رأى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أنه "من الضروري أن تسقط الحصانات عن كل من يمارسون الفساد، وهؤلاء ليسوا بقليلين"، معربا عن أمله "أن تنجح مهمة مكافحة الفساد لأن ذلك قد يؤدي الى إصلاح الاوضاع، خصوصا أن لبنان أمام أزمة كبيرة تتطلب عملا اقتصاديا سريعا".
وجدد عون التأكيد أن العملة اللبنانية لا تدعم إلا عبر الانتاج وليس من خلال الدين، لافتا الى إصراره على العمل لتحسين الوضع الاقتصادي والانتقال به الى المسار التصاعدي".
 
كلام عون جاء خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، وفدا موسعا من قضاء كسروان الفتوح حضر لشكره على إطلاق اسم الوزير والنائب السابق المرحوم لويس ابو شرف على دار المعلمين والمعلمات في جونيه. وضم الوفد نوابا حاليين وسابقين ووزراء سابقين ورؤساء البلديات والمخاتير وشخصيات قضائية وسياسية وعسكرية من قضاء كسروان، إضافة الى أعضاء مؤسسة ابو شرف الثقافية والتربوية والاجتماعية.
 
وقال عون "إن الرئيس الراحل اللواء فؤاد شهاب كان اول مسؤول لبناني حاول بناء الدولة اللبنانية ووضع اسس تنظيمها، ولكن مع الاسف فإن مؤسسات الدولة ضعفت بمعظمها وتعثر عملها، ثم فقد لبنان السيادة والاستقلال والحرية، الذين شكلوا شعار معركتنا ونضالنا، والذي علينا اليوم، ونحن في السلطة، أن نحافظ عليه. ومن غريب الصدف أن يكون اليوم في السلطة "جنرالان" يحميان الدستور اللبناني والقوانين، فيما يتهم العسكريون بأنهم ينتهكون الدستور والقانون".
 
وعبر عون عن الاسف "لعدم وجود من يرغب في المحافظة على القوانين والدستور، إن في مرحلة الرئيس شهاب او في هذه المرحلة"، متسائلا: "باسم اي شريعة نمارس الحكم ونتخذ القرارات؟ فإذا لم نحترم الدستور والقوانين، سنعود طبعا الى قانون الغاب الذي كنا نتخذ القرارات في السابق وفقا لأحكامه، فيما نشهد كل يوم جدالا ومحاولات لخرق الدستور".
 
وذكر بما يقوله الكاتب الفرنسي بالزاك، عن القوانين "أنها كخيوط العنكبوت، يخرقها الذباب الكبير، ويلتصق بها الذباب الصغير"، لافتا الى أننا وفي كل مرة نفتش عن "الحاجب" الذي ارتشى دون أن ننظر الى "الكبير" الموجود في أعلى المراكز والذي يحصل على الملايين. فـ"الحاجب" يحصل على ما هو زهيد ولا تنطبق عليه صفة الرشوة بل تنطبق على من يحصل على الملايين، فهنا تكمن مكامن الفساد الذي علينا مكافحته. من المؤكد أن ذلك سيكون عملا مضنيا ومتعبا وسيخلق الكثير من العداوات، لأن من تمرس على عادات تقبل الرشاوى، بات يعتبرها حقا مكتسبا له. لذلك، علينا في بعض الاحيان، أن نتخذ قرارات حاسمة، قد تكون موجعة، لأنه من الضروري أن تسقط الحصانات عن كل من يمارسون الفساد وهؤلاء ليسوا بقليلين. إلا أن ذلك، يتطلب الكثير من التروي، لأن الارتدادات السياسية التي قد تنتج عن الامر صعبة، في ظل حيازة كل طرف لجمهوره. وإذا ما أجريت دراسة إحصائية قد تخلص الى أن اكثر من نصف الشعب اللبناني أصبح متعلقا بهذه الوسيلة، لما يحققه من مكاسب من خلالها".
 
وأضاف رئيس الجمهورية: "نأمل أن ننجح في مهمتنا في مكافحة الفساد، لأن ذلك قد يؤدي الى إصلاح الاوضاع، خصوصا أن لبنان أمام أزمة كبيرة تتطلب عملا اقتصاديا سريعا. فنحن لم نتخذ مبادرات لتنظيم إقتصادنا المتدهور منذ فترة طويلة ولم نهتم بعالمنا الاقتصادي الذي كان ريعيا يعتمد على تحقيق الارباح من خلال الفوائد المرتفعة. وقد اهمل مختلف القطاعات الاقتصادية، بدءا من الزراعة مرورا بالتجارة ووصولا الى الصناعة، وشهدنا تراجعا في النمو بعدما تحولت السوق اللبنانية الى سوق إستهلاكية. فالارباح المالية التي يحققها لبنان تأتي عن طريق الفوائد، ولذلك يتم صرفها بطريقة سريعة لأنها كمن يملك منزلا ويرهنه بهدف الاستدانة، فمن الطبيعي أن يخسره في نهاية المطاف".
 
وختم مشددا على أن "العملة اللبنانية لا تدعم إلا عبر الانتاج وليس عبر الدين"، ولافتا الى انخفاض قيمتها جراء السياسة التي كانت متبعة في السابق، والى زيادة نسبة الدين العام التي ستواصل ارتفاعها في المستقبل في حال واصلنا هذا النهج"، مؤكدا عزمه على متابعة هذا الموضوع وإصراره على العمل لتحسين الوضع الاقتصادي والانتقال به الى المسار التصاعدي.