يتناول ديبلوماسيون غربيون في بيروت ما يجري على الحدود مع سوريا سواءٌ بالنسبة الى معركة عرسال التي نفّذها «حزب الله»، أو الى معركة القاع التي يُفترض أن ينفّذها الجيش بلا قفازات.الكلام الديبلوماسي ينمّ عن رغبة في قول الامور بلا ديبلوماسية مبالغ فيها، في اعتبار أنّ ما جرى وما قد يجري يستدعي مواجهة مع لبنان الرسمي، بحقائق لا بد من أن تحدّد مسؤوليات.
تحركت الديبلوماسية الغربية في بيروت على خطوط عدة بعد معركة عرسال وركّزت وفق مصادر ديبلوماسية على الآتي:
أولاً: لم يستسغ ممثلو الدول الكبرى، غياب الحكومة اللبنانية عن المشهد في معركة عرسال، تاركةً لـ»حزب الله» أن يفرض «ستاتيكو» جديداً، ومعادلةً جديدة، هدف منها الى القول إنه يحمي لبنان، وإنّ المؤسسات السياسية والعسكرية والامنية، باتت مجرّدة من أيّ سلطة فعلية.
يقول ديبلوماسي غربي في هذا الاطار: «كيف تسمح الحكومة اللبنانية بأن يقوم طرف أيّاً كان، بتحديد المعركة وأمر العمليات، وبتقسيم المعركة الى مرحلتين أولى في عرسال، وثانية في القاع؟ وكيف تقبل بأن تجلس في موقع المتفرّج، فيما تجري المعركة على أرضٍ لبنانية، وكانت مسؤوليتها أن تتّخذ القرار وأن تحمي سيادتها.
ثانياً: لماذا لم تتحرّك الحكومة، ورئيسُها تحديداً، في هذا الاتجاه، علماً أنها تحظى بدعم عربي ودولي كبيرَين؟ وهل كانت تنتظر من المجتمع الدولي أن يصفّق لمشهد «حزب الله» وهو يلغي المؤسسات اللبنانية؟ تكشف المصادر أنّ حركة الديبلوماسية الغربية ركّزت على توجيه رسائل واضحة لمَن قدّموا الغطاء لـ«حزب الله»، وفي هذا السياق تأتي زيارة السفيرة الاميركية اليزابيت ريتشارد الى وزير الخارجية جبران باسيل، للتنبيه من إمكانية وقف المساعدات العسكرية للبنان، كما أنّ هذه الحركة في اتجاه الرئيس سعد الحريري هدفت الى تشجيع اتّخاذ موقف أكثر صرامة من «حزب الله» الذي يحاول التغطية على دور الجيش، وهذه الرسالة أوصلتها الديبلوماسية البريطانية الى الحريري.
ثالثاً: تنتقد المصادر الديبلوماسية عجز السلطة عن حماية دور الجيش اللبناني، وتعتبر أنّ الجيش قوي وقادر على خوض المعركة بنفسه، سواءٌ في معركة عرسال، أو جرود القاع، وتكشف أنّ الدوائر الغربية تملك صورة واضحة عن وجود جهوزية عالية للجيش، تتعزّز يوماً بعد يوم، بالتدريب والعتاد، والقدرة على إدارة معركة ناجحة، وأنه ليس في حاجة إلّا الى قرار سياسي واضح. وتشير المصادر الى أنّ أفواج الحدود التي اكتمل تدريبها، وقوات النخبة، وسلاح الطيران، وتماسك القيادة، ووضوح الهدف كلها عوامل، تجعل الجيش في منأى من أيّ مساعدة، لقدرته على إنجاز المهمة بنفسه.
رابعاً: تتحفّظ المصادرالديبلوماسية عن إمكان طلب مساعدة التحالف الدولي في المعركة ضد «داعش»، وتشير الى أنّ هذا الموضوع رهنٌ بالحكومة اللبنانية، وتؤكد من جهة اخرى أنّ عدم عرض المساعدة الجوّية، يعود الى الثقة بأنّ الجيش لا يحتاج الى دعم جوّي، فضلاً عن كون عرض كهذا سيؤدّي الى أن يُستثمر سلباً لدى مَن يريدون تصوير الجيش على أنه غير قادر على حسم المعركة، ولذلك تفضّل الدوائر الغربية البقاء على وضعيّة التحذير من سلوك «حزب الله» الذي يسعى الى مصادرة أيّ دور آخر، كما على وضعيّة الحضّ على قيام الجيش بمفرده بالقضاء على «داعش»، وتؤكد أنّ الجيش يحظى بدعم دولي غير مسبوق، خلافاً للملاحظات الجدية التي تسجَّل في حق السلطة اللبنانية، التي تسمح لـ«حزب الله» أن يلغي دورها.
وتختم بتأكيد ضرورة أن تضع الحكومة حداً للتجاوزات، وأن تثبت في معركة القاع أنها قادرة على حماية حدودها بواسطة القوى الشرعية، وأن تحمي الجيش من حملات «العاطفة المفرطة» التي تصبّ في النهاية في خانة إضعاف المؤسسات وتجويف دورها.