لم أكتشف سرَّاً مستوراً، ولست أعلم إن كان هذا السر متأخراً أم متقدماً، لكنني أدعي بأنَّ التجربة كشفت لنا حقيقة هذا الأمر من أنَّ شعوبنا بشقيها العربي والإسلامي كانت وما زالت وثنية، وأما الإسلام لا يعدو أكثر من وظيفة يعتاش من خلالها أصحاب اللحى والعمائم والصولجانات والعباءات التي تغطي قذراة الشياطين هذه الدكاكين المفتوحة ليلاً ونهاراً لكل الزبائن، وتشعر بأنهم أقرب الأقرباء إلى أصنام من أصنام مكة رغم الفارق الواضح بين صنمٍ كان يأكله صاحبه عند الجوع، وبين صنمٍ يأكلك وهو متخمٌ وأنت تؤدي له عبادة الصباح والمساء.. أشهد وأنا أقرأ وأكتب أنَّ ما يدور حولنا وأمامنا من الجهات والفئات التي تحتمي وراء هذا الشعار الذي يجبُّ ما قبله، هم بائعو جمرٍ وخمرٍ وسلاحٍ للصيد الداخلي، ولم نتفاجأ بهذه الصور الملوَّنة ومن الذين يتقنون فنَّ الألوان ويعرفون كيف ينتقلون ما بين الأصفر والأخضر والأحمر والأسود، وصباغٍ لآخر لا يعرفه ولا يراه إلاَّ من كان بصره من حديد..
إقرأ أيضًا: زنادقة الطائفة والمذهب..!
قبل قريش، وبعد قريش، وما بينهما، قوافل عيرٍ وتجَّار توابل، الأمر واحد وسيَّان، ما خلا سنين قليلة، لم يختلف كثيراً سوى مصطلحاتٍ ولربما ما كان قبل أفضل من بعد، وما تلته بعض كتب التاريخ والصور السينمائية ما هي إلاَّ ضرورة الوظيفة التي نتحتلها ونشغلها، أي الإسلام..! حتى اليوم، ومنذ ذاك التاريخ الذي قلَّ فيه الضوء وكثُرت فيه الظلمات، ونحن من سيءٍ إلى أسوأ، نحن مسلمون ولكن بمعنى مسمى الوظيفة الذي نشغله، فمن شاء المال والجاه والسلطان والوظيفة فعليه أن يعمل موظفاً فيها وسترد عليه مالاً وفيراً بمجرد أن يحمل هذا الإسم، بل ويكون صاحب خبرة قديمة وعتيقة جداً، أي صاحب خبرة طويلة في الإسلام.. لم أكتب شيئاً خارقاً للطبيعة، ولم يكن هذا الأمر مذهلاً حتى هذه اللحظة، نحث على مبادئ الإسلام وندعو للإلتزام بها وبكل قوانينها وأخلاقياتها، ويقول الإسلام : "الدين معاملة"، ومعاملتنا أقبح ما يكون حتى لبعضنا إن كانوا أدنى في الوظيفة..! الإسلام يقول: "لا تسرق" ويوصي بالوصايا "العشر"، ونصف أموالنا سارقة ومسروقة، وراكبة ومركوبة، وجار ومجرور، ومجرور بالإضافة، وفاعل ومفعول، ومفعول به ومعه ولأجله ومطلقاً.
إقرأ أيضًا: هذا ما أفرزته أحزاب الضرائب...
إسلامنا يقول "كن عادلاً " لكن العدل غادر وارتحل، وشهد شهود عليه في مجتمعنا وأقسموا بأنهم رأوه بأعينهم يدفن نفسه حياً... إسلامنا يقول: لا تكذب" فنحن صادقون حتى ينقطع النفس.! لم أخترع شيئاً جديداً لترى ما كان من قبل، كانوا يعبدون صنماً ليقربوهم إلى ربهم زلفاً، وما كان بعد حتى هذه اللحظة، عبدة أحجار، وأشجار، وأحياء، وأموات، وأبواب، وكوى، وعواد، وأعمدة.. ما كان من قبل، متفرقون إلى قبائل وشعوب، وما كان بعد حتى هذه اللحظة، نحن متفرقون منازل وبيوتاً، بل آحاداً وأفراداً وجماعات وأحزاباً ومساجد ودور عبادة، فلا تراحم ولا تواصل ولا رحمة ولا مودة ولا إلفة، حتى في البيئة نفسها..! يأتيك أحدهم بلحية رثة، وكثَّة، وربما حسنة التشذيب، والتي هي لدى الكثيرين علامة على النصب والمنصب في الوظيفة، عندما ترى في وجهه ترى غضب الله، وكأن الرجل خلق غصباُ عنه، لكن لا يهم ولا يضر، سيبقى في منصبه ونصبه طالما شفعت له خبرته الطويلة في صحوته الإسلامية وتؤيدها لحية مكتظة وعلامة سوداء من كثرة سجوده في جبينه، وإن كانت محلية الصنع والصناعة.. يكفي لتظهر الوثنية في مجتمعنا ـ العربي ـ الإسلامي ـ عندما يقتل الحاكم ويبيد شعباً وشعوباً بحجة محاربة أعداء الإسلام، لكن في الواقع أعداء وظيفته، والجماهير تهتف وترفع الأيدي والرايات لمن تعتقد أنه يقتر عليها في المأكل والمشرب والوظيفة.. وأخيراً سواء بقي الإسلام أم ارتحل، سيبقى صنمنا ووثنيتنا فينا ألا وهو الدينار والدرهم والريال والتومان والدولار وما بينهما من ألوان، والغاية الصنمية ومن أجلها فقط شغلنا الوظيفة.