بنفس الوتيرة التي ترتفع فيها الأصوات الداعمة والمؤيدة للجيش اللبناني بمعركته المرتقبة ضد تنظيم داعش وتحرير أرضنا من الإرهاب، ترتفع بمحاذاتها أصوات تتحدث عن تمديد صلاحية القرار الدولي 1701 ليشمل الحدود الشرقية كما ورد في الفقرة 14 منه.
الملفت بالموضوع في هذا السياق هو هذه الهجمة الشرسة من إعلام الممانعة والتي تصل إلى حد تهمة التخوين والتآمر والعمالة لكل مطالب بتطبيق القرار الدولي والتوعد بالويل والثبور وعظائم الأمور، مع التذكير هنا بأن هذا القرار هو وليد إنتصار إلهي فُرض على العدو الصهيوني المهزوم، وبموافقة وزراء حزب الله الذين حضروا إجتماع الحكومة برئاسة الرئيس المقاوم إميل لحود، يومها وافقت الحكومة بالإجماع وأعلن وقف الأعمال الحربية حينها بناءًا على هذه الموافقة.
إقرأ أيضًا: أبعد من جرود القاع بكثير
أقنعنا حزب الله على مدار سنوات مشاركته في الحرب السورية إلى جانب نظام بشار الأسد، أنه دفع ويدفع أثمانا باهظة جدًا من أجل حماية لبنان واللبنانيين، وخسر الآلاف من خيرة شبابه في سبيل تحقيق هذا الهدف النبيل، فضلًا عن عشرات آلاف الجرحى والمعوقين بدون أن نذكر هنا الإستنزاف المالي الضخم والجهد والتعب والأعباء الجسام من السهر والأرق والقلق وانعكاس كل ذلك على جمهور الحزب والبيئة الحاضنة وعلى كل البلد.
في ظل كل هذه المعاناة نسمع ما نسمعه من رفض لتطبيق القرار الدولي شرقًا كما هي الحال على الجبهة الجنوبية، حتى يظنّ المرء بأن المطلوب من شباب الشيعة فقط هو الإستمرار إلى أبد الآبدين بالقتل والقتال والتضحية وبذل الدم والجهد، ورفض أي اقتراح يمكن أن يوصلنا إلى نفس النتيجة والأهداف بطرق يمكن أن تحفظ دماء هؤلاء الشباب!
إقرأ أيضًا: إجتياح اسرائيلي جديد، بقرار من جبران باسيل ؟
الغريب بالمشهد، هو انعكاس الصورة،، فبدل أن يكون تطبيق القرار وتنفيذه على الحدود الشرقية الذي يمنع دخول الإرهابيين هو مطلب حزب الله أولًا وجمهوره وكل الشرفاء والوطنيين، من أجل الحد من الخسائر وحفظ شبابه وحماية بيئته وحماية الوطن، وتكون إسرائيل ومن خلفها ومن أمامها هي التي تعمل سرًا وجهارًا لمنع حصوله من أجل التلذذ أطول وقت ممكن في التفرج على دماء مقاتلي الحزب تسيل بعيدًا عنها.
أعتقد أن خبث العدو الصهيوني ومكره التاريخي يتجسد هنا، بقدرته على عكس الصورة بمحاولة الإيحاء أن تطبيق القرار 1701 وتمديده ليشمل الحدود مع سوريا هو "مؤامرة" ومطلب لأعداء "المقاومة"، ولكن بالقليل من التدقيق وإمعان النظر ندرك حينئذ بأن الخيانة الحقيقية إنما هي عند من يرفض الأمر وليس العكس.