أثارت كلمة الرئيس ميشال عون في ذكرى تأسيس الجيش اللبناني وترحيبه بإنجاز حزب الله في جرود عرسال جدلا واسعا، خاصة وأنه كان من المفروض أن تكون هذه المناسبة فرصة للتأكيد على ضرورة حصر حماية البلد بيد المؤسسة العسكرية دون غيرها
 

أشاد الرئيس اللبناني ميشال عون بتحقيق حزب الله انتصارا على جبهة فتح الشام (النصرة سابقا) في جرود عرسال خلال احتفال رسمي أقيم الثلاثاء بمناسبة الذكرى الـ72 لتأسيس الجيش اللبناني.

وهذه هي المرة الأولى التي يبدي فيها عون موقفا علنيا مؤيدا للعملية العسكرية التي شنها الحزب في المنطقة الحدودية مع سوريا، وانتهت بصفقة بين التنظيمين رعتها كل من إيران وقطر.

ولا تحظى العملية التي بدأها الحزب في 19 يوليو الماضي بأي إجماع داخلي، حيث أن العديد من القوى السياسية وعلى رأسها تيار المستقبل قد عارضتها بشدة من جهة ضرورة حصر حماية الحدود ومواجهة التحديات الأمنية بيد الجيش وأجهزة الأمن.

ويعتبر المعارضون أن تولي الحزب للعملية يأتي لدوافع إقليمية مرتبطة بحسابات إيرانية أكثر منها لبنانية، وتتساءل بعض الأوساط عن الحكمة من قيام حزب الله بمواجهة تنظيم فتح الشام في جرود عرسال، فيما ينتشر عناصر داعش الذي تبنّى العديد من العمليات الإرهابية في الداخل اللبناني ويوجد لديه 9 أسرى من الجنود اللبنانيين، في أكثر من بقعة حدودية بين سوريا ولبنان وأهمها جرود القاع ورأس بعلبك.

ومعلوم أن الرئيس عون والتيار الوطني الحر كانا من الأطراف المباركة لعملية حزب الله ضد النصرة، بيد أن عون تحاشى الخوض فيها في العلن خلال الأيام الماضية، ليطل في عيد الجيش مشيدا بها، في موقف يكرس الانقسام بين رموز الدولة، ويدعم المنطق الميليشياوي الذي يتعارض مع منطق الدولة. وقال عون في كلمة له خلال الاحتفال الذي احتضنته الكلية الحربية شرقي العاصمة بيروت، “آخر نصر للبنان، كان تحرير منطقة غالية من الحدود الشرقية، من براثن التنظيمات الظلامية”.

اهتمام غربي بالمواقف التي تطلقها القوى اللبنانية إزاء حالة التعايش الحاصلة بين منطق الجيش ومنطق الميليشيا
وتأتي إشادة الرئيس اللبناني بحزب الله على وقع سجال إقليمي ودولي أيضا حول أنشطة الحزب وتناقضها مع وظيفة الجيش اللبناني بصفته القوة العسكرية الوحيدة المفترض أن تناط به مهمة الدفاع عن البلد.

ونقل عن مراجع دبلوماسية غربية أن عواصم العالم تنظر باهتمام واضح إلى المواقف التي تطلقها الطبقة السياسية إزاء حالة التعايش الحاصلة بين منطق الجيش ومنطق الميليشيا السائد في لبنان.

ولفت عون إلى أن “لبنان يتطلع الآن إلى قواته المسلحة والمتأهّبة لتحقيق نصر جديد، وتحرير ما تبقّى من أراضٍ استباحها الإرهاب لسنوات”، في إشارة إلى منطقتي القاع ورأس بعلبك حيث بدأ الجيش يقرع طبول الحرب لطرد تنظيم داعش منها.

وأشار إلى أن “تحدّيات كبيرة ملقاة على عاتق المؤسسات العسكرية والأمنية لمواجهة أخطار الإرهاب والاعتداءات على لبنان”.

وأكد عون أن “لبنان كان سباقاً في حربه على الإرهاب؛ فالجيش واجه الإرهابيين في محطات متتالية ونجح في تعزيز الاستقرار السياسي والأمني في البلاد، وتثبيت السلام على حدودنا الجنوبية، بفضل التفاف الشعب حوله، وتمسك لبنان بتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة”. ويقول محللون إن سلاح حزب الله وأجندته التي تتناقض ومصالح الدولة اللبنانية ستبقى عنصرا مكرسا للانقسام اللبناني بيد أن هناك قناعة سائدة بين القوى السياسية في هذا البلد، بضرورة الحفاظ على سياسة ربط النزاع، والتعايش مع الأمر الواقع في ظل التهديدات التي تتربص بأمن لبنان، وتحقيق المزيد من الالتفاف حول المؤسسة العسكرية.

ويشير سياسيون لبنانيون إلى أن الاحتفال الرسمي بعيد الجيش بحضور أركان الدولة جميعا، يوفر للجيش اللبناني إجماعا رسميا على أنه الأداة العسكرية الشرعية الوحيدة التي يلتف حولها كافة اللبنانيين.

وحضر الاحتفال بعيد الجيش إلى جانب رئيس الجمهورية كل من رئيس مجلس النواب (البرلمان) نبيه بري، ورئيس الحكومة سعد الحريري، وحشد من المسؤولين والسفراء والعسكريين.