داعش والجيش في المواجهة بانتظار ساعة الصفر , وواشنطن تحذر من التنسيق مع حزب الله
المستقبل :
على وقع استكمال الجيش اللبناني رسم «حزام النار» الذي يزنّر به جبهة الجرود استعداداً لـ«ساعة الصفر» المرتقبة وإيذاناً بالانقضاض على المنطقة الجردية اللبنانية المحتلة لدحر إرهابيي «داعش» عنها، ستكون الاستعدادات العسكرية لخوض هذه المعركة على طاولة مجلس الدفاع الأعلى الذي ينعقد اليوم برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري إلى جانب الوزراء المعنيين وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية «للتداول في الأوضاع وإعطاء التوجيهات اللازمة ذات الصلة بعملية التصدي للخطر الإرهابي والترتيبات والتدابير العسكرية والأمنية المُتخذة ميدانياً وعملانياً على جبهة السلسلة الشرقية الحدودية مع سوريا» كما أوضحت مصادر معنيّة لـ«المستقبل»، مشيرةً في السياق عينه إلى أنّ الاجتماع سيشهد بحثاً معمّقاً في سبل تعزيز التعاون بين مختلف المؤسسات والوزارات المعنية لتأمين أفضل مواكبة رسمية للاستعدادات والمجريات العسكرية على الأرض.
وأمس، سجلت جبهة جرود القاع تحرّشاً صاروخياً «داعشياً» طاول أطراف البلدة من دون أن يوقع أي خسائر مادية وبشرية، الأمر الذي قوبل برد عسكري لبناني حازم أخمد
جيوب الإرهاب التي أطلقت منها مجموعات «داعش» صواريخ ترددت أنباء إعلامية وأمنية أنها من طراز «غراد». وعلى الأثر، دكّت وحدات الجيش براجمات الصواريخ والمدفعية مراكز التنظيم الإرهابي في كل من جرود رأس بعلبك والقاع، وذلك رداً على «تعرّض أطراف القاع لسقوط 8 قذائف مصدرها المجموعات الإرهابية في جرود البلدة» وفق ما أعلن بيان قيادة المؤسسة العسكرية.
تزامناً، برز أمس إعلان المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي عن قيام قوة خاصة من شعبة المعلومات بتنفيذ «عملية خاطفة» في منطقة وادي خالد تمكنت بنتيجتها من توقيف مواطن لبناني (أ.ع.) يعمل لصالح تنظيم «داعش» في الداخل، لافتةً إلى أنه اعترف بكيفية تواصله مع كوادر في التنظيم الإرهابي، وأنه كان مكلفاً من ضمن المهام المحددة له «استطلاع الثكنات العسكرية التابعة للجيش اللبناني والأجهزة الأمنية في المنطقة التي يقيم فيها بغية استهدافها بعمليات تفجير»
الديار :
في اول رد عملي سلبي على الفرص الضئيلة للتوصل الى «تسوية» تخرج المجموعات الارهابية من جرود رأس بعلبك والقاع، بادر تنظيم «داعش» هجوما بالامس مستهدفا مشاريع القاع ومحيط احد مراكز الجيش في البلدة بصواريخ «غراد»، فهل تسرّع هذه «الخطوة» بداية العملية العسكرية؟ ام للجيش حسابات أخرى؟ وماذا عن موقف واشنطن في ظل معلومات عن تراجع «الحماسة» الاميركية «للحسم» السريع بعد أن اختلف حساب «الحقل» عن حسابات «البيدر؟ اسئلة ستحسم اجوبتها اليوم خلال اجتماع المجلس الاعلى للدفاع الذي دعا اليه رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا لاستعراض الاوضاع الامنية في البلاد، وفي مقدمتها التطورات العسكرية على الحدود الشرقية...
في هذه الاثناء، اكدت اوساط معنية بهذا الملف، ان ساعات الليل شهدت تقويما على قدر عال من الجدية لدلالات هذا القصف، وسيتم اتخاذ القرارات المناسبة في هذا السياق، لكن من المسلم به ان الجيش لن يمنح «داعش» اي فرصة لاسترداد زمام المبادرة، الرد القاسي على اطلاق «الصواريخ» كان في هذا الاطار، مع العلم ان امتلاك «التنظيم» هذه الصواريخ ليس بالامر المفاجئ، وسبق ان استخدمها في وقت سابق، اما توقيت اطلاقها فواضح انه رد عملي على المحاولات «الخجولة» لفتح
«نافذة» للتفاوض، وهي محاولة يائسة من التنظيم لرفع معنويات افراده بعد القصف المدفعي والصاروخي المركز على مواقعه خلال الايام الماضية، لكن ما لا يدركه هؤلاء ان «الجد» لم يبدأ بعد، ومرحلة الاستطلاع بالنار ليست الا «بروفة» مصغرة على ما ينتظر «التنظيم» في الجرود عندما تبدأ العملية العسكرية... «داعش» ارسل بالامس الاشارة العملانية الاولى التي تفيد بأنه لا يريد التفاوض وسيقاتل حتى النهاية... وتبقى طبيعة الموقف لجهة تقديم موعد العملية العسكرية رهناً بالساعات المقبلة؟
نجاح «الضغط»
لكن ما تؤكده تلك الاوساط، انه مهما كان القرار فان «داعش» لن يستطيع استدراج الجيش الى عملية عسكرية وفق التوقيت الذي يناسبه، والخطط العملانية للمؤسسة العسكرية وضعت لتتلاءم مع نجاح العملية، وهي ستنطلق في التوقيت المناسب بعد استكمال كافة جوانب نجاحها، مع العلم ان «التوقيت» مرن وليس جامدا وقد تتم برمجته وفقا للحاجة الميدانية... لكن ما هو ثابت حتى الان ان الوحدات القتالية نجحت من خلال الضغط المتواصل على اجبار «داعش» للخروج من مواقعه المحصنة، والمؤسسة العسكرية تستفيد حتما من هذا الاستدراج للكشف عن تجمعات افراد التنظيم، واماكن منصات الاطلاق، وكذلك مخازن الاسلحة... وكلها معلومات حاسمة في المواجهة المرتقبة... ولذلك لا يجب ان يساور اهالي بلدتي القاع ورأس بعلبك اي قلق ازاء خطر هذا التنظيم الذي «يلفظ انفاسه» الاخيرة...
في غضون ذلك تفيد المعلومات بأن الجانب السوري وحزب الله انهيا استعداداتهما في الجانب الاخر من الحدود، وهما بانتظار تحديد الجيش اللبناني «ساعة الصفر» لانطلاق المعركة، مع العلم انهما يفضلان عدم تأخيرها للاستفادة من زخم انهيار «جبهة النصرة»، وعدم السماح لـ«داعش» بالمبادرة الى تنفيذ عمليات «استعراضية» قد تؤدي الى وقوع خسائر بشرية في القرى المحاذية على الجانب اللبناني من الحدود...
«برود» اميركي
في هذا الوقت برز «برود» أميركي لافت ازاء العملية العسكرية ضد «داعش» في الجرود، وبعد ان كانت واشنطن «متحمسة» لقيام الجيش اللبناني بالعملية العسكرية في «اقرب وقت ممكن»، افادت مصادر دبلوماسية في بيروت ان الجانب الاميركي اكتشف ان الاستثمار السياسي في العملية ليس على القدر المأمول منه، خصوصا بعد دخول حزب الله والجيش السوري شريكين واقعيين في حسم المواجهة بفعل تداخل منطقة العمليات جغرافيا، فالقيادة الوسطى الاميركية بعدما نجحت في الاستثمار بعلاقة «تشاركية» مع الاكراد في شمال سوريا وبات لديها هناك نحو عشر قواعد برية، وتشارك على الارض بقوات خاصة في معركة الرقة، وخلقت لنفسها منطقة نفوذ «للتفاوض» مع الروس لاحقا، وفيما تحاول من خلال غاراتها الجوية على دير الزور، وقصفها البري امس من داخل العراق على مواقع «داعشية» في سوريا، الدخول كشريك «مضارب» في العملية العسكرية للجيش السوري وحلفائه في المواجهة المفتوحة في البادية، لا تجد ما تكسبه على الجبهة اللبنانية، وبعد محاولتها «الاستثمار» بدعم الجيش لتحقيق انتصار معنوي يمكن صرفه في السياسة لاحقا، على خلفية المساعدات العسكرية التي تقوم بتقديمها للمؤسسة العسكرية، اكتشفت ان حدود «ارباحها» سيكون محدودا لان قيادة الجيش ليست في وارد الدخول في اي عملية «استثمار» سياسي لخدمة احد، كما ان الاوضاع السياسية الداخلية لا تسمح لها بالحصول على مكاسب جوهرية، وبعد الحسم السريع الذي حققه حزب الله في معركة جرود عرسال، وتحديد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله «لقواعد» اللعبة في المعركة المقبلة، بردت «الحماسة» الاميركية، دون ان تتراجع عن دعم الجيش في المواجهة، ولو ان ثمة ضمانات بأن التاجيل قد يقلل من «ارباح» الحزب لما ترددت واشنطن في ممارسة ضغط سياسي على الحكومة لتحقيق ذلك، لكن ما هو ثابت حتى الآن ان واشنطن «تواضعت» في حساباتها، ولذلك لم تحمل السفيرة الاميركية خلال لقائها مع رئيس الجمهورية بالامس اي «رسالة» نوعية سوى الكلام العام على دعم بلادها للبنان في مواجهة الارهاب»...
«سرقة» الانتصار
في هذه الاثناء، ثمة ضيق في «اليرزة» من حملات الدعم السياسية المبالغ فيها في دعم المؤسسة العسكرية، ووفقا لاوساط مطلعة فان بعض الامور التي تجري ليست مفيدة، فثمة واجب وطني يقضي بتحرير ارض محتلة من الارهابيين، فالجيش ليس في وارد ان يمنن احد بما هو اصلا جزء من مهماته. محاولات البعض «سرقة» انتصارات الجيش باتت «مفضوحة»، المطلوب ان يتوقف «العبث» السياسي الداخلي ووقف نظم «ابيات الشعر» في حب المؤسسة العسكرية، لان البعض ممن يحاولون حشد التأييد الشعبي للجيش يظهرونه في موقف من يحتاج الى هذا الزخم والدعم، وكان ثمة من في لبنان يشكك في مصداقية المؤسسة العسكرية، مع العلم انها وحدها من تحظى باجماع وطني، ولا تحتاج في معركتها مع الارهاب «للكلام» بل «للعمل»، ولذلك بات «صمت» البعض ضروريا لاخراج المواجهة المرتقبة من دائرة «الفولكلور» الوطني واعادتها الى مسارها الصحيح باعتبارها مهمة عسكرية سيخوضها جيش كفوء ومجرب في ظل قيادة عسكرية لا «تدغدغ» مشاعرها اي طموحات سياسية... لا يحتاج الجيش الى دعاية من هذا النوع لاثبات جدارته العسكرية، فالكل يدرك ان المشكلة في القرار السياسي وليس في العقيدة العسكرية او في القدرات القتالية للجيش...
الحريري «منزعج» من بري؟
في سياق آخر، تحدثت اوساط وزارية بارزة عن «انزعاج» جدي لدى رئيس الحكومة سعد الحريري من كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري في طهران حيال ضرورة تطوير العلاقات الثنائية الرسمية بين دمشق وبيروت، وانتقاده سياسة الحكومة في هذا الاطار، وسط معلومات عن استعداد وزيري حركة امل علي حسن خليل وغازي زعيتر لزيارة دمشق قريبا، وكذلك وزير حزب الله حسين الحاج حسن... ومن المفترض ان يلتقي الحريري بري خلال الايام المقبلة لاستيضاح هذا الموقف «ليبنى على الشيء مقتضاه»، حيث يشعر رئيس الحكومة انه بات محاصرا في هذا الملف، وباتت الامور خارجة عن «السيطرة»، خصوصا اذا ما تفرد بعض الافرقاء السياسيين في الحكومة في فتح قنوات اتصال مع الحكومة السورية دون قرار سياسي جامع في الحكومة... ووفقا لتلك الاوساط لم يتخذ الحريري قرارا حاسما في طبيعة الموقف الذي سيتخذه، في ظل غياب الوضوح في الموقف السعودي خصوصا مع تضارب الانباء حيال حقيقة ما قاله وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لوفد المعارضة السورية حول حتمية بقاء الرئيس بشار الاسد في الحكم والاستعداد للتعامل مع هذه المعادلة كأمر واقع..
الجمهورية :
فيما غابت الأحداث السياسية عن المسرح الداخلي، ظلت الانظار مشدودة أمس الى الجرود انتظاراً لمعركة اقتلاع مسلحي تنظيم «داعش» في جرود رأس بعلبك، والقاع التي تستمر التحضيرات لها على وقع مناوشات وعمليات قصف تمهيدية تستهدف تفكيك البنية العسكرية البشرية الميدانية لـ«الدواعش» الذين لم تصدر أي اشارة منهم حتى الآن للدخول في تسوية تُفضي الى خروجهم من معاقلهم الى الداخل السوري.
فيما لا يزال الامن في صدارة المتابعة والاهتمام، يجتمع المجلس الأعلى للدفاع اليوم برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا تحضيراً للمعركة الحاسمة المنتظرة في جرود رأس بعلبك والقاع، ولعرض مجمل الأوضاع الأمنية في البلاد وتقويم التطورات الاخيرة وتلك المتوقعة حدودياً وداخلياً.
وعلمت «الجمهورية» انّ قرار دعوة المجلس الى الاجتماع اتخذ أمس لمواكبة المرحلة على هذا المستوى الرسمي، ولتأكيد القرار السياسي الداعم للجيش والتغطية السياسية الشاملة في أي مبادرة يمكن ان يتخذها في المرحلة المقبلة.
وفيما وجّهت الدعوات الى أعضاء المجلس المدنيين والعسكريين: رئيس الحكومة إضافة الى الوزراء المعنيين وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية الى هذا الإجتماع، ستتصدّر التطورات العسكرية الجارية في الجرود جدول اعماله في ضوء تقارير الأجهزة العسكرية والأمنية والإقتراحات حول الإجراءات الواجب اتخاذها في المرحلة المقبلة في مناطق التوتر ومختلف المناطق اللبنانية، وخصوصاً في محيط المخيمات الفلسطينية ومخيمات النازحين السوريين.
وطُلب الى القادة العسكريين والأمنيين الإتيان الى الاجتماع بما لديهم من معلومات حول الوضع الأمني في لبنان، وتحديداً في المناطق الحدودية وحجم المجموعة الإرهابية التي ما زالت تحتل أراض لبنانية في تلال راس بعلبك والقاع، وما هو متوقّع من ردّات فِعل على العملية العسكرية المنتظرة، والمخاطر التي يمكن أن تهدد الأمن اللبناني عموماً.
مصدر عسكري
وفي وقت استهدفت وحدات الجيش براجمات الصواريخ والمدفعية مراكز تنظيم «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع، بعد سقوط 8 قذائف عند أطراف بلدة القاع مصدرها المجموعات الإرهابية في جرود البلدة. أكّد مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنّ «داعش» قصفت بالقذائف وليس بالصواريخ كما روّج البعض، وهذا يدلّ على أنها فقدت قوتها حتى ولو اقتربت بعض القذائف من مركز للجيش».
وشدّد على أن «لا خوف من ان يطاول القصف بلدة القاع، وأن تتكرر تجربة قصف الهرمل بالصواريخ، لأنّ التقارير الإستخبارية التي في حوزة الجيش تفيد أنّ «داعش» لا تملك صواريخ بعيدة المدى تصل الى القرى والتجمعات السكنية».
وأوضح المصدر أنّ «الجيش بات يملك كل المعطيات والإحداثيات عن مواقع وجود الارهابيين، وبالتالي فإنّ ما يحصل الآن هو «بروفا» وتحضير للمعركة»، لافتاً الى أنّ «الجيش حَدّد فوراً مكان انطلاق القذائف وردّ براجمات الصواريخ والمدفعية بعنف، ودَمّر بعض المواقع موقعاً اصابات مباشرة في صفوف مسلّحي «داعش».
من جهة ثانية، حَطّت في قاعدة رياق العسكرية طائرة شحن اميركية عسكرية هي الثالثة في غضون الأيام العشرة الأخيرة. وعلمت «الجمهورية» انّ هذه الطائرة نقلت الى الجيش اللبناني كميات كبيرة من الذخائر، ولا سيما منها الصواريخ، وأعتدة مختلفة تناسب العمليات العسكرية التي يخوضها الجيش في الجرود الشرقية».
وأكّد مصدر عسكري أنّ «الأميركيين والبريطانيين يدعمون الجيش في معركته بالذخائر والمعدات وهذا أمر ثابت لا لبس فيه، وهم يقدّمون كل ما نحتاجه بسخاء، والأسلحة التي تصل تعتبر أساسية في المعركة».
جولة ريتشارد
وسط هذا المشهد، لفتت الجولة التي بدأتها السفيرة الاميركية اليزابيت ريتشارد على المسؤولين، بعدما دفعتها التطورات الامنية الى تأخير إجازتها التي ستقضيها في بلادها.
فزارت أمس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، وذلك بعدما كانت قد زارت وزير الخارجية جبران باسيل في عطلة نهاية الاسبوع، على أن تزور تباعاً رئيس الحكومة سعد الحريري ومسؤولين آخرين.
وترددت معلومات انّ ريتشارد تُبلِّغ الى من تلتقيهم في جولتها «رسالة شديدة اللهجة تحذّر من مغبّة تنسيق الجيش اللبناني مع «حزب الله» او النظام السوري في معركته المرتقبة ضد «داعش»، تحت طائلة حرمان لبنان من مساعداته العسكرية».
وفيما اكتفى مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية بالاشارة الى انّ البحث بين عون وريتشارد، التي رافقها القائم بأعمال السفارة الاميركية الجديد ادوارد وايت، «تناوَل الاوضاع العامة في البلاد في ضوء التطورات الاخيرة، وموقف لبنان منها»، علم انّ ريتشارد جدّدت تأكيد مواقف بلادها الداعمة لاستقرار لبنان على رغم ما يجري من حوله من تطورات دموية ومأسوية واستمرارها في تعهداتها تجاه دعم القوى العسكرية والأمنية اللبنانية التي تخوض مواجهة صعبة مع الإرهاب.
عند المشنوق
وأشارت المعلومات الرسمية التي وزّعت بعد لقاء المشنوق وريتشارد الى انه عرض معها «المستجدات والتحديات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، خصوصاً لجهة تحضيرات الجيش اللبناني لمعركة جرود رأس بعلبك والقاع».
وقال المشنوق رداً على سؤال عن احتمال مشاركة «حزب الله» في المعارك إلى جانب الجيش «انّ كلام وزير الدفاع واضح وكذلك ما نُسب إلى مصادر عسكرية، ومفاده أنّ هذا الاحتمال غير صحيح».
وأوضح انه لا «يحبّذ الحديث عن ساعة الصفر لمعركة الجيش في جرود عرسال»، مؤكداً «انّ التحضيرات مستمرة بما يناسب القيادة العسكرية، وقائد الجيش العماد جوزف عون الرجل الشجاع والمسؤول». وثمّن «التزام الولايات المتحدة بتقديم الدعم المستمر للجيش اللبناني وتعزيز قدراته القتالية والتقنية في مواجهة التحديات».
بدورها، اطلعت السفيرة الاميركية وزير الداخلية على الأجواء الدولية حيال دور القوات الدولية العاملة في الجنوب، وذلك في مناسبة طرح موضوع تجديد مهمة هذه القوات في مجلس الأمن الدولي خلال آب الجاري.
«التيار الوطني»
وفي سياق متصل، قالت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية» انّ الجيش سيقوم بالمهمة كما يجب، وسينجزها وينتصر لكي ينتصر معه كل لبنان».
وأشارت الى «انّ الجيش بدأ المعركة، والقرار السياسي بالتحرير نهائي، والدعم كامل للجيش في معركته، وما انعقاد الاجتماع الاستثنائي للمجلس السياسي للتيار الوطني الحر برئاسة الوزير جيران باسيل في بلدة رأس بعلبك اليوم (أمس) سوى تأكيد لدعم الجيش وصمود الشعب واستعادة القرار اللبناني الصرف».
وكان باسيل أعلن، أمس، من رأس بعلبك «انّ معركة الجيش لتحرير الأرض بدأت ولن تتوقف إلّا بعد تحريرها كاملة، والقرار لبناني مئة في المئة»، وقال: «انّ غياب القرار السياسي هو الذي منع الجيش من تحرير الأرض وأحدثَ فراغاً ملأه «حزب الله» مشكوراً، والآن أتى لبنان القوي ليملأ الفراغ ويستعيد القرار». واوضح انّ اجتماع المجلس السياسي لـ«التيار» هو «إستثنائي لأنّ الظرف استثنائي أيضاً».
واضاف: «نحن اليوم في عملية استرداد للقرار السيادي اللبناني، وللمرة الاولى منذ فترة طويلة نشهد أموراً غابت عنّا. ومن الطبيعي ان يكون الجيش هو من يقوم بتحرير أرض لبنانية، ونحن نحتفل بعودة القرار السيادي».
نصرالله
وفي هذه الاجواء، يلقي الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله خطاباً جديداً في «مهرجان الإنتصار الكبير» الذي سيقام تحت عنوان «زمن النصر» عند الخامسة عصر الأحد المقبل في سهل الخيام - الدردارة.
وهو الخطاب الثاني له في غضون عشرة ايام، حيث كان قد تحدّث يوم الجمعة الفائت عن معركة جرود عرسال معلناً أنّ «عملية تحرير بقية الجرود اللبنانية سيخوضها الجيش اللبناني وبدأت مقدماتها»، ومؤكداً أنّ «الجيش اللبناني جاهز وقادر على خوض هذه المعركة والانتصار فيها، ولديه ضباط وجنود على استعداد عالٍ وبامتياز».
واكّد استعداد الحزب «لخدمة الجيش اللبناني في المعركة، وتنفيذ كل ما يطلب منه»، مشدداً على انّ «اللبنانيين سيقفون إلى جانب الجيش اللبناني»، وعلى قيادة «داعش» أن «تعرف أنّ هناك قراراً حاسماً بالمعركة وما يفصلنا عن المعركة هو أيام قليلة، وبالتالي البقاء في الجرود انتهى وستواجه «داعش» معركة تحظى بإجماع لبناني».
مجلس وزراء
وسيفرض الملف الامني نفسه على طاولة مجلس الوزراء الذي ينعقد الحادية عشرة والنصف قبل ظهر غد في السراي الحكومي برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري لمناقشة جدول اعمال عادي من 34 بنداً. وينتظر الّا تشهد هذه الجلسة اي تعيينات، واستبعد مصدر وزاري أن تتناول ملف البواخر من خارج جدول الاعمال.
«السلسلة»
وفيما يترقّب الجميع ما ستكون عليه خطوة رئيس الجمهورية حيال قانون سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام الذي أقرّه مجلس النواب أخيراً، قال الوزير علي قانصو لـ«الجمهورية»: «لا نعرف ما ستكون عليه هذه الخطوة، وان يردّ الرئيس عون قانون السلسلة الى المجلس يبقى احتمالاً قائماً، لأنه لم يقل انه لن يردّه، إلّا اننا نجدد تمنياتنا عليه بأن يوقّعه لا ان يردّه لأننا نخشى من ان يستدرج فتح النقاش حول السلسلة مجدداً مطالبات من فئات أخرى، وفي هذه الحال تصبح السلسلة في خطر».
وكان الوزير مروان حمادة أشار إلى أنّ رئيس الجمهورية «قد يقترح على الحكومة إرسال سلسلة قوانين تصحيحية للسلسلة، وجمعها مع الموازنة لتفادي أي انعكاس اقتصادي سلبي للسلسلة»، كاشفاً عن «اجتماع قريب للجنة الاقتصادية الوزارية لدرس هذه الانعكاسات والأرقام التي عرضها رئيس الجمهورية في جلسة مجلس الوزراء الأسبوع الماضي».
صادر ينهي خدماته
على صعيد آخر، وفي خطوة لم تكن مفاجئة للأوساط القضائية والسياسية التي واكبت قرار تعيين البديل منه ونقله الى مركز آخر، تقدّم القاضي شكري صادر من وزير العدل بطلب إنهاء خدماته كرئيس لمجلس شورى الدولة قبل صدور المرسوم الخاص بتعيين البديل منه بنقله من الملاك الإداري الى ملاك القضاء العدلي وتعيين القاضي هنري خوري رئيساً للمجلس خلفاً له.
وأوضح صادر لـ«الجمهورية» أنه أقدمَ على هذه الخطوة «بهدف الراحة»، ولأنه «فضّلَ ان ينهي خدماته وهو على رأس المؤسسة التي أحبّها وجهد من أجلها وخَدمها في السنوات العشر الأخيرة». وختم قائلاً: «ما زلتُ قاضياً ولا أريد أن أتحدث أكثر».
اللواء :
لا صوت يعلو على صوت معركة تحرير جرود رأس بعلبك والقاع، رغم كل الضجيج السياسي والانشغالات، سواء بما يتعلق بمصير سلسلة الرتب والرواتب، نشراً أو رداً، بحسب صلاحيات رئيس الجمهورية الذي يملك مهلة شهر لم يبق منها سوى نصفه، إضافة إلى التعيينات وبواخر الكهرباء، والانتخابات الفرعية وصولاً إلى تداعيات إقالة القاضي شكري صادر من مجلس شورى الدولة مما دفعه إلى الاستقالة، فضلاً عن تداعيات ذكرى مصالحة الجبل التي خلفت شكوكاً حول قدرة «تفاهم معراب» على الصمود في وجه تراكم التباينات بين حزبي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، ذلك ان كل الأنظار ما تزال مشدودة إلى ساعة الصفر لبدء المعركة، والتي هي بيد قيادة الجيش وحدها، بحسب تقديراتها لظروف الأرض والمواجهة، وهو ما دفع الرئيس ميشال عون إلى دعوة المجلس الأعلى للدفاع الى اجتماع يعقد قبل ظهر اليوم في بعبدا، لمواكبة التحضيرات والاستعدادات لهذه المعركة، والاطلاع من قائد الجيش العماد جوزاف عون على تقديراته لظروف واحتمالات المعركة التي تدل كل المؤشرات على ان وقتها لم يعد بعيداً، خصوصاً وأنها ستجري وسط احتضان شعبي واجماع وطني غير مسبوقين، وفرا غطاءً سياسياً للجيش لم يتحقق منذ سنوات للقضاء على التنظيمات الإرهابية في جرود السلسلة الشرقية من الحدود اللبنانية – السورية.
واللافت ان اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، والذي سيشارك فيه بطبيعة الحال الرئيس سعد الحريري الذي عاد ليلاً من اجازته في الخارج، والوزراء المعنيون وقادة الأجهزة الأمنية، يأتي بعد ارتفاع وتيرة المواجهة في الجرود بفعل خطة قضم التلال التي سيطر عليها الجيش مؤخراً لشد الخناق على مسلحي تنظيم «داعش» في جرود القاع ورأس بعلبك.
وأعلنت قيادة الجيش في بيان مساء أمس، ان وحداتها استهدفت براجمات الصواريخ والمدفعية مراكز تنظيم «داعش» الارهابي في جرود رأس بعلبك والقاع، وذلك بعد تعرض أطراف بلدة القاع لسقوط 8 قذائف مصدرها المجموعات الإرهابية في جرود البلدة.
وفيما علم ان اجتماع المجلس الأعلى سيعرض تقارير أمنية في ضوء ما جرى في جرود عرسال وتحرك الجيش في رأس بعلبك والقاع، أكّد الرئيس عون ان الوحدة الوطنية التي تعززت في الفترة الأخيرة حمت لبنان ومكنته من مواجهة الإرهاب بإرادة وطنية جامعة، وطمأن خلال استقباله وفداً من الانتشار اللبناني إلى ان الأوضاع تتجه نحو الاطمئنان والخير.
الا ان الرئيس عون اعتبر في المقابل، ان لبنان يتحمل المآسي التي سببتها الحروب المشتعلة حوله وأبرزها النزوح السوري الكثيف إلى أراضيه، والذي شكل حوالى 50 في المائة زيادة على عدد سكانه، شاكياً من ان الأمم المتحدة لا تقدّم مساعداتها للدولة اللبنانية لتمكنها من حمل عبء هذا النزوح، بل تقدمها بشكل مباشر إلى النازحين، ما يعتبر من أهم الصعوبات التي يواجهها لبنان حالياً، خصوصاً وأنه يعيش أزمة اقتصادية نسعى دائماً وبجهود مكثفة لوضع حلول لها عبر تغطية العجز الذي تعاني منه المالية العامة كي لا يبقى رازحاً تحت نتائج هذه الأزمة الصعبة.
وفي خطوة رمزية أراد منها تأكيد دعمه للجيش في حربه ضد الإرهاب، عقد المجلس السياسي في «التيار الوطني الحر» اجتماعاً استثنائياً في رأس بعلبك، أعلن بعده رئيس التيار الوزير جبران باسيل، ان «الجيش اللبناني سيقوم بتحرير الأرض من الارهابيين، وانه هو من يخوض معركة تحرير الجرود»، مؤكداً «انه قرار لبناني مائة في المائة وبتشجيع من رئيس الجمهورية والحكومة وتلاقى أيضاً مع احتضان الشعب وغطاء من القوى السياسية».
وقال: «ان المعركة لن تهدأ حتى تحرير كل الأراضي اللبنانية وسيخوضها الجيش اللبناني وحده وله كامل القرار».
وزار باسيل بعد الاجتماع قيادة اللواء التاسع في اللبوة، ثم انتقل إلى بلدة القاع حيث أكّد من هناك اننا «لا نحتاج إلى اذن أحد لتحرير ارضنا ومواجهة الإرهاب التكفيري».
ولوحظ انه كانت لباسيل التفاتة تجاه «حزب الله» حينما أشار إلى ان الحزب أخذ أكثر من مبادرة وحرر أراضي ودافع عنا جميعاً وعن أهل المنطقة.
وسيكون للأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله إطلالة جديدة، حيث سيتحدث في الاحتفال بذكرى الانتصار في حرب تموز 2006، في مهرجان «زمن النصر» الذي سيقام في الخامسة من عصر الأحد المقبل في محلة الدردارة سهل الخيام، ويتوقع ان يتطرق نصر الله إلى الوضعين الداخلي والأمني في ضوء المواجهة الحاصلة مع الإرهاب، والإقليمي من زاوية تطورات الميدان السوري وأزمات المنطقة.
مجلس الوزراء
ووفقاً لما توقعته «اللواء» وزّع أمس على الوزراء جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي تقرر ان تعقد قبل ظهر الأربعاء في السراي الحكومي، برئاسة الرئيس الحريري، وهو يتضمن 34 بنداً عادياً، خلا من أي ملفات ساخنة، إذ ان معظمها يتعلق بشؤون إدارية ومالية، الا ان مصادر وزارية لا تستبعد ان يجري نقاش حول التطورات الميدانية في الجرود، وملف بواخر الكهرباء في ضوء تقرير إدارة المناقصات والانتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس، حيث يتوجّب بت مصيرها قبل 17 آب الموعد الأخير الذي حدده وزير الداخلية نهاد المشنوق لصدور مرسوم دعوة الهيئات الناخبة.
الا ان مصدراً وزارياً أكّد لـ«اللواء» ان ملفات التعيينات والانتخابات الفرعية ستغيب عن الجلسة، وسيقتصر البحث على جدول الأعمال، وأبرز بنوده المؤجلة من جلسة سابقة، مشروع مرسوم يرمي إلى تسمية محافظ ونائب محافظ لدى البنك الأوروبي لإعادة الاعمار والتنمية، واقتراح قانون يتعلق بالجرائم المرتكبة في المناطق البحرية، ومشروع قانون يرمي إلى حماية المواقع والابنية الأثرية، ومشروع مرسوم يرمي إلى إنشاء شركة مقفلة في بورصة بيروت، وعرض وزارة الداخلية تلف الأراضي المزروعة بنبتة الحشيشة ضمن محافظتي البقاع والشمال.
واستبعد المصدر ان تطرح على النقاش مسألة زيارات عدد من الوزراء إلى دمشق، موضحاً ان زيارة وزير الصناعة حسين الحاج حسن، ومعه وزير الزراعة غازي زعيتر واخرون متعلقة بحضور معرض لإعادة اعمار سوريا في 16 الجاري، تنظمه شركة خاصة بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد والتجارة السورية، مشيراً إلى ان الدعوة لم تقتصر على الوزير الحاج حسن، بل هناك دعوة مماثلة وجهت إلى جمعية الصناعيين ورجال أعمال لبنانيين.
ولفت المصدر إلى انه طالما ان الزيارات لا تحتاج إلى تواقيع رسمية ولا اتفاقيات فلا ضرر منها.
وعلمت «اللواء» ان الرئيس الحريري سيرأس في الخامسة والنصف من عصر اليوم اجتماعاً للجنة الوزارية لتطبيق قانون الانتخاب، بموجب التكليف الذي صدر عن مجلس الوزراء، كما يرأس في الرابعة والنصف من عصر الأربعاء، اجتماعاً للجنة الاقتصادية الوزارية التي شكلت عند تأليف الحكومة وتضم وزراء: المال والاقتصاد والصحة والتربية والاتصالات والطاقة، بهدف اجراء مراجعة للوضع الاقتصادي والنهوض به من خلال وضع خطة اقتصادية دعا إلى وضعها الرئيس عون في آخر جلسة لمجلس الوزراء.
استقالة صادر
وسط هذه الأجواء، ووفقاً لما كان متوقعاً، قدم القاضي شكري صادر إلى وزير العدل سليم جريصاتي طلب إنهاء خدماته كرئيس لمجلس شورى الدولة، قبل صدور المرسوم الذي يكرّس قرار مجلس الوزراء الذي اتخذ الخميس الماضي والمتعلق بنقله إلى رئيس غرفة في محكمة التمييز واستبداله بالقاضي هنري خوري الذي عين رئيساً لمجلس الشورى.
وعزا صادر طلبه لأسباب شخصية ولرغبة في إنهاء خدماته وتصفية حقوقه بصفته رئيساً لمجلس الشورى وفقاً للقوانين المرعية.
وعلق وزير الاشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس الذي كان اعترض على تعيين رئيس جديد لمجلس الشورى على استقالة صادر، فقال عبر «تويتر»: «يبدو ان هناك كثيراً من الطقوس وقليلاً من الإيمان، بينما المطلوب كثير من الإيمان وقليل من الطقوس. هل تصدقون ان الرئيس شكري صادر قد رفع إلى وزير العدل طلب إنهاء خدماته؟».
يُشار إلى ان هذا التطور جاء فيما كانت لجنة الإدارة والعدل تقرر الطلب من وزير العدل الاستماع إليه في موضوع إقالة صادر باعتبارها محاولة من السلطة السياسية وضع يدها على استقلالية القضاء، بحسب تعبير رئيس اللجنة النائب روبير غانم الذي أكّد على ان استقلالية القضاء ضرورية وأساسية لاستقامة العمل وتأمين حقوق المواطنين أيا كانوا.
وشدّد غانم على ان المادة 20 من الدستور تنص على ان السلطة القضائية تتولاها المحاكم والقاضي مستقل في اتخاذ قراره عندما يشعر ان هناك سلطة سياسية لا تجاريه، وعليه فإن نقل القضاة هو من صلاحية مجلس القضاء الأعلى.
واللافت أيضاً ان استقالة القاضي صادر تزامنت مع توقيع 352 قاضياً عريضة موجهة إلى رئيس وأعضاء مجلس ديوان المحاسبة تطالب باستقلالية القضاء وإلغاء سلسلة الرتب والرواتب تحت طائلة الاعتكاف الشامل، وذلك استناداً إلى المادة 44 من قانون القضاء العدلي والمادة 20 من الدستور اللبناني، والفقرة «هـ» من مقدمة الدستور التي تنص على استقلالية القضاء.
الاخبار :
حسمت الدولة اللبنانية أمرها: الجيش وحده سيحرر الأرض التي يحتلها تنظيم «داعش». في الأسابيع الماضية، تلقى الجيش عروضاً لدعم جوي تؤمنه الطائرات الأميركية، التي تقاتل ضمن «التحالف الدولي». وبطبيعة الحال، رُفِض هذا الاقتراح من قبل قوى سياسية بارزة، على رأسها حزب الله. في المقابل، سألت بعض القوى السياسية عن سبب عدم طلب دعم جوي روسي، من القوة المتمركزة في سوريا. وبطبيعة الحال، أيضاً، يلاقي هذا الاقتراح (الذي لم يتحوّل إلى عرض رسمي)، اعتراضاً من قوى سياسية أخرى، على رأسها تيار «المستقبل». أمام هذا الواقع، قرر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أخذ المبادرة، لمنح غطاء للجيش، يمكّنه، على قاعدة «النأي بالنفس»، من خوض معركة تحرير الجرود، «من دون الاستعانة بأحد». وهذا الـ«أحد»، يعني الجميع: من الولايات المتحدة، إلى روسيا، وسوريا، فحزب الله.
وبناءً على ذلك، وجّه عون دعوة لانعقاد المجلس الأعلى للدفاع، اليوم، لمناقشة القضايا الأمنية في البلاد، وعلى رأسها المعركة التي يستعدّ الجيش لخوضها في جرود القاع ورأس بعلبك والفاكهة والجزء الشمالي من جرود عرسال. وبحسب مصادر معنية، فإن الاجتماع سيؤكد أن باستطاعة الجيش حسم المعركة بمفرده. غير أن المجلس لن يعمد الى تحديد موعد بدء المعركة ضد داعش، وسيترك لقيادة الجيش هذا القرار.
لكن قرار المجلس الأعلى للدفاع لن يُلغي واقعة ليس بإمكان أحد التهرّب منها، مفادها أن الجيش اللبناني لن يقاتل وحده. صحيح أنه سيكون وحده المبادر على الجبهة اللبنانية، إلا أن له «شركاء إلزاميين»، على المقلب الآخر من الحدود، هم الجيش السوري وحزب الله وحلفاؤهما. وفي اللحظة التي يبدأ فيها الجيش هجومه من الجانب اللبناني، سيبدأ الجيش السوري وحزب الله والحزب السوري القومي الاجتماعي هجومهم من داخل الأراضي السورية، للإطباق على داعش من جميع الجبهات، بما يسمح بتخفيف الضغط عن جميع المهاجمين، وأولهم الجيش اللبناني. وبصرف النظر عن القرار السياسي، فإن القوى التي ستقاتل إرهابيي «داعش»، ستكون مضطرة إلى التنسيق في ما بينها.
ميدانياً، لا يزال الجيش يستقدم التعزيزات لاستكمال جاهزيته، والأهم التحضير غير المرئي الذي لا علاقة له بالعديد أو بالأمور اللوجستية والمعدات الحربية، بل يتعلق بالرصد الاستعلامي الذي يتحكم إلى درجة كبيرة بسير المعركة. أضف إلى ذلك أن قضية عناصر سرايا أهل الشام لم تحلّ بعد، إذ من المفترض خروج نحو 350 مسلحاً من عرسال الى سوريا. فبالرغم من أن الجيش تمكن من تجاوز مسلحي «السرايا»، وبات يسيطر على المنطقة الفاصلة بينهم وبين داعش، بحيث لا تماسّ بينهما، ولا إمكانية تالياً لعناصر من «السرايا» للانشقاق والانضمام الى داعش، إلا أن الجيش يفضل إتمام عملية خروجهم قبيل بدء المعركة. فمن غير المضمون ضبط مجموعة من مقاتلي السرايا الذين تسببوا بسقوط عدد من شهداء حزب الله خلال معركة الجرود، وكانوا رافضين للخروج ضمن الاتفاق الذي تمّ بين الحزب والدولة السورية. لكنهم تراجعوا لاحقاً عن قرار الرفض، ووافقوا على الانسحاب ضمن المجموعة التي تأتمر بأوامر المدعو أبو طه العسّالي. وسيخرج المسلحون مع نحو 2700 مدني إلى بلدة الرحيبة في القلمون الشرقي، الى جانب 800 عائلة ستتوزع على قرى القلمون الغربي. ولا يزال حزب الله حتى الساعة يقوم بالمفاوضات مع الدولة السورية لإدخالهم، وسط تحفظ أولي من دمشق حول بعض الأسماء. ومن المنتظر في حال تذليل كل العقبات أن تبدأ عملية نقلهم من عرسال وجرودها الى سوريا في غضون 48 ساعة، في ظل سعي حزب الله إلى إتمام العملية في وقت قريب جداً.
وشهد يوم أمس تطوراً كبيراً في منطقة الجرود، تمثّل بقصف تنظيم «داعش» أطراف بلدة القاع بثماني قذائف، لم تتسبب بوقوع إصابات. وردّ الجيش بقصف مراكز «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع براجمات الصواريخ والمدفعية، على دفعات، كان آخرها قبيل منتصف الليل.
من جهة أخرى، عقد المجلس السياسي في «التيار الوطني الحر» اجتماعاً استثنائياً برئاسة الوزير جبران باسيل في صالون كنيسة في رأس بعلبك، صباح أمس، دعماً للجيش اللبناني. وأشار باسيل عقب الاجتماع الى أهمية «استرداد القرار السيادي اللبناني الذي كان قد غاب، حيث يخوض الجيش اللبناني معركة تحرير أراض لبنانية». وأوضح أن «الكل في المنطقة حمل سلاحه للدفاع عن كرامته وبيته وعرضه، وبدأت الحركة الشعبية بالتنامي، وأخذ حزب الله بقدراته أكثر من مبادرة وحرر أكثر من قطعة أرض ودافع عن أهل المنطقة واستمر حتى أصبح لدينا رئيس للجمهورية قوي وقائد جيش قوي وحكومة قوية ملأت الفراغ بعدما استمر العمل الطبيعي والتلقائي من قبل حزب الله والمقاومة والناس بالدفاع والتحرير. وعندما حصلت الأحداث الأخيرة، قرر الجيش بإرادته وبتشجيع من رئيس الجمهورية وموافقة الحكومة، أن يقوم بنفسه بتحرير الجرود والأرض». واستكمل باسيل جولته بزيارة بلدة القاع، حيث وضع إكليلاً من الورد على نصب شهداء القاع، معلناً عدم حاجة الدولة إلى إذن من أحد «لتحرير جرودنا من الإرهاب، ونحن مقبلون على مرحلة فيها شهداء وألم، ولكن أيضاً فيها فرح وكرامة وسيادة واستقلال بوجه احتلال تكفيري». وكان باسيل قد استهل زيارته للمنطقة بتفقد مقر قيادة اللواء التاسع للجيش اللبناني في بلدة اللبوة، واجتمع بضباطه.
في سياق آخر، وبعد تعيين مجلس الوزراء القاضي هنري خوري رئيساً لمجلس شورى الدولة خلفاً للقاضي شكري صادر، واستباقاً لدخول القرار حيز التنفيذ، تقدم القاضي شكري صادر بطلب إنهاء خدماته «لأسباب شخصية بحتة»، بحسب نص الطلب المقدم من قبله إلى وزير العدل سليم جريصاتي.