«نحن قوم لا نترك أسرانا في السجون»، معادلة أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قبل سنوات، في خضم الحرب المفتوحة مع اسرائيل، وجرت ترجمتها بالامس في سياق المواجهة مع التنظيمات التكفيرية، حيث عاد الاسرى الخمس من ادلب، وطويت بذلك المرحلة الثالثة من شروط الاستسلام التي فرضها الحزب «بالنار» على «جبهة النصرة». وقد تم الاعلان رسميا من قبل الاعلام الحربي عن تنظيف الجرود اللبنانية من مجموعات «القاعدة» بعد الدخول الى آخر مواقعها في جرود عرسال...وفيما أرجأ السيد نصرالله كلمته في مناسبة الانتصار الى مساء اليوم بعد عوائق لوجستية أخرت الافراج عن الاسرى، ينتظر ان يدخل الى حيز التنفيذ خلال الايام المقبلة «التفاهم» مع «سرايا اهل الشام» لمغادرة مسلحيها مع عائلاتهم الى الداخل السوري، وهو ما اكد عليه مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم بالقول «ان الامر سيحصل قريبا جدا»... في هذا الوقت كثفت وحدات الجيش قصفها التمهيدي على مواقع مسلحي «داعش» في جرود القاع ورأس بعلبك، ودخل «طابور خامس» للتشويش على التحضيرات للعملية العسكرية المرتقبة من خلال تسريبات عن دور لقوات خاصة اميركية في مساعدة المؤسسة العسكرية على مواجهة «التنظيم»، فيما فككت «تفاهمات» سياسية «الالغام» من امام جلسة الحكومة التي خلت من اي تجاذبات حول معركة الجرود وزيارة الوفد اللبناني الى واشنطن...
فقد نجح حزب الله مجددا في ادارة عملية عسكرية وامنية متكاملة بدأت في جرود عرسال وانتهت في ادلب معقل «جبهة النصرة»، ومع عودة الاسرى موسى كوراني، واحمد مزهر، ومحمد ياسين، ومحمد شعيب، وحسن طه، عبر معبر السعن في ريف حماه الى القصير وثم معبر جوسيه، والاحتفاء بهم في بلدة القاع، مع ما يحمل هذا الامر من دلالة بالغة تدل على حجم الاجماع الوطني حيال ما قام به حزب الله من انجاز في الجرود، وبعد تحول مقاتلي النصرة «واميرهم» الى مجرد ارقام في باصات ذهبت الى «المجهول»، يكون قد أسدل الستار على واحدة من اكثر صفحات الحدود الشرقية قتامة، دون اغفال البعد الاستراتيجي لهذه المعركة التي سيكون لها تداعياتها الكبيرة بعد القضاء على «داعش» قريبا.
 

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 «عبث» اميركي


هذه المواجهة الواقعة حكما، ما لم يقبل التنظيم الارهابي بالتفاوض على خروجه من الجرود، تعرضت بالامس لمحاولة «عبث» مقصود في مسرح العمليات، من خلال تسريب «مشبوه» عبر تلفزيون الحرة الاميركي لمصدر مجهول «معلوم» تحدث عن وجود نحو 70 جنديا من القوات الخاصة الاميركية لمساعدة الجيش في حربه ضد «داعش»، مع العلم ان هذا العدد المفترض من عناصر القوات الخاصة الاميركية موجود منذ فترة طويلة في لبنان وهو يقوم بمهام تدريبية وتقييم تدريب ومراقبة جودة العتاد المسلّمْ للجيش، بحسب توضيحات مصادر أمنية لبنانية.. 
اوساط معنية بهذا الملف، أكدت ان هذه التسريبات لها خلفيات تتجاوز البعد «الدعائي» لابراز حضور الاميركيين في ساحة المواجهة مع الارهاب في المنطقة، خصوصا أن مختلف الاطراف يدركون طبيعة التعقيدات المحيطة بمعركة جرود القاع ورأس بعلبك، لجهة المساهمة الحتمية لحزب الله والجيش السوري في المعركة، اقله في الجرود السورية. 
من الواضح ان ثمة من يريد «العبث» بساحة العمليات، لارباك المشهد، فليس واردا ان يقاتل حزب الله جنبا الى جنب مع القوات الاميركية في اي مواجهة، وكذلك فان الاميركيين ليسوا في وارد المشاركة في اي مواجهة مع تنظيم مصنف على لوائحهم «الارهابية»، هذا امر محسوم... ومن سرب هذه المعلومة يدرك ان وجود قوات اميركية على الاراضي اللبنانية لا يمكن ان يمر مرور الكرام... ولذلك فان من تعمد التسريب في هذا التوقيت يحاول خلق تعقيدات عملانية على الارض في محاولة خبيثة لـ«دق اسفين» بين المقاومة والجيش، في ظل التنسيق العالي المستوى بين الجانبين والذي تجلى في معركة عرسال وكذلك في التحضير للمواجهة مع «داعش». لكن وبحسب تلك الاوساط فان شيئا لن يتغير في هذه العلاقة لانها مبنية على الثقة التامة، كما ان التعاون بين المؤسسة العسكرية والاميركيين ليس امرا مخفيا او جديدا وهو يتم في وضح النهار، ومحاولة الاميركيين تحقيق «انتصارات» وهمية لن تفسد في الود «قضية» مع الجيش..
وفي هذا السياق اكد اللواء عباس ابراهيم من القاع، والى جانبه رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا، ان الجيش ليس بحاجة لدعم في مواجهة الارهابيين في جرود راس بعلبك والقاع، واشار الى ان الدولة لن تعرض التفاوض على «داعش»، وقيادة الجيش هي من تحدد «ساعة الصفر» لبدء العملية العسكرية، واذا رفضت «داعش» التفاوض سيكون مصير مقاتليها كمصير النصرة، وكما نحن جاهزون للتفاوض، سنستعمل القوة اذا لزم الامر، وعند سؤاله عن ملف العسكريين المختطفين واذا ما كان هناك امل، اجاب بالقول، «نعم هناك امل»...
وأكد اللواء ابراهيم بعد استقبال المحررين «ما نشهده عرس تحريري»، مشيراً الى ان «القصف على إرهابيي تنظيم «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع حق للجيش اللبناني وفي اطار تحرير الأرض». وفي تصريح له، اوضح اللواء ابراهيم «اننا لن نتفاوض مع أحد قبل معرفة مصيرالعسكريين المخطوفين لدى تنظيم داعش».
ومن جهة أخرى، لفت الى أن «خروج «سرايا أهل الشام» موضوع أيام معدودة ونحن بدأنا بترتيب خروج «سرايا أهل الشام» من الجرود وسترون النتائج قريبا».
أشار اللواء ابراهيم الى ان «الجيش ليس بحاجة لدعم أحد ولكن اذا رأت قيادة الجيش أن هناك ضرورة للإستعانة بأحد فهي تقرر بمن ستستعين». وأشار الى أن «ما نملكه من معلومات كاف للمفاوضة في مسألة العسكريين المخطوفين».
كما وجه مسؤول لجنة الارتباط والتوثيق في حزب الله الحاج وفيق صفا الشكر الى عوائل الشهداء والجرحى والأسرى والمجاهدين باسم حزب الله، كما وجه التحية الى الرئيسين ميشال عون وبشار الأسد والى الجيش العربي السوري والى الشعب السوري والبيئة الحاضنة للمقاومة على هذا الانجاز، واعتبر ان هذا المشهد يليق بشعب المقاومة، والى موعد مع نصر جديد. وختم هناك ملفات ايضاً نتابعها تتعلق بعدد من الأسرى.
 

 نصرالله... ودعم الجيش


في غضون ذلك أرجأ السيد نصرالله كلمته الى مساء اليوم بعد تعقيدات لوجستية أخرت عودة الاسرى المحررين، ووفقا لاوساط مطلعة فان خطاب الانتصار على جبهة النصرة سيحمل في طياته عناوين عديدة اهمها وحدة الموقف الوطني حول عملية المقاومة، مع شرح مستفيض لاهمية الانجاز على المستوى الداخلي والاقليمي، مراحل التفاوض واهمية النصر الميداني في فرض الشروط، والتزام المقاومة بعهودها من خلال تأمين المواكبة الناجحة لهذا العدد الكبير من الحافلات في عملية امنية شاقة ومنهكة، كما سيتم التاكيد على عهد المقاومة بعدم ترك أي أسير خلفها مهما غلت التضحيات...
ولن تغيب عن كلمة السيد نصرالله ايضا مرحلة ما بعد تحرير جرود عرسال، لجهة التأكيد على تسليم الجيش لكل المواقع عندما يكون جاهزا لذلك... اما المواجهة مع «داعش» فسيكون هناك كلام حاسم حول ضرورة الانتهاء من خطر هؤلاء، مع التأكيد على ان «ساعة الصفر» يحددها الجيش مع التزام المقاومة بتقديم الدعم المطلق لكل ما تحتاجه المؤسسة العسكرية في هذا السياق... كما سيتم مرة جديدة عرض ضمانات بتسهيل خروج المسلحين بالتفاهم مع الدولة السورية اذا ما قبلوا التفاوض... وهو امر ينطبق ايضا على «سرايا اهل الشام» التي سيتحدد مصير التفاهم معهم خلال ساعات.
ويفترض ان يرد السيد نصرالله على الموقف الاميركي الاخير في حضور الوفد اللبناني، مع الحرص على عدم خلق توترات داخلية، لكن ما حصل في الجرود سيسمح لامين عام حزب الله بالدعوة مجددا الى فتح قنوات اتصال رسمية مع الدولة السورية لحل ملف النازحين...
 

 «تفكيك الغام»


في هذه الاثناء، مرت جلسة الحكومة بهدوء، بفعل تفاهمات «ضمنية» حصلت قبل موعد انعقاد الجلسة، وافضت الى عدم اثارة ملفات خلافية «ذات بعد وطني»، وبحسب اوساط وزارية بارزة، فان اللقاء بين الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري ، حسم الخطوط العامة لمسار الجلسة، فرئيس الحكومة تعهد بعدم اثارة الاسئلة الاشكالية حول عملية حزب الله في جرود عرسال، مقابل ابتعاد وزراء حزب الله والحلفاء عن اثارة الملاحظات الكثيرة حول زيارة رئيس الحكومة الى واشنطن، وهكذا تم تعطيل «لغمين» اساسيين كانا مرشحين للانفجار امس..مع العلم ان ظروف العملية العسكرية في جرود عرسال تمت الاحاطة بها خلال لقاء رئيس الحكومة مع المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم امس الاول، وبدا رئيس الحكومة اكثر تقبلا «للامر الواقع»، فيما تولى وزير الخارجية جبران باسيل مهمة شرح كل الملابسات التي احاطت بزيارة واشنطن، لقيادة حزب الله...
وكان مجلس الوزراء قد عين القاضي هنري خوري رئيسا لمجلس شورى الدولة خلفا للقاضي شكري صادر، ووائل خداج مفتشا عاما ماليا في لتفتيش المركزي. وقد سحب المجلس بند تعيين المحافظين من الجلسة.
وفيما اعتبر وزير العدل سليم جريصاتي ان نقل صادر من موقع رئاسة مجلس شورى الدولة الى موقع رئاسة غرفة في محكمة التمييز يوازي رئاسة مجلس الشورى، وهو ليس تأديبيا، اشارت مصادر وزارية الى ان صادر «دفع ثمن» رد طلب مجلس الوزراء حيال تعيين قاضيين لمركز المحافظين. واعترض وزير الاشغال العامة يوسف فنيانوس ووزير التربية مروان حمادة على التعيينات، قائلا «من لا يمشي مع سياسة العهد «بيروح على بيتو». فيما استغرب حمادة اقالة صادر الذي يبقى له حوالي السنة من الخدمة بينما عين شخص لديه من الخدمة سنة ايضا...
 

 مسألة القاضي شرتوني


كما نفضت جلسة مجلس الوزراء امس الغبار عن احد ملفات الفساد التي مسرحها قصور العدل في لبنان. فاثناء النقاشات وعند طرح بند تعيين محافظين، ومع الوصول الى مركز محافظ البقاع المرشح لشغله القاضي رولان شرتوني، الذي يشغل منصب رئيس محكمة السير في بعبدا، فضلا عن محكمة الاحداث، فجر وزير الداخلية نهاد المشنوق قنبلة معلنا ان المرشح المعني محال الى التفتيش القضائي للتحقيق معه في ملف فساد مرتبط باختلاس اموال تعود لصندوق محكمة السير في بعبدا، رغم ان اي قرار عن التفتيش لم يصدر بعد رغم الاستماع الى افادة القاضي شرتوني من قبل قاضي التحقيق المعين في القضية، عندها طلب تأجيل بت الموضوع الى جلسة اخرى دون ان يكون لوزراء التيار الوطني الحر اي تعليق رغم ان شرتوني مرشح التيار لهذا المركز، هو الذي انتمى اليه منذ كان تلميذا في الجامعة.
وبالعودة الى تفاصيل ملف الشرتوني علم ان القضية التي احيل بموجبها الى التفتيش لا تزال عالقة في الادراج نتيجة الضغوط السياسي الممارسة، منذ مدة رغم ان ثمة موقوفين في الملف.
 

 «المستقبل يراوغ» انتخابيا


وفي ملف الانتخابات الفرعية، اكد وزير الداخلية نهاد المشنوق انه سيتم مناقشة الانتخابات الفرعية في طرابلس وكسروان في الجلسة المقبلة... لكن لمصادر الوزارية اكدت ان تيار المستقبل يراهن على بدء معركة تحرير جرود القاع ورأس بعلبك مطلع الاسبوع المقبل، للتذرع بالوضع الامني لتأجيل الانتخابات...
 

 تعقيدات «السلسلة»


وحول سلسلة الرتب والرواتب، كشف وزير المال علي حسن خليل ان هناك امكانية لتصحيح بعض البنود في السلسلة خلال مناقشة الموازنة، معلنا الاتفاق على اعادة تفعيل اللجنة الوزارية المكلفة وضع خطة اقتصادية شاملة... ووفقا للمعلومات فان الايام العشرين المتبقية لرئيس الجمهورية لحسم موقفه ستنتهي بتقديم قانون معجل مكرر لتصحيح بعد الثغرات في البنود المتعلقة بالاساتذة، والمتعاقدين...
 

 «خلية» العبدلي


قضية خلية «العبدلي» اثيرت في الجلسة، وفي هذا السياق اكد وزير الشباب والرياضة محمد فنيش ان هذه الاتهامات التي وجهت الى حزب الله، «غير صحيحة»، مؤكدا الحرص على العلاقات مع دولة الكويت... ووفقا لاوساط مطلعة على هذا الملف، فان التهم الموجهة لحزب الله «فارغة» ولا ادلة عليها، خصوصا ان الملف برمته تشوبه الكثير من علامات الاستفهام والثغر القانونية، وقد خلصت جمعيات حقوقية دولية الى اعتبار هذا الملف مسيس، وكل الادلة غير موثقة بشكل قانوني، جمعت من قبل ضباط أمنيين استخدموا وسائل غير مشروعة في التحقيقات، وهي لا تثبت اي اتهامات ضد المعتقلين بانشاء خلية تخريبية لصالح ايران او حزب الله...