عون محرج بالسلسلة ويدعو الى حوار حولها يوم الاثنين في بعبدا
المستقبل :
بخلاف ما يشتهي دعاة التنظير السياسي والإعلامي إلى حاجة الجيش اللبناني لعملية تنسيق ومؤازرة خارجية وميليشيوية في سبيل تحرير الجرود اللبنانية، مع ما يختزن هذه الدعوة من غايات دنيئة غير بريئة تهدف إلى إعلاء قدر جيش الأسد و«حزب الله» على حساب الحطّ من قدرات الجيش الوطني والتشكيك بعزيمته وجهوزيته العسكرية والعملانية، جاء الرد حازماً وحاسماً من «اليرزة» على لسان مصادر عسكرية رفيعة لـ«المستقبل»: «أنجزنا «خطط» المعركة ونمتلك من القدرات القتالية جواً وبراً ما يجعلنا واثقين من أننا لسنا بحاجة لمساعدة أحد لا محلياً ولا وعربياً ولا دولياً».
وأوضحت المصادر أنّ «الجيش وضع خططه العسكرية الكاملة للمعركة وينتظر من قائده تحديد «ساعة الصفر» وفقاً لظروف الميدان لتحرير وتطهير جرود السلسلة الشرقية من الوجود الإرهابي»، مشددة على أنّ «خوض المعركة غير مرتبط بأي مفاوضات من هنا أو انسحابات من هناك إنما بقرار تتخذه وتحدد توقيته وطبيعته قيادة المؤسسة العسكرية وحدها دون سواها».
وتوازياً مع الخطط العسكرية، لفتت المصادر إلى إنجاز «خطة إعلامية لمواكبة المعركة تشمل إقامة وتجهيز غرفة عمليات مفتوحة على مدار الساعة في وزارة الدفاع تعمل تحت إشراف مديرية التوجيه وتتولى مهام تصوير العمليات العسكرية وتأمين المادة الإخبارية والمصوّرة لمختلف وسائل الإعلام حول مجريات المعركة على الأرض، فضلاً عن تكليف ناطق عسكري رسمي مسؤول عن إعلان التطورات الميدانية والرد على الاستفسارات الصحافية».
في الغضون، كشف مصدر رسمي معني بعملية ترحيل مسلحي «سرايا أهل الشام» وعائلاتهم مع أسر من النازحين إلى سوريا، أنّ العملية تأخرت بعض الوقت لأسباب لوجستية تفاوضية لكنه أكد لـ«المستقبل» أنّ المفاوضات «ماشية»، متوقعاً إتمام إجلائهم من جرود عرسال إلى الداخل السوري «خلال أيام».
الديار :
الحكومة باقية حتى الانتخابات النيابية، ولن تتأثر باي ملفات خلافية مهما بلغت حدتها وزيارة الوزراء حسين الحاج حسن وغازي زعيتر ورائد خوري الرسمية الى سوريا لحضور معرض دمشق الدولي في 16 آب بعد توجيه دعوات رسمية «ستقطع» بهدوء رغم الموقف الحاد والرافض لرئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع وتلويحه بان هذه الزيارات قد تهدد العمل الحكومي، دون تحديد المدى الذي سيذهب فيه بمعارضته، وحسب مصادر متابعة، فان التسوية التي جاءت بالرئيس ميشال عون لرئاسة الجمهورية وسعد الحريري لرئاسة الحكومة صامدة بغطاء اقليمي ودولي، ويشمل هذا الغطاء الاستقرار في لبنان والتطبيع بين القوى السياسية وتحديداً حزب الله وتيار المستقبل. ولذلك، فان «هزات» الزيارات الى دمشق وإن حملت الطابع الرسمي والمحادثات الرسمية، لن «تصدّع» الحكومة وعملها في ظل حاجة الجميع لها وبغطاء من الرئيسين ميشال عون ونبيه بري. ولذلك، فان «الستاتيكو» الذي يحكم المعادلة في البلد مستمر حتى الانتخابات النيابية، وبالتحديد بين حزب الله وتيار المستقبل، وكذلك بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، وستبقى العلاقة «سمن وعسل» ربما حتى انتهاء عهد الرئيس ميشال عون.
وحسب المصادر، فان حزب الله وتيار المستقبل اتفقا اثناء تشكيل الحكومة على «تنظيم الخلاف» الكبير بينهما، وهذه المعادلة «سارية» حتى ان حزب الله لم يكن بوارد اثارة زيارة الوزير حسين الحاج حسن الى سوريا داخل مجلس الوزراء، لكن الحاج حسن ابلغ الرئيس الحريري بالزيارة قبل جلسة مجلس الوزراء، وقد اثارت القوات اللبنانية الموضوع بعد التداول فيه بوسائل الاعلام «نشرت الديار خبر الزيارة في صفحتها الاولى»، حتى ان وزيري حزب الله تجنبا اي رد داخل مجلس الوزراء على وزراء القوات للحفاظ على استقرار الجلسة وايدا موقف رئيس الحكومة بسحب الموضوع من الجلسة.
وتؤكد المصادر، ان الحكومة لم تهتز لا بفعل زيارات الى دمشق او اميركا او السعودية، وكلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والرئيس سعد الحريري «سحب» من التداول كل الاعتراضات والمواقف، رغم ان «الهزات» و«المناكفات» لن تنقطع وستتواصل حول كل ملف وخصوصاً قبل الانتخابات النيابية.
عون وحوار بعبدا حول السلسلة
قبل 11 يوماً من انتهاء مهلة الشهر الذي حددها الدستور لرئيس الجمهورية للتوقيع على السلسلة او ردها قبل ان تصبح نافذة، دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى لقاء حواري في قصر بعبدا الساعة الحادية عشرة قبل ظهر الاثنين المقبل للبحث في مختلف اوجه الخلاف والتناقض واختلاف الآراء، حول قانون سلسلة الرتب والرواتب في القطاع العام. واستحداث بعض الضرائب لغايات تمويل السلسلة وذلك في حضور رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري والوزراء المختصين وحاكم مصرف لبنان، وممثلين عن الهيئات الاقتصادية والمالية ونقباء المهن الحرة والمدارس الخاصة والمعلمين في المدارس واساتذة الجامـعة.
وعلم ان الرئيس ميشال عون اتصل بالرئيس نبيه بري ووضعه في اجواء الدعوة، لكنه لم يكشف ما اذا كان الرئيس ميشال عون قد وجه الدعوة لبري لحضور الحوار.
بري اعتذر عن الحضور
زوار الرئيس نبيه بري نقلوا عنه انه اعتذر عن المشاركة شخصياً في اجتماع الاثنين، وقال زوار الرئيس بري «انه ينتظر موقف رئيس الجمهورية من قانون السلسلة ان كان بالتوقيع على القانون ام رده».
مصادر قصر بعبدا، اكدت خلفيات الدعوة وقالت: وصل مشروع سلسلة الرتب والرواتب الى قصر بعبدا، وكلف الرئيس لجنة من الاختصاصيين لدرسه، واستقبل وفوداً ايدته ودعت لاقراره واخرى عارضته ودعت لرده ووفوداً كان موقفها «بين - بين»، وامام هذا الواقع، اذا رد الرئيس القانون سيستهدف المستحقين، واذا وقعه يمكن ان يحدث اضطرابات على الواقع النقدي واقتصاد البلد والجميع يعرف ان الاوضاع الاقتصادية غير سليمة.
وتابعت المصادر، امام انقطاع خطوط التواصل بين الافرقاء والخلافات، وانعدام الحوار، قرر رئيس الجمهورية دعوة الاطراف المعنية في هذا الملف الى اجتماع حواري في بعبدا ومناقشة الايجابيات والسلبيات، وامكانية الوصول الى قواسم مشتركة حول السلسلة، وفي ضوء نتائج الاجتماع سيأخذ الرئيس قراره قبل انتهاء مهلة الشهر.
واشارت مصادر بعبدا، ان هذا الملف هو من اختصاص المجلس الاقتصادي الاجتماعي وكون عمل المجلس معطلا، قرر الرئيس الدعوة للاجتماع والتفاهم ومشاركة الجميع في المعالجة جراء الاوضاع الاقتصادية الخطرة وارتفاع نسبة الدين العام.
عملية الجيش في عرسال
كشفت معلومات مؤكدة، ان العملية العسكرية في جرود عرسال والقاع ورأس بعلبك لن تبدأ قبل رحيل سرايا اهل الشام الذي سيبدأ حسب المعلومات خلال 48 ساعة، وانه تم اعطاء مهلة لترتيب اوضاعهم بعد الخلافات بينهم، لكن الوقت غير مفتوح، وبعد مغادرة المسلحين الى سوريا سيدخل الجيش اللبناني الى وادي حميد والملاهي ليحمي خاصرته الخلفية عند الهجوم على داعش.
وعلم ان سرايا اهل الشام سيغادرون دفعة واحدة، وعددهم يفوق الـ4500 مسلح، وهناك اكثر من 3000 مسلح وجهتهم الجانبيه ومناطق الجيش السوري الحر و1500 مسلح الى القلمون الغربي بعد ترتيب اوضاعهم مع الجيش السوري وتحديداً قائدهم ابو طه العسالي.
وحتى اعلان الجيش اللبناني ساعة الصفر، فقد قصف الجيش اللبناني مواقع داعش صباح امس براجمات الصواريخ حيث يتم استنزاف المسلحين ومنعهم من تنظيم اوضاعهم وتحصين مواقعهم، وذكر ان الجيش اللبناني انهى كل تجهيزاته للعملية واستعداداته ونشر اكثر من عشرة الاف جندي وضابط في مواجهة داعش، واستقدم الجرافات الثقيلة «المصفحة». وكل ما يستلزم للمواجهة بالاضافة الى تحضير غرفة عمليات اعلامية للنقل المباشر وتزويد وسائل الاعلام بالمعلومات وكل ما يحتاجونه.
وفي موازاة قصف الجيش اللبناني لمواقع داعش، شن الطيران السوري عشرات الغارات على مواقع داعش في الجراجير وقارة والزمراني من الجانب السوري.
لكن اللافت انه في موازاة استعدادات الجيش للحسم ولتطهير ارض لبنان من الارهابيين يتم بث كمية من الاخبار والتسريبات عن الجيش غير صحيحة وبتوقيت غير سري.
وسألت مصادر متابعة عن الحكمة في اثارة مواضيع اعلامية وتسريبات تتعلق بالجيش، فيما الجيش يستعد لمعركة استئصال الارهابيين من الجرود. ودعت المصادر الجميع الى «تهدئة البال»، وعدم المزايدات، وترك الامور لاصحابها ولاهل الاختصاص وللقيادة العسكرية التي وحدها تحدد توقيت العملية وكيفية التنفيذ والجيش لا يعمل الا وفق ما تقرره القيادة فقط.
ووصفت المصادر هذه التسريبات في هذا التوقيت بانها غير بريئة.
وتساءلت ما الحكمة في اثارة ملفات قديمة، وضعت قيادة الجيش يدها عليها منذ فترة ويتم التحقيق فيها.
واشارت المصادر الى ان عملية الجيش ضد داعش دقيقة وتستلزم رص كل الصفوف خلف الجيش اللبناني الذي اخذ الغطاء السياسي من كل الاطراف وهذا يحدث للمرة الاولى فالجيش وحسب المصادر سيواجه 450 مقاتلاً من داعش ينتشرون على مساحة 220 كلم 2. وسيقاتلون لان باب التفاوض «اغلق معهم» ولم يعطوا اي معلومات عن عناصر الجيش اللبناني الموجودين في الاسر لدى داعش. كما ان باب التفاوض معهم صعب جداً والى اين سيذهبون؟ الرقة مشتعلة وكذلك دير الزور وكل مناطق داعش في سوريا تتهاوى حتى ان المنظمات الدولية لم تنجز اي اتفاق مع داعش حتى الان كونهم مصنفين ارهابيا، كما ان طبيعة الارض في الجرود صعبة والجيش سينتصر فيها حتماً. لكن المطلوب من البعض الهدوء وعدم بث اخبار يمكن ان تثير القلق لدى الشعب اللبناني.
الجمهورية :
بدا من المواقف المتناقضة حول موضوع تطبيع العلاقة مع سوريا أنّ الحكومة قد تكون مهدَّدة بتصعيد سياسيّ متبادَل يُعرّضها لانقسامٍ، وربّما إلى أكثر من ذلك، قد لا تشفع معه دعوةُ رئيس الجمعهورية إلى حوار اقتصادي ـ مالي يلبس لبوساً سياسياً في سلسلة الرتب والرواتب وضرائبها الاثنين المقبل. ويرى مراقبون أنّ ما حصل في جلسة مجلس الوزراء حول العلاقة مع سوريا من باب البحثِ في زيارة وزراء إلى دمشق يكشف أنّ فريقاً من القوى السياسية قد اتّخَذ قراراً بالدفع في اتّجاه وضعِ العلاقة اللبنانية ـ السورية على سكّة التطبيع في ضوء تحرير جرود عرسال والمتغيّرات في الميدان السوري، وفي حال لم يتمّ التوافق الجماعي رسمياً على هذا الأمر فإنّ هذا الفريق سيذهب إلى «التطبيع بمنطق الأمر الواقع». ولكن في المقابل بدا أنّ هناك فريقاً آخر يعارض هذا التطبيع لأنه يَعتبر النظامَ السوري «فاقداً الشرعية»، ويستند هذا الفريق إلى المواقف الإقليمية والدولية التي تنزع الشرعية عن هذا النظام، كذلك يستند إلى معطيات تشير إلى أنّ واشنطن ربّما تكون الآن في صَدد خوض مواجهة مع إيران على الساحة اللبنانية، خصوصاً بعد إنجاز تحرير جرود القاع ورأس بعلبك، والذي يرجَّح أن يتزامن مع صدور الدفعة الجديدة من العقوبات الأميركية على طهران و«حزب الله» والتي اقتربَ موعدها.
في غمرة الانقسام الحكومي حول موضوع التنسيق اللبناني ـ السوري، نَقل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الإشكالية التي تثيرها سلسلة الرتب والرواتب الى مستوى جديد من النقاشات، من خلال دعوته المجتمعَ اللبناني بكلّ قطاعاته، الى التحاور في قصر بعبدا إلى جانب وزراء يمثّلون، إلى حقائبهم، القوى السياسية التي ينتمون إليها، والتي تتكوّن منها الحكومة. وتحوّل الحوار بالتالي حواراً مثلّث الأضلع بين أرباب العمل والعمّال والقوى السياسية في البلد.
ودعا عون، الذي استقبل وزيرَ المال علي حسن خليل، إلى لقاء حواري في بعبدا الحادية عشرة قبل ظهر الاثنين المقبل «للبحث في مختلف وجوه الخلاف والتناقض واختلاف الآراء حول قانونَي سلسلة الرتب والرواتب في القطاع العام، وإحداث بعض الضرائب لغايات تمويلها، في حضور رئيس الحكومة سعد الحريري والوزراء المختصين، وحاكِم مصرف لبنان، وممثّلين عن الهيئات الاقتصادية والعمّالية والمالية، ونقباء المهن الحرة، والمدارس الخاصة، والمعلمين في المدارس وأساتذة الجامعة اللبنانية».
تعقيدات واضحة
وتَبيَّن من خلال مضمون الدعوة الى هذا الحوار أنّ المتضرّرين والمستفيدين والمعترضين على السلسلة أو الضرائب سيكونون على طاولة واحدة لتبادلِ الآراء. لكنّ علامة الاستفهام المطروحة تدور حول ما هو الجديد الذي سيقدّمه كلّ طرف، ما دامت المواقف مفرَزة ومعروفة، وهي تتناقض الى حدِّ المواجهة الحادّة؟ فهل سيكون مسموحاً تحويل الحوار الاقتصادي سوقَ عكاظ؟
وما هي الخلاصات التي قد يخرج بها حوار محكوم بتوقيت قصير المدى، إذ سيكون أمام عون نحو أسبوع فقط إذا أراد ردّ قانونَي السلسلة والضرائب؟ وهل هذه الفترة كافية للتوصّل إلى تفاهمٍ حول لائحة طويلة من المطالب والثغرات والشوائب المخالفة للقوانين؟
مصادر بعبدا قالت لـ«الجمهورية» إنّ عون «دعا إلى الحوار لكي يستنيرَ بآراء المعنيّين بملف السلسلة، تمهيداً لممارسة حقّه الدستوري في اتّخاذ القرار المناسب، والهدف الأساس هو الاستماع الى آراء الجميع وتقويم الصورة». وأوضَحت المصادر أنّ «الدعوة تشمل جميعَ المعنيين بالشأن المالي والاقتصادي، من هيئات نقابية ومطلبية واقتصادية، أي ما يعني جميعَ شركاء الإنتاج في كلّ القطاعات».
واستغربَت «محاولة تصوير الدعوة إلى الحوار وكأنّها اختزال للمؤسسات، لأنّ الحوار أصلاً هو مِن الأسس التي يَرتكز عليها لبنان، وإذا فقِد هذا الحوار فمعنى ذلك أنّ علّة وجود لبنان فقِدت، ومِثل هذا الحوار كان يُفترض أن يجري في المجلس الاقتصادي الاجتماعي، ولكنْ والحال التي نحن فيها أوجبَت الدعوة إلى هذا الحوار حول موضوع حسّاس يفترض أن يقارَب بكلّ عقلانية وموضوعية».
برّي
واعتذرَ رئيس مجلس النواب نبيه بري عن تلبيةِ دعوةِ عون إلى المشاركة في اللقاء الحواري، لكنّ وزراء حركة «أمل» سيَحضرونه . ولم يشَأ التعليق أمام زوّاره على هذا التوجّه الرئاسي سلباً أو إيجاباً.
عون
وقال النائب آلان عون لـ«الجمهورية» إنّ رئيس الجمهورية «بعدما استمعَ إلى كلّ الاعتراضات والأفكار من كلّ جهة على حِدة، يسعى من خلال هذه المبادرة إلى جمعِ كلّ الجهات المعنية من وزارات وهيئات اقتصادية واتّحاد عمّالي عام إضافةً إلى حاكم مصرف لبنان، في نقاش مشترك بغية التوصّلِ الى توافق حول التعديلات التي يجب إجراؤها على قانَوني السلسلة والإيرادات.
إنّ هذه المبادرة الرئاسية الجامعة تنمّ عن حكمة ومسؤولية كبيرة يتحلّى بهما رئيس الجمهورية لمقاربةِ ملفّ شديد الحساسية والخطورة من ناحية تداعياته الاقتصادية والمالية، بعيداً من التسرّع والمزايدات التي خضَع لها هذا الملفّ سابقاً».
«الكتائب»
ورأى مصدر كتائبي مسؤول في دعوة عون إلى الحوار «إدانةً سياسية مباشرة للكتل النيابية التي صوَّتت على الضرائب عشوائياً بعيداً من المعايير العلمية والاقتصادية والمالية والاجتماعية الواجب أخذُها في الاعتبار».
وقال لـ«الجمهورية»: «إنّ الخطوة الحوارية الجديدة تعكس التخبّط الذي تعاني منه المؤسسات الدستورية في ظلّ شلِّ عملِها وتحويلها معابرَ لتهريب التنفيعات من تلزيمات وتعيينات. والمدعوّون إلى الحوار من أهل السلطة هم المسؤولون عمّا وصلت إليه الامور، فهل تعالَج المشكلة بمن هم سبب المشكلة؟ وهل سيَحضر الحوار من اتّهم حزب الكتائب بالشعبوية لأنّه حذّر من مخاطر الضرائب العشوائية؟».
وأضاف: «كلّ مَن يفشل في إدارة الشؤون السياسية والاقتصادية في الدول الديموقراطية يستقيل من مسؤولياته. وبالتالي أيّ معالجة جدّية للوضع الاقتصادي والمالي والمعيشي والاجتماعي يجب أن تمرّ حكماً برحيل أركان السلطة الذين أثبتوا فسادَهم وتفضيلَهم مصالحَهم الفئوية على المصلحة العامة.
لقد أثبتت التطوّرات مجدّداً أنّنا كنّا على حقّ في معارضتنا الضرائبَ العشوائية، وسبقَ لرئيس الحزب النائب سامي الجميّل أن رَفع إلى الرئيس عون قبل أسبوعين دراسةً تفصيلية مبنية على أسُس علمية في شأن الضرائب وانعكاساتها السلبية».
التنسيق مع سوريا
من جهة ثانية، ظلّ موضوع التنسيق مع سوريا والزيارة المقرّرة لبعض الوزراء الى دمشق موضعَ ردودِ فعلٍ وانقسام بين القوى السياسية، وذلك في ضوء ما شهدَته جلسة مجلس الوزراء أمس الأوّل من نقاش أظهَر عدمَ توافقٍ على هذا التنسيق.
أبي نصر
وقال النائب نعمة الله أبي نصر لـ«الجمهورية»: «إنّ الدولة اللبنانية تتعامل مع سوريا بنحوٍ غيرِ مباشر عندما تشتري الكهرباءَ منها وعندما يفاوض المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم باسمِ لبنان لتحرير جرود عرسال بعد تحرير راهبات معلولا والعسكريين. وعندما نصل إلى عودة النازحين السوريين يقول البعض ممنوع التعامل مع سوريا.
هناك فئة تريد بقاءَهم لأسباب ديموغرافية، ونَستغرب كيف أنّ لوزارة شؤون النازحين موقفاً معارضاً لعودتهم، فيما مهمتُها الأولى هي إعادتهم. هناك فئة مسرورة بالمساعدات التي تقدَّم لهم وتعمل لتجذيرهم في لبنان تمهيداً لمنحِهم الهوية اللبنانية، تماماً كما حصَل مع الفلسطينيين، حيث جُنّسَ منهم زهاء مئة ألف.
وأؤيّد التعامل مع سوريا قطعةً واحدة وبمواضيع معيّنة، فطلبُنا تحرير الجرود لا يَعني الارتماءَ في أحضانها، جميعُنا طالبَ بخروج جيشِها، فإلى متى سنبقى على هذا الوضع؟ مَن أوصَلنا إلى هنا هم من طالبوا بمجيء سوريا وهم أنفسُهم ينَظّرون اليوم ويَرفضون التعامل معها. ولذا علينا النظر إلى مصلحة لبنان العليا بثبات».
علّوش
وقال النائب السابق مصطفى علوش لـ«الجمهورية»: «هناك مجموعة من اللبنانيين المرتبطين سياسياً وأمنياً بالنظام السوري يحاولون الآن بأمرِ عمليات من قيادتهم في طهران إقحامَ لبنان واستتباعَه بمحور ما يسمّى الممانعة. لكنّ لبنان ملتزم بالشرعية الدولية، وهذا النظام الذي يريدوننا أن نتعامل معه لا يزال قيدَ البحث داخلَ الأروقة الدولية، وقادتُه سيذهبون إلى المحكمة الدولية في أيّ وقت»
اللواء :
كشفت الدعوة الرئاسية إلى لقاء حواري يعقد في قصر بعبدا، قبل ظهر الاثنين المقبل، للبحث في مسألة قانوني سلسلة الرتب والرواتب واستحداث بعض الضرائب لتمويل السلسلة، مدى حراجة الموقف الذي يواجهه الرئيس ميشال عون، بعدما وصل به خيار التوقيع على القانون أو رده بموجب الصلاحيات الدستورية الممنوحة له إلى الطريق المسدود، إذ ان أي قرار يفترض به ان يتخذه ستكون له تداعيات سواء على صعيد الوضع الاقتصادي العام في البلاد أو لدى النواب الذين أقروا القانون في 18 تموز الماضي، أو لدى المستفيدين من السلسلة من موظفين اداريين واساتذة وعسكريين عاملين ومتقاعدين، والذين يشكلون شريحة واسعة جداً من المجتمع اللبناني.
وفي تقدير مصادر نيابية، ان أكثر من عامل ساهم في حراجة الموقف الرئاسي، لعل أبرزها، ان الرئيس عون رفع السقف كثيراً إزاء ما يمكن ان ينشأ عن نفاذ السلسلة من حقوق المستفيدين منها، أو ما يرتبه من انفاق قد ينعكس سلباً على الانتظام المالي العام والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والمالي في البلاد من جهة أخرى، ما دفعه إلى البحث عن غطاء يسمح له باتخاذ قرار، سواء باتجاه سوق مبررات ردّ القانون، أو التوقيع عليه، استناداً إلى ما يمكن ان يتوصل إليه المتحاورون في بعبدا من قرار على هذا الصعيد.
إلا ان السؤال الذي يمكن ان يطرح هنا: ماذا لو لم يتمكن المتحاورون من الوصول إلى قرار، وهذا مرجح، وبالتالي أعادوا الكرة إلى الملعب الرئاسي، بترك الخيار النهائي له، بالتوقيع أو ردّ القانون؟
بطبيعة الحال، يمكن ان يكون السؤال افتراضياً، وبالتالي الجواب عليه، بانتظار ما يمكن ان تسفر عنه طاولة الحوار، والذي رأت مصادر سياسية، في الدعوة إليها، انها أتت كاملة ومعللة بالأسباب، خاصة وأن الرئيس عون بحسب ما جاء في الدعوة سبق ان نبّه في اكثر من مناسبة وموقف معلن «الى ضرورة إقرار مشروع قانون الموازنة والموازنات الملحقة بها لسنة 2017 قبل إقرار قانون السلسلة وتمويلها أو بالتزامن معهما عملاً بالمادة 48 من الدستور، ما من شأنه ان يُعيد الانتظام المالي إلى ما يجب ان يكون عليه في الدول التي تعاني من مديونية عامة ومتعاظمة».
وأكدت المصادر ان الرئيس عون ستكون له مداخلة على الارجح تنطلق من ملاحظاته حول السلسلة والضرائب والتي كوّنها من دراسة الموضوعين بعدما استمع إلى شروحات بشأنهما من المعنيين، يبدو انها لم تساعده في اتخاذ خياره، بسبب التناقض في وجهات النظر، بين المستفيدين من السلسلة وبين الهيئات الاقتصادية والتي سبق ان طالبته برد السلسلة خوفاً من تفاقم الوضع الاقتصادي.
ولفتت إلى انها المرة الأولى التي يشهد فيها قصر بعبدا طاولة من هذا القبيل تجمع أصحاب الاختصاص في حضور رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري والوزراء المختصين وحاكم مصرف لبنان وممثلين عن الهيئات الاقتصادية والعمالية والمالية ونقباء المهن الحرة والمدارس الخاصة والمعلمين في المدارس وأساتذة الجامعة اللبنانية.
وفيما لم يصدر أي موقف أو تعليق من قبل الرئيس نبيه برّي، أو من قوى سياسية، رأى وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري لـ«اللواء» ان دعوة عون خطوة من شأنها ان تفتح في المجال أمام عرض رأي الهيئات الاقتصادية من موضوعي سلسلة الرتب والرواتب والضرائب والمطالب والمشاكل حولهما، لافتا إلى أن كل النقاط ستطرح تمهيدا للوصول إلى وضع تصور لكيفية التوصل إلى حل على أن ما أعلنه الرئيس عون في البيان الصادر عنه أمس يشكل مبدأ للانطلاق منه نحو المعالجة.
ورأى انه من السابق لأوانه إطلاق توقعات عن الخلاصة النهائية من الحوار منذ الآن، مشيراً إلى أن حوارا كهذا يبعث بالطمأنينة لأنه يجري مع المعنيين بملفين كبيرين، مشددا على أن هم الرئيس هو المحافظة على حقوق الدولة والشعب معا.
الا ان معلومات «اللواء» تؤكد ان خطوة الرئيس عون جاءت بالتفاهم مع الرئيس برّي، عبر الزيارة التي قام بها وزير المال علي حسن خليل إلى قصر بعبدا، قبل توجيه الدعوة للحوار.
وأشارت مصادر مطلعة إلى ان جانباً كبيراً من لقاء عون – خليل، تناول مسألة الموقف من السلسلة والذي يفترض ان يتخذه الرئيس قبل المهلة الممنوحة له بموجب الدستور، وهي 27 آب الحالي، مع ان بعض الاجتهادات تقول انها في 17 آب، أي بعد شهر من إقرار المجلس النيابي للقانون.
ولفتت مصادر رئاسة الجمهورية لـ«اللواء» إلى أن الرئيس عون سيحاول من خلال الحوار الاقتصادي الوصول إلى قواسم مشتركة واستنتاجات في ما خص الملفين المعروضين للبحث. وأشارت إلى أن شعور الرئيس بوجود تناقض بين الفرقاء اللبنانيين حولهما، والتخوف أملى قيام اضطرابات اجتماعية في حال تطور هذا التناقض، أمل عليه هذه الدعوة خصوصا أنه التقى مؤيدين ومعارضين للسلسلة والضرائب وكان أمام خيارين اما التوقيع عليها وهو ما سيغضب كثيرين أو ردها، وهو ما يغضب أيضا فئات كثيرة، وأتى قرار الحوار بين هذين الفريقين المتناقضين للوصول إلى خلاصة معينة.
وقالت إن الرئيس عون سيسعى إلى إيجاد حل او قواسم مشتركة في ظل غياب المجلس الاقتصادي الاجتماعي. وتحدثت عن حضور جميع المعنيين بالملفين من وزراء دفاع والاقتصاد والمال والسياحة والعدل والتربية والهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام وجمعية الصناعيين والنقابات الحرة والمعلمين والأساتذة الثانويين المتعاقدين.
زيارات الوزراء
في هذا الوقت، بقي الوضع الحكومي مرشحاً لمزيد من التأزم، على خلفية إعلان وزراء في فريق الثامن من آذار عزمهم على التوجه إلى سوريا تلبية لدعوات تلقوها من نظرائهم في دمشق، ما ألهب سجالاً داخلياً عنيفاً وضع التسوية السياسية التي أنتجت الانتخابات الرئاسية برمتها على المحك، ووضع الحكومة في وضع لا تحسد عليه، أو التكهن في الحجم الذي ستأخذه القضية، وإن كان الجميع يسلم بأن لا أحد يمكنه ان يراهن على التفريط بالحكومة، أقله حتى اجراء الانتخابات النيابية في الربيع المقبل.
ولكن كان لافتاً للانتباه، إعلان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في ثاني مؤتمر صحفي يعقده خلال يومين أن «زيارة أي وزير الى سوريا ستهز الاستقرار السياسي الداخلي للبنان، ولا سيما ان نتيجة هذا الاستقرار هي الاستقرار الأمني والعسكري، كما سيصنف لبنان على أثرها في خانة المحور الايراني في الشرق الأوسط، ما يعني أن ما تبقى لنا من علاقات مع أكثرية الدول العربية سينقطع كلياً، وبالتالي سيزداد الوضع الاقتصادي سوءا وسيختنق لبنان أكثر فأكثر»، ودعا كل الفرقاء السياسيين الى «تجنب الخلافات الاستراتيجية والانصراف الى الاهتمام بالأمور المعيشية التي تهم المواطن اللبناني».
وذكّر هؤلاء الوزراء الراغبين بزيارة سوريا لأهداف يدعون انها اقتصادية، بفقرة من نص البيان الوزاري للحكومة جاء فيها أن «الحكومة تلتزم بما جاء في خطاب القسم لفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من أن لبنان السائر بين الألغام لا يزال بمنأى عن النار المشتعلة حوله في المنطقة بفضل وحدة موقف الشعب اللبناني وتمسكه بسلمه الأهلي. من هنا ضرورة ابتعاد لبنان عن الصراعات الخارجية ملتزمين احترام ميثاق جامعة الدول العربية مع اعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا…».
وفي تقدير مصادر سياسية، أن كل الصخب والسجال المفتعلين أو المبالغ فيهما حول زيارة بعض الوزراء الى سوريا، او حول موقف الولايات المتحدة الاميركية من تعديل القرار 1701 ليشمل نشر قوات دولية عند الحدود الشرقية للبنان مع سوريا، أن يؤثر على خريطة الوضع السياسي الداخلي ولا على التوازنات اللبنانية الدقيقة المشغولة ببراعة النحات ودقة «الجوهرجي»، مهما بلغ حجم الضغط الداخلي والخارجي على «حزب الله»، طالما ان رئيس الجمهورية او الحكومة، او اي طرف سياسي لن يستطيع ان يحتمل مخاطر تغيير هذه التوازنات التي تحكم الوضع الداخلي، بحيث قد يؤدي العبث بها الى تطيير الاستقرار إن لم يكن تطيير صيغة الحكم كلها، وهي صيغة التوافق التي تحكم البلد منذ ما بعد اتفاق الطائف.
وبقطع النظر عما تهدف اليه المساعي الاميركية لتعديل القرار 1701، فإن وزيرالخارجية جبران باسيل قال ل «اللواء» امس رداعلى سؤال حول ما اذا كان لبنان قد تلقى اي مطلب اميركي أو أُممي: ان كل ما يُثار حول الموضوع لا زال مجرد كلام، وليس هناك اي طلب لتعديل القرار 1701، وكذلك لم يطلب لبنان اي شيء بهذا الخصوص ولا يوجد موقف رسمي لبناني من الموضوع.
من جهتها، نفت مصادر حكومية لـ«اللواء» ان يكون أي مسؤول أميركي قد طرح مع الرئيس الحريري أثناء زيارته الأخيرة لواشنطن، أي شيء يتصل بموضوع تعديل صلاحيات قوات الأمم المتحدة «اليونيفل» في جنوب لبنان، بموجب القرار 1701.
ولفتت المصادر ذاتها إلى ان القرار الدولي لا يمكن تعديله، ولكن أي تعديل في صلاحيات القوة الدولية يحتاج إلى قرار جديد، يفترض ان توافق عليه الحكومة اللبنانية، التي كانت اتخذت قبل أسبوعين قراراً بتجديد انتداب القوة الدولية سنة جديدة اعتباراً من نهاية شهر آب الحالي.
الحريري في الكويت الأحد
إلى ذلك، رجحت مصادر وزارية، ان يعود مجلس الوزراء إلى الاجتماع يوم الأربعاء المقبل في بعبدا، حيث سيكون على جدول أعماله تعيين محافظ جبل لبنان المرشح له القاضي محمّد مكاوي، ان تعيين محافظ البقاع والمرشح له القاضي رولان شرتوني، فدونه إشكالية لم تحل بعد، مما يستوجب تأجيل هذا التعيين، إلا إذا ارتأى الرئيسان عون والحريري تأجيل الموضوعين معاً.
وأكدت المصادر ان الرئيس الحريري الذي غادر بيروت في زيارة خاصة إلى الخارج، بعد ان رعى حفل إطلاق المنصة الالكترونية لربط المغتربين بوطنهم الام بغياب وزير الخارجية جبران باسيل، رغم انه الوزير المعني بالمغتربين، وكان مدعواً إلى الحفل، سيزور الكويت يوم الأحد المقبل ليوم واحد، حيث سيلتقي اميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ونظيره الكويتي وكبار المسؤولين، بقصد تعزيز العلاقات بين لبنان والكويت، بعدما أرخت تداعيات الاتهامات التي وجهتها محكمة التمييز في الكويت «لخلية العبدلي» بثقلها على هذه العلاقات.
جرود رأس بعلبك
وفي انتظار الساعة صفر لبدء معركة تحرير جرود القاع ورأس بعلبك من الإرهاب المتمثل بوجود تنظيم «داعش» في هذه الجرود، واصلت عواصم القرار مدّ المؤسسة العسكرية بدعم مادي ومعنوي، وفيما يرتقب ان تتسلم مدرعات «برادلي» أميركية في الساعات المقبلة، أكّد القائم بالأعمال البريطاني بن واستينج من السراي «دعم المملكة للجيش اللبناني باعتباره المدافع الشرعي الوحيد عن لبنان، وهو الوحيد الذي نجح وبمفرده في صد غزو داعش في العام 2014، والذي يُشكّل الحجر الأساس للسيادة اللبنانية».
في هذا الوقت، واصلت مدفعية الجيش سياسية اشغال ارهابيي التنظيم في الجرود، عبر القصف المتقطع لمواقعهم وتحركاتهم، وقد أعلنت قيادة الجيش مديرية التوجيه في بيان «أن وحداتها استهدفت بالمدفعية الثقلة وراجمات الصواريخ والطوافات، عدداً من مراكز الارهابيين وتجمعاتهم في جرود منطقة رأس بعلبك والقاع، وحققت اصابات مباشرة في صفوفهم.
الاخبار :
تواصلت أمس، بعيداً عن الأضواء، الاتصالات اللبنانية – السورية بشأن التحضيرات لمعركة جرود رأس بعلبك والقاع. وقالت مصادر مطّلعة إن البحث يتناول جانبين: الأول بتعلق بالخطوات التمهيدية الضرورية للمعركة، والثاني يتعلق بالعملية العسكرية نفسها. وتصرّ قيادة الجيش اللبناني على اكتمال كل العناصر التمهيدية قبل تحديد الساعة الصفر، وسط ضغوط كبيرة على الجيش لعدم القيام بأي خطوة تنسيق عملانية مع الجيش السوري أو حتى مع حزب الله. ويرى قادة في الجيش أن طلب عدم التنسيق «لا يتصل أبداً بحاجات المعركة، ولا يستند الى أي منطق عسكري».
وأوضحت المصادر أن الخطوة الاساسية الجاري العمل عليها، هي تأمين عملية ترحيل مسلحي سرايا أهل الشام وعائلاتهم ومن يرغب من نازحين من منطقة وجودهم في جرود عرسال. وقد تأخر تنفيذ الاتفاق لعدة أسباب، من بينها أن المفاوضات السابقة التي جرت بين هذه المجموعات وحزب الله أفضت الى اتفاق على انتقال نحو 350 مسلحاً من هذه السرايا الى مدينة الرحيبة في القلمون الشرقي، وهو ما رفضته القيادة السورية لاحقاً، بعدما تبيّن أن هذه المجموعات سوف تنضم عملياً الى صفوف جماعات مسلحة دخلت في مفاوضات مع الدولة السورية، برعاية روسية، بهدف عقد مصالحة في كامل «القلمون الشرقي». وتتخوّف دمشق من أن يؤدي دخول مسلحين جدد إلى تشدّد مسلّحي الرحيبة في المفاوضات. وتأخذ سوريا في الحسبان أن هذه المجموعات سبق لها أن نكثت بتعهدات بالوقوف جانباً خلال معركة الجرود، لكنها شاركت في نصب كمائن لعناصر المقاومة، ما تسبّب في استشهاد بعضهم.
ووفق نتائج التواصل مع القيادة السورية، تم البحث في اختيار مناطق أخرى، لا تشكل عبئاً على النظام في حال انتقال المسلحين الى هناك، وتكون محل قبول من المسلحين أنفسهم. ويبدو أن الجميع في انتظار القرار السوري النهائي في هذا الصدد، حتى يصار الى المباشرة بتنفيذ الاتفاق، مع العلم بأن نحو ثلاثة آلاف مدني سوري يريدون مغادرة مخيمات النازحين في عرسال مع هذه المجموعات المسلحة.
على صعيد التنسيق الميداني، بدت القيادة العسكرية في الجيش في حالة ارتباك إزاء إصرار رئيس الحكومة سعد الحريري على عدم حصول أي نوع من التنسيق مع «الجانب الآخر» خلال العمليات العسكرية، وهو يقصد هنا الجيش السوري وحزب الله. ومصدر استغراب القادة العسكريين الذين يفحصون منطقة العمليات الآن، هو أنه لا يوجد أي منطق عسكري أو أمني في العالم يقول بعدم التنسيق بين قوات تقاتل الخصم نفسه وفي المكان نفسه، إضافة الى وجود صعوبات كبيرة ذات طابع لوجستي من شأنها تأخير العمليات أو إعاقتها إذا لم يحصل التنسيق.
وفي هذا السياق، علم أن قيادة المقاومة اتخذت قراراً نهائياً لا عودة عنه، وهو القيام بعمليات عسكرية مكثفة وشاملة في كل الأمكنة التي توجد فيها، وأن قيادة المقاومة لن تقبل باستنزاف الجيش اللبناني أو جرّه الى كمائن تؤدي الى خسائر بشرية كبيرة في صفوفه، وسوف تقوم بكل ما تراه مناسباً لمساعدة الجيش على تحقيق انتصار حاسم بأقل الخسائر الممكنة.
وقال عسكريون في الجيش إن المعركة تحتاج الى تعاون وتنسيق يتجاوز القصف المدفعي أو الجوي، لأن طبيعة مجموعات «داعش» التي لا ترغب في مفاوضات جدية حتى الآن، سوف تجعل المعركة قاسية، وهو ما يتطلب أنواعاً مختلفة من التكتيك القائم على تعاون وتنسيق مفتوح ودائم بين جميع القوات العاملة على الارض.
ولفتت المصادر الى أن عمليات الرصد الأمني والاستطلاع الميداني أعطت الجيش فكرة عن نوع الخصم وقدراته، ما سهّل على القيادة تحديد الحاجات المباشرة للمعركة، ومن ضمن هذه الحاجات موضوع التنسيق مع السوريين وحزب الله.
أما بشأن التفاوض مع «داعش» من خلال وسطاء للوصول الى كشف مصير العسكريين التسعة الذين خطفوا عام 2014، فلم تظهر نتائج حاسمة، غير تلك التي تؤكد انتقال أحد العسكريين، وهو من آل دياب، الى صفوف التنظيم الإرهابي، مقابل تناقض الروايات حول مصير الجنود الآخرين ومكان وجودهم.
وفي الإطار عينه، أكّد رئيس التيّار الوطنيّ الحرّ الوزير جبران باسيل، في عشاء هيئة قضاء جبيل أمس، أن «جيشنا اليوم أقوى لأن قيادته الآن أقوى. لم يعد الخارج يمنعنا من تحرير أرضنا كما حصل عام ٢٠١٤».
من جهة أخرى، لم يهدأ الجدل القائم بشأن زيارة وزراء لسوريا، فاستمر رئيس حزب القوات سمير جعجع في الهجوم على الوزراء الذين سيقصدون دمشق قريباً فقال: «لا يمكنك أن تزور سوريا بصفتك الرسمية، بل فقط بصفتك الشخصية كسائح إن رغبت، وإلا تكون تخالف سياسة الحكومة الحالية وسياسات كل الحكومات المتعاقبة وتعتدي على الشرعية اللبنانية». وقال إنّ «أيّ زيارة رسمية لوزير لبناني الى سوريا ستتسبّب بضرر كبير على لبنان، باعتبار أن هذا موضوع خلافي كبير بين اللبنانيين؛ فنحن منذ 7 سنوات حتى اليوم ما زلنا بمنأى عمّا يجري في الشرق الأوسط بفضل تفاهمنا بعضنا مع بعض، وهذا ما سمّيناه سياسة النأي بالنفس». وأضاف جعجع «زيارة أيّ وزير الى سوريا ستهزّ الاستقرار السياسي الداخلي للبنان، كما سيصنّف لبنان على اثرها في خانة المحور الايراني في الشرق الأوسط، ما يعني أن ما تبقى لنا من علاقات مع أكثرية الدول العربية سينقطع كلياً». وردّ المدير العام الأسبق للأمن العام اللواء جميل السيد على جعجع بتغريدة قال فيها: «مين إنت حتى تقبل أو ما تقبل؟ إذا مزعوج انسحب من الحكومة». وأضاف السيد على موقع تويتر: «لن أُقلّل عقلي ولن أردّ عليه. أكتفي بالقول: أيتامُك جَنُّوا يا أبا مالك التلّي…».
عون والسلسلة
وبعيداً عن معركة الجرود وزيارة سوريا، دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى لقاء حواري في قصر بعبدا الساعة الحادية عشرة قبل ظهر الاثنين المقبل، «للبحث في مختلف أوجه الخلاف والتناقض واختلاف الآراء»، حول قانوني سلسلة الرتب والرواتب في القطاع العام، واستحداث بعض الضرائب لغايات تمويل السلسلة، وذلك في حضور رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري والوزراء المختصين، وحاكم مصرف لبنان، وممثلين عن الهيئات الاقتصادية والعمالية والمالية، ونقباء المهن الحرة، والمدارس الخاصة، والمعلمين في المدارس وأساتذة الجامعة اللبنانية.