يعاني لبنانيون كثر من مشاكل النوم، التي تؤثر بشكل مباشر على صحتهم ومزاجهم وانتاجيتهم. فمنهم من يشكو من قلة النوم ومنهم من يشكو من كثرته. لكن، أكثر مشاكل النوم شيوعاً هي توقف التنفس أثناء النوم أو Sleep Apnea الذي يصيب ما بين 15 و20% من اللبنانيين. وترتفع هذه النسبة لدى الذكور أكثر منها لدى الإناث. والبدناء أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بتوقف التنفس أثناء النوم، وفق الدكتورة ماري لويز كوسى كونيسكي، عضو الجمعية العالمية لطب النعاس، ورئيسة مركز النوم في مستشفى رزق.
ماذا يحصل عند توقف التنفس؟
هذه الحالة تجعل المريض يستيقظ مرات عدة أثناء النوم كي يتمكن من التنفس. فتوقف التنفس يؤدي الى انخفاض كمية الأوكسيجين في جسم الإنسان، فترسل المستقبلات رسالة الى الدماغ من أجل إيقاظ الشخص كي يعود الأوكسيجين الى مستواه الطبيعي.
ولا تقتصر المخاطر على التأثير المباشر على صحة الإنسان، الذي يصبح أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، بل تشكل خطراً على الآخرين أيضاً. إذ يؤدي الخلل في النوم الى خلل في السلوك. فالمصابون بأمراض النوم هم أكثر عرضة، مقارنة بغيرهم، لحوادث السير والحوادث التي تؤدي الى إصابات جسدية أثناء العمل.
ومؤشرات الإصابة بانقطاع التنفس أثناء النوم هي: الشخير، التثاؤب كثيراً خلال النهار، مشاكل الضغط والسمنة المفرطة.
لماذا يعتبر اللبنانيون شعباً نعسان؟
تقول كوسى إن "اللبناني صار شعباً نعسان". وهذه مشكلة طرأت حديثاً مع التطور التكنولوجي. إذ يسهر اللبنانيون على أجهزتهم الذكية حتى ساعات متأخرة من الليل. ويتركونها بالقرب منهم أو يضعونها تحت وسائدهم. ولا ينامون ساعات كافية، معتقدين أن النوم مضيعة للوقت. وهذا اعتقاد خاطئ. فالنوم ليس راحةً ولا ترفاً، بل هو حاجة للإنسان وله وظائف مهمة. فقد يكون الجسم أثناء النوم أكثر نشاطاً منه وهو مستيقظ.
لكن هذه المشاكل يمكن معالجتها. فمركز النوم يقوم بتشخيص مشاكل النوم ومعالجتها، خصوصاً مشكلة توقف التنفس، من خلال اجراء تخطيط للنعاس للأشخاص أثناء النوم بهدف درس كل حالة ووصف العلاج الملائم لها. وهناك، إضافة إلى Sleep apnea، أكثر من 100 مرض مشخص ضمن طب النعاس، يعمل المركز على تشخيصها بدقة لتجنب الخلط بينها وبين الأمراض النفسية وأمراض الأعصاب، الذي يقع به أحياناً الأطباء نتيجة عدم الوعي الكافي بطب النعاس، الذي يعتبر طباً حديثاً.
وقد بيّنت إحدى الدراسات أن أكثر من 50% من الحالات التي تم تشخيصها على أنها اضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة (ADHD) لدى الأطفال كانت حالات لأطفال لا ينامون بشكل جيّد. بالتّالي، ليست مرضاً نفسياً. وهذا الخلط في التشخيص يؤدي الى فشل العلاج وتأثر تحصيلهم العلمي سلباً.
كم ساعة يجب أن ننام؟
لا تقتصر مشاكل النوم على الراشدين، فكل الفئات العمرية معرضة لأمراض النعاس، رغم اختلاف حاجات النوم بحسب الأعمار، وتراجع الحاجة إليه مع التقدم في السن. فمثلاً، يحتاج الأطفال الى ما لا يقل عن 6 ساعات نوم يومياً. ويحتاج الراشدون الشباب الى ما بين 6 و8 ساعات. وتقل هذه الحاجة لدى المسنين الى ما دون 6 ساعات، بسبب تغير وظائف أعضائهم.
ويحتاج الإنسان الى النوم ثلاث مرات على الأقل أسبوعياً قبل الساعة 12 مساءً، إذ تختلف حلقات النوم بحسب الساعات. فالسهر مرة في الأسبوع أمر عادي ومقبول. أما اتخاذه نهجاً فسينتج مشاكل صحية عديدة.