بدأ صوت المعركة يعلو مجدداً، إيذاناً ببدء الجيش هجومه المنتظر لتحرير جرود رأس بعلبك والقاع من مسلحي تنظيم «داعش»، فيما الوضع السياسي بدأ ينشَدّ الى هناك مثلما انشَدّ أخيراً لأيام أثناء تحرير جرود عرسال من مسلحي «جبهة النصرة». ولا يتوقع حصول اي تطورات سياسية وفي قابل الايام غير مرتبطة بالوضع في الجرود، وإن كان مجلس الوزراء سيتصدى لملفين: الاوّل، البَت بمصير بواخر الكهرباء في ضوء تقرير ادارة المناقصات. والثاني، الانتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس، فضلاً عن انتظار الجميع ما سيكون عليه موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من قانون سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام.
تواصلت عمليات تضييق الخناق على «داعش» في الجرود، تحضيراً لانطلاق ساعة الصفر التي لم تُحدَّد بعد، على رغم كل ما يُدلي به بعض المحللين في وسائل الإعلام من آراء وما يجرونه من تحليلات حول الواقع العسكري في منطقة جرود رأس بعلبك والقاع، والتي وصفتها قيادة الجيش بأنها «غير دقيقة».
في هذا الإطار، أشار مصدر عسكري لـ»الجمهورية» الى أنه عند التحضير للمعركة، لا بد من السيطرة على تلال استراتيجية تسهّل التحكّم وتؤمّنه، أكان من جهة النظر أو من جهة القصف واستخدام الأسلحة المباشرة، وما سيطرة الجيش على «تلة النجاصة» وتلال «دوار الزنار» قرب وادي شبيب عند التماس بين جردي عرسال ورأس بعلبك، إضافة الى «تلة ضليل الاقرع» في جرود رأس بعلبك ـ الفاكهة وتدمير مدفعية الجيش الثقيلة أهدافاً للتنظيم في الجرود المحيطة، إلّا مقدّمة للمعركة.
وكلّ ذلك يصبّ في خانة التحضير لبدء الهجوم، كاشفاً أنّ أهمية هذه التلال تكمن في أنها أهم من تلك المُشرفة على مواقع «داعش» الأساسية، وهي تلال حاكمة ومسيطرة.
وعن تحديد ساعة الصفر لبدء الهجوم، جزم المصدر بأنها «لم تُحدّد بعد، إلّا أنها أصبحت قريبة، إذ إنّ لهذه المعركة اعتبارات وحسابات خاصة ودقيقة جداً».
وأوضح المصدر «أنّ دور الإعلام مهم جداً في المعركة، فمواكبته لها جزء أساسي من نجاحها، شرط عدم استباق الإعلان عن الخطوات الأمنية والعسكرية قبل أن تقرر القيادة الوقت المناسب لذلك.
ففي بعض الأحيان تُرمى الأخبار في الإعلام ما يؤدّي الى كشف خطة الجيش قبل وصوله الى الوجهة المقصودة، ما يُفشل عمله بالتالي ويؤذيه، وإن كان الإفصاح عن هذه المعلومات أحياناً عن حسن نيّة».
وكانت قيادة الجيش دعت وسائل الإعلام والمعنيين، إلى توَخّي الدقة في الإدلاء بالمعلومات والتحليلات، والعودة إليها للحصول على الوقائع والمعطيات الصحيحة.
وزراء الى سوريا
وعلمت «الجمهورية» أنه بعد الحديث عن التنسيق العسكري اللبناني ـ السوري بدأ يسري كلام عن زيارات سيقوم بها وزراء لبنانيون الى دمشق، حيث سيلبّي وزيرا الزراعة والصناعة غازي زعيتر وحسين الحاج حسن في 16 آب الجاري دعوة وزير الاقتصاد والتجارة السوري، يليها زيارة لوزير المال علي حسن خليل بدعوة من رئيس الحكومة عماد خميس. وبرزت أسئلة حول ما اذا كانت هذه الزيارات تحتاج الى موافقة من مجلس الوزراء، أم سيتمّ التعاطي معها على أنها «زيارات خاصة».
مصالحة الجبل
من جهة ثانية، شارك رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في القداس الاحتفالي الذي أقيم في كنيسة سيدة التلة في دير القمر، لمناسبة عيدها والذكرى الـ16 للمصالحة التاريخية في الجبل التي حصلت في آب 2001 برعاية البطريرك الماروني السابق الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير.
وهذا القداس الذي ترأسه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وحضره النائب «القوّاتي» جورج عدوان، غاب عنه رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الذي أناب نجله تيمور، وذلك بعدما رحّب بعون على طريقته مُغرّداً عبر «تويتر» قائلاً: «أهلا وسهلا بالرئيس ميشال عون في الشوف، في دير القمر، في عيد سيدة التلة».
وخلال القداس، توجّه الراعي إلى عون قائلاً: «نصلّي لكي يعضدكم الله في تذليل التحديات التي تواجهونها، وفي قيادة سفينة الوطن ومواجهة التحديات الكبيرة».
ودعا إلى «قيام الدولة بمؤسساتها وإداراتها المحررة من التدخل السياسي والتمييز اللوني في التوظيف خلافاً لآلية مبنية على الكفاية والأخلاقية، وإحياء اقتصاد منتج يُنهِض البلد من حافة الانهيار، ويرفع المواطنين من حال الفقر، ويفتح المجال أمام الشباب لتحفيز قدراتهم، ويحدّ من هجرتهم».
كذلك دعا الراعي إلى «تعزيز التعليم الرسمي والخاص والمحافظة على المدرسة الخاصة المجانية وغير المجانية وإنصافها ومساعدة الأهالي في حرية اختيارها، وحماية المالية العامة بوَقف الهدر والسرقة والفساد، وحفظ التوازن بين المداخيل والمصاريف ضمن موازنة واضحة ومدروسة، وضبط العجز والدين العام، وبناء قضاء شريف حر ومسؤول يكون حقاً وفعلاً «أساس الملك»، إضافة الى الإسراع في تطبيق اللامركزية الإدارية، المناطقية والقطاعية».
وكان الراعي زار الشوف في الذكرى الـ16 لمصالحة الجبل، وشارك في استقباله تيمور جنبلاط ووزراء «اللقاء الديموقراطي» ونوابه.
وبعد القدّاس في سيدة التلة، والغداء التكريمي على شرف البطريرك الذي أقامه راعي أبرشية صيدا وبيت الدين المطران مارون العمّار، عُقد لقاء في قصر الأمير أمين لإطلاق فيلم وثائقي تحت عنوان «ويبقى الجبل». وألقى خلاله الوزير مروان حمادة كلمة للنائب جنبلاط قال فيها إنّ «طلاب لبنان قُمِعوا على يد أجهزة الوصاية، لكنّ المسيرة استمرت والجبل قائم وسيبقى.
واليوم اكثر من اي وقت مضى نحن الى جانب الراعي لإنقاذ البلد من أي وصايات او مغامرات جديدة». كذلك تحدث النائب عدوان ممثلاً رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، فجَدّد «العهد والوعد، العهد للبطريرك صفير وللبطريرك الراعي بحماية الجبل من المفرّقين، ونحن مستمرون وثابتون على تعزيز العيش الواحد بين أبناء الجبل. والوعد لأهلنا أبناء الجبل بأن نبقى معاً في السرّاء والضرّاء».
وكان جنبلاط قد زار مطرانية بيت الدين، وألقى التحية على الراعي معتذراً عن المشاركة في لقاء قصر الأمير أمين.
شمعون
ولوحظ غياب إبن دير القمر رئيس «حزب الوطنيين الاحرار» النائب دوري شمعون عن مشهد الأمس، فهو لم يشارك لا في قداس عيد سيدة التلة، ولا في الغداء التكريمي في مطرانية بيت الدين.
واكد شمعون لـ«الجمهورية» انه اعتذر عن المشاركة سلفاً وغاب عن المنطقة، وقال: «لم أرَ أيّ معنى للافتة الكبيرة المرفوعة والضجة التي أثيرت وحديثهم عن قيامهم بالمصالحة.
نحن من قمنا بهذه المصالحة عام 2001 وحافظنا عليها، ولا مشكلات والحمد لله. فالأمر الثابت الوحيد والذي لم يتبدّل طوال هذه الاعوام هو هذه المصالحة، وهي ليست موضع بحث. فما جرى في الأمس دعاية إنتخابية، ليس إلّا».
ورداً على سؤال اكد شمعون انّ علاقته مع رئيس الجمهورية «لم يطرأ عليها اي جديد، فقد قمتُ بواجباتي كمواطن لبناني وكنائب وزرته في قصر بعبدا لتهنئته بانتخابه رئيساً».
الهبر
وقال النائب فادي الهبر، الذي شارك في غداء المطرانية وغاب عن حفلة إطلاق الفيلم الوثائقي «ويبقى الجبل»، لـ»الجمهورية»: «المصالحة حصلت سابقاً، والأساسي فيها كان حزب الكتائب مع المختارة، وفي الجبل حالة مُعاشة على مستوى العائلة، وذكرى المصالحة اليوم (أمس) أتت لاستثمار إنتخابي، ونرى محاولة تفرّد بغير حق واستثمار انتخابي لـ»القوات اللبنانية»، لأنّ هناك شراكة لسياديّين في المصالحة التي بدأت معنا، في حين كان رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع في السجن.
ونعتبر انّ وحدة العائلة في الجبل أكبر من المزايدة والاستثمار الانتخابي والسياسي في وقت نحن كنّا أصلاً مَن صنع هذه المصالحة وتابعناها مع البطريرك صفير ثم في «لقاء قرنة شهوان»، وكان غيرنا في السجن والآخرون في المهجر». وأكد «انّ الجبل أرقى من الاستثمار الانتخابي»، وأبدى اعتقاده «أنّ النائب جنبلاط قد تغيّب لهذا السبب»
مصدر قيادي
وقال مصدر قيادي مسيحي لـ«الجمهورية»: «إنّ مصالحة الجبل هي مصالحة تاريخية وطنية مسيحية - درزية أراد البعض تقزيم الاحتفال بها الى «قواتية» - «إشتراكية» او «عونية» - إشتراكية».
وأضاف: «يعمل البعض منذ فترة على اختزال التمثيل المسيحي على المستويات كافة في محاولة لنَفخ حجمه السياسي اصطناعياً، وهي عملية مصطنعة تناقض المجتمع السياسي المسيحي وتركيبته التعددية ولا بد من أن تنكشف عاجلاً ام آجلاً». واعتبر «انّ ما يقوم به هذا البعض يهدّد استقرار المسيحيين واستقرار الجبل واستقرار لبنان. وقد سبق للمسيحيين أن دفعوا مراراً ثمن سياساته الإلغائية والتفردية.
فهو يتلهّى بحجمه في السلطة عن طريق السعي لإلغاء غيره والغرق في حرتقات محلية وفئوية، في وقت يواجه الكيان اللبناني تحديات وجودية من شأنها أن تنعكس سلباً على الدولة ومؤسساتها وعلى التعددية السياسية والثقافية والحضارية التي يتحلى بها لبنان، والمفترض انّ المسيحيين مؤتمنون عليها».
وأسف المصدر «لأنّ البعض لا يَعي أهمية البحث عن وسيلة لرَصّ الصف المسيحي في هذه المرحلة الدقيقة من حياة المسيحيين ولبنان، ومؤسف اكثر أن يَصل قصر النظر والوهم عند هذا البعض الى حدّ اعتبار انّ احتكار تنظيم احتفال يجعل منه ناطقاً باسم المسيحيين وممثلاً أحادياً لتطلعاتهم الوطنية».
وختم: «المطلوب تعزيز مصالحة الجبل مدخلاً الى مصالحة وطنية شاملة على قياس لبنان لا على قياس بعض الاحزاب، لا خلق مزيد من الخلافات بين المسيحيين. لكن يبدو انّ البعض لا يمكنه ان يعيش سياسياً الّا على زرع الخلافات».
مصادر مسيحية
من جهتها، سجّلت مصادر مسيحية مستقلة عبر «الجمهورية» غياباً للقوى التي كانت اساساً في مصالحة الجبل، مثل «لقاء قرنة شهوان»، وقالت لـ«الجمهورية»: «انّ هذا الغياب مهم إنما ليس الاساس. فالاساس هو انّ إحياء الذكرى اختُصر بالقوى المتحالفة انتخابياً، وكأنّ المصالحة هي مصالحة إنتخابية، بينما المطلوب هو إعطاء معنى فوق انتخابي وفوق سياسي لها».
وحمّلت المصادر النائب وليد جنبلاط «مسؤولية إفراغ هذه المصالحة من معناها ومضمونها الاخلاقي والانساني والوطني وجعلها فقط مصالحة على تقاطع انتخابي، ما يُفقدها قيمتها».
وقالت انّ «العتب ليس على الفريق السياسي المستفيد من هذا الوضع، بل على صاحب البيت، أي جنبلاط، الذي كان عليه أن يبقي هذه المصالحة فوق انتخابية وفوق سياسية، لأنها اوّل مصالحة تحصل بعد العام 1860، وهو اختصرها بالجانب الانتخابي فقط».
مجلس الوزراء
وفي هذه الأجواء قالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ تحديد موعد جلسة مجلس الوزراء لهذا الأسبوع ينتظر عودة الرئيس سعد الحريري من زيارته الخاصة التي غَيّبته عن بيروت منذ الجمعة الماضي، وليحدد مكانها في قصر بعبدا او في السراي.
واضافت هذه المصادر انّ استكمال التعيينات الإدارية على مستوى المحافظين وفي بعض المواقع الأخرى ينتظر بعض الإجراءات الإدارية لتكتمل الملفات، بالإضافة الى معالجة مواقف بعض الأطراف لتأمين التوافق عليها بين مختلف مكونات الحكومة.
وحول مصير تقرير «البواخر الكهربائية»، قالت المصادر: «انّ رأي مديرية المناقصات العامة يحتاج الى مزيد من الدرس قبل ان تقدّم وزارة الطاقة تقريرها الى مجلس الوزراء، في اعتبار انّ التزام توصيات دائرة المناقصات يلغي الإجراءات التي اتخذتها وزارة الطاقة من أساسها والعودة الى نقطة الصفر».
وعن موضوع الانتخابات النيابية الفرعية قالت المصادر انّ طرحه في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء ليس مضموناً في ظل التردّد في شأنها لأسباب مختلفة.
وقالت مصادر وزارية انّ البَت بهذا الموضوع قبل 17 آب الجاري «واجب الوجوب»، لأنّ هذا الموعد هو الأخير الذي حدّده وزير الداخلية لتوجيه الدعوة الى الهيئات الناخبة في دائرتي طرابلس وكسروان ـ الفتوح إذا كانت النية إجراء هذه الإنتخابات يوم الأحد الما قبل الأخير من ايلول، أي في السابع عشر منه، أو الأحد الذي يليه في الرابع والعشرين منه
في هذا الإطار، أشار مصدر عسكري لـ»الجمهورية» الى أنه عند التحضير للمعركة، لا بد من السيطرة على تلال استراتيجية تسهّل التحكّم وتؤمّنه، أكان من جهة النظر أو من جهة القصف واستخدام الأسلحة المباشرة، وما سيطرة الجيش على «تلة النجاصة» وتلال «دوار الزنار» قرب وادي شبيب عند التماس بين جردي عرسال ورأس بعلبك، إضافة الى «تلة ضليل الاقرع» في جرود رأس بعلبك ـ الفاكهة وتدمير مدفعية الجيش الثقيلة أهدافاً للتنظيم في الجرود المحيطة، إلّا مقدّمة للمعركة.
وكلّ ذلك يصبّ في خانة التحضير لبدء الهجوم، كاشفاً أنّ أهمية هذه التلال تكمن في أنها أهم من تلك المُشرفة على مواقع «داعش» الأساسية، وهي تلال حاكمة ومسيطرة.
وعن تحديد ساعة الصفر لبدء الهجوم، جزم المصدر بأنها «لم تُحدّد بعد، إلّا أنها أصبحت قريبة، إذ إنّ لهذه المعركة اعتبارات وحسابات خاصة ودقيقة جداً».
وأوضح المصدر «أنّ دور الإعلام مهم جداً في المعركة، فمواكبته لها جزء أساسي من نجاحها، شرط عدم استباق الإعلان عن الخطوات الأمنية والعسكرية قبل أن تقرر القيادة الوقت المناسب لذلك.
ففي بعض الأحيان تُرمى الأخبار في الإعلام ما يؤدّي الى كشف خطة الجيش قبل وصوله الى الوجهة المقصودة، ما يُفشل عمله بالتالي ويؤذيه، وإن كان الإفصاح عن هذه المعلومات أحياناً عن حسن نيّة».
وكانت قيادة الجيش دعت وسائل الإعلام والمعنيين، إلى توَخّي الدقة في الإدلاء بالمعلومات والتحليلات، والعودة إليها للحصول على الوقائع والمعطيات الصحيحة.
وزراء الى سوريا
وعلمت «الجمهورية» أنه بعد الحديث عن التنسيق العسكري اللبناني ـ السوري بدأ يسري كلام عن زيارات سيقوم بها وزراء لبنانيون الى دمشق، حيث سيلبّي وزيرا الزراعة والصناعة غازي زعيتر وحسين الحاج حسن في 16 آب الجاري دعوة وزير الاقتصاد والتجارة السوري، يليها زيارة لوزير المال علي حسن خليل بدعوة من رئيس الحكومة عماد خميس. وبرزت أسئلة حول ما اذا كانت هذه الزيارات تحتاج الى موافقة من مجلس الوزراء، أم سيتمّ التعاطي معها على أنها «زيارات خاصة».
مصالحة الجبل
من جهة ثانية، شارك رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في القداس الاحتفالي الذي أقيم في كنيسة سيدة التلة في دير القمر، لمناسبة عيدها والذكرى الـ16 للمصالحة التاريخية في الجبل التي حصلت في آب 2001 برعاية البطريرك الماروني السابق الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير.
وهذا القداس الذي ترأسه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وحضره النائب «القوّاتي» جورج عدوان، غاب عنه رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الذي أناب نجله تيمور، وذلك بعدما رحّب بعون على طريقته مُغرّداً عبر «تويتر» قائلاً: «أهلا وسهلا بالرئيس ميشال عون في الشوف، في دير القمر، في عيد سيدة التلة».
وخلال القداس، توجّه الراعي إلى عون قائلاً: «نصلّي لكي يعضدكم الله في تذليل التحديات التي تواجهونها، وفي قيادة سفينة الوطن ومواجهة التحديات الكبيرة».
ودعا إلى «قيام الدولة بمؤسساتها وإداراتها المحررة من التدخل السياسي والتمييز اللوني في التوظيف خلافاً لآلية مبنية على الكفاية والأخلاقية، وإحياء اقتصاد منتج يُنهِض البلد من حافة الانهيار، ويرفع المواطنين من حال الفقر، ويفتح المجال أمام الشباب لتحفيز قدراتهم، ويحدّ من هجرتهم».
كذلك دعا الراعي إلى «تعزيز التعليم الرسمي والخاص والمحافظة على المدرسة الخاصة المجانية وغير المجانية وإنصافها ومساعدة الأهالي في حرية اختيارها، وحماية المالية العامة بوَقف الهدر والسرقة والفساد، وحفظ التوازن بين المداخيل والمصاريف ضمن موازنة واضحة ومدروسة، وضبط العجز والدين العام، وبناء قضاء شريف حر ومسؤول يكون حقاً وفعلاً «أساس الملك»، إضافة الى الإسراع في تطبيق اللامركزية الإدارية، المناطقية والقطاعية».
وكان الراعي زار الشوف في الذكرى الـ16 لمصالحة الجبل، وشارك في استقباله تيمور جنبلاط ووزراء «اللقاء الديموقراطي» ونوابه.
وبعد القدّاس في سيدة التلة، والغداء التكريمي على شرف البطريرك الذي أقامه راعي أبرشية صيدا وبيت الدين المطران مارون العمّار، عُقد لقاء في قصر الأمير أمين لإطلاق فيلم وثائقي تحت عنوان «ويبقى الجبل». وألقى خلاله الوزير مروان حمادة كلمة للنائب جنبلاط قال فيها إنّ «طلاب لبنان قُمِعوا على يد أجهزة الوصاية، لكنّ المسيرة استمرت والجبل قائم وسيبقى.
واليوم اكثر من اي وقت مضى نحن الى جانب الراعي لإنقاذ البلد من أي وصايات او مغامرات جديدة». كذلك تحدث النائب عدوان ممثلاً رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، فجَدّد «العهد والوعد، العهد للبطريرك صفير وللبطريرك الراعي بحماية الجبل من المفرّقين، ونحن مستمرون وثابتون على تعزيز العيش الواحد بين أبناء الجبل. والوعد لأهلنا أبناء الجبل بأن نبقى معاً في السرّاء والضرّاء».
وكان جنبلاط قد زار مطرانية بيت الدين، وألقى التحية على الراعي معتذراً عن المشاركة في لقاء قصر الأمير أمين.
شمعون
ولوحظ غياب إبن دير القمر رئيس «حزب الوطنيين الاحرار» النائب دوري شمعون عن مشهد الأمس، فهو لم يشارك لا في قداس عيد سيدة التلة، ولا في الغداء التكريمي في مطرانية بيت الدين.
واكد شمعون لـ«الجمهورية» انه اعتذر عن المشاركة سلفاً وغاب عن المنطقة، وقال: «لم أرَ أيّ معنى للافتة الكبيرة المرفوعة والضجة التي أثيرت وحديثهم عن قيامهم بالمصالحة.
نحن من قمنا بهذه المصالحة عام 2001 وحافظنا عليها، ولا مشكلات والحمد لله. فالأمر الثابت الوحيد والذي لم يتبدّل طوال هذه الاعوام هو هذه المصالحة، وهي ليست موضع بحث. فما جرى في الأمس دعاية إنتخابية، ليس إلّا».
ورداً على سؤال اكد شمعون انّ علاقته مع رئيس الجمهورية «لم يطرأ عليها اي جديد، فقد قمتُ بواجباتي كمواطن لبناني وكنائب وزرته في قصر بعبدا لتهنئته بانتخابه رئيساً».
الهبر
وقال النائب فادي الهبر، الذي شارك في غداء المطرانية وغاب عن حفلة إطلاق الفيلم الوثائقي «ويبقى الجبل»، لـ»الجمهورية»: «المصالحة حصلت سابقاً، والأساسي فيها كان حزب الكتائب مع المختارة، وفي الجبل حالة مُعاشة على مستوى العائلة، وذكرى المصالحة اليوم (أمس) أتت لاستثمار إنتخابي، ونرى محاولة تفرّد بغير حق واستثمار انتخابي لـ»القوات اللبنانية»، لأنّ هناك شراكة لسياديّين في المصالحة التي بدأت معنا، في حين كان رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع في السجن.
ونعتبر انّ وحدة العائلة في الجبل أكبر من المزايدة والاستثمار الانتخابي والسياسي في وقت نحن كنّا أصلاً مَن صنع هذه المصالحة وتابعناها مع البطريرك صفير ثم في «لقاء قرنة شهوان»، وكان غيرنا في السجن والآخرون في المهجر». وأكد «انّ الجبل أرقى من الاستثمار الانتخابي»، وأبدى اعتقاده «أنّ النائب جنبلاط قد تغيّب لهذا السبب»
مصدر قيادي
وقال مصدر قيادي مسيحي لـ«الجمهورية»: «إنّ مصالحة الجبل هي مصالحة تاريخية وطنية مسيحية - درزية أراد البعض تقزيم الاحتفال بها الى «قواتية» - «إشتراكية» او «عونية» - إشتراكية».
وأضاف: «يعمل البعض منذ فترة على اختزال التمثيل المسيحي على المستويات كافة في محاولة لنَفخ حجمه السياسي اصطناعياً، وهي عملية مصطنعة تناقض المجتمع السياسي المسيحي وتركيبته التعددية ولا بد من أن تنكشف عاجلاً ام آجلاً». واعتبر «انّ ما يقوم به هذا البعض يهدّد استقرار المسيحيين واستقرار الجبل واستقرار لبنان. وقد سبق للمسيحيين أن دفعوا مراراً ثمن سياساته الإلغائية والتفردية.
فهو يتلهّى بحجمه في السلطة عن طريق السعي لإلغاء غيره والغرق في حرتقات محلية وفئوية، في وقت يواجه الكيان اللبناني تحديات وجودية من شأنها أن تنعكس سلباً على الدولة ومؤسساتها وعلى التعددية السياسية والثقافية والحضارية التي يتحلى بها لبنان، والمفترض انّ المسيحيين مؤتمنون عليها».
وأسف المصدر «لأنّ البعض لا يَعي أهمية البحث عن وسيلة لرَصّ الصف المسيحي في هذه المرحلة الدقيقة من حياة المسيحيين ولبنان، ومؤسف اكثر أن يَصل قصر النظر والوهم عند هذا البعض الى حدّ اعتبار انّ احتكار تنظيم احتفال يجعل منه ناطقاً باسم المسيحيين وممثلاً أحادياً لتطلعاتهم الوطنية».
وختم: «المطلوب تعزيز مصالحة الجبل مدخلاً الى مصالحة وطنية شاملة على قياس لبنان لا على قياس بعض الاحزاب، لا خلق مزيد من الخلافات بين المسيحيين. لكن يبدو انّ البعض لا يمكنه ان يعيش سياسياً الّا على زرع الخلافات».
مصادر مسيحية
من جهتها، سجّلت مصادر مسيحية مستقلة عبر «الجمهورية» غياباً للقوى التي كانت اساساً في مصالحة الجبل، مثل «لقاء قرنة شهوان»، وقالت لـ«الجمهورية»: «انّ هذا الغياب مهم إنما ليس الاساس. فالاساس هو انّ إحياء الذكرى اختُصر بالقوى المتحالفة انتخابياً، وكأنّ المصالحة هي مصالحة إنتخابية، بينما المطلوب هو إعطاء معنى فوق انتخابي وفوق سياسي لها».
وحمّلت المصادر النائب وليد جنبلاط «مسؤولية إفراغ هذه المصالحة من معناها ومضمونها الاخلاقي والانساني والوطني وجعلها فقط مصالحة على تقاطع انتخابي، ما يُفقدها قيمتها».
وقالت انّ «العتب ليس على الفريق السياسي المستفيد من هذا الوضع، بل على صاحب البيت، أي جنبلاط، الذي كان عليه أن يبقي هذه المصالحة فوق انتخابية وفوق سياسية، لأنها اوّل مصالحة تحصل بعد العام 1860، وهو اختصرها بالجانب الانتخابي فقط».
مجلس الوزراء
وفي هذه الأجواء قالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ تحديد موعد جلسة مجلس الوزراء لهذا الأسبوع ينتظر عودة الرئيس سعد الحريري من زيارته الخاصة التي غَيّبته عن بيروت منذ الجمعة الماضي، وليحدد مكانها في قصر بعبدا او في السراي.
واضافت هذه المصادر انّ استكمال التعيينات الإدارية على مستوى المحافظين وفي بعض المواقع الأخرى ينتظر بعض الإجراءات الإدارية لتكتمل الملفات، بالإضافة الى معالجة مواقف بعض الأطراف لتأمين التوافق عليها بين مختلف مكونات الحكومة.
وحول مصير تقرير «البواخر الكهربائية»، قالت المصادر: «انّ رأي مديرية المناقصات العامة يحتاج الى مزيد من الدرس قبل ان تقدّم وزارة الطاقة تقريرها الى مجلس الوزراء، في اعتبار انّ التزام توصيات دائرة المناقصات يلغي الإجراءات التي اتخذتها وزارة الطاقة من أساسها والعودة الى نقطة الصفر».
وعن موضوع الانتخابات النيابية الفرعية قالت المصادر انّ طرحه في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء ليس مضموناً في ظل التردّد في شأنها لأسباب مختلفة.
وقالت مصادر وزارية انّ البَت بهذا الموضوع قبل 17 آب الجاري «واجب الوجوب»، لأنّ هذا الموعد هو الأخير الذي حدّده وزير الداخلية لتوجيه الدعوة الى الهيئات الناخبة في دائرتي طرابلس وكسروان ـ الفتوح إذا كانت النية إجراء هذه الإنتخابات يوم الأحد الما قبل الأخير من ايلول، أي في السابع عشر منه، أو الأحد الذي يليه في الرابع والعشرين منه