أولاً: طبيعة الهيمنة الإيرانية...
لا يتعلّق التّمدُد الإيراني في المنطقة العربية بشيعة وسُنّة، ولا فُرس وعرب، ولا إسلام وكُفر، هذا التّمدد ذو طبيعة توسُّعية امبريالية تتعلق بمصالح جغرافية-استراتيجية حيوية لإيران في هذه المنطقة، وهي مصالح قديمة عبر التاريخ، ومُستجدّة على زمن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولعلّها مشروعة للايرانيين وحدهم، إلاّ أنّ هذا التمدد لم يكن لينفُذ ويفعل فعله لولا وجود أذرع عربية، مُتمذّهبة شيعياً، ومُؤهّلة لاستقبال المدد الإيراني بالمال والعتاد ، وتغليفه بمُسوّغات مذهبية تارةً ووطنية تارة أخرى، وجهادية ومظلومية أطواراً أخرى، وفي مقدمة الأعمال الجهادية مقارعة إسرائيل، ومن ورائها الولايات المتحدة الأميركية.
أولاً: النفوذ الامبريالي الدولي يسمح بالتمدد الإيراني...
سمحت سياسة الرئيس الأميركي السابق أوباما للنفوذ الإيراني بالتّمدد في المنطقة العربية، وفقاً لاستراتيجية المهادنة التي اتّبعتها الإدارة الأميركية ،ومعها الغرب الأوروبي، في قضايا الملف النووي الإيراني الشائك، وما أسفرت عنه سياسة المهادنة هذه بعقد الاتفاق النووي ،والذي سمح لإيران بالتقاط النّفس مع رفع العقوبات الغربية عليها، والسماح لها بالتّدخل السافر في الأحداث السورية الدموية المرعبة، وما لبث أن جاء التدخُّل الروسي في سوريا لإنقاذ نظام الرئيس الأسد ، حليف إيران القوي في المنطقة العربية.
إقرأ أيضا : مختصر مفيد... طبيعة النظام الأسدي الجاري تعويمُه هذه الأيام
تقاطع مصالح دولية وإقليمية دفعت المنطقة ثمنها غالياً، وما زالت بوابات الرعب مفتوحة، للأسف الشديد.
ثالثا: مقتدى الصدر..التّمرّد الشيعي...
مثّل السيد مقتدى الصدر طليعة الرموز الشيعية الفاعلة ،والتي تنبّهت لضرورة وقف الاندفاعة الإيرانية في بلاد العرب، فتوجه إلى معقل الاحتجاج ومقارعة التوسُّع الإيراني، المملكة العربية السعودية بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان، والذي بدأ عهده بتنظيم أوسع تحالف دولي إقليمي ضدّ الإرهاب والتّوسع الإيراني، وتهديد أمن المنطقة.
من الطبيعي أن تلاقي خطوة كهذه، مناهضة القوى الإقليمية العربية المساندة للوجود الإيراني ونفوذه، إلاّ أنّ الجماهير الحاشدة التي خرجت في العراق لتأييد الصدر، تُعتبر بارقة أمل، لباقي القوى التي تطمح لخلاص الأمة العربية من تلاعبات القوى الإقليمية الجهنمية، بدءاً من إسرائيل، مروراً بتركيا وصولاً إلى إيران، وبعدها للتّفرّغ لمناهضة الامبرياليات الدولية، القديم منها والمُستجدّ. لعلّ وعسى.