ليس سياسياً كيّ ينتهز الفرص للإنتقام أو لتحصيل مكاسب ومنافع على حساب الخصم فهو غير متمرس بعد بالعمل السياسي السائد لذا يتصرف وفق مزاج خاص أو نصيحة يسرّها إليه صديق من هنا وصدوق من هناك كيّ يذهب بهذا الاتجاه أو ذاك مما يوافق سياسة تيّاره أو مما يخالفه فسيّان عنده ما دام يحرص على لبنان الذي وهبه السلطة على صباً فتحسّس نفس السلطة المرهف فأضافه إلى إحساسه الشفاف ليلتقي بذلك المرهف والمرهوف في عملية سياسية لا تستقبل زبائن رومانسيين و لكنها تستدعي من هم مكيافيليين يتقنون فنّ السياسة ومهارة الإصطياد .
إقرأ أيضا : تورط السفارة الإيرانية في 'خلية العبدلي' الإرهابية
هذه الطبيعة التي يستريح بها رئيس ثورة الأرز ويتمتع بها قد خسّرته الثورة وابتعد عنه الأرز وبقي وحيداَ يصارع وحده طواحين السياسة رغم أنه غير متروك بالمطلق فثمة وسوسة تأتيه لتساعده على اختيار ما يصلح همّ السياسة التي اجترحها في ظروف صعبة .
أبكر الرئيس سعد الحريري في سعيه لثنيّ الكويت عن موقفها من أزمة أمنية متهم فيها حزب الله الشريك الأساس في حكومة رئيس تيّار المستقبل لإمكانية أن تتخذ الكويت تدابير تضرّ بمصلحة لبنان خاصة و أن يد الكويت مبسوطة كل البسط للبنانيين في السرّاء وفي الضرّاء ودون منّة ولإمكانيّة أن يتصدع ما تبقى للحكومة من جدار تستند عليه في مرحلة فقدت فيه المؤسسات شرعية الوقت القانوني .
إقرأ أيضا : ردّاً على حازم صاغية: ليس زمن حزب الله.. أنت كبرتَ واستسلمتَ
ثمّة من يشير إلى أن الرئيس نبيه بري صديق الكويت الأول والذي تحترمه دولة الكويت وتكن له إحتراماً إستثنائياً هو من طلب من الرئيس الحريري التدخل في هذا الملف الأمني وتذليل العقبات من أمامه وتجاوز ما أمكن لإبقاء العلاقات اللبنانية – الكويتية على ما هي عليه من ود ومودة و سيخسر من خلالها لبنان الكثير من خيرات الكويت إذا ما ماتت هذه المودة ونشأت مكانها عداوة ستضّر بمصالح لبنان وبمصالح اللبنانيين المقيمين في دولة الكويت .
ليس غريباً على الرئيس بري القيام ما من شأنه إطفاء الحرائق الوطنية وتلك المتعلقة بطائفة يرأسها كون الشيعة عموماً واللبنانيين خصوصاً ضمن دائرة مسؤوليته المباشرة لهذا يدفع دوماً باتجاه الخيار العربي الذي ينحاز إليه خاصة في هذه الظروف التي تحتدم فيها الخلافات الطائفية والمذهبية ومن هنا كان يحث على عروبة الهويات الصغيرة لتضييق مساحات الخلاف القائمة والناشبة تحت يافطات عربية و أخرى أعجمية .
لا يجيد سعد الحريري القنص السياسي ولا الإستغلال السياسي لهذا تضيق مساحة التأييد له وخاصة في الساحة السنية ويخسر بسببه المستقبل الكثير من تيّاره حتى أن فريق 14 آذار قد ترك اللعبة والملعب ولم يعد موجوداً في الساحة السياسية وندم الكثيرون من لاعبيه على الإنضمام إليه وكم تمنوا لو أنهم لعبوا مع فريق 8 آذار لربحوا وما خسروا الخسران المبين .
إقرأ أيضا : ارتدت عباية حتى تصبح معاونة للرئيس روحاني
طبعاً هذا الرأي يدعو إلى فتح نقاش جدي حول مواقف الرئيس سعد الحريري ويبدو أن ما سيسارع من هذه الدعوة هو زحف وزراء في حكومته إلى النظام السوري في محاولة واضحة لتوهين دور الرئيس في حكومة يرأسها ويملك فيها صلاحيات إستثنائية لا تسمح بتهوين موقعه ودون أن يكون له الطعن في الصعود نحو سورية لملاقاة الرئيس الأسد وكأن ما بين لبنان ونظام الأسد نعيم دائم وجنّات عدن .