لا تبدو مسألة منى بعلبكي، سفّاحة مستشفى رفيق الحريري الحكومي، مشهداً عابراً في الحياة اللبنانية، إذ لا ينفكّ هذا المشهد عن سياق مشاهد الموت اليومي الذي تشهده البلاد من عمليات القتل والإجرام التي تطالعنا بها الصحافة في كل يوم.
هذه القضية هي تظهير أكثر وضوحاً لثقافة القتل التي تنتشر بشكل مخيف على مساحة الحياة اللبنانية .
قضية منى بعلبكي تضيف إلى سجل الجريمة في لبنان أسلوبا جديدا أكثر فظاعة من جهة وأكثر خطرا من جهة ثانية بالنظر إلى أن القضية تعود إلى العام 2009 وقد جرى التستر عليها والتعتيم بشأنها نظرًا لتورط من هم أكبر من منى بعلبكي وظيفيًا وربما سياسيًا أو حزبيًا.
إقرأ أيضًا: فضيحة البعلبكي: ابحثوا عن أسماء المتورطين وارتباطاتهم السياسية
جريمة متكاملة بأبعاد متعددة لا ترتبط بمنى بعلبكي وحدها بل تطال كيانات وشخصيات وأجهزة وهذا هو البُعد الخطير لهذه القضية.
تسع سنوات على هذه القضية جرى خلالها التستر والتعتيم على أخطر جريمة في تاريخ لبنان ومن شأن جرائم من هذا النوع أن تسقط وزراء وحكومات في البلدان التي تحترم نفسها وشعبها ودستورها .
أما في لبنان فلا قضاء ولا مؤسسات ولا دولة ولا قانون خصوصا عندما يتم التعامل مع هذه القضية حتى الساعة بالإهمال واللامبالاة حيث لم يتم توقيف أي من المتورطين حتى الساعة بالرغم من بشاعة الجريمة وفظاعتها.
وبالرغم من أن تقرير هيئة الرقابة الذي كشف الجريمة، ولو بتأخير مريع وكبير، كشفَ حقائق صادمة تستحق لهولها أن تتحرك الأجهزة الأمنية والقضائية لتوقيف المرأة والتوسع في القضية للوقوف على كل ملابساتها وكشف الشركاء والمتورطين،إلا أن شيئاً من ذلك لم يحصل بالرغم من مضي نحو أسبوع وهو أمرٌ مريبٌ ومعيب ومستغرب ويضاف إلى علامات الاستفهام الكبيرة والكثيرة حول خلفيات التستر على القضية بداية، والمماطلة والارباك راهناً؟
إقرأ أيضًا: منى بعلبكي تقضي إجازتها.. وهذا ما سيحصل بعد أسبوع!
إن هذه القضية تكشف من جديد استمرار الفساد وغياب الدولة وقوة المافيات التي تقتات على دماء الشعب اللبناني وأوجاعه و لقمة عيشه.
إن الاستمرار في التستر على هذه الجريمة هو جريمة ثانية بحق المواطن وبحق أولئك المرضى الذين كانوا ضحايا هذا الجشع وهذا الفساد.
والمؤكد في سياق هذه القضية أن منى بعلبكي ليست وحدها هي جزء من هذه المنطومة الفاسدة، ومن هذه المافيا المجرمة، ويجب العمل على هذه القضية بأسرع وقت ممكن وكشف كل المتورطين كي تتوضح الصورة الكاملة لهذه المأساة الكبيرة وهو حق واجب لكل متضرر في هذه القضية من المرضى وذويهم، وهو في الوقت نفسه حق عام لحفظ ما تبقى من صورة الدولة، وهيبة القضاء، وسمعة لبنان التي سئمت من وعود الاصلاح والتغيير وشعارات الشفافية.