أولًا: سعد الحريري على خُطى قيس بن عاصم ...
قيل للأحنف بن قيس: ممّن تعلّمت الحلم؟ قال: من قيس بن عاصم المنقري؛ رأيتهُ قاعداً بفناء داره، مُحتبياً بحمائل سيفه، يُحدّث قومه، حتى أُتي برجُلٍ مكتوفٍ ورجلٍ مقتول؛ فقيل له: هذا ابنُ أخيك قتل ابنك، فوالله ما حلّ حبوته ولا قطع كلامه، ثم التفت إلى ابن أخيه وقال له: يابن أخي، أثمت بربّك ، ورميت نفسك بسهمك، وقتلت ابن عمّك. ثم قال لابنٍ له آخر: قم يا بُني فوار أخاك، وحُلّ كتاف ابن عمّك، وسُق إلى أمّه مائة ناقةٍ ديّة ابنها، فإنّها غريبة.
وقال رجلٌ للأحنف بن قيس: علّمني الحلم يا أبا بحر، قال: هو الذُّل يا ابن أخي، أفتصبر عليه؟.
وقال هشام بن عبدالملك لخالد بن صفوان: بم بلغ فيكم الأحنف ما بلغ؟ قال: إن شئت أخبرتك بخلّة، وإن شئت بخلّتين، وإن شئت بثلاث. قال: فما الخلّة؟ قال: كان أقوى الناس على نفسه، قال، فما الخلتان؟ قال: كان مُوقّى الشر، مُلقّى الخير. قال: فما الثلاث؟ قال: كان لا يجهل، ولا يبغي، ولا يبخل.
الحمد للّه ، الرئيس سعد الحريري على خطى قيس بن عاصم والاحنف بن قيس، وقيس بن عاصم المنقري هذا هو الذي عندما قدم على رسول الله (ص) بسط له النبي رداءه، وقال: هذا سيّد الوبر.
إقرأ أيضًا: السُّنّة والشيعة...طريقتان مختلفتان لهضم القيم الدينية
ثانياً: سعد الحريري..سيد الحلماء...
أجمعت العرب على أنّ رأس السُّؤدد كان وسيبقى الحلم، الحلم الذي يتحلّى به هذه الأيام رئيس مجلس وزراء لبنان سعد الحريري، فرغم اشتباك تياره المستقبلي مع حزب الله على أمور رئيسية وحسّاسة تتعلق بسيادة لبنان واستقلاله وأمنه وحياده المفترض، يذهب الحريري إلى نيويورك طلباً للمساعدة في تخفيف العقوبات الأميركية المنتظر أن تطال الحزب ومؤسساته وبيئته الحاضنة. وهاهو بالأمس يتطوّع للقيام بدور الوسيط بين الحزب ودولة الكويت لرأب الصّدع وجمع الكلمة وتقريب ذات البين بين "الأشقاء المتخاصمين".
لا بأس بسياسة المهادنة هذه يا دولة الرئيس، فنحن في كنف دولة الرئيس عون والصهر العزيز جبران باسيل، وقد حصل "المسيحيون"على حقوقهم كاملة بجمع كلمة التيار الوطني والقوات، فلا بأس في جمع كلمة المسلمين على السواء، ولبنان لا يقوم إلاّ بجناحيه، المسيحي والمسلم، وكما قال بدوي الجبل:
يطيرُ ما انسجما حتى إذا اختلفا
هوى ولم تُغن عن يُسراه يُمناهُ.