كتب الشيخ الشيعي العراقي عبد الجليل النداوي مخاطباً إيران وعملائها من الشيعة العرب .
إلكم حلال أست.. إلنه حرام أست..؟!

تشتعل مواقع التواصل الاجتماعي بالمنشورات والتعليقات التي تنال من سيد المقاومة بلا مُنازع، وبقيّة السيف من آل الصدر الكرام، سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد مقتدى الصدر (أعزّه الله) اعتراضاً على زيارته للملكة العربية السعوديّة..!!
ولا أريد أن أنبش القبور بهذا المقال، وأقلّب الأوراق الصفراء لأريكم بالصور مَنْ زار الرياض في العام 1997 وانحنى على يد الملك فهد بن عبد العزيز وعينه ترمق ـ بالخفاء ـ جيوب الملك حالماً بما سيتلقاه من الريالات ولعابه يسيل، مع أنّه كان يعيش في ظل دولة "الولي الفقيه"..!!
فمن يتهمون الصدر العزيز بأنّه ذهب إلى جدّة طمعاً بريالات ملك السعوديّة واهمون، فالصدر أعزّ وأجلّ من أن يمُد عينيه إلى الريالات، وهو ليس بحاجة لها، فشعب الصدر شعب الوفاء والكرم، وهو على استعداد أن يخرج من كل ما يملك ويُقدّمه بين يديه الكريمتين، كيف لا وهو الذي جاد له بالنفس والولد، وتراكض رجاله حفاة خلف دبابات المُحتل حينما طلب منهم سيد المقاومة ذلك، بينما كانت قياداتكم تقف بالطوابير ـ في المنطقة الخضراء ـ من أجل أن تستلم تلفون الثُريا..!!

إقرأ أيضًا: السعودية تستقبل مقتدي الصدر.. ماذا عن شيعة لبنان؟
حتى أن "بريمر" قالها (بريمر هو الحاكم الأمريكي الذي عينته أمريكا حاكما على العراق بعد غزوه) ـ دون أن يستحي منهم لعلمه أنهم لا يستحون منها ـ أنّه وفي أول اجتماع له بهم وبينما كان يجلس على طرف الكُرسي يترقّب أن يقوم له حُرٌ منهم ليسأله: لماذا فلعتم ما فعلتم بالعراق من دمار وخراب وقتل..؟! لكنّه سرعان ما اكتشف أنّهم عبيد، فقد كان سؤالهم الوحيد: (أين رواتبنا ومستحقاتنا..؟!). بينما كانت جثث العراقيين تملأ الشوارع ودُخان القصف الأمريكي يُغطي سماء العراق ويحجب عنه ضوء الشمس، وهنا قال كلمته الشهيرة: 
لقد علمت أن القوم لا يُمثلون الشعب العراقي ولا يستحقون أن يُمثّلوه، فارتميت على الكُرسي وغرقت فيه..!!
فالصدر ـ وأنتم تعرفون ذلك جيداً ـ لم يذهب إلى السعودية طمعاً بريالاتها، إنما ذهب بدعوة رسمية جاءته من ولي عهدها محمد بن سلمان آل سعود، فذهب إلى جِدّة ليُسافر ولي العهد السعودي من الرياض إلى جِدّه ليلتقي بالصدر في مقر إقامته تكريماً وإجلالاً لضيفه الكريم على عادة العرب بتكريم ضيوفها.
نعم.. لقد ذهب الصدر رأساً عزيزاً ليتباحث مع ولي العهد السعودي ويحدّثه حديث النّد لندّه، باعتباره زعيماً وطنياً عراقيا، لا كذيل ذليل يستلم الأوامر دون نقاش كما يفعل البعض حينما يُسافر إلى طهران ويلتقي بـ "تاج راسه" ويُصرّح من هناك أنّه (جندي عند الحاج قاسم سُليماني)..!! 
لا.. لا.. فالصدر ليس جندياً لأحد أو عند أحد إنما هو قائدٌ عراقي وجد أن من مصلحة بلده أن يعبر به حدود الطائفيّة ليؤسس لعلاقات إسلاميّة عربيّة متوازنة تُزيل عنّا شبح التخندق الطائفي الذي طالما عزفتم على أوتاره وجنيتم ثماره أمولاً طائلة ـ يا تُجّار الحروب ـ أما بسرقتها من رواتب الحشد الشعبي ـ كما فعل مَنْ يدعون أنّهم قادته إلى حد أن السيد رئيس الوزراء تذمّر منهم ـ أو بسرقة مصفى بيجي وباقي المؤسسات الحكوميّة، وحتى المخازن والأسواق الأهلية والبيوت، ولم يجنِ الشعب العراقي منه إلا مزيداً من التوابيت التي حملت زينة شبابه إلى مقابر النجف..!!
ثم لماذا إذا ما ذهب الصدر إلى بلد عربي يكون خائناً للمذهب ويُريد من وراء زيارته أن يضرب إيران، فهل إيران أصبحت ولي أمرنا نقول ما تقول، ونرضى عمّن ترضى، ونغضب عمّن تغضب..؟!
طبعاً الإيرانيّون أنفسهم لو وجدوا أن من مصلحتهم أن يُعيدوا العلاقات مع السعودية لما انتظروا رأيكم ولا رأي قياداتكم، كيف لا وهي التي رضت أن تستورد قطع الغيار والسلاح من أمريكا ـ أيام حرب الثمانينات ـ بل وتم نقل تلك الأسلحة بطائرات نقل "إسرائيلية" طارت من تل أبيب لتحط في طهران، في فضيحة (إيران جيت) الشهيرة..!!

إقرأ أيضًا: مقتدى الصدر في السعودية: الدلالات والأهداف
فالإيرانيون لا ينظرون إلا لمصلحة بلدهم وهو حق لهم، ولسنا نعتب عليهم إذا ما بحثوا عن مصالحهم، ولسنا نعاديهم ـ بالمناسبة ـ إنما نحن ننتقد سياستهم الانتهازيّة التي اتبعوها في العراق من قطعهم لروافد نهر دجلة إلى سرقة النفط من بئر الفكة الرابع، إلى قتل الصيادين العراقيين في شط العرب إلى تجنيد شبابنا في حروبها الطائفية، فكل ما حصلنا عليه من طهران هو الخراب والعمل على ضرب الاقتصاد العراقي في كل القطاعات الزراعية والصناعية وحتى البنكية، إذ أخذ بعض العراقيين السُذج يودعون أموالهم بالعملة الصعبة في مصارفها..!!
وهل نسيتم كيف أغرقت السوق العراقيّة بالطماطم حتى أصبحت تباع بسعر التراب لضرب زراعتها في العراق ولما أحجم المزارعون العراقيون عن زراعتها ارتفع سعر الكيلو إلى 3000 دينار عراقي، هكذا تلاعبت حتى بأسعار أسواقنا، وحاربت الفقراء بقوت يومهم، ونحن نيام، مخدوعون بشعاراتها الرنانة الطنانة الزائفة..!!
أما بخصوص دعمها للفصائل المسلحة فقد كانت تتقاضى الأموال مضاعفة مقابل كل رصاصة بعثتها، وهذا ما صرح به الكثير من قيادات الحشد الشعبي وعلى رأسهم الحاج هادي العامري، حينما أعلن إن إيران لا تساعدهم حتى ولو برصاصة واحدة دون مقابل..!!
نعم.. نحن لسنا ضد إيران ولكنّا ننتقد سياستها الانتهازية في العراق ونبحث عن علاقات متوازنة، نبحث عمّن يمد يد العون للعراق دون أن يضر بسيادته، أو يفرض علينا شروطه، ويؤسس لميليشيات يخرج قادتها على الهواء مباشرة ـ بين الفينة والأخرى ـ ليُهددوا الدولة العراقية بالانقلاب وإسقاط الحكومة متى ما جاءتهم الأوامر من طهران، كما قالها أحد شيوخهم : 
(إذا جاءتنا الفتوى بدخول المنطقة الخضراء وإسقاط الحكومة نتوكل على الله وننفّذ)..!!
ونقولها بصراحة وبالصوت العالي لا نريد جيشاً رديفاً لجيشنا الوطني يخطف القطريين ـ لأنهم يدعمون داعش ـ ويُساوم عليهم ويستلم الأموال، وبعد شهر واحد فقط يتباكى على قطر وحصار قطر..!!
فكفاكم الكيل بمكيالين.

عبد الجليل النداوي