3 آب 2017، جرود عرسال على طريق العودة إلى الشرعية اللبنانية، ممثلة بقواها العسكرية والأمنية، بعد يوم طويل، من إخراج مسلحي «جبهة النصرة» من الجرود، مع آلاف الأشخاص السوريين، من عائلات المسلحين المغادرين، والنازحين الراغبين بالعودة إلى سوريا.
والعملية العسكرية التي بدأت في 21 تموز، والمفاوضات التي تلت، والاتفاق الخاص بالانسحاب والتبادل بين حزب الله وجبهة النصرة، والذي رعاه مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وصفها الرئيس سعد الحريري «بالأيام الصعبة» بعد لقاء اللواء إبراهيم الذي زار السراي الكبير بعد ظهر أمس لإطلاع رئيس مجلس الوزراء «على مجريات عملية التفاوض التي أدّت إلى إخراج مسلحي جبهة النصرة وعائلاتهم من جرود عرسال»، وفقاً لبيان صدر عن المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة.
وقال الرئيس الحريري: «الأهم اننا تمكنا من ان ننجز هذا الإنجاز كدولة، وبشكل سريع للغاية، وجرت مفاوضات صعبة، ولكن في النهاية انجزنا ما نريده وأنهينا هذا المشكل الموجود في جرود عرسال».
وهذا الموضوع سيحضر بقوة اليوم على طاولة مجلس الوزراء، ضمن خطة اعدتها الحكومة لمساعدة أهالي عرسال والمنطقة اجتماعياً ومعيشياً، حيث سيتم تكليف هيئة الاغاثة العليا به.
ورحبت مصادر سياسية بموقف الرئيس الحريري، الذي فتح الباب إلى مرحلة سياسية «متضامنة» من شأنها ان تستفيد من التفاهمات الدولية – الإقليمية حول إيجاد تسوية للوضع المتفجر منذ سنوات في سوريا، مع البحث عن منطقة خفض توتر جديدة.
وفي الوقت، الذي تحدثت فيه مصادر شبه رسمية ان مسؤولاً ايرانياً سيصل إلى بيروت في 9 آب الجاري، كان من المثير للاهتمام الموقف الذي عممه المبعوث الخاص للولايات المتحدة الأميركية إلى سوريا مايكل راتني، لجهة تحذيره من تحويل «جبهة النصرة» ادلب إلى ما يشبه وضعية الموصل (من دون تسمية ذلك صراحة)، إذ أشار الي انه في «حال تحققت هيمنة «النصرة» على ادلب سيصبح من الصعب على الولايات المتحدة الأميركية إقناع الأطراف الدولية بعدم اتخاذ الإجراءات العسكرية المطلوبة» (في إشارة إلى احتمال التدخل العسكري الروسي ضد النصرة في إدلب).
وأشارت مصادر وزارية لـ«اللواء» إلى ان التطورات التي طرأت على الساحة سياسياً أو أمنياً أو دبلوماسياً سترخي بظلالها على جلسة مجلس الوزراء، التي توقع أكثر من وزير ان تكون هادئة وموضوعية، رغم المواضيع الساخنة، لكنها قالت انها ستكون كالعادة، في جلسات العهد الجديد، لن تتجاوز الخطوط الحمراء.
وعلى الرغم من ان جدول الأعمال تضمن عدداً من التعيينات، فإن التوافق السياسي سينسحب عليها، لا سيما بالنسبة إلى تعيين محافظ البقاع ومحافظ الجبل الذي أضيف أمس إلى جدول الأعمال، وهو القاضي محمّد مكاوي خلفاً للمحافظ فؤاد فليفل الأمين العام لمجلس الوزراء، فيما تمّ التوافق على اسم القاضي رولان شرتوني محافظاً للبقاع خلفاً للمحافظ الحالي انطوان سليمان.
الا ان مصادر وزارية لاحظت وجود نوع من امتعاض قواتي على التعيينات الجديدة، بالنظر إلى عدم وجود حصة للقوات اللبنانية فيها.
وكشفت المصادر ان قواتياً هو إيلي زيتوني كان مرشحاً لمنصب عضو مجلس إدارة «أوجيرو» وأن مؤهلاته الإدارية والعلمية تخوّله ذلك، إلا ان القواتيين فوجئوا بأن الاسم المطروح للتعيين هو العوني كمال أبو فرحات.
واللافت انه في حال تعيين أبو فرحات فسيتم ترفيعه درجات عدّة، بينما زيتوني تخوّله درجته ان يتولى هذا المنصب من دون أي ترفيع.
ومن المواضيع التي ستثار في الجلسة من خارج جدول الأعمال، ما حصل من تطورات في منطقة جرود عرسال والمعركة التي خاضها «حزب الله» هناك وما تلا ذلك من مفاوضات أدّت إلى خروج عناصر جبهة «النصرة» من زاوية ما يمكن ان يثيره بعض الوزراء، وايضا من خلال ما اعلنه الرئيس الحريري عن الخطة التي سيطرحها لمساعدة اهالي عرسال.
والى جانب زيارة واشنطن، والعقوبات التي ستتخذ بحق حزب الله، توقعت المصادر ان يتطرق مجلس الوزراء الى موضوع المذكرة التي تبلغها لبنان من دولة الكويت والمتعلقة بتورط حزب الله بخلية العبدلي والتي طالبت لبنان باتخاذ ما يلزم من اجراءات.
وشددت المصادر الوزارية على ضرورة مناقشة هذا الموضوع لتبيان حقيقة الامر، خصوصا وان وزارة الخارجية لم تحرك ساكناً حيال المذكرة رغم اهمية الموضوع، وعلى ضرورة صدور موقف رسمي، نظرا للعلاقات الاخوية الوثيقة التي تربط لبنان مع دولة الكويت، وذلك خوفا من ان يؤدي استمرار السكوت الى حدوث ازمة مع هذا البلد الشقيق ومع دول الخليج الاخرى.
اما بالنسبة لملف بواخر الكهرباء، فقد نصحت المصادر وزير الطاقة سيزار ابي خليل عدم اثارة هذا الملف، رغم انه غير مدرج في جدول الاعمال وذلك بسبب ضعف حجة الوزير ازاء الشوائب الكثيرة التي تشوب هذا الملف بعد تقرير هيئة ادارة المناقصات.
السلسلة
الى ذك، اوضحت مصادر رئاسة الجمهورية لـ «اللواء» ان الرئيس عون سيضع بين أيدي الوزراء مجمل الملاحظات والمعطيات التي كونها بعد ردود الفعل المختلفة حيال مشروع سلسلة الرتب والرواتب وقانون الضرائب.
وأشارت المصادر إلى أن الرئيس عون لا يحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء لاتخاذ قراره حول الأمرين ، مؤكدة حقه الدستوري في ماهية القرار الذي يتخذه، سواء بالنسبة إلى ردّ قانون موارد السلسلة أو التوقيع عليه.
ولفتت إلى أنه سيناقش الموضوع وإجراء التقييم داخل الحكومة باعتبارها السلطة التنفيذية.
وعلم أن رئيس الجمهورية سيعرض أرقاما ومعطيات حول الواقع الإقتصادي وانعكاسات إقرار سلسلة الرتب والرواتب.
وفهم من مصادر وزارية أن الرئيس عون تلقى دراسات وتقارير تتطلب التوضيح والتدقيق.
مما يرجح ان يكون قراره الطلب من مجلس النواب إعادة دراسة القانون إزاء المسائل التي أثارها القضاة والعسكريون المتقاعدون، والمطارنة الموارنة لجهة الأعباء التي تفرضها السلسلة على القطاعين العام والخاص، تفادياً لتعريض القطاع التربوي للمخاطر، فضلاً عن بنود ضريبية، أثيرت في غير مناسبة، سواء مع نقباء المهن الحرة أو المدارس الكاثوليكية.
الا ان زوار الرئيس نبيه بري، نقلوا عنه تشكيكه في امكان رد الرئيس عون لقانون السلسلة لافتا الى ان كافة القوى السياسية شاركت في التفاهم حول السلسلة، بما فيها التيار الوطني الحر.
والامر نفسه استبعده الرئيس الحريري الذي سبق ان اعلن رفضه لتمويل السلسلة من الاستدانة، في حال الغاء الموارد التي اقرت.
خروج القوافل
وهكذا، ومع اقتراب عقارب الساعة نحو الثانية مساء، كانت معظم الحافلات التي تقل مسلحي جبهة «النصرة» وعائلاتهم وآلاف النازحين، قد عبرت جرود عرسال، عند سهل الرهوة، حيث آخر نقطة للجيش اللبناني، باتجاه فليطة في الاراضي السورية، بمواكبة سيارات من الصليب الاحمر اللبناني والدولي، وسيارات للامن العام، وحزب الله، حيث سيخضع هؤلاء للتدقيق من قبل الامن السوري تمهيدا لمتابعة الطريق باتجاه حلب، عبر طريق حمص – حلب، حيث ستتم عملية التبادل مع اسرى الحزب لدى جبهة «النصرة».
وكان هؤلاء المسلحين الموجودين في وادي حميد قد أضرموا النار في مقاراتهم ومبنى الاركان في مخيم الباطون، بحسب ما افاد «الاعلام الحربي» التابع لحزب الله، فيما أمّ أمير الجبهة في القلمون «ابو مالك» التلي صلاة الظهر قبل المغادرة، وألقى فيهم خطبة حاول فيها رفع معنويات مقاتليه، معتبرا ما حصل ليس هزيمة، بل نقل المعركة الى مكان آخر، علما ان التلي كان في مقدمة من خرج في الحافلات، الا انه لم يعرف في اي حافلة من الحافلات التي خرجت وعددها 113 حافلة، من اصل 154 حافلة تجمعت في وادي حميد من البارحة، وتردد ان ما تبقى من الحافلات ستنقل نازحين غير مسلحين اعلنوا رغبتهم بالرحيل مع «سرايا اهل الشام» الى مناطق غير ادلب، وربما في القلمون الغربي.
ولوحظ ان الحافلات التي نقلت المسلحين اسدلت ستائر نوافذها لحجبهم عن كاميرات المصورين الذين تجمعوا لمواكبة الحدث في سهل الرهوة، فيما كانت طائرة مسيرة في الجنوب تحمل علم حزب الله تحوم فوق الحافلات تلتقط الصور وتراقب عملية اخلاء الجرود.
ومع طي صفحة «النصرة» في لبنان، مع تحرير الجرود منها، وخروج مسلحيها، يفترض ان تبدأ صفحة تحرير جرود رأس بعلبك والقاع التي يحتلها تنظيم «داعش»، والتي، بحسب ما تشير المعلومات سيتولاها الجيش اللبناني، وبحسب ما اكد الرئيس الحريري، الا ان المعلومات المتوافرة في هذا الشأن تشير الى ان شرط انطلاق اي مفاوضات مع داعش لتحرير الجرود من دون معارك يتمثل في تقديم معلومات عن مصير العسكريين التسعة المخطوفين لدى هذا التنظيم.
ويفترض ان تتزامن اطلالة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، عند الثامنة والنصف من مساء اليوم، للحديث عن مرحلة ما بعد تحرير جرود عرسال وإخراج 7777 شخصاً هم مجموع المسلحين وعائلاتهم متزامنة مع تسلم الحزب للاسرى الخمسة، وهم، بحسب ما هو معروف، واحد من الهرمل هو حسن نزيه طي، واربعة من الجنوب وهم: مهدي هاني شعيب من الشرقية، وموسى كوراني من ياطر، ومحمد جواد علي ياسين من مجدل سلم، واحمد مزهر من عمشيت، وجميعهم اسروا عند اطراف بلدة العيس في ريف حلب بتاريخ 13/11/2015، باستثناء الاخير الذي اسر في بلدة خلطة بريف حلف ايضا بتاريخ 6/6/2016.