تفاءل المراقبون بالتطوّرات الإيجابية التى طرأت خلال الفصل الثاني من هذه السنة، السياسية منها، الأمنية، والمالية. إنما سرعان ما تبيّن أن تلك التطوّرات لم يكن لها الأثر المرجو من حيث تنشيط الحركة في قطاعات تجارة التجزئة، وتفعيل الإقبال الإستهلاكي في الأسواق على إختلافها.رأى «مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة» للفصل الثاني من سنة 2017 ان أحد اسباب عدم تنشيط الحركة في قطاعات تجارة التجزئة، هو الثقل الذى يمثله النزوح السوري على لبنان وعلى إقتصاده وبنيته التحتية، مما يسبّب تزايداً مستمراً في أعداد اللبنانيين العاطلين عن العمل، إن من قلّة فرص العمل المتاحة أو من جرّاء تسريحهم من الوظائف التى كانوا يشغلونها بفعل الكساد السائد وعدم تمكّن أصحاب العمل من الإستمرار بالوفاء بمتوجباتهم لهم وللجهات الرسمية المتعدّدة.
والنتيجة تآكل متنامٍ في القدرة الشرائية للأسر اللبنانية، والمزيد من التراجع في ثقة تلك الأسر في تحقيق تحسّن في أحوالهم المالية، علاوة على ندرة الزائرين سيما اللبنانيين المغتربين، والخليجيين بسبب الحظورات المعروفة، فضعف متزايد في الحركة الإستهلاكية وعدم رواج السلع وفقاً لدورة تجارية طبيعية.
كما لفت المؤشر الى القلق السائد من سلة الضرائب الجديدة التي من المتوقع أن تقرّ مع ما سيكون لها من مفاعيل سلبية على الاسعار والاقتصاد الوطني في حال وضعت موضع التنفيذ.
وسط كل تلك السلبيات، ظلت الأسواق تواجه خلال الفصل الثاني من هذه السنة مستوى طلب ضعيفا وإقبالا خجولا وحركة بطيئة، الأمر الذى أدّى الى مزيد من التراجع في أرقام الأعمال، سيما بالمقارنة مع المستويات المتواضعة التى كان قد تم تسجيلها في نفس الفصل من السنة السابقة، سيما أيضاً أن المنحى التصاعدي في مؤشر غلاء المعيشة ما زال مستمراً حيث بلغ 3.48 % لهذه الفترة وفقاً للأرقام المعلنة من قبل إدارة الإحصاء المركزي، الأمر الذى زاد بالطبع من شدّة تراجع الأرقام الحقيقية المجمعة.
نسبة التراجع
في ما خصّ حركة أسواق تجارة التجزئة، بلغ التراجع الإسمي المجمع لكافة القطاعات، ما بين أرقام الفصل الثاني لسنة 2016 والفصل الثاني لسنة 2017، نسبة – 1.59 %، وبلغ التراجع الحقيقي المجمـّـع (أي بعد التثقيل بنسبة مؤشر غلاء المعيشة لهذه الفترة) – 5.01 %. (بالرغم من الزيادة التى شهدها حجم مبيعات المحروقات الذي إرتفع بنسبة 8.36 % من حيث الكميات لهذه الفترة).
أما إذا إستُثني قطاع المحروقات، يكون التراجع الحقيقي في أرقام الأعمال المجمعة لقطاعات تجارة التجزئة قد بلغ نسبة 8.40 % بالمقارنة مع مستوى أرقام أعمالها المجمع خلال الفصل الثاني من السنة الماضية.
وذكر المؤشر ان معظم القطاعات سجلت إنخفاضات، إلا انه كان هنالك عدد قليل من القطاعات التي سجلت تحسنا في المبيعات، سيما القطاعات التى تتداول بالهدايا وتقديمات الأعياد من جهة، إنما أيضاً قطاعات السلع الغذائية الأساسية.
أهم القطاعات التى ظلت تسجل تراجعاً حقيقياً عن مستوياتها في الفصل الثاني لسنة 2017:
• الهواتف الخلوية ( 44.87 %)
• معدّات البناء والهندسة ( 28.95 %)
• الأحذية والسلع الجلدية ( 27.65 %)
• معارض السيارات ( 8.71 % - بعد تراجع كان قد بلغ 14.03 % في الفصل السابق)
• الملبوسات ( هبوط مستمر بلغ 8.25 % بعد تراجع كان قد بلغ 11.30 % في الفصل السابق)
• السوبرماركت والمواد الغذائية ( 5.69 % بعد تراجع في الفصل السابق كان قد بلغ 5.25 %)
• الأجهزة المنزلية الكهربائية (4.85 % بعد إنتعاش في الفصل السابق بلغ 15.32 %)
• السلع الصيدلانية (4.76 % بعد 12.30 % في الفصل السابق)
• السلع البصرية والسمعية (4.56 %)
• التجهيزات المنزلية (3.62 %)
• المطاعم والسناك بار (3.35 %)
• منتجات التبغ (2.76 % بعد 8.39 % في الفصل السابق)، والمشروبات الروحية (4.18 % بعد 1.39 % في الفصل السابق)
• الآلات الموسيقية (2.43 %)
• اللعب والألعاب (1.25 %)
في المقابل، سجل بعض القطاعات تحسنا في أرقام الأعمال، سيما القطاعات التى تعرض السلع التى يزيد طلبها في بعض المواسم والأعياد، علاوة على التحسن الذى كان ملموساً في المجمعات التجارية ( 11.00 %)، ومنها:
• الساعات والمجوهرات ( 7.88 %)
• السلع والأدوات الرياضية (2.90 %)
• الكتب، والصحف والمجلات، والأدوات المكتبية والقرطاسية (1.90 %)
• منتجات المخابز (1.64 %)
• الأجهزة الطبية (1.32 %)
• العطور ومستحضرات التجميل (0.48 %)
في الوقت نفسه، وبدلاً من أن تستشفّ الأسواق تحسناً ولو طفيفاً في الحركة ما بين الفصلين الأول والثاني من هذه السنة بسبب الظروف الموسمية وتزامن الأعياد، جاءت الأرقام سلبية أيضاً هي الأخرى، ولو بنسبة طفيفة.
وفي حين بلغ التراجع الإسمي المجمع ما بين الفصلين الأول والثاني لسنة 2017 نسبة 1.72 %، يكون التراجع الحقيقي بعد التثقيل بمؤشر غلاء المعيشة لهذه الفترة (الذى سجـّـل تراجعاً بنسبة 0.04 % وفقاً لنتائج إدارة الإحصاء المركزي) قد بلغ 1.68 %.
اداء القطاعات
بالنظر الى نتائج كل قطاع، يتبين أن الفصل الثاني لم تكن الحركة فيه متساوية في كل القطاعات، حيث كانت تلك الحركة سيئة للبعض منها، في حين أن البعض الآخر تمكن من تحقيق تحسـّـن ملموس في أرقام مبيعاته.
وتوزّعت نسب التراجع لبعض القطاعات كالتالي:
• الكتب، والصحف والمجلات، والأدوات المكتبية والقرطاسية (24.90 %)
• السلع الصيدلانية (21.75 %)
• الأحذية والسلع الجلدية (18.12 %)
• الملابس (13.49 %)
• أجهزة الهاتف الخلوي (12.52 %)
• حركة المجمعات التجارية (4.00 %)
• الساعات والمجوهرات (2.80 %)
• الأجهزة المنزلية الكهربائية، والراديو والتلفزيون (1.93 %)
• مواد البناء (1.68 %)
• التجهيزات المنزلية (1.65 %)
في المقابل شهدت القطاعات التالية تحسنا في الاداء وفق النسب التالية:
• السلع البصرية والسمعية (22.50 %)
• اللعب والألعاب (19.94 %)
• التبغ ومنتجاته (16.40 %)
• المشروبات الروحية (15.15 %)
• المخابز والحلويات (10.93 %)
• الأثاث والمفروشات (10.42 %)
• معارض السيارات (6.13 %)
• السوبرماركت والمواد الغذائية (3.61 %)
• العطور ومستحضرات التجميل (2.41 %)
• المطاعم والسناك بار (1.65 %)
في ضوء ما سبق، وبعد الإشارة الى أن المؤشر الأساس (100) الذي قد تم تبنّيه هو للفصل الرابع لسنة 2011، وأن تضخّم الأسعار خلال الفصل الثاني من سنة 2017، وفقاً لإدارة الإحصاء المركزي، بلغ 0.04 % ، بلغ «مؤشر جمعية تجار بيروت- فرنسَبنك لتجارة التجزئة» 45.57 للفصل الثاني من سنة 2017 مقابل 47.97 في الفصل الأول من هذه السنة، أي أن المؤشر سجـّـل المزيد من الهبوط تحت عتبة الـ 50.
إن ذلك ما هو إلاّ مؤشر إضافي الى حالة الإنكماش التى تزداد فصلاً بعد فصل وبأن النشاط الإستهلاكي بات في حالة تعثر واضحة.
لذا، تعلّق الأسواق الآمال على تنبّه الجهات النيابية والحكومية كما وكل الجهات المسؤولة في البلاد لأهمية القوانين والقرارات التى هي على وطأة إتـّـخاذها، سيما الضرائبية والمالية والرقابية منها، لما لمفاعيل تلك القوانين والقرارات من آثار جوهرية على المسار المستقبلي للإقتصاد اللبناني برمته، سيما أسواقه والإستثمارات فيه.