بعد وصول مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب، والضرائب المرتبطة بها، الى قصر بعبدا، كثرت الاحتمالات المطروحة حيال موقف رئيس الجمهورية ميشال عون منه. فبين ردّه الى مجلس النواب، أو التوقيع عليه، تقبع احتمالات تفصيلية، وهي إما القبول بالجزء المتعلق بالسلسلة مع إعادة البحث بالضرائب، وإما توقيعها كسلة متكاملة، شرط الخروج بقانون آخر في وقت لاحق، يعيد النظر في الضرائب.
في انتظار قرار عون، تلوح في الأفق مؤشرات يمكن الاستدلال بها على مصير الملف، خصوصاً تلك الصادرة من رئيس مجلس النواب نبيه بري.
يلعب عون على الوتر الإقتصادي خلال مقاربته الملف، ويحاول ابقاء عين على السلسلة والعين الأخرى على الإقتصاد. ويدعو الى "التزاوج بين الحقوق والاستقرار الإقتصادي". ويرى أنه من المفترض التدقيق بمصادر التمويل التي طرحت في مشروع القانون، وذلك خوفاً من الإنعكاسات الإقتصادية السلبية. وباعتباره، فإن "تناقض المصالح بين مختلف الفئات الشعبية يؤدي الى اضطرابات اجتماعية، ولا بد من تصحيح الخلل"، وفق ما قاله أمام وفد الهيئات الإقتصادية الذي زاره يوم الأربعاء 9 آب.
من ناحيتها، تثمّن الهيئات الإقتصادية موقف عون. ويعتبر رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، في حديث لـ"المدن"، اأن على عون "رد قانون الضرائب، وليس السلسلة". وهو ما لا يستسيغه عون، لأن حسابات سوقه لا تتطابق مع بيدر الهيئات، وإن كان يؤيدها ضمناً.
يضيف شماس أن رد قانون الضرائب يسمح بدرس زاوية التمويل بطريقة هادئة، على أن تُقر الموازنة، ويُسجّل حجم الوفر فيها، لنعرف بعدها حجم التمويل الذي نحتاج اليه للسلسلة، فتقوم الدولة بجمع المبلغ المتبقي عن الوفر".
في المقابل، لا ينصح رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر بعدم توقيع عون المشروع، لأن السلسلة اكتسبت شرعية دستورية نابعة من مجلس النواب، ولا يمكن التشكيك بهذه الشرعية. ويقول الأسمر لـ"المدن": "لا يمكن العودة الى نقطة الصفر بعد رد المشروع، تحت شعار إعادة الدرس بعد 5 سنوات من المطالبة. فحينها، يخرج الملف عن إطاره العقلاني". ويقترح الأسمر، في حال تعقّد الأمور، أن يُصار الى "إقرار المشروع ومعالجة الملاحظات لاحقاً. فلا يمكن تعطيل سلسلة تشمل ثلث الشعب اللبناني".
أمام الآراء الثلاثة، يعطي بري كلمة السر في شأن مصير مشروع السلسلة، من خلال قوله: "لا أصدّق أنّ رئيس الجمهورية يمكن أن يقدِم على خطوة ردّ السلسلة إلى المجلس". فالقول في ظاهره يحمل عدم التصديق، مع جهلٍ بالنتيجة النهائية، لكن في مضمونه، هو رسالة مفادها ضرورة إقرار السلسلة وعدم ردها الى مجلس النواب. وبري في هذه الحالة يسحب البساط من تحت أقدام كل من يلوّح برد السلسلة أو عرقلة إقرارها بحجة الضرائب. أما البحث في الضرائب، والإقتراحات التعديلية، فيمكن تناوله بعد إقرار السلسلة من خلال قوانين جديدة منفصلة عن قانون السلسلة، حينها تُعالج الاحتمالات وفق الواقع الجديد.
ويؤكد النائب هاني قبيسي، كلام بري بشكل غير مباشر، عبر القول في حديث لـ"المدن" أن كلام بري واضح، وأنه يقصد ما يقوله.
موقف بري الضاغط لإقرار السلسلة، هو اختصار لدوامة إدارية وسياسية ستنتهي بتسيير السلسلة، وإن ردّها عون الى مجلس النواب. وكل ما يمكن أن يحصل في حال الرد، هو تأخير نفاذ القانون لشهر إضافي. لكن، بعد ذلك، تصبح أبواب الحرب السياسية مفتوحة، وسيظهر عون وكأنه ضد السلسلة. وهو ما لا يمكن احتماله، خصوصاً في ظل انتظار حزب الكتائب أي خطأ يصدر عن عون أو التيار الوطني الحر، للتصويب عليهما، ناهيك بالاستثمار السياسي الذي ستستفيد منه التيارات الأخرى، وليس آخرها حركة أمل، حتى وإن كان بري يفضل قطف ثمار المشروع عبر إقراره في بعبدا، لا تسييره بحكم الأمر الواقع في مجلس النواب.
كذلك، فإن عون ليس في وارد فتح حرب غير متكافئة مع بري، طالما أن مصير السلسلة واضح، وهو الإقرار، ولو بعد حين.
خضر حسان