اعتبر عدد من الخبراء والكُتاب والمحللين أن استقبال الرياض لزعامات شيعية عراقية خلال الفترة الماضية محاولة منها لاختراق نفوذ إيران والحد من هيمنتها على بغداد، ضمن استراتيجية سعودية لإعادة العراق إلى محيطه العربي
 

وقال خبير عراقي إن مصافحة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في إسطنبول الثلاثاء الماضي ، التي جاءت في الوقت الذي كان فيه الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر يزور المملكة، تحمل رسالة من الرياض لطهران مفادها "أننا قادرون على النزول إلى ملعبكم الخلفي (العراق) ومواجهتكم به، وأيضاً على استعداد أن نمدّ يدنا لكم شريطة أن تكفوا عن تدخلاتكم في المنطقة".

واتفق الخبراء على أن استراتيجية السعودية في العراق يعوزها دعم خليجي وعربي لكي تحقق أهدافها، ودعوا السعودية والدول الخليجية والعربية إلى تشكيل تكتل سُنّي عراقي قوي قادر، على أن يكون له تواجد في خارطة العملية السياسية.

وقد جاءت زيارة الصدر بعد أسبوعين من زيارة وزير الداخلية العراقي قاسم محمد الأعرجي الذي ينتمي إلى فيلق بدر.

واستبقت الزيارتين زيارة لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى المملكة يومي 19 و20 حزيران الماضي ، وهي الزيارة الأولى له منذ تسلّمه مهام منصبه نهاية عام 2014، اتفق في أعقابها البلدان على تأسيس "مجلس تنسيقي" للارتقاء بعلاقاتهما إلى "المستوى الاستراتيجي".

وشهدت العلاقة بين الرياض وبغداد توتراً خلال الفترة الماضية، بعد تقديم بغداد طلباً في آب الماضي إلى الرياض لاستبدال السفير السعودي ثامر السبهان بعد اتهامها له بـ"التدخل في الشأن الداخلي العراقي".

وبعد عقود من التوتر بدأت العلاقات في التحسّن بشكل كبير، بعد زيارة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لبغداد في 25 شباط الماضي، هي الأولى لمسؤول سعودي رفيع المستوى منذ عام 1990.

من جهتها، أشارت الكاتبة والخبيرة في الشؤون الدولية مينا العريبي في مقال نشرته جريدة "الشرق الأوسط" تحت عنوان: "استقبال الصدر في السعودية.. رسائل مهمة".

وبيّنت أن الرسائل الموجهة للدول العربية من هذه الزيارة "هي أنه من غير المعقول أن يبقى العراق منعزلاً عن محيطه الطبيعي وهو العالم العربي".

وأكدت أنه "وإذا كانت السعودية بثقلها السياسي وأبعادها الأخرى منفتحة على العراق، فعلى الآخرين اتخاذ خطوات مماثلة. وقد بدأ التأثير عملياً على دول عربية أخرى، من بينها مصر التي أوفدت وزير خارجيتها سامح شكري إلى بغداد الشهر الماضي".

ولفتت إلى أهمية توقيت هذه التحركات قائلة: "المرحلة السياسية المقبلة ما بعد هزيمة (داعش) ستحدد مصير العراق والمنطقة، فإذا استطاع العراق أن يضع حداً للمجموعات الإرهابية والتوغل الإيراني السافر في البلاد، وممارسة نهج سياسي ناضج يتخطى طرح انفصال إقليم كردستان، هناك فرصة لخروج بلد عربي قوي بوجه الإرهاب والتسلط الإيراني".

وشدّدت على أن "طيّ صفحة الابتعاد العراقي عن العالم العربي بات أمراً ملحّاً على جميع الأصعدة".

وأشارت العريبي إلى أن "الرسالة الأبلغ من زيارة الصدر للسعودية هي لإيران، التي اطمأنت بأنها باتت تتمتع بوصاية على العراق، وقادرة على تحديد مستقبله. واستقبال رجل الدين الشيعي العراقي الذي عبر خلال السنوات الأخيرة عن رفضه لمثل هذا الوضع يعطي إشارة إلى طهران بأن من لا يتحالف معها لن يجد نفسه معزولاً".

أما المحلل العراقي إياد الدليمي فأعرب عن إعتقاده أن هذه المصافحة تحمل رسالة أخرى من طرف السعودية، وهي أن الرياض على استعداد لمدّ اليد لطهران شريطة أن تكفّ عن تدخلاتها في المنطقة وتحديداً في اليمن والعراق، وهي لها علاقة بما قامت به السعودية من دعوة زعامات عراقية شيعية إلى الرياض".

وختم: "السعودية أوصلت رسالتها إلى إيران، نحن أيضاً قادرون على أن ننزل إلى ملعبكم الخلفي، العراق، ويمكن أن يكون لنا تأثير".

 

(هافنغتون بوست)