خلت تشكيلة الحكومة الإيرانية الجديدة من تمثيل للنساء والأقليات والشباب وحتى الحلفاء الإصلاحيين، في تنكر واضح من الرئيس الإيراني حسن روحاني لوعوده الانتخابية التي قطعها أثناء الحملة.
وقدم روحاني الثلاثاء أسماء 17 وزيرا من وزراء حكومته الـ18 إلى البرلمان، من دون أن يدخل تعديلا جذريا على آخر حكومة له، في حين غابت عنها النساء، وأهم ما جاء فيها تعيين وزير للدفاع ينحدر من الجيش وليس من الحرس الثوري.
وأبقى روحاني في التشكيل الوزاري على كبير مهندسي الاتفاق النووي بين طهران والقوى العالمية الست.
ولم يحتفظ وزير الدفاع اللواء حسين دهقان بحقيبته التي أوكلت إلى نائبه العميد أمير حاتمي الآتي من الجيش النظامي وليس من الحرس الثوري، للمرة الأولى منذ عقدين.
ويتم تعيين وزراء الدفاع والاستخبارات والخارجية بالتنسيق مع المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي صاحب الكلمة الفصل في السياسة الإيرانية.
وقد أعاد مكتب المرشد رسميا في يوليو التذكير بهذه القاعدة بسبب واجباته “في مجال السياسة الخارجية والدفاع وفقا للدستور”.
وتم الاستغناء عن وزير الاقتصاد علي طيب النية وتعيين مسعود كرباسيان، نائب وزير الاقتصاد حاليا مكانه.
وأبقى روحاني على محمود علوي وزيرا للاستخبارات في الوقت الذي تواجه فيه طهران تحديا متزايدا من الإسلاميين المتشددين.
وأعلنت وزارة الاستخبارات الثلاثاء تفكيك جماعة على صلة بتنظيم الدولة الإسلامية كانت تخطط لهجمات في المزارات الدينية في البلاد.
ويتعين على كل وزير على حدة نيل ثقة البرلمان الذي سيبدأ عمليات التصويت خلال أسبوع.
وخلت التشكيلة الحكومية التي قدمت إلى مجلس الشورى من اسم وزير للتعليم العالي.
ويتعين على روحاني رد الجميل للإصلاحيين المهمشين رسميا ولكن يحظون بشعبية كبيرة والذين دعموا حملته الانتخابية. ويطالب الإصلاحيون بنصيب أكبر في التشكيل الوزاري.
وذكرت وكالة الطلبة للأنباء أن روحاني أبقى على اسحق جهانكيري، وهو شخصية إصلاحية كبيرة في منصب النائب الأول للرئيس.
روحاني يخطط لتعيين عدد من النساء في منصب مساعدة للرئيس، وهذا الموقع لا يحتاج إلى تصويت البرلمان لنيل الثقة
ووجه إصلاحيون انتقادات إلى روحاني بسبب خلو اللائحة الوزارية من النساء.
ونددت مساعدة الرئيس شاهينة دوخت ملا وردي المنتهية ولايتها في مقابلة مع صحيفة اعتماد بـ”غياب المرأة عن المناصب الوزارية”. وكانت أعربت قبل أسابيع عن الأمل بتعيين “اثنتين أو ثلاث وزيرات”.
وقال مقربون من روحاني الذي أعيد انتخابه في مايو إنه يفكر في تعيين عدد من النساء في منصب مساعدة للرئيس، وهذا الموقع لا يحتاج إلى تصويت البرلمان لنيل الثقة. وكانت للحكومة المنتهية ولايتها ثلاث نساء نواب للرئيس من دون أي وزيرة.
ومن جهتها، ضاعفت وسائل التواصل الاجتماعي الانتقادات لروحاني، المعتدل دينيا، متهمة إياه بعدم الوفاء بوعود حملته الانتخابية لمنح مساحة أكبر للمرأة والشباب والأقليات.
كما كتب حسين الدهباشي الناشط في حملة روحاني عام 2013، لكنه اتخذ مواقف مناهضة له في السنوات الأخيرة، في تغريدة ساخرة “مبروك للتعيينات الجديدة أقل ما يمكن من النساء والشباب في الحكومة”.
ويذكر أن الرئيس السابق المحافظ المتشدد محمود أحمدي نجاد (2005-2013) كان الوحيد منذ قيام الثورة عام 1979 الذي عين امرأة في الحكومة خلال ولايته الثانية، حيث شغلت مرضيه دوست جردي حقيبة الصحة بين عامي 2009 و2013.
وكتب محمد نجل مهدي كروبي أحد زعماء المعارضة تحت الإقامة الجبرية منذ ست سنوات على تويتر أن “رسالة الشعب في العمليتين الانتخابيتين الماضيتين لم تنعكس إلا قليلا جدا في الحكومة المقترحة”. وتساءل “ماذا ينفع الكلام المنمق عن المساواة ومن ثم تجاهل المرأة والأقليات الدينية؟”.
وكان الإصلاحيون طالبوا أيضا بحكومة من الشباب، فالحكومة المنتهية ولايتها تضم أكبر عدد من الوزراء الكبار في السن منذ عام 1979. فالرئيس نفسه يبلغ من العمر 68 عاما.
لكن الوزير الجديد للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات محمد جواد آذري جهرمي يبلغ من العمر 36 عاما، ما يجعله أصغر وزير في الحكومة.
ويبلغ متوسط عمر الفريق الوزاري الجديد 58 عاما، مقابل 57 عاما في الحكومة المنتهية ولايتها، وفقا لوكالة فارس للأنباء.
ومن غير المتوقع أن يرفض نواب إيرانيون اختيارات روحاني لوزارات الخارجية والدفاع والاستخبارات، إذ أن رؤساء إيران يختارون هؤلاء الوزراء بموافقة الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي.
وتعتبر سلطات الرئيس المنتخب في البلاد محدودة مقارنة مع سلطات الزعيم الأعلى الذي يعد القائد الأعلى للقوات المسلحة ويعين رئيس الهيئة القضائية ويضع السياسات الرئيسية لإيران.
وأدى روحاني، الذي أعاد الناخبون اختياره رئيسا في مايو بعد أن وعد بزيادة انفتاح إيران على العالم وتوفير المزيد من فرص العمل، اليمين السبت أمام البرلمان في طهران بحضور شخصيات أجنبية.
وكان روحاني توصل خلال فترة ولايته الأولى لاتفاق مع الولايات المتحدة وخمس قوى عالمية أخرى في 2015، ينص على رفع معظم العقوبات على إيران مقابل كبح برنامجها النووي.
ويكثف روحاني الجهود لحماية الاتفاق بعد عودة واشنطن إلى سياستها المعادية لإيران. وحذر روحاني الرئيس الأميركي دونالد ترامب من تمزيق الاتفاق مثلما تعهد خلال حملته الانتحابية قائلا إن ذلك سيمثل انتحارا سياسيا بالنسبة إلى ترامب.
ووقع ترامب على قانون جديد للعقوبات على إيران الأسبوع الماضي جراء برنامجها لتصنيع صواريخ وبسبب انتهاكات حقوق الإنسان. ووصفت طهران العقوبات الجديدة بأنها انتهاك للاتفاق النووي.