إنتهاء صفقة عرسال , وجدال حولها يحسمه اللواء عباس إبراهيم
المستقبل :
واضعاً حداً لكل اللبس الذي رافق عملية تحرير جرود عرسال وقاطعاً التشكيك الإعلامي بيقين رسمي يبيّن بوضوح موقف الدولة من هذه العملية، وغداة ما كشفه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم عن كون رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري هو من كلّفه بمهمة التفاوض لتحرير جرود عرسال من وجود مسلحي «جبهة النصرة»، أطل الحريري على اللبنانيين مساء أمس من السراي الحكومي وإلى جانبه ابراهيم لينوّه بإتمامه المهمة وليزفّ هذا «الإنجاز الذي حققته الدولة بشكل سريع وفعّال»، قائلاً: «جرت مفاوضات صعبة ولكن في النهاية أنجزنا ما نريده وأنهينا المشكل الموجود في جرود عرسال».
وإذ لفت إلى أنه تم بلوغ هذا الإنجاز بفضل الإدارات والمؤسسات الرسمية «من العدلية إلى الأمن العام إلى الجيش والحكومة ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون»، أعلن الحريري أنّ «المهمة تمّت وخرج كل مسلحي النصرة مع خمسة آلاف عائلة إلى سوريا»، مضيفاً: «ما يهمنا هو أمن اللبنانيين في عرسال وأن تستعيد هذه البلدة حياتها الطبيعية». وعن باقي المنطقة الجردية عند السلسلة الشرقية، قال: «نحن مستمرون في معالجة هذا الموضوع
في ما يخص «داعش»، لأننا لن نقبل أن يكون هناك أي نوع من الإرهاب على أي جزء من الأراضي اللبنانية، والجيش اللبناني يدرس الأمور ويعمل على أساس أن يكون هناك أمر قريب».
ورداً على استفسارات الصحافيين، أجاب: «موقف الحكومة واضح وهو حماية اللبنانيين ومخيمات النازحين، وهدفها الأساسي حماية كل الحدود اللبنانية وعدم السماح لأي من هؤلاء، أكانوا من «النصرة» أو «داعش» أو أي فريق متطرف، بأن يدخل إلى الأراضي اللبنانية وهذا ما قام به الجيش اللبناني»، مذكّراً بسياسة حكومته القائمة على تحييد أي خلاف سياسي عن تحقيق مصلحة اللبنانيين «والمهم بالنسبة إلينا النتيجة وهي أننا وصلنا إلى حل مناسب جداً للدولة اللبنانية وهو إنجاز كبير». وعن ملف العسكريين الأسرى لدى «داعش»، لفت الحريري إلى أنّ «الحكومة تعمل على أساس أن تنهي هذا الملف بأفضل وسيلة ممكنة»، مؤكداً «فتح باب التفاوض مع داعش شرط عودة العسكريين»، مع إشارته إلى أنّ الدولة سبق وفاوضت وأطلقت سراح بعض الموقوفين في سبيل تحرير العسكريين الذين كانوا أسرى لدى «النصرة». وفي ملف النازحين، جدد الحريري موقف الحكومة الرافض للتفاوض مع النظام السوري والمتمسك بالأطر الأممية والقوانين الدولية في معالجة هذا الملف وسط تأكيده الرغبة في عودتهم «اليوم قبل الغد».
وفي معرض تشديده على كون الدولة هي التي حققت إنجاز تحرير جرود عرسال عبر التفاوض الرسمي الذي قام به المدير العام للأمن العام وتوصل بنجاح إلى تحرير جرود عرسال من قبضة مسلحي «النصرة»، لفت الحريري الانتباه إلى أنّ «ما أنجز هو أنّ منطقة عرسال كانت مرهونة وتعاني من مشكلة كبيرة جداً وهذه المشكلة انتهت اليوم»، وأضاف: «كنا نحرم هذه المنطقة من المساعدات بسبب ما فيها واليوم تمكنا من تحريرها بما يساعد أهلها الذين لم يكن باستطاعتهم استثمار أرزاقهم منذ لحظة وقوع هذه المشاكل» في الجرود، كاشفاً أنّ الخطة التي وضعتها الحكومة لمساعدة أهالي عرسال على الصعيد الاجتماعي والمعيشي ستُناقش اليوم على طاولة مجلس الوزراء، مع تأكيده أنّ «الجيش اللبناني سينتشر في المنطقة وهذا سيكون في مصلحة أهل عرسال والشعب اللبناني ككل».
«تعيينات» اليوم
في الغضون، أفادت مصادر وزارية «المستقبل» أنّ جلسة اليوم في قصر بعبدا ستشهد تعيين محمد مكاوي محافظاً لجبل لبنان، رولان الشرتوني محافظاً للبقاع، هنري خوري رئيساً لمجلس شورى الدولة، فضلاً عن عدد من التعيينات في التفتيش المركزي وفي مجلس إدارة هيئة أوجيرو
الديار :
وأخيرا.. عرسال، الجرود والبلدة، محررة من ارهابيي النصرة بفضل تضحيات المقاومين.
بعد سنوات من الاحتلال، (وفق توصيف وزير الداخلية نهاد المشنوق) عادت تلك المنطقة الحدودية الواقعة على خط الزلازل الاقليمية الى الحرية والوطن، ليكتمل بذلك انتصار المقاومة ويُتمم الثأر لشهداء الجيش وللشهداء المدنيين الذين سقطوا في عمليات ارهابية، خططت لها ونفذتها «النصرة».
ما حدث بالامس يرقى الى مستوى تصحيح الاخطاء والخطايا التي ارتكبت بحق الجغرافيا السياسية والحقائق التاريخية على الحدود بين لبنان وسوريا، منذ عام 2011، في اطار محاولة نسف خرائط المنطقة.
ومع انطلاق اولى الحافلات متوجهة الى العمق السوري، عاد ابو مالك التلي الى حجمه الطبيعي، بعدما حاول ان يستفيد من حالة انعدام الوزن التي مر فيها لبنان خلال السنوات الماضية كي يبني إمارة وزعامة.
هناك، في ادلب، حيث «المكب الرسمي» للارهابيين المهزومين، سيتحول التلي الى مجرد رقم وسط حشد امراء الحرب الذين يتصارعون على النفوذ والسلطة. وأغلب الظن ان كثيرين من رموز التكفيريين المنفيين الى ادلب لن يكونوا مسرورين لوجوده بينهم، وهم الذين بلغ التنافس بينهم حد الاقتتال، وبالتالي فانهم ليسوا بحاجة الى حمولة زائدة إضافية من وزن «الضيف المهزوم».
وبرغم محاولة ابو مالك التلي في «الوقت الضائع» تجميل صورة هزيمته واستنزاف انتصار حزب الله، عبر المماطلة في التفاوض وسعيه الى فرض شروط فجة لا تتناسب مع الواقع الميداني، إلا ان هذه المناورة الهشة سرعان ما سقطت تحت وطأة موازين القوى العسكرية والنتائج التي أفرزتها معركة تحرير الجرود، حيث لم يكن واردا السماح لأمير الارهابيين بان يعوض من خلال التفاوض ما خسره بالحرب.
وقد أجاد الرئيس نبيه بري في رسم صورة كاريكاتورية لأوهام التلي، عندما قال امام زواره تعليقا على الشروط التي كانت قد وضعتها «النصرة» قبل ان ترضخ مجددا للسقف الذي وضعه حزب الله واللواء عباس ابراهيم: لم يكن ينقص سوى ان يطلب ارهابيو «النصرة» ان ينضم فضل شاكر اليهم حتى يحيي لهم حفلة وداعية..
أيا يكن الامر، لم تطل كثيرا أحلام اليقظة لدى التلي الذي وجد نفسه في نهاية المطاف يستقل أحد الباصات ويغادر الى المنفى الاضطراري في ادلب، فيما كان مسلحوه يحرقون آخر مقراتهم في وادي حميد والملاهي في محيط عرسال، ليغدو الدفرسوار الفكري والعسكري الذي حاولوا إنشاءه في الاراضي اللبنانية مجرد رماد.
بهذا المعنى، لم تكن باصات الهجرة الى الشمال السوري مجرد وسيلة نقل، أقلت الارهابيين من مكان الى آخر، بل هي حملت معها بقايا مشروع تكفيري تدحرج من «التلة» الى الهاوية، بعدما حاول ان يتسرب الى الداخل اللبناني بأشكال مختلفة.
لقد اصبحت الباصات، ايا يكن لونها، رمزا لهزيمة التكفيريين وتقهقرهم. وما جرى بالامس لا يقاس بالمسافة الفاصلة بين عرسال وادلب وانما يقاس بالمساحة الاضافية التي خسرها المشروع الظلامي على الحدود اللبنانية- السورية، بكل ما كانت تمثله هذه القاعدة المتقدمة من نقطة ارتكاز له في ارهابه الموجه ضد الدولتين.
بعد معركة تحرير الجرود فقدت جبهة النصرة «رئتها اللبنانية»، واشتد عليها الخناق، في تتمة للمسار الانحداري الذي يسلكه ذئب.
كان مشهد ترحيل ارهابيي «النصرة» معبرا وبليغا. موكب الحافلات يغادر جرود عرسال الى ادلب عبر سهل الرهوة وجرود فليطة، محاطا بالاعلام اللبنانية ورايات حزب الله، بإشراف «الامن العام»، ومواكبة عناصر المقاومة الذين تولوا تنظيم سير الباصات وتأمين التغطية الامنية لها، التزاما بالضمانات الممنوحة، وهو سلوك ينطوي على جانب اخلاقي حقيقي، لا سيما ان المقاتلين الذين كانوا على بُعد أمتار من مسلحي «النصرة» أعطوا درسا في ضبط الاعصاب والانفعالات، برغم الاحتقان الكبير الناتج من المعركة وما تخللها وسبقها.
لقد بدا انسحاب مقاتلي «النصرة» مذلا بكل المقاييس وأقرب الى خسارة أخرى في معركة اعلامية - دعائية، ربحتها المقاومة بالصوت والصورة. لم تنجح الوجوه الملثمة في التغطية على الهزيمة او تمويهها. ولم تتمكن ستائر النوافذ من التعمية على الانكسار او اخفائه. ازدحمت الباصات بالمسلحين والجرحى والنازحين المفترضين والخيم والفرش، في انعكاس لتشظي مشروع «النصرة» ودخوله في مرحلة العد التنازلي..
وقافلة الحافلات التي امتدت على مسافة طويلة قد تكون افضل رد على كل الاصوات التي ارتفعت للتشويش على انتصار المقاومة والتقليل من شأنه. 7777 شخصاً غادروا جرود عرسال، وهو رقم كبير يعكس من ناحية حجم الخطر الذي كان كامنا في الجرود وسعة البيئة الحاضنة لمسلحي النصرة في مخيمات النازحين، ويؤشر من ناحية أخرى الى ان عودة النازحين ممكنة وفق النموذج التطبيقي الذي جرى تطبيقه على الارض.
ومن العلامات الفارقة، ان اندحار «النصرة» في 2 آب 2017 يُصادف ذكرى هجوم ارهابييها على الجيش اللبناني في اليوم ذاته من العام 2014، كأن شهر آب ينتقم لكرامته التي ظلت مخطوفة في الجرود كل هذا الوقت، قبل ان تحررها المقاومة.
ويبقى ان سيناريو انسحاب «النصرة» بات بتصرف «داعش» الذي عليه ان يتعظ من تجربة منافسه في الارهاب وان ينسحب طوعا من جرود القاع وراس بعـلبك على قاعدة: «ما متت ما شفت مين مات؟»، وإلا فان الجيش جاهز للمواجهة الفاصلة.
«جرود المفاوضات»
ويُسجل للمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم انه أدار معركة «جرود المفاوضات» ببراعة وتمكن من قضم شروط «النصرة» الواحد تلو الآخر بعد حرب نفسية محكمة قادته الى التهديد بخلط الاوراق وحتى تمزيقها، مستخدما تقنيات اللعب على حافة الهاوية، ومتنقلا بين عقارب الساعة التي كادت تلسع التلي في لحظة تهور، قبل ان يصحو من أوهامه ويخفض سقفه الى حد القبول بالافراج عن ثلاثة موقوفين من سجن رومية، أحدهم أنهى محكوميته، في مقابل الافراج عن أسرى حزب الله الثمانية.
وكان ابراهيم يتناغم في تكتيكاته التفاوضية مع حزب الله الذي كاد يقلب الطاولة على رأس التلي ومسلحيه ضمن الجيب الاخير الذي حوصر فيه، عندما ظن انه في موقع يسمح له بأن يطلب ترحيل متورطين أساسيين بالارهاب، من نزلاء سجن رومية والمتوارين في مخيم عين الحلوة.
عندها، نقل ابراهيم الى التلي عبر الوسيط المعتمد ان قيادة المقاومة ستوقف المفاوضات وتستأنف العملية العسكرية ابتداء من منتصف ليل أمس الاول، إذا أصر على مطالبه واستمر في التنصل من الاتفاق الاصلي الذي تقرر بموجبه ان يغادر مع مسلحيه وعائلاتهم محيط عرسال في مقابل اطلاق سراح أسرى الحزب الثمانية واستعادة جثامين شهدائه، علما ان الحزب أبدى لاحقا مرونة اضافية حين وافق على الافراج عن ثلاثة موقوفين من سجن رومية، وهذا كان هو الحد الاقصى من البراغماتية، الذي يمكنه الوصول اليه.
وترافق تحذير المقاومة الصريح والنهائي للتلي مع مبادرتها الى تحريك آلياتها العسكرية في الخطوط المحاذية لوادي حميد والملاهي وإعادة تنشيط قواتها القتالية بعد اسبوع من الاسترخاء والجولات الاعلامية. والارجح، ان أمير «نصرة لبنان» كان يستطيع ان يلحظ شخصيا الاستنفار في صفوف عناصر حزب الله، وان يتأكد من جدية التهديد الموجه اليه.
وتفيد المعلومات ان الحزب كان بصدد الاعلان عن وقف التفاوض والغاء وقف اطلاق النار، ومن ثم المباشرة في تنفيذ هجوم حاسم على آخر جيوب «النصرة» وضرب مقراتها في وادي حميد والملاهي، لو واصلت عنادها وتعنتها.
اما لماذا وافقت قيادة الحزب على مغادرة التلي الى سوريا، فإن المعلومات تفيد بأنها اعتبرت ان المقايضة على رحيله مع آلاف من «البيئة الحاضنة» في مقابل تحرير الاسرى والجثامين والجرود وعرسال، هي أفضل بكثير من قتله.
ويُفترض ان يتم الافراج عن اسرى الحزب الخمسة الذين أسروا سابقا في حلب، مع وصول الباصات الى الداخل السوري.
نصرالله: هذا سر النصر
وفي انتظار ما سيقوله الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه مساء اليوم، أكد نصرالله خلال لقائه مساعد رئيس مجلس الشورى الاسلامي عبد الامير لهيان ان سر النجاح في دحر الارهابيين في عرسال ولبنان يكمن في دور المقاومة والجيش والدعم من جميع فئات الشعب.
ووفق وكالة أنباء «فارس»، اشار نصرالله الى ان النجاحات الاخيرة التي تمثلت في تحرير الموصل وحلب واخيرا عرسال من براثن الارهابيين هي نتيجة لوحدة الصف الداخلي في هذه الدول، محذرا من مخططات التقسيم الخطرة في المنطقة.
واقعية الحريري
في هذا الوقت، سعى الرئيس سعد الحريري الى ان يكون شريكا في انتاج «معادلة الانسحاب» من الجرود وحصاد مكاسبها من خلال تأكيده انه منح كل الغطاء السياسي للتفاوض الذي قاده اللواء ابراهيم وأفضى الى اتفاق على مغادرة مسلحي «النصرة»، وصولا الى تأكيده ان الدولة حررت ارض عرسال.
ولكن أكثر ما لفت الانتباه في كلام رئيس الحكومة بعد لقائه مع اللواء ابراهيم هو ان الحريري اعتبر ان حزب الله أنجز شيئا ما عبر العملية العسكرية التي نفذها، في اول اقرار منه بالانجاز الذي حققته المقاومة، ولو على طريقته.
ويؤشر موقف الحريري الى تمايز كبير عن موقف الرئيس السينورة وكتلة المستقبل التي كانت قد اصدرت الاسبوع الماضي، خلال وجود الحريري في واشنطن، بــيانا حادا ضد حزب الله والمعركة التي خاضها لتحــرير الجرود، ما يطرح مرة اخرى السؤال القديم - الجديد عما إذا كان هناك توزيع أدوار بين الحريري والسنيورة ام يوجد اختلاف حقيقي بينهما في مقاربة ملف العلاقة بالحزب.
وتشير مصادر بارزة في 8 آذار الى ان موقف الحريري جيد، ربطا بطبيعة تموضعه السياسي، معربة عن اعتقادها بأن رئيس الحكومة استطاع عبر ما أدلى به حماية جلسة مجلس الوزراء اليوم، والتخفيف من وطأة صمته امام هذيان ترامب، والانسجام مع شبه الاجماع الوطني حول عملية المقاومة من دون ان يتخلى عن ثوابته المعروفة.
الجمهورية :
طويَت صفحة جرود عرسال بإخراج إرهابيي جبهة النصرة منها، وانتهت تلك الحقبة السوداء التي جثمت على صدر البلد لسنوات، ولم يعد هواء تلك المنطقة كما كان ملوّثاً برائحة القتل والدم والسيارات المفخّخة والأحزمة الناسفة، وبات نظيفاً، وسيصبح أكثرَ نقاوةً مع ارتفاع العَلم اللبناني فوق تلك الجرود وحضورِ الجيش اللبناني على كامل ترابها بين الأهل والأبناء. وأمّا في السياسة، كما هو واضح، فإنّ الحلبة قد فتِحت على اشتباكات سياسية حول سلسلة من الملفات، سواء التعيينات أو ملف بواخر الكهرباء، والمحطة الأولى جلسة مجلس الوزراء اليوم، فيما وُضعت سلسلة الرتب والرواتب، وكذلك قانون الضرائب المكمّلة لها على مشرحة الرئاسة، مع توجه نحو رد القانون الضريبي من قبَل رئيس الجمهورية ميشال عون إلى المجلس النيابي، وخصوصاً مع تصاعد الاعتراضات عليها من الهيئات الاقتصادية، وتفاقمِ آثارها السلبية على المواطن، والتي تبَدّت في مسارعة التجّارِ إلى رفع أسعار السِلع، وبعضِ المدارس إلى زيادة الأقساط، وكان لافتاً في هذا السياق ارتفاع صرخة بكركي في وجهها، والتي تجلّت بالأمس مع موقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي، واستكمِلت في بيان مجلس المطارنة الموارنة.
ميدانياً، انطلقت عشرات الحافلات من جرود عرسال اعتباراً من بعد ظهر أمس، مقِلّةً ما يزيد عن 7777 من النازحين السوريين إلى الداخل السوري، ومعهم إرهابيّو «جبهة النصرة» الـ 120 وأميرهم أبو مالك التلي وعائلاتهم، واستمرّت العملية حتى ساعة متقدّمة من الليل؛ غادر الإرهابيون تلك الجرود، وخلّفوا وراءهم صوَراً كريهة تحكي ما اقترَفت أيديهم بحقّ لبنان واللبنانيين والجيش من أعمال إجرامية أقلّ ما يُقال فيها أنّها جرائم ضدّ الإنسانية، وآثاراً مدمّرة ومحروقة تحكي الهزيمة التي منُوا بها، وتؤكّد أنّهم أقوياء فقط بالغدر بالمدنيين الآمنين، وأمّا في ميدان المواجهة فنمورٌ من ورَق تهرب إلى الجحور والمغاور.
ومع خروج آخِر إرهابيّي «النصرة» من جرود عرسال، صار في الإمكان القول بكلّ ثقة إنّ تلك المنطقة عادت إلى حضن الوطن، على أنّ الحكاية لا تنتهي هنا، بل إنّ عيون اللبنانيين صارت شاخصة أكثر من أيّ وقت مضى إلى تلك البقعة التي ما زالت مخطوفة من إرهابيي «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع، وإلى الجيش المرابط على تخومها في جهوزية تامّة لإكمال الانتصار وتنظيف تلك الجرود من كلّ الملوِّثات الإرهابية، وبالتالي نصبِ مظلّة الأمن والأمان الحقيقية والكاملة لأبناء القرى والبلدات اللبنانية المسيحية والإسلامية الواقعة على حدودها، ومن خلالها لكلّ لبنان.
إنتشار عسكري
وفي وقت تستعد الدولة لبسط سيادتها على كامل جرود عرسال، أوضح مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنّ الجيش اللبناني يُوسّع إنتشاره في إتجاه وادي حميد ومدينة الملاهي، وهذا الانتشار يقوم به اللواء التاسع، لكنّ هذا الأمر لا يعني أنّ عملية الانتشار الواسعة في الجرود وعلى الحدود بين عرسال وسوريا قد بدأت بل تحتاج إلى بعض الوقت، مؤكّداً أن الجيش حاضر لكل المهمات التي ستلقى على عاتقه.
جبهة «داعش»
من هنا، فإنّ الأيام القليلة المقبلة ستكون حبلى بالمفاجآت على صعيد الجبهة مع «داعش»، وهو ما أكّد عليه مصدر أمني رفيع لـ«الجمهورية» بقوله: نستطيع أن نقول إنّنا في مرحلة العدّ التنازلي لبلوغ الساعة الصفر للحسمِ الذي تَقرَّر بشكل نهائي، وبغطاء سياسي كامل للجيش، ضدّ مجموعات «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع».
وفي السياق ذاته، قال مصدر في «حزب الله» لـ«الجمهورية»: معركة الجرود في شقّيها مع «النصرة» و«داعش» قد بدأت فعلاً، وإنْ كانت جبهة عرسال قد فرَضت التفرّغ لها نظراً لبعض الأمور التي استجدّت واستوجب تركيز الاهتمام الكلّي عليها، ما نستطيع أن نقوله إنّ معركة الجرود يجب أن تُستكمل وستُستكمل، لن نتحدّث منذ الآن عن مسار المعركة ولا عن توقيت إطلاق العمليات العسكرية، ومن أين، بل سنترك للميدان أن يخبر عن نفسه، هذا مع التأكيد على التقدير فوق العالي لدور الجيش اللبناني فيها.
وعلمت «الجمهورية» أنّ مشاورات مكثّفة بين جهات أمنية لبنانية رسمية وغير رسمية تَجري على قدم وساق، في سياق التحضير لمعركة جرود رأس بعلبك، حيث توحي الأجواء بأنّ كلّ الاستعدادات مكتملة تماماً، والخطة العسكرية قد وضِعت وباتت على شفير التطبيق، إنّما التوقيت سيعلن عن نفسه في أيّ لحظة، وقالت مصادر مشاركة في هذه المشاورات لـ«الجمهورية»: إنّ هذه الجهات الأمنية تضع في حسبانها كلّ الاحتمالات، وثمّة أهمّيتان لهذه المعركة، الأولى معلنة، أي تطهير المنطقة من الإرهابيين مهما كلّف الأمر، والثانية أنّ من شأن هذه العملية أن تميطَ اللثام عن مصير الجنود اللبنانيين المخطوفين لدى «داعش».
وهذا يستوجب الحسمَ السريع للمعركة، وإلقاءَ القبض على بعض الرؤوس الكبيرة في «داعش» أحياءً، فلدى هؤلاء بالتأكيد كلمة السرّ التي يمكن أن تكشف عن مصير العسكريّين.
برّي ونصرالله
إلى ذلك، وفيما نَقل نوّاب لقاء الأربعاء عن رئيس مجلس النواب نبيه بري تأكيده «أنّ انتصار عرسال هو انتصار لبناني شامل لاقى إجماعاً لبنانياً، وأثبتَ أنّنا قادرون على تحقيق الإنجازات الوطنية ومواجهة التحدّيات والأخطار المحدقة بالوطن أكان من العدوّ الإسرائيلي، أو من الإرهاب التكفيري».
يطلّ الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله بكلمة متلفَزة عند الثامنة والنصف مساء اليوم، يتناول فيها مرحلة ما بعد تحرير جرود عرسال. وقالت مصادر الحزب إنّه سيتحدّث بالتأكيد عمّا بقيَ من جرود يحتلّها الإرهابيون في جرود بعلبك.
الحريري
ولفتَ في هذا السياق موقف رئيس الحكومة سعد الحريري، حيث أكّد بعد استقباله المديرَ العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم «أنّنا حرّرنا المنطقة في شكلٍ يساعد أهل المنطقة، والدولة هي مَن حرّرت أرض عرسال».
وأكّد الحريري «أنّنا لن نقبل أن يكون هناك أيّ نوع من الإرهاب على أيّ أرض لبنانية»، مشيراً إلى أنّ «الدولة قامت بواجبها وحصَل التفاوض مع «جبهة النصرة»، واستطعنا أن نصل إلى هذا الحلّ وسنكمِل معالجة هذا الموضوع»، مشدّداً على أنّ «الحكومة تعمل على إنهاء ملف العسكريين المخطوفين لدى «داعش» بأحسن طريقة، وكلّ دول العالم تُفاوض الإرهابيين، فنحن نفتح بابَ التفاوض كي نرى في موضوع داعش، ما إذا كانت هناك إمكانية لعودة العسكريين فنحن مستعدّون لذلك.
وعلمت «الجمهورية» أنّ اللواء ابراهيم وضَع الرئيس الحريري في صورة المفاوضات التي قادها في الأيام الأخيرة لإنهاء ملفّ جبهة النصرة في جرود عرسال والمعوقات التي شابَتها، وسمعَ ابراهيم تقديراً من رئيس الحكومة على الجهود التي بذلها وأوصَلت إلى الغاية المنشودة ، كما جرى بحثٌ في موضوع العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى «داعش».
وقالت مصادر مواكبة للاجتماع إنّ لدى المدير العام للأمن العام خريطة طريق قد رسَمها لإطلاق عملية التفاوض في شأن العسكريين في القريب العاجل، وذكّرَت بقول ابراهيم نفسِه إن الوسيط الذي يمكن أن يكون له دور في هذا التفاوض موجود، وبالتالي يمكن أن ينطلق هذا التفاوض في أيّ وقت. إلّا أنّ ما يجري التركيز عليه هو «داعش» ومدى تجاوبِه في هذه العملية، خصوصاً أنه بإمكانكَ أن تتوقّع منه أيّ شيء، على أنّ المهم هو الوصول إلى نتائج إيجابية تعيد العسكريين إلى ذويهم.
كما علمت «الجمهورية» أنّ مجلس الوزراء سيُخصّص 15 مليون دولار لعرسال لإنمائها في ظلّ الوضع الجديد.
«السلسلة»!
سياسياً، ينعقد مجلس الوزراء اليوم، في القصر الجمهوري في بعبدا، في جلسة تزدحم فيها الملفّات، بدءاً من ملف عرسال وتحرير جرودها من إرهابيي جبهة النصرة، وكذلك ملف التعيينات، وأيضا سيحضر ملف باخرة الكهرباء في مداخلات بعض الوزراء في ضوء التقرير الصادر عن إدارة المناقصات. بالإضافة إلى موضوع سلسلة الرتب والرواتب.
في هذا الوقت، تبقى الأنظار شاخصةً في اتّجاه بعبدا، رصداً للخطوة التي سيقدِم عليها رئيس الجمهورية ميشال عون في ما خصَّ قانون السلسلة والقانون المتعلّق بالضرائب المكمّلة لها، حيث كان هذا الأمر، مع انعكاساته محورَ لقاءات رئيس الجمهورية، وبحسب بعض الزوّار فإنّهم لمسوا لدى عون امتعاضاً من القانون الضريبي، واستنتجوا من عدمِ رضاه أنّه بصددِ ردِّه إلى مجلس النوّاب لإعادة النظر فيه.
المطارنة
ولفتَ في هذا السياق، استغراب مجلس المطارنة الموارنة «السير في إقرار سلسلة الرتب والرواتب، التي هي حقّ لمستحقّيها، ولكن على قاعدة فرضِ ضرائب يشكو الجميع من مترتّباتها ونتائجها، في وقتٍ يعاني لبنان من ركودٍ اقتصاديّ خطير».
كما استغرَب «تجاهل ما يَفرض ذلك من أعباء مضاعفة على الأهل في القطاع التربوي الخاصّ رغم التشديد على وحدة التشريع»، مطالباً المشرّعين بـ«إعادة النظر في قانون السلسلة فتتحمّل الدولة أعباء هذه السلسلة في القطاعين العام والخاص، تفادياً لتعريض القطاع التربوي والأمن الاجتماعي إلى مخاطر لا يستطيع مجتمعنا تحمّلها».
حاصباني لـ«الجمهورية»
إلى ذلك، قال نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني لـ«الجمهورية» إنّ قانون السلسلة نوقشَ في المجلس النيابي، وقد يكون بحاجة إلى نقاش إضافي لتحسين بعض البنود».
وإذ أكّد أنّ مِن حقّ رئيس الجمهورية أن يقوم بردّ القانون، دعا إلى التنبّه لوضعِ المالية العامة، واحتمال انهيار الاقتصاد في حال لم تتمّ معالجة الأمور المالية بطريقة جيّدة.
أبي خليل لـ«الجمهورية»
من جهته، قال وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل لـ«الجمهورية» «إنّ موقفنا كان واضحاً منذ البداية. نحن مع إقرار الموازنة قبل السلسلة من أجل أن تكون الأرقام واضحة ومن أجل الانتظام العام». أضاف: أقِرّت السلسلة والضرائب في المجلس النيابي في جوّ من المزايدات، وسنرى في جلسة مجلس الوزراء، إذا تمّ طرحُ الموضوع، ماذا نستطيع أن نفعل لمعالجة الثغرات والتداعيات.
وعن احتمال طرحِ ملفّ الكهرباء في ضوء التقرير الذي رَفعته إدارة المناقصات في ملف البواخر، أكّد أبي خليل أنّ مسار استكمال الأوراق الناقصة سوف يُستتبع، لأنه مسارٌ وافقَ عليه كلّ الوزراء، ولا يفترض بأيّ وزير إثارة إشكال مُفتعَل، ما دامت هناك موافقة على الخطة.
خلية العبدلي
من جهة ثانية، وفي سياق العلاقات الللبنانية - الكويتية، وبعد المذكّرة التي تسَلّمتها وزارة الخارجية اللبنانية من السفير الكويتي عبد العال القناعي حول مشاركة عناصر من «حزب الله» في خلية العبدلي الإرهابية، قالت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» إنّ «وزارة الخارجية اللبنانية لم تُهمل المذكرة الكويتية التي تسَلّمتها من السفير الكويتي بخصوص خليّة العبدلي، وهي تعالج هذا الموضوع مع وزارة الخارجية الكويتية والسفارة الكويتية في بيروت، وقد طالبَت بمعلومات إضافية عن القضية لتتمكّن من التحرّك»
اللواء :
3 آب 2017، جرود عرسال على طريق العودة إلى الشرعية اللبنانية، ممثلة بقواها العسكرية والأمنية، بعد يوم طويل، من إخراج مسلحي «جبهة النصرة» من الجرود، مع آلاف الأشخاص السوريين، من عائلات المسلحين المغادرين، والنازحين الراغبين بالعودة إلى سوريا.
والعملية العسكرية التي بدأت في 21 تموز، والمفاوضات التي تلت، والاتفاق الخاص بالانسحاب والتبادل بين حزب الله وجبهة النصرة، والذي رعاه مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وصفها الرئيس سعد الحريري «بالأيام الصعبة» بعد لقاء اللواء إبراهيم الذي زار السراي الكبير بعد ظهر أمس لإطلاع رئيس مجلس الوزراء «على مجريات عملية التفاوض التي أدّت إلى إخراج مسلحي جبهة النصرة وعائلاتهم من جرود عرسال»، وفقاً لبيان صدر عن المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة.
وقال الرئيس الحريري: «الأهم اننا تمكنا من ان ننجز هذا الإنجاز كدولة، وبشكل سريع للغاية، وجرت مفاوضات صعبة، ولكن في النهاية انجزنا ما نريده وأنهينا هذا المشكل الموجود في جرود عرسال».
وهذا الموضوع سيحضر بقوة اليوم على طاولة مجلس الوزراء، ضمن خطة اعدتها الحكومة لمساعدة أهالي عرسال والمنطقة اجتماعياً ومعيشياً، حيث سيتم تكليف هيئة الاغاثة العليا به.
ورحبت مصادر سياسية بموقف الرئيس الحريري، الذي فتح الباب إلى مرحلة سياسية «متضامنة» من شأنها ان تستفيد من التفاهمات الدولية – الإقليمية حول إيجاد تسوية للوضع المتفجر منذ سنوات في سوريا، مع البحث عن منطقة خفض توتر جديدة.
وفي الوقت، الذي تحدثت فيه مصادر شبه رسمية ان مسؤولاً ايرانياً سيصل إلى بيروت في 9 آب الجاري، كان من المثير للاهتمام الموقف الذي عممه المبعوث الخاص للولايات المتحدة الأميركية إلى سوريا مايكل راتني، لجهة تحذيره من تحويل «جبهة النصرة» ادلب إلى ما يشبه وضعية الموصل (من دون تسمية ذلك صراحة)، إذ أشار الي انه في «حال تحققت هيمنة «النصرة» على ادلب سيصبح من الصعب على الولايات المتحدة الأميركية إقناع الأطراف الدولية بعدم اتخاذ الإجراءات العسكرية المطلوبة» (في إشارة إلى احتمال التدخل العسكري الروسي ضد النصرة في إدلب).
وأشارت مصادر وزارية لـ«اللواء» إلى ان التطورات التي طرأت على الساحة سياسياً أو أمنياً أو دبلوماسياً سترخي بظلالها على جلسة مجلس الوزراء، التي توقع أكثر من وزير ان تكون هادئة وموضوعية، رغم المواضيع الساخنة، لكنها قالت انها ستكون كالعادة، في جلسات العهد الجديد، لن تتجاوز الخطوط الحمراء.
وعلى الرغم من ان جدول الأعمال تضمن عدداً من التعيينات، فإن التوافق السياسي سينسحب عليها، لا سيما بالنسبة إلى تعيين محافظ البقاع ومحافظ الجبل الذي أضيف أمس إلى جدول الأعمال، وهو القاضي محمّد مكاوي خلفاً للمحافظ فؤاد فليفل الأمين العام لمجلس الوزراء، فيما تمّ التوافق على اسم القاضي رولان شرتوني محافظاً للبقاع خلفاً للمحافظ الحالي انطوان سليمان.
الا ان مصادر وزارية لاحظت وجود نوع من امتعاض قواتي على التعيينات الجديدة، بالنظر إلى عدم وجود حصة للقوات اللبنانية فيها.
وكشفت المصادر ان قواتياً هو إيلي زيتوني كان مرشحاً لمنصب عضو مجلس إدارة «أوجيرو» وأن مؤهلاته الإدارية والعلمية تخوّله ذلك، إلا ان القواتيين فوجئوا بأن الاسم المطروح للتعيين هو العوني كمال أبو فرحات.
واللافت انه في حال تعيين أبو فرحات فسيتم ترفيعه درجات عدّة، بينما زيتوني تخوّله درجته ان يتولى هذا المنصب من دون أي ترفيع.
ومن المواضيع التي ستثار في الجلسة من خارج جدول الأعمال، ما حصل من تطورات في منطقة جرود عرسال والمعركة التي خاضها «حزب الله» هناك وما تلا ذلك من مفاوضات أدّت إلى خروج عناصر جبهة «النصرة» من زاوية ما يمكن ان يثيره بعض الوزراء، وايضا من خلال ما اعلنه الرئيس الحريري عن الخطة التي سيطرحها لمساعدة اهالي عرسال.
والى جانب زيارة واشنطن، والعقوبات التي ستتخذ بحق حزب الله، توقعت المصادر ان يتطرق مجلس الوزراء الى موضوع المذكرة التي تبلغها لبنان من دولة الكويت والمتعلقة بتورط حزب الله بخلية العبدلي والتي طالبت لبنان باتخاذ ما يلزم من اجراءات.
وشددت المصادر الوزارية على ضرورة مناقشة هذا الموضوع لتبيان حقيقة الامر، خصوصا وان وزارة الخارجية لم تحرك ساكناً حيال المذكرة رغم اهمية الموضوع، وعلى ضرورة صدور موقف رسمي، نظرا للعلاقات الاخوية الوثيقة التي تربط لبنان مع دولة الكويت، وذلك خوفا من ان يؤدي استمرار السكوت الى حدوث ازمة مع هذا البلد الشقيق ومع دول الخليج الاخرى.
اما بالنسبة لملف بواخر الكهرباء، فقد نصحت المصادر وزير الطاقة سيزار ابي خليل عدم اثارة هذا الملف، رغم انه غير مدرج في جدول الاعمال وذلك بسبب ضعف حجة الوزير ازاء الشوائب الكثيرة التي تشوب هذا الملف بعد تقرير هيئة ادارة المناقصات.
السلسلة
الى ذك، اوضحت مصادر رئاسة الجمهورية لـ «اللواء» ان الرئيس عون سيضع بين أيدي الوزراء مجمل الملاحظات والمعطيات التي كونها بعد ردود الفعل المختلفة حيال مشروع سلسلة الرتب والرواتب وقانون الضرائب.
وأشارت المصادر إلى أن الرئيس عون لا يحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء لاتخاذ قراره حول الأمرين ، مؤكدة حقه الدستوري في ماهية القرار الذي يتخذه، سواء بالنسبة إلى ردّ قانون موارد السلسلة أو التوقيع عليه.
ولفتت إلى أنه سيناقش الموضوع وإجراء التقييم داخل الحكومة باعتبارها السلطة التنفيذية.
وعلم أن رئيس الجمهورية سيعرض أرقاما ومعطيات حول الواقع الإقتصادي وانعكاسات إقرار سلسلة الرتب والرواتب.
وفهم من مصادر وزارية أن الرئيس عون تلقى دراسات وتقارير تتطلب التوضيح والتدقيق.
مما يرجح ان يكون قراره الطلب من مجلس النواب إعادة دراسة القانون إزاء المسائل التي أثارها القضاة والعسكريون المتقاعدون، والمطارنة الموارنة لجهة الأعباء التي تفرضها السلسلة على القطاعين العام والخاص، تفادياً لتعريض القطاع التربوي للمخاطر، فضلاً عن بنود ضريبية، أثيرت في غير مناسبة، سواء مع نقباء المهن الحرة أو المدارس الكاثوليكية.
الا ان زوار الرئيس نبيه بري، نقلوا عنه تشكيكه في امكان رد الرئيس عون لقانون السلسلة لافتا الى ان كافة القوى السياسية شاركت في التفاهم حول السلسلة، بما فيها التيار الوطني الحر.
والامر نفسه استبعده الرئيس الحريري الذي سبق ان اعلن رفضه لتمويل السلسلة من الاستدانة، في حال الغاء الموارد التي اقرت.
خروج القوافل
وهكذا، ومع اقتراب عقارب الساعة نحو الثانية مساء، كانت معظم الحافلات التي تقل مسلحي جبهة «النصرة» وعائلاتهم وآلاف النازحين، قد عبرت جرود عرسال، عند سهل الرهوة، حيث آخر نقطة للجيش اللبناني، باتجاه فليطة في الاراضي السورية، بمواكبة سيارات من الصليب الاحمر اللبناني والدولي، وسيارات للامن العام، وحزب الله، حيث سيخضع هؤلاء للتدقيق من قبل الامن السوري تمهيدا لمتابعة الطريق باتجاه حلب، عبر طريق حمص – حلب، حيث ستتم عملية التبادل مع اسرى الحزب لدى جبهة «النصرة».
وكان هؤلاء المسلحين الموجودين في وادي حميد قد أضرموا النار في مقاراتهم ومبنى الاركان في مخيم الباطون، بحسب ما افاد «الاعلام الحربي» التابع لحزب الله، فيما أمّ أمير الجبهة في القلمون «ابو مالك» التلي صلاة الظهر قبل المغادرة، وألقى فيهم خطبة حاول فيها رفع معنويات مقاتليه، معتبرا ما حصل ليس هزيمة، بل نقل المعركة الى مكان آخر، علما ان التلي كان في مقدمة من خرج في الحافلات، الا انه لم يعرف في اي حافلة من الحافلات التي خرجت وعددها 113 حافلة، من اصل 154 حافلة تجمعت في وادي حميد من البارحة، وتردد ان ما تبقى من الحافلات ستنقل نازحين غير مسلحين اعلنوا رغبتهم بالرحيل مع «سرايا اهل الشام» الى مناطق غير ادلب، وربما في القلمون الغربي.
ولوحظ ان الحافلات التي نقلت المسلحين اسدلت ستائر نوافذها لحجبهم عن كاميرات المصورين الذين تجمعوا لمواكبة الحدث في سهل الرهوة، فيما كانت طائرة مسيرة في الجنوب تحمل علم حزب الله تحوم فوق الحافلات تلتقط الصور وتراقب عملية اخلاء الجرود.
ومع طي صفحة «النصرة» في لبنان، مع تحرير الجرود منها، وخروج مسلحيها، يفترض ان تبدأ صفحة تحرير جرود رأس بعلبك والقاع التي يحتلها تنظيم «داعش»، والتي، بحسب ما تشير المعلومات سيتولاها الجيش اللبناني، وبحسب ما اكد الرئيس الحريري، الا ان المعلومات المتوافرة في هذا الشأن تشير الى ان شرط انطلاق اي مفاوضات مع داعش لتحرير الجرود من دون معارك يتمثل في تقديم معلومات عن مصير العسكريين التسعة المخطوفين لدى هذا التنظيم.
ويفترض ان تتزامن اطلالة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، عند الثامنة والنصف من مساء اليوم، للحديث عن مرحلة ما بعد تحرير جرود عرسال وإخراج 7777 شخصاً هم مجموع المسلحين وعائلاتهم متزامنة مع تسلم الحزب للاسرى الخمسة، وهم، بحسب ما هو معروف، واحد من الهرمل هو حسن نزيه طي، واربعة من الجنوب وهم: مهدي هاني شعيب من الشرقية، وموسى كوراني من ياطر، ومحمد جواد علي ياسين من مجدل سلم، واحمد مزهر من عمشيت، وجميعهم اسروا عند اطراف بلدة العيس في ريف حلب بتاريخ 13/11/2015، باستثناء الاخير الذي اسر في بلدة خلطة بريف حلف ايضا بتاريخ 6/6/2016.
الاخبار :
116 هو عدد الحافلات التي خرجت أمس من عرسال، وعلى متنها مُسلحو جبهة النصرة وعائلاتهم إلى بلدة فليطا السورية في القلمون الغربي. فتكون بذلك المرحلة الأولى من تحرير جزءٍ من جرود عرسال، والتخلّص من تنظيم النصرة الإرهابي، قد طُويت بنجاح. الحافلات، التي رافقتها 17 سيارة من الصليب الأحمر نقلت جرحى «النصرة»، وصلت ليلاً إلى بلدة فليطا.
وبحسب «الإعلام الحربي»، فإنّ أعداد الذين غادروا من عرسال إلى إدلب هم 7777 (قتلت «النصرة» واحداً منهم قبل انطلاق القافلة)، ينقسمون إلى 6101 نازح و116 مُسلحاً من بلدة عرسال. أما من المنطقة الواقعة خارج سيطرة الجيش اللبناني في جرود عرسال، فخرج 1000 مُسلح و560 نازحاً. المُسلحون لا يشملون فقط المقاتلين، بل كلّ من حمل سلاحاً تحت راية «النصرة»، وكلّ من ساعدهم لوجستياً، وكلّ من قدّم لهم الخدمات استخبارياً. وإضافةً إلى تسليم «النصرة» ثلاثة موقوفين من السجون اللبنانية (عبد الغني شروف، عبد الرحمن زكريا الحسن، وعدنان محمد الصليبي) أول من أمس، سلّم الأمن العام أمس موقوفتين، هما خولة القصاب، وريهام حمدوش. جرت العملية بإشراف الأمن العام ومواكبته، مع انتشار عناصر المقاومة على طول الطريق إلى فليطا. وقبل الانطلاق، حاول «أمير» جبهة النصرة في الجرود (سابقاً) أبو مالك التلي تأخير الانطلاق، فتلقى تحذيراً دفعه إلى تسريع عملية الترحيل. ومن المنتظر أن تسلّم النصرة اليوم خمسة أسرى للمقاومة، فور وصول القافلة إلى حدود «إمارة إدلب الكبرى». ونشر التنظيم الإرهابي أمس فيديو يُظهر الأسرى الخمسة، وهم بصحة جيدة.
مرحلة ما بعد تحرير جرود عرسال، وخروج «النصرة» من لبنان، سيتحدّث عنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عند الثامنة والنصف من مساء اليوم.
من جهته، بدأ الجيش اللبناني يتسلّم المواقع المُحرّرة، الواقعة في محيط وادي حميد، والتي لم يدخلها منذ الـ2011. وستُباشر قيادته في اليومين المقبلين بالمفاوضات لتنفيذ الاتفاق مع سرايا أهل الشام، الذي يقضي بخروجهم مع عائلاتهم من عرسال إلى الداخل السوري، سواء إلى مناطق في قرى القلمون الغربي خاضعة لسلطة الدولة السورية، وإما في قرى القلمون الشرقي الخاضعة لسيطرة مجموعات مُسلحة معارِضة (يجري التفاوض، برعاية روسية، من أجل عقد مصالحة فيها مع الدولة السورية). مصادر أمنية لبنانية، لم تستبعد أن يبقى في لبنان مجموعة من سرايا أهل الشام، باتت تأتمر رسمياً بأوامر الجيش اللبناني، وسبق أن قاتلت تنظيم «داعش»، وساعدت الجيش في الحصول على قدر كبير من المعلومات عن الجماعات الإرهابية في الجرود.
الانتهاء من المفاوضات مع سرايا أهل الشام، يعني بدء العدّ العكسي لانطلاق معركة تحرير الجزء الشمالي من جرود عرسال، وجرود القاع، ورأس بعلبك، من وجود «داعش». وبات محسوماً، أنه خلال المعارك، سيكون هناك تنسيقٌ بين الجيشين اللبناني والسوري، من خلال حزب الله. ولم تستبعد مصادر سياسية لبنانية رسمية «إمكانية أن يتحول التنسيق بين الجيشين مباشراً، بعد انطلاق المعركة، بسبب الوقائع الميدانية». ومن المُرجح ألا يخوض الجيش اللبناني المعركة مُنفرداً، لأنّ حزب الله والجيش السوري سيخوضان، في الوقت عينه، المعركة من داخل الأراضي السورية، وعلى طول الحدود الشمالية، والشرقية، والجنوبية للجرود. الجبهات المُتعدّدة التي ستُفتح، لبنانياً وسورياً، ستُخفف الضغط الدفاعي لـ«داعش» ضدّ الجيش اللبناني.
ومواكبةً لعملية التفاوض، استقبل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أمس المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، فدافع عن العملية، مُعتبراً أنّ «كل الدول في العالم تفاوض حين يتعلق الأمر بمواطنيها». وقال إنّ موقف الحكومة من معركة الجرود هو «حماية اللبنانيين ومخيمات النازحين الموجودة في البلدة. أراد حزب الله أن يقوم بهذه العملية، التي أنجزت أموراً في مكان ما، ولكن الجزء الأكبر هو الذي يقوم به الجيش اللبناني، وهو المهم بالنسبة إلينا. الحكومة هدفها الأساسي حماية كل الحدود، وعدم السماح للنصرة أو داعش أو أي فريق متطرف بأن يدخل إلى الأراضي اللبنانية، وهذا ما قام به الجيش». وقد وصف الحريري الصيغة التي جرى التوصل إليها بـ«الحل المناسب جداً للدولة اللبنانية، وهو إنجاز كبير»، مُعتبراً أنّ «الدولة هي التي قامت بكل هذا الإنجاز. أنا أعرف اللغط الحاصل في هذا الأمر وأن حزب الله شنّ هذه المعركة. وهناك مواقف صدرت عن تيار المستقبل وغيره. لكن ما يهمني ما حصل اليوم. هناك منطقة كانت مرهونة وتعاني من مشكلة كبيرة جداً، وهذه مشكلة انتهت. وهناك منطقة أخرى فيها داعش، وهذه المشكلة ستنتهي بدورها والجيش اللبناني سيتعامل مع هذا الموضوع بالشكل اللازم». ودعا رئيس الحكومة إلى عدم «المزايدة على بعضنا. لنا رأينا ولحزب الله رأيه. ولكن في نهاية المطاف، التقينا على إجماع ما يهم الشعب اللبناني من أجل الاقتصاد اللبناني والأمن اللبناني والاستقرار والحكومة ومجلس النواب في لبنان».
من جهته، نقل النواب عن رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعد لقاء الأربعاء النيابي، أنّ «ما حصل في جرود عرسال من انتصار على الإرهاب هو انتصار لبناني شامل لاقى إجماعاً لبنانياً، وأثبت أننا قادرون على تحقيق الإنجازات الوطنية ومواجهة التحديات والأخطار المحدقة بالوطن، أكان من العدو الإسرائيلي، أم من الإرهاب التكفيري».