تشهد المعركة المنتظرة للجيش اللبناني ضد تنظيم داعش في جرود القاع ورأس بعلبك على الحدود السورية اللبنانية زخما أكبر، في ظل حديث عن دخول التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على الخط.
وأشارت أوساط إعلامية وسياسية لبنانية إلى أن التحالف الدولي قد يقدم الدعم الجوي واللوجستي للجيش اللبناني في المعركة الموعودة، ويتعزز هذا الاحتمال مع كشف المتحدث باسم البنتاغون إريك باهون، مساء الخميس عن وجود قوات خاصة أميركية داخل الأراضي اللبنانية.
وأوضح باهون أن من مهام القوات الأميركية في لبنان تدريب الجيش اللبناني وتقديم المشورة له مشددا على أن ليس هناك أرقام محددة بشأن عدد تلك القوات.
وأضاف المتحدث باسم البنتاغون أنه منذ 2006، قدمت الولايات المتحدة إلى لبنان 1.5 مليار دولار من المساعدات العسكرية وقامت بتعزيز الجيش اللبناني، موضحا أن هذه المساعدات تعزز المصالح الأميركية في المنطقة من حيث محاربة تنظيم داعش والتنظيمات المتطرفة الأخرى وكبح جماح نفوذ إيران وتصرفات حزب الله اللبناني.
ويرى مراقبون أن إعلان البنتاغون في هذا التوقيت عن وجود قوات خاصة أميركية في لبنان مع ما رافقه من حديث عن استعداد للتحالف الدولي لتقديم الإسناد الجوي للجيش اللبناني في المعركة ضد داعش على الحدود، بالتأكيد ليس من فراغ.
باسيل: التواصل مع دمشق غير محظور
بيروت – بالتوازي مع العمليات العسكرية الممنهجة لطرد التنظيمات الجهادية من الحدود السورية اللبنانية، تضغط الدبلوماسية اللبنانية باتجاه إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم، وسط صراع داخلي حول مدى أهمية التواصل مع دمشق لتنفيذ هذه الخطوة، التي اعتبرها وزير الخارجية جبران باسيل “غير محظورة”.
وقال باسيل الجمعة “نحن في بداية مرحلة سنرفع فيها الصوت لإعادة النازحين، فالسياسة الدولية القائمة اليوم تعطي النازحين مساعدات ليبقوا في لبنان فيما يجب أن تكون مساعدتهم للعودة إلى سوريا”.
وشدد على “عدم جواز ربط قرار العودة بأحداث قد تحصل في سوريا وقد لا تحصل، أو بالحل السياسي الذي قد يتأخر أو لا يتأخر”، مؤكداً على “رفض منطق الاتكال على الخارج والرهانات على التطورات الخارجية لحل أزمة النازحين، والقيام بكل ما يساعد على إعادة النازحين إلى سوريا، متمتعين بأمنهم وكرامتهم”.
وفي شأن إمكانية التنسيق مع دمشق أوضح “يمكن أن تتم عودة النازحين من دون اتصال بالحكومة السورية، كما يمكن أن تتم باتصال. بعبارة أخرى الاتصال مع دمشق ليس ملزما لكنه ليس محظورا. والأمور مرهونة بما تستلزمه كل حالة وما فيها من خصوصيات. والبرهان هو ما يجري اليوم، إذ نلاحظ أن أهالي المسلحين المعارضين للنظام يعودون إلى سوريا، منهم من يعود إلى أراضٍ يسيطر عليها الأخير ومنهم من يعود إلى مناطق أخرى”.
وأوضح المهم هو ألا تكون عودة النازحين السوريين من لبنان إلى بلدهم محكومة بقرار أممي. فماذا نفعل لو لم يتخذ المجتمع الدولي قراراً بعودة هؤلاء؟ هل نكرس بقاءهم عندنا؟. ويقود باسيل حملة دبلوماسية “شعواء” لإعادة النازحين السوريين، ويرى أنه من الممكن التعاون مع دمشق لتحقيق ذلك، وهذا يلاقي اعتراضا من قوى سياسية فاعلة على غرار المستقبل والقوات.
ويتوقع مراقبون أن يبقى هذا السجال بخصوص التنسيق مع النظام السوري قائما لأشهر.
ويلفت هؤلاء إلى أنه من الطبيعي أن يشارك التحالف الدولي في المعركة على الحدود السورية اللبنانية ضد التنظيم الجهادي، باعتبار أن لبنان أحد أعضائه، كما أن المعركة المنتظرة لن تكون بالسهولة المتوقعة، وبالتالي فإن الجيش في حاجة لمثل هكذا دعم.
ويستبعد خبراء عسكريون أن يقبل داعش بخيار الانسحاب من منطقة الجرود على غرار ما حصل مع جبهة النصرة حيث إنه لا مكان آمنا قد يلجأ إليه، سواء في سوريا أو في العراق، وبالتالي قد تضطر عناصره إلى القتال حتى النهاية، وهذا بالتأكيد يشكل تحديا كبيرا بالنسبة إلى الجيش اللبناني، وما يزيد من تعقيد الأمر هو وجود 9 جنود لبنانيين أسرى لدى التنظيم الجهادي منذ عام 2014، وهناك تضارب كبير بشأن أماكن تواجدهم.
وأعلن المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم أن لا خطط للتفاوض مع تنظيم داعش، إلا أنه أعرب عن استعداد الحكومة اللبنانية للقيام بهذه المفاوضات، ولا سيما في مسألة الإفراج عن المختطفين من الجنود اللبنانيين.
وأكد إبراهيم أن عدم انسحاب داعش من خلال التفاوض سيؤدي إلى طرد التنظيم بالقوة العسكرية.
وكان حزب الله قد أعلن منذ نحو ثلاثة أسابيع عن معركة في جرود عرسال المتداخلة مع سوريا لطرد جبهة النصرة منها، وانتهت العملية مؤخرا بصفقة شاركت فيها الدولة اللبنانية ممثلة في اللواء عباس إبراهيم الذي خبر مثل هكذا صفقات. وقضت الصفقة التي استكمل تنفيذ بنودها مساء الخميس بخروج 7777 من مقاتلي الجبهة وعائلاتهم ومن النازحين السوريين إلى محافظة إدلب شمال غرب سوريا.
وقبلها كانت النصرة قد أطلقت سراح عدد من مقاتلي حزب الله، بالمقابل نجحت النصرة في فرض شرطها القاضي بإطلاق عدد من عناصرها الموقوفين في السجون اللبنانية.
ويرى محللون أن صفقة النصرة كان التوصل إليها سهلا بالنظر إلى الجهات الإقليمية التي تدخلت فيها والمقصود إيران وقطر الداعمة للنصرة، وهذا السيناريو سيكون صعبا تكراره مع داعش، الذي سبق وأن رفض الدخول في مفاوضات في عدة أنحاء بسوريا والعراق وفضل خيار المواجهة.
ومازالت الأوساط السياسية تتساءل حول سرّ عدم قيام الجيش اللبناني بعملية جرود عرسال، طالما أن عملية التفاوض جرت عبر اللواء إبراهيم.
ولا يستبعد البعض أن يكون قد تم السماح للحزب بخوض تلك المعركة أو بالأحرى غض الطرف عنه، وهو الراغب في تحقيق إنجاز يسوقه لجمهوره، ليتولى الجيش اللبناني الشق المتعلق بطرد داعش تحت غطاء دولي من جرود القاع ورأس بعلبك وهو ما قد يفتح الباب أمام الوجود الأميركي على الحدود اللبنانية السورية لوضع حد للنفوذ الإيراني في هذا الجزء.
ويشير المراقبون إلى أن مشاركة التحالف بالتأكيد ستجد معارضة شرسة من حزب الله، ولكن قد يضطر إلى القبول في النهاية أمام ضغوط روسيا التي لا تريد بأي ثمن خسارة التعاون مع الولايات المتحدة والذي أثمر حتى الآن 3 اتفاقات لمناطق خفض التصعيد في كل من الغوطة الشرقية القريبة من دمشق وجنوب سوريا وريف حمص الشمالي.