحيثيات الحكم وارتباط «حزب الله» بهذه الخلية ونوعية المساعدة التي يقدمها أفراد من الحزب لها، عليهم ان يقدموا الحجة مقابل الحجة، وأن يطلعوا على ما لدينا من أدلة».
اما بالنسبة لتزامن قيام السلطات الأمنية الكويتية بالقاء القبض على معظم أفراد الخلية الارهابية المتوارين عن الأنظار بعد ما يقارب الشهر من صدور احكام التمييز بحقهم في هذا الوقت بالذات وكلهم من الجنسية الكويتية، فتعزو بعض المصادر المتابعة ذلك إلى تبني السلطات الكويتية لموقف متشدد من هذه القضية الإرهابية وخصوصا تجاه الجانب الإيراني الذي كان يؤمن الحماية غير المباشرة لهؤلاء المحكومين بالتواري والاختفاء ويبدو انه تخلى عنهم لصالح عدم المساس بالعلاقات الكويتية – الإيرانية وتأثرها سلباً.
حوار بعبدا
سياسياً، وعلى إيقاع الإضراب الشامل والعام الذي تنفذه هيئة التنسيق النقابية اليوم في كل الإدارات والمؤسسات العامة، والاعتصام امام جمعية المصارف، والتلويح بأن لا بداية للعام الدراسي في المدارس الخاصة والرسمية، بما في ذلك مدارس النازحين السوريين، ما لم يُقرّ قانون سلسلة الرتب والرواتب ونشره في الجريدة الرسمية، في مقابل تظاهرة واعتصام لقدامى القوات المسلحة، اعتبارا من السادسة صباحاً امام مصرف لبنان في شارع الحمراء، احتجاجا على الظلم اللاحق بالمتقاعدين العسكريين والعسكريين في الخدمة الفعلية، من جرّاء السلسلة، ينتظر أطراف الإنتاج الاقتصادي والعمل الإداري والتربوي اللقاء الحواري الذي يعقده قبل ظهر اليوم الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا من اجل البحث في معالجة الثغرات المفترضة في قانون السلسلة والموارد المالية لها، والتي كانت موضع اعتراض وملاحظات الهيئات الاقتصادية وبعض القطاعات المعنية بتصحيح وزيادة الرواتب.
وعشية هذا الحوار الذي يفترض ان يؤمن مخرجاً للرئيس عون لاتخاذ قراره بالتوقيع على القانون أو رده، قبل انتهاء المهلة الدستورية بعد عشرة أيام، كان لافتاً للانتباه، مناشدة وزير المال علي حسن خليل، وهو المعاون السياسي للرئيس نبيه برّي للرئيس عون ان يُبادر للتوقيع على قانون السلسلة «ونحن مستعدون كقوى سياسية وكتل نيابية ان نناقش بعد هذا الأمر أي تعديل تفرضه الوقائع والمعطيات العلمية التي لا أحد يمكن ان يهرب من مواجهتها أو التعاطي معها.
اما الرئيس برّي، فأعلن انه ليس متشائماً بالنسبة إلى السلسلة التي اقرها مجلس النواب بعد سنوات من النقاش، مؤكداً انها حق ومطلب مزمن ورئيس الجمهورية يعرف هذه الأشياء.
ودعا الرئيس برّي امام زواره إلى السير بالسلسلة، بما يشبه دعوة ضمنية للرئيس عون للتوقيع عليها، وقال: «اذا كان هناك من خلل أو ثغرات فإن ذلك يمكن مناقشته في ما بعد، لكنه لفت إلى وجود ضغوطات من قبل الهيئات الاقتصادية والمصارف لعرقلة الموضوع»، معتبرا ان هذا الأمر معروف وليس خافيا على أحد.
وانتقد برّي بشدة قرار المدارس الخاصة بزيادة الأقساط المدرسية في ضوء إقرار السلسلة في مجلس النواب.
وقال وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري الذي سيشارك في حوار بعبدا اليوم لـ «اللواء»: ان الرئيس عون سيستمع الى وجهات نظر جميع الحاضرين وسيكون الحوار مفتوحاً بلا سقف محدد ولا قرارات مسبقة، والرئيس سيأخذ بكل الملاحظات وبناء عليها يأخذ قراراته حول مصير القانونين.فهناك نقاط خلل في قانون السلسلة وقانون الموارد يُفترض العمل على تصحيحها حيث يجب وفق مقترحات محددة من قبل الحضور.
وحول نقاط الخلل قال: هناك نقاط خلل في الضرائب والرسوم المقترحة وفي تقديمات السلسلة، فكان لا بد من اجراء اصلاحات لتكون السلسلة عادلة لكل الشرائح المستفيدة، كما انه لا بد من تحقيق وفر مالي في الموازنة من اجل توفير التمويل للسلسلة، والمثال لا الحصر انه يمكن التوفير في المساعدات المالية التي تدفع لبعض الجمعيات الوهمية او غير المجدية، مع العلم ان كلفة السلسلة ملحوظة في الموازنة.
واوضح الوزير خوري: انه قد يتم تحضير مشاريع قوانين بتعديل بعض المواد سواء في السلسلة أو قانون الموارد بناء للمقترحات التي سيسمعها الرئيس، وقد تُحال الى جلسة المجلس النيابي يوم الاربعاء المقبل اذا كان ذلك ممكناً، لكن لا توجد مشاريع قوانين جاهزة بالتعديلات الان.
نصر الله
في غضون ذلك، تجاهل الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله، موضوع «خلية العبدلي» في الكلمة التي ألقاها باحتفال الحزب بالذكرى 11 لانتصار حرب تموز 2006، والذي أقيم في سهال الدردارة في بلدة الخيام الجنوبية، تحت عنوان «زمن النصر»، لكنه نفى سيطرة الحزب على الحكومة الحالية أو التي سبقتها أو التي ستعقبها، وانتقد كلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن انه والحكومة اللبنانية شريكان ضد «داعش وحزب الله»، مؤكداً ان «حزب الله» هو قوة هدامة للمشروع الإسرائيلي في المنطقة».
وأعلن أن «لا عقوبات أو تهديدات يمكن ان تمس المقاومة ومن تعاظم قوتها».
وقال: «اننا ننتظر قرار الجيش الذي هو سيوقت بدء المعركة الجديدة لتحرير الجرود اللبنانية من «داعش» والقرار محسوم وكان هناك محاولات لاضعاف عزيمة اللبنانيين، ولكن ما قام به الرئيس ميشال عون حسم هذا الخيار، ونستطيع أن نقول بافتخار، ان لدينا اليوم قرار سيادي وطني حقيقي بتحرير جزء من الأراضي اللبنانية التي يحتلها تنظيم «داعش» وبالتالي القرار محسوم والتوقيت بيد الجيش والجميع ينتظر والأمور ستمشي بشكل جيد وأتمنى ان لا يضع أحد مدى زمنياً لهذه المعركة كما اتمنى ان لا يقوم أحد بأي مقارنات مع أي معركة».
وفي محاولة جديدة للضغط على المسؤولين لتعويم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، من خلال إعطاء مشروعية رسمية لزيارة وزراء إلى دمشق، اعتبر ان «العالم كلّه يتعاطى على أساس ان النظام والدولة في سوريا باقية ويجب أن نبحث عن مصلحة لبنان، ومن يعترض على التنسيق مع سوريا لا يستطيع أن يقدم لها شيئاً، مشيراً الی ان «مصلحتنا الوطنية أن تكون الحدود الوطنية مفتوحة وأن يتم التفاهم مع سوريا».
(راجع التفاصيل ص 4)
«سرايا أهل الشام»
وعلى الرغم من وصول أكثر من 35 حافلة كبيرة الى وادي حميد في جرود عرسال، بعد انتظار 24 ساعة في فليطة السورية، بقيت مفاوضات ترحيل «سرايا أهل الشام» من مسلحين ومدنيين متعثرة على عدد من النقاط، أبرزها انتقال المسلحين في الحافلات أو في آلياتهم مع اسلحتهم، وهو ما يطالبون به، في حين يرفض «حزب الله» ذلك ومعه الأمن العام اللبناني، مصرين ان يكون الانتقال بالحافلات وبالاسلحة الفردية فقط، ولم يدخل الاتفاق بعد خير التنفيذ، لكن معلومات ذكرت ان عملية الترحيل ستستأنف عند الخامسة من صباح اليوم، حيث سينتقل قسم من المسلحين وعائلاتهم إلى منطقة الرحيبة في القلمون الشرقي، حيث «الجيش الحر» وقسم آخر إلى عسال الورد حيث ستتم تسوية أوضاعهم عن طريق لجان المصالحة، فيما ستنقل سيّارات الصليب الأحمر اللبناني عدداً من الجرحى.