جرود عرسال وبواخر الكهرباء والسلسلة إرهقت الكل
المستقبل :
بعد سنوات شغور عجاف نكّلت بالدولة ونكّست «سيوف» مؤسستها العسكرية، يعود الجيش اليوم ليستلّ السيف من غمده محتفلاً بعيده الـ72 في حضرة رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، وسط مشهدية تؤكد كل المعطيات والتحضيرات أنها ستكون استثنائية ومميزة «شكلاً وجوهراً» خلال حفل تقليد السيوف الذي سيُقام صباحاً تحت شعار «بمجدك احتميت» في المدرسة الحربية في الفياضية بعد غياب طويل منذ العام 2013. وعشية العيد حرص رئيسا الجمهورية العماد ميشال عون ومجلس الوزراء سعد الحريري على تثبيت دعائم الغطاء الرسمي للمؤسسة العسكرية في سياق يؤكد أن الأمر والإمرة للجيش في الحرب ضد الإرهاب، في حين أفادت مصادر قصر بعبدا «المستقبل» أنّ كلمة رئيس الجمهورية خلال احتفال الفياضية سوف تركز في مضامينها على معاني التضحية في سبيل الذود عن الوطن مع تشديده على أهمية دور الجيش في مواجهة الإرهاب وتأكيده على محورية هذا الدور في حماية السيادة واسترجاع الأرض. وأمس، غرّد عون مستذكراً شهداء المؤسسة العسكرية في عيدها، بينما أكد الحريري في تغريدة معايدة للجيش عدم إدخار «أي جهد للوقوف إلى جانبه في معركته ضد الإرهاب».
وكان رئيس مجلس الوزراء قد عبّر من قصر بعبدا عن الدعم المطلق للمؤسسة العسكرية، مؤكداً رداً على أسئلة الصحافيين عن موقف الحكومة إزاء المواجهة المرتقبة مع «داعش» في جرود القاع ورأس بعلبك أنّ «الجيش يحظى دائماً بتغطية شاملة لكل عملياته العسكرية (...) وعندما تحين ساعة الصفر سيكون الجيش منتصراً بإذن الله، فالحكومة وكل القوى السياسية تقف إلى جانبه».
وبعد لقاء عقده مع رئيس الجمهورية وضعه خلاله في أجواء ونتائج المحادثات التي أجراها في الولايات المتحدة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعدد من المسؤولين الأميركيين، أوضح الحريري أنّ كل المواقف التي أطلقها أثناء الزيارة «كانت نابعة من الرغبة في حماية لبنان والمواطنين والاقتصاد»، أما في ما خصّ الموقف الأميركي من بعض الأفرقاء في لبنان فلفت إلى أن مواقف الدول يتم إطلاقها علناً بوجوده كما في غيابه، وأردف قائلاً: «موقفي هو أن لبنان يعاني أزمات وتحديات، يجب علينا أن نحمي الاقتصاد اللبناني في وجه عقوبات يتحضر لتطبيقها مجلس النواب ومجلس الشيوخ الأميركي، وهذا كان السبب الأساسي للزيارة، إضافة طبعاً الى استكمال المساعدات لمحاربة الإرهاب، وكل ما يُقال عن أن زيارتي كانت من أجل تغيير الموقف الأميركي هو من باب المزايدات التي يعلم أصحابها أنّ هذا الأمر غير صحيح، وهو كلام غير مسؤول».
وفي معرض إعرابه عن الاستعداد لإطلاق جولة انتاجية جديدة تفعّل العمل الحكومي، أعلن الحريري أنّ مجلس الوزراء سينعقد بعد غد الخميس في جلسة ستشهد إقرار سلة تعيينات جديدة «من أجل تعزيز أجهزة الرقابة والتفتيش»، موضحاً رداً على استفسارات الصحافيين حول ملف سلسلة الرتب والرواتب، أنّ ما يهمه هو «المحافظة على موازنة الدولة وعدم إضافة أي ديون لتأمين الموارد للسلسلة»، وطالب في هذا الإطار المعترضين بتقديم «بدائل فعلية لا وهمية لتمويل السلسلة» لافتاً الانتباه إلى أنّ «إطلاق الكلام في الهواء سهل».
غارات لبنانية على الجرود
ولمناسبة الذكرى الثانية والسبعين لتأسيس الجيش، وجّه قائده العماد جوزيف عون «أمر اليوم» إلى العسكريين، مشدداً على أهمية دورهم وتضحياتهم في مواجهة التنظيمات الإرهابية وإحباط أي محاولة منها «للنفاذ باتجاه البلدات والقرى الآمنة أو باتجاه مخيمات النازحين»، وأضاف متوجهاً إلى العسكريين: «شكّلتم الخطوط الحمر التي لا يمكن لأحد أن يتجاوزها، لأنه تجاوز لمصالح الدولة ومؤسساتها، وتجاوز لسلامة المواطنين وحقهم المقدس في العيش الآمن الحر الكريم».
وتزامناً، برز عشية العيد دخول سلاح الجو اللبناني بقوة على ساحة المعركة ضد الإرهاب، بحيث أفيد أمس عن شنّ الجيش غارات بواسطة مقاتلاته من نوع «سيسنا» على مواقع وأهداف تابعة لتنظيم «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع حيث قصفت الطائرات العسكرية هذه الأهداف بخمسة صواريخ جو أرض من طراز «هيل فاير» الذي يتمتع بفاعلية تدميرية كبيرة وتستخدمه مقاتلات الأباتشي الأميركية.
.. وتفكيك خلية «داعشية»
توازياً، استقطبت الاهتمام أمس العملية النوعية التي أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي عن تنفيذها من قبل شعبة المعلومات في إطار الأمن الوقائي الاستباقي. إذ وبنتيجة المتابعة الاستعلامية والميدانية، نجحت الشعبة في تفكيك «خلية أمنية خطيرة تعمل لصالح تنظيم «داعش» في لبنان» وتمكنت من توقيف كامل أعضائها الأربعة فضلاً عن ضبط 13 صاروخاً مذنّباً عيار 60 ملم و13 صاعقاً كهربائياً وبنادق ومسدسات وذخائر حربية وأجهزة تواصل لاسلكية وحافظات معلومات وشرائح تتضمن خرائط مفصّلة لمنطقتي الشمال والبقاع وغيرها.
وبالتحقيق مع أعضاء الخلية الإرهابية (م. ب وهو المشغل الرئيسي للشبكة ويحمل الجنسيتين اللبنانية والفرنسية، واللبنانيين ف. د، ج. ج، أ.ح) تبيّن تواصلهم مع كوادر هامة في «داعش» في سوريا والعراق بهدف تنسيق عمل هذا التنظيم في داخل لبنان والخارج من النواحي الأمنية والميدانية واللوجستية والمالية
الديار :
بدأ الجيش اللبناني عشية الاحتفال بعيده ال72عملية استطلاع «بالنار» لمواقع «داعش» في جرود «رأس بعلبك» والقاع،مستخدما طائرة «سيسنا» المزودة بصواريخ «هالفاير» الاميركية، والمدفعية الثقيلة، وذلك في مؤشر على ارتفاع جهوزية الوحدات القتالية استعدادا لتطهير تلك الجرود من المجموعات الارهابية، وكذلك لردعها عن القيام باي تحركات مفاجئة.. وفيما ارجأ «ترحيل» من تبقى من ارهابيي «النصرة» وعائلاتهم الى اليوم لاسباب لوجستية، يتكشف المزيد من «خفايا» «واسرار» العملية العسكرية «الخاطفة» التي نفذها حزب الله في جرود عرسال، في ظل معلومات جديدة عن «اجندة» اميركية كانت قد وضعت قبل شهرين تقضي «بتنظيف» المنطقة من «داعش» واستثناء «النصرة»، وقد عمل الحزب على «اجهاضها».. في غضون ذلك عاد رئيس الحكومة سعد الحريري اكثر «تواضعا» من زيارته الاميركية بعد ان سمع كلاما واضحا حول انعدام الخيارات الاميركية في لبنان والمنطقة، وستكون هذه الزيارة بندا اولا من خارج جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء المقبلة، في ظل اسئلة كثيرة سيطرحها عدد من الوزراء حول اسباب «صمت» الوفد الرسمي ازاء «المواقف» الاميركية التي تتناقض مع «الاجماع الوطني» اللبناني.
فقد ارجأت عملية «ترحيل» مقاتلي «جبهة النصرة» الى اليوم بعدما حالت موانع لوجستية من اتمام العملية يوم امس، ونفت اوساط معنية بهذا الملف، وجود اي عوائق اخرى او تعديلات في التسوية التي فرضت «بالنار» على المجموعات الارهابية، ولذلك لا صحة لمعلومات حول فرض ابو مالك «التلي» لشروط جديدة تتعلق بموعد اطلاق اسرى حزب الله الثلاثة الموجودين في وادي حميد، لانه لا يملك «ترف» الاشتراط او التراجع عن التفاهم السابق، ومن المفترض ان يتم اطلاق هؤلاء قبل مغادرة آخر الحافلات الاراضي اللبنانية باتجاه فليطة السورية، فيما يتم الافراج عن الاسرى الخمسة الاخرين في حلب، بالتزامن مع دخول الباصات الى ادلب، وفق خطة مقسمة على خمس مراحل... وبعد ان عملت الجرافات التابعة لحزب الله على تحسين وضع الطرقات في الجرود، يفترض ان يغادر على متن الباصات نحو 9 آلاف شخص من عرسال الى فليطة ومنها الى حمص وصولا الى ادلب، ويتم تسجيلهم على لوائح يتم التدقيق بها من قبل الاجهزة الامنية اللبنانية والسورية، فيما تجري التحضيرات لاخراج نحو 5 آلاف آخرين تابعين «لسريا اهل الشام» الى الداخل السوري، ومعظمهم الى القلمون الغربي، بعد اتمام المصالحات مع الدولة السورية، وبعدها سيتم اغلاق المخيمات المقامة في وادي حميد ومنطقة الملاهي، وسيقل نهائيا ملف «جبهة النصرة» على الاراضي اللبنانية.
«اجهاض» الاجندة الاميركية
في هذا الوقت، يتكشف المزيد من «خفايا» العملية العسكرية التي قام بها حزب الله في جرود عرسال ضد «جبهة النصرة»، ووفقا لمصادر دبلوماسية في بيروت فان قيادة الحزب اتخذت قرارها الحاسم بضرب البؤرة الارهابية في تلك المنطقة عقب زيارة قائد القيادة المركزية الاميركية الجنرال جوزيف فوتل الى لبنان قبل نحو شهرين، وجولته على الحدود الشرقية، تبين حينها عن «الاجندة» الاميركية تقوم على دعم الجيش للقيام بعملية عسكرية ضد «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع، مع بقاء «الخطوط الحمراء» القديمة والتي منعت الجيش في العام 2014 من استئصال «جبهة النصرة» من عرسال وجرودها بعد اعتدائها على مواقع الجيش المنتشرة هناك..
ولفتت تلك الاوساط الى ان فوتيل وخلال زيارته تلك كان حريصا للغاية على ابعاد حزب الله عن المشاركة في اي عملية عسكرية في تلك المنطقة، واذا كان قد ركز في تصريحاته العلنية على «فخر بلاده بالمؤسسة العسكرية مشددا على انها «المدافع الوحيد عن لبنان»،فهو كان صريحا في لقاءاته مع بعض المسؤولين اللبنانيين بالتأكيد على اولوية هزيمة «داعش»، ولا شيء غير ذلك في هذه المرحلة، بحجة ان «جبهة النصرة» قد تكون جزءا من «الحل» السوري فيما بعد، ولا تشكل في الوقت الحالي «خطرا» موازيا لتنظيم «داعش»...
هذه الاستراتيجية الاميركية «المريبة» التي تحمل في طياتها قرارا واضحا في مواصلة «الاستثمار» بجبهة النصرة،خدمة لاجندة اسرائيلية، وبعض الحلفاء الاقليميين، لابقاء حزب الله تحت الضغط، «رسالة» فهمها الحزب جيدا... وبحسب اوساط معنية بهذا الملف، فان زيارة فوتيل الشخصية لاستطلاع الميدان، ووضع «خطوط حمراء» على الارض، دفعت المقاومة الى استعجال الاعداد للعملية العسكرية، وقلب الاولويات، فالمواجهة مع «النصرة» هي الاصعب لارتباطها اولا «بحساسية» الوضع في عرسال، وثانيا وجود مخيمات اللاجئين، وثالثا وجود خطوط امداد لوجستي لعناصرها مع تلك المخيمات، لكن كان لا بد من البدء من هناك، لقطع الطريق على ما تخطط له واشنطن في تلك المنطقة، وهكذا كان، تم تجاوز «الفيتو» الاميركي، واستغلال «ارباك» الدول الداعمة، قضي على «النصرة» في زمن قياسي، بعدما راهن الاميركيون على دخول الحزب في «مستنقع « الجرود، الوعود «الزائفة» خزلت «ابو مالك التلي» الذي ظل يشكك في جدية الحزب، او قدرته على تجاوز الموانع الاقليمية والدولية، «ذهول» الاميركيين بقدرات حزب الله القتالية، لا يخفي «القلق» المتزايد من استمرار خروج الحزب عن «السيطرة» متسلحا بالمزيد من الخبرات العسكرية، وكذلك «الاحتضان» الوطني لخطواته..
زيادة «الضغوط» على «داعش»
وبعد ساعات من توزيع «امر اليوم» على العسكريين عشية الاحتفال بعيد الجيش، وتاكيد العماد جوزيف عون على «ان الارهاب هو نفسه سواء اتى من الحدود الجنوبية او من الحدود الشرقية»، قامت وحدات الجيش برفع منسوب الضغط «الناري» على مواقع «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع، ووفقا لاوساط امنية فان التصعيد المتدرج للعمليات العسكرية يأاتي في سياقين، الاول ابقاء المسلحين في وضعية دفاعية في الجرود بانتظار استكمال الجيش لجهوزيته العسكرية، وسط معلومات عن احتمال قيام مسلحي «داعش» بعمليات تستبق الهجوم المقرر، لاحداث مفاجئة ونقل المعركة الى القرى اللبنانية المتاخمة للحدود، وذلك لارباك خطط الجيش واخذ المعركة الى مكان آخر غير محسوب..اما السياق الثاني فيرتبط بمحاولة زيادة الضغط العسكري لاجبار المسلحين على «التفاوض» لابرام تسوية تخرجهم نحو البادية السورية، «شريطة» الكشف عن مصير العسكريين المختطفين..ومن المرجح ان تتزايد وتيرة التصعيد الميداني في الايام القليلة المقبلة بعد الانتهاء من اخراج «جبهة النصرة» من الجرود...وستحصل المؤسسة العسكرية على المزيد من «التغطية» السياسية العلنية اليوم من خلال الكلمة المرتقبة لرئيس الجمهورية ميشال عون خلال تخريج دفعة جديدة من الضباط في احتفال عيد الجيش.
«تواضع» الحريري
في غضون ذلك، اطلع رئيس الحكومة سعد الحريري رئيس الجمهورية ميشال عون على نتائج زيارته الاميركية، وابلغه بحسب اوساط وزارية بارزة، انه لم ينجح في فعل الكثير فيما يتعلق بالعقوبات المالية التي يتم دراستها في الكونغرس، ولعل الايجابية الوحيدة كانت التاكيد الاميركي على استمرار الدعم العسكري للجيش.
ووفقا لتلك الاوساط، فان «خيبة امل» الحريري لا ترتبط بملف العقوبات، فهو لم يكن متفائلا اصلا بامكانية احداث اختراق في هذا السياق، لكن ما شكل «صدمة» لرئيس الحكومة، كان ما سمعه من محدثيه الاميركيين سواء في الادارة الاميركية او اعضاء الكونغرس، حيال استراتيجية البيت الابيض حيال المنطقة، ولمس هناك عمق «ازمة» دونالد ترامب الداخلية، وكذلك الهوة الكبيرة بين الرئيس الاميركي، ووزيري خارجيته ودفاعه..
وكان كلام من التقوه واضحا لجهة تراجع قوة التأثير الاميركي في سوريا امام موسكو، وتزامن وجوده في واشنطن مع الكشف عن وقف برنامج تمويل وتدريب وتسليح تنظيمات المعارضة السورية «المعتدلة»، واشتراط ادارة ترامب حصر مواجهتها بـِ «داعش» وعدم مقاتلة الجيش السوري... اذا ما رغبت بعودة المساعدات. والمح بعض محدثيه، بان دور اميركا العسكري في سوريا سيتقلص، ولن يمضي وقت طويل قبل أن تقوم بسحب قواتها البرية من شمال سوريا وشرقها بالتفاهم مع الروس، بعد نجاح تجربة مناطق «خفض التصعيد».
هذه المؤشرات السلبية ترافقت مع استمرار التصعيد في الازمة الخليجية، وسط التخبط الاميركي الواضح في ايجاد مخارج مناسبة لها، وهذا سيؤدي الى استمرار غياب لبنان عن الاجندة السعودية، ومع قيام حزب الله بالعملية العسكرية في الجرود متجاوزا «الفيتو» الاميركي، وفي ظل غياب اي ردود فعل اقليمية ودولية مؤثرة في هذا السياق، عاد الحريري الى بيروت اكثر «تواضعا» في طموحاته، وبحسب الاوساط الوزارية نفسها، ابلغ المحيطين به بتلك الظروف «السيئة» وذلك في سياق تبريره التمسك بسياسته الراهنة القائمة على تجنب اثارة الازمات الداخلية، والتمسك باستراتيجية «ربط النزاع» مع حزب الله، وتعزيز التفاهمات مع الرئاسة الاولى.
الجمهورية :
اليوم عيد الجيش، ولهذا العيد نكهة مميزة هذا العام؛ نكهة بطعم المعنى الحقيقي للشرف والتضحية والوفاء. نكهة بطعم الثأر من آب 2014 والتخلّص من الإرث الثقيل الذي فرضه غدر الارهاب في عرسال، نكهة تعبق منها رائحة سواعد أولئك العسكريين الذين سيرفعون شارة النصر على ما تبقى من مجموعات ارهابية تدنّس التراب اللبناني في جرود راس بعلبك والقاع، نكهة بطعم الوطن. فها هي عيون اللبنانيين، كل اللبنانيين شاخصة الى ابنائهم، وقلوبهم تنبض معهم من أدنى رتبة فيهم الى اعلاها وتمدّهم بالسلاح الاقوى؛ سلاح الالتفاف حول الجيش واحتضانه وشد أزره في ميدان الشجاعة والوطنية واستعادة الارض المخطوفة وتطهيرها من نجاسة إرهاب لا يتقن لغة الّا لغة الفتنة والتخلف والدم والذبح وقطع الرؤوس.
ها هو الجيش المرابط على الحدود وفي كل بقعة من لبنان صوناً لأمنه واستقراره، اكثر حضوراً وثباتاً، واكثر ثقة بالنفس، واكثر جهوزية وتصميماً وإرادة والتزاماً بشعار الشرف والتضحية والوفاء، وبقسمه الذي قطعه لتحقيق النصر المبين في حربه على الارهاب.
ها هو يتقدّم في معمودية النار دفاعاً عن لبنان ومنعاً لسقوطه، ويثبت انه كان وما زال يشكّل آخر معالم الحفاظ على الدولة والكيان، صمد في أخطر المراحل، ولم يسقط امام الارهاب، ولم يتراجع بل قدّم مثالاً للعالم كله بأنّه الذراع الاساس في محاربة هذا الارهاب البغيض.
وفي العيد يقف الجيش شامخاً امام إنجازات كبرى حققها بإمكانات اقل من متواضعة، وَفّرت الامن والامان للبنانيين، وعينه ما زالت ساهرة في الداخل ويَقظة على الحدود، متجاوزاً تلك المطبّات والمعوقات التي حاولت تلك الاصوات النشاذ، النافخة في نار التشكيك والتحريض أن تزرعها في طريقه، لكنها لم تحرفه عن القيام بمهامه وبما تقتضيه المسؤولية الكبرى الملقاة على عاتقه، في الوصول بلبنان الى برّ الامان الذي يتوخّاه كل لبناني، وعودته كما كان بلداً جميلاً آمناً سليماً معافى مُصاناً ولا مواطن فيه خائفاً على حاضره وقلقاً على مستقبله.
وفي العيد ترسم خريطة الانتصار المنتظر، فها هي عرسال تعود الى الوطن، وتخلع عنها ثوب الارهاب وتسقط تلك الرايات المظلمة التي استباحتها، وترفع راية الجيش، وها هي جرود راس بعلبك والقاع تنتظر تلك اليد التي ستعيدها الى أحضان الوطن، وما انبلاج الفجر الّا قريب.
في هذه الصورة، جاء «أمر اليوم» في العيد الثاني والسبعين للجيش، الصادر عن قائد الجيش العماد جوزف عون حيث قال فيه: عيون اللبنانيين شاخصة إلى شجاعتكم وبسالتكم في الميدان، تقدّمون التضحيات الجسام دفاعاً عن أرضكم وشعبكم وعلم بلادكم. أنتم من يضع الخطوط الحمر أمام كلّ من يحاول زعزعة الأمن والنظام، وضرب المؤسسات، والعبث بالحياة الديموقراطية روحاً وممارسة.
الإحتفال الرسمي
الى ذلك، وبعد غياب 3 سنوات، يحيي لبنان اليوم العيد في احتفال رسمي يقام في الكلية الحربية في اليرزة بحضور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وأركان الدولة اللبنانية، حيث يتخلله عرض عسكري وتسليم السيوف للضباط المتخرجين البالغ عددهم 226 ضابطاً.
وسيلقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خطاباً في المناسبة، يتناول فيه دور الجيش والمسؤوليات الكبرى الملقاة على عاتقه، مركّزاً على الرهان الكبير على المؤسسة العسكرية في هذه المرحلة بالذات لضبط الوضع الأمني على الحدود الشرقية والجنوبية.
كما سيتناول رئيس الجمهورية الإنجازات التي حقّقها الجيش على مستوى الأمن الإستباقي بالتنسيق والتعاون مع مختلف القوى والأجهزة العسكرية والأمنية في سبيل تحرير الأرض ودَحر الإرهاب وتفكيك الشبكات الإرهابية والرهان على تعزيز هذا الدور مع المزيد من الإنجازات المتوقعة على كل الساحات التي كلّف بأمنها. كما انه سيشدد على أهمية تضامن اللبنانيين في مواجهة الأخطار المحيطة بنا من كل جانب.
وهو سيدعو اللبنانيين ليكونوا يداً واحدة في هذه المواجهة الصعبة لحماية لبنان والحفاظ على الأمن والإستقرار والعمل ليسود القانون والنظام على كل الأراضي اللبنانية.
الـ«سيسنا» تضرب
الى ذلك، يسود منطقة راس بعلبك والقاع حال من الترقّب للعملية العسكرية المنتظرة ضد مجموعات «داعش» المتمركزة في جرودها، في وقت اكتملت فيه إجراءات الجيش وتحضيراته استعداداً لهذه المعركة.
وقد واصلت وحدات الجيش استهداف المجموعات الارهابية في تلك الجرود، بالقصف المدفعي والصاروخي. ولفت الانتباه أمس، إدخال الجيش لأسلحة متطورة تمثّلت في إشراك سلاح الجو اللبناني فيها، حيث أغارت طائرة عسكرية لبنانية من نوع «سيسنا» على أهداف لـ«داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع واستهدفتها بخمسة صواريخ جو- ارض.
مصدر عسكري
وقال مصدر عسكري لـ«الجمهورية» انّ الغارة حققت إصابات مباشرة، وأوقعت عدداً من القتلى في صفوف «داعش». وشدّد على أنّ «استهداف «داعش» مستمرّ فهو لم يتوقّف في السنوات الماضية ولن يتوقّف الآن».
ولفت المصدر الى أنّ «الخطط النهائية لمعركة طرد عناصر «داعش» إنتهت، والحشد العسكري اكتمل، امّا ساعة الصفر فتحددها القيادة وفق تقديراتها. وبالنسبة للغارة الجوية، فهي تؤكّد مدى جهوزية الجيش، وقدرته على استخدام كافة الأسلحة بما فيها سلاح الجوّ في المعركة المقبلة».
وفي السياق قال مرجع سياسي لـ«الجمهورية» انّ التأخير الذي حصل في إنهاء ملف جرود عرسال ونقل إرهابيي النصرة وعائلاتهم من المنطقة، هو الذي أخّر المعركة، الّا انها لا بدّ حاصلة ليكتمل النصر».
عرسال
الى ذلك، أعلن الاعلام الحربي التابع لـ»حزب الله» عن تأجيل إتمام المرحلة الثانية من عملية التبادل بين الحزب و«جبهة النصرة» برعاية الأمن العام اللبناني، الى اليوم الثلثاء، لأسباب لوجستية واكتمال وصول كامل الحافلات الى نقطة وادي حميد التي ستتولى نقلهم، علماً انّ الحافلات التي وصلت بالأمس ليست كافية لنقل الأعداد الكبيرة من المسلحين والمدنيين الراغبين بالمغادرة والذين أصبحوا بالآلاف.
وفيما رجّحت مصادر مواكبة لهذه العملية ان تستغرق بعض الوقت، اي بضعة ايام نظراً للعدد الكبير للمغادرين، أعلن الاعلام الحربي انّ الاجراءات التنفيذية تتمّ وفق ما يلي:
ـ الجيش اللبناني، يبدأ بإدخال الحافلات التي تجمّعت في عقبة الجرد في عرسال إلى نقطة التجمّع الأخيرة حيث سيبدأ بإخلاء مسلحي «جبهة النصرة» مع عوائلهم.
ـ الحافلات ستسلك الطريق من جرود عرسال باتجاه فليطة السورية عبر بعض الطرقات الوعرة، حيث عمدت المقاومة الى استصلاح بعضها لتسهيل عملية المرور.
- الحافلات ستتجه من فليطة إلى طريق حمص الدولي وصولاً الى حلب.
ـ الهلال الاحمر السوري، الذي وصلت سياراته الى فليطة، سيرافق الحافلات مع الصليب الأحمر الدولي.
ـ عملية التبادل ستتم في حلب حيث يدخل مسلحو «النصرة» مقابل خروج أسرى المقاومة.
على الصعيد ذاته، أعلن الاعلام الحربي انّ عناصر «حزب الله» عثروا على وصيّة أمير جبهة النصرة في القلمون أبو مالك التلي، حيث تبيّن انه كتب فيها بخط يده آخر أوامره قبل فراره من وادي الخيل في جرود عرسال بلبنان، حيث ورد فيها: «في حال قُتلت... يتمّ تشكيل مجلس شورى ومن خلاله يتمّ تعيين أمير عام للجبهة».
السلسلة
سياسياً، عاد ملف سلسلة الرتب والرواتب الى الواجهة مجدداً مع تسلّم رئيس الجمهورية القانون المتعلق بها، بالاضافة الى قانون الضرائب الذي أقرّ معها.
وقد زاد منسوب التساؤلات في شأن مصير السلسلة والضرائب الملحقة للتمويل، بعدما اتّضح أمران:
الأول، انّ حجم الاضرار وعدد المتضررين لا يُستهان به ويستحق اعادة النظر.
الثاني، انّ رئيس الجمهورية بات مقتنعاً بضرورة إعادة درس هذا الموضوع، بدليل انه أبلغ زواره امس انه سيجري مع رئيس الحكومة سعد
الحريري والوزراء، في الجلسة التي يعقدها مجلس الوزراء عند الحادية عشرة والنصف قبل ظهر بعد غد الخميس، تقييماً للواقع الذي استَجدّ بعد إقرار مجلس النواب لسلسلة الرتب والرواتب والاحكام الضريبية الجديدة، وذلك في ضوء ردود الفعل المتفاوتة التي برزت على مختلف الاصعدة.
وأشار رئيس الجمهورية الى انّ ثمة ملاحظات طرحت في اكثر من قطاع لا بدّ من درسها برويّة ومسؤولية وبعيداً من المزايدات السياسية والاعلامية، لأنّ الأمر يتعلق بالسلامة العامة لمالية الدولة من جهة، وبالاستقرار الاجتماعي والاقتصادي من جهة ثانية، إضافة الى كون التشريعات التي أقرّها مجلس النواب على صِلة مباشرة بحقوق العمال والموظفين ومكتسباتهم، والمسؤوليات الملقاة على عاتقهم، فضلاً عمّا تُرتّبه على الدولة من موجبات.
هذا الواقع بات يسمح بالاستنتاج انّ مسألة ردّ قانون السلسلة والضرائب من قبل رئيس الجمهورية باتَ وارداً بقوة، لمعالجة الثغرات وتخفيف التداعيات التي برزت في الفترة التي تلت إقرار المشروع في المجلس النيابي. وستكون جلسة مجلس الوزراء يوم الخميس فاصلة في هذا الملف.
الجدير ذكره هنا انّ رئيس الجمهورية لم يحدد موقفه النهائي بعد من موضوع ردّ القانون أو عدم رده، وهذا ما أكدته لـ«الجمهورية» دوائر قصر بعبدا، التي تجاوزت «سلسلة التسريبات والتوقعات حول هذا الامر، وقالت: أمام الرئيس مهلة شهر للبتّ بالقانون وهو سيخضعه للدرس».
يشار هنا الى انّ الدستور في المادة 57 منه، يعطي لرئيس الجمهورية حق طلب إعادة النظر في القانون مرة واحدة ضمن المهلة المحددة لإصداره ولا يجوز أن يرفض طلبه.
وعندما يستعمل الرئيس حقه هذا يصبح في حلّ من إصدار القانون إلى أن يوافق عليه المجلس بعد مناقشة أخرى في شأنه، وإقراره بالغالبية المطلقة من مجموع الأعضاء الذين يؤلفون المجلس قانوناً (الاكثرية المطلقة 65 نائباً)، امّا في حال انقضاء المهلة من دون إصدار القانون أو إعادته يعتبر القانون نافذاً حكماً ووجب نَشره.
بري
وقال رئيس المجلس النيابي نبيه بري امام زواره أمس، ردّاً على سؤال عن إمكان ردّ رئيس الجمهورية للسلسلة وقانون الضرائب الى مجلس النواب: هذا حق دستوري لرئيس الجمهورية، وبالتالي له ان يتخذ القرار الذي يراه مناسباً.
واضاف رداً على سؤال آخر: سبق وقلنا انّ السلسلة هي حق طبيعي عمره خمس سنوات، ويجب ان يحصل عليه أصحابه ومستحقوه.
ورفض مبادرة بعض التجار والمدارس الى رفع الاسعار والاقساط، وقال: هذا امر لا يجوز ابداً ولا يمكن ان نقبل به، وهنا أؤكد انّ هذه مسؤولية الحكومة في اتخاذ الإجراء الصارم بحق هؤلاء.
اللواء :
عشية العيد الـ72 للجيش اللبناني، وفور عودته من زيارة، هي الأولى من نوعها للولايات المتحدة، في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد مرور 6 أشهر على توليه منصبه في البيت الأبيض، وقبل أيام قليلة من جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية، زار الرئيس سعد الحريري قصر بعبدا بعد ظهر أمس.
وتناول البحث المحادثات اللبنانية الأميركية، وتطورات الوضع في جرود عرسال، وجدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي تقرر نقلها من السراي الكبير إلى بعبدا، ومن يوم غد الأربعاء إلى بعد غد الخميس، على خلفية البحث في تمويل سلسلة الرتب والرواتب، وتقرير إدارة المناقصات في التفتيش المركزي حول بواخر الكهرباء، والتي يصّر وزير الطاقة سيزار أبي خليل على تمريرها.
وعلمت «اللواء» أن تغيير مكان وزمان جلسة مجلس الوزراء أدى إلى تغيير جدول الأعمال، وإضافة بند يتعلق بادراج بند يتعلق بالتعيينات في بعض المراكز الشاغرة في هيئات الرقابة.
ووصفت مصادر وزارية الجلسة بالحساسة، لجهة إثارة قضية الوضع في جرود عرسال، وزيارة الرئيس الحريري، والوفد اللبناني إلى الولايات المتحدة الأميركية والمواقف التي صدرت عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه حزب الله.
وكشف الرئيس الحريري لـ«اللواء» ان الوضع النقدي في لبنان كان على رأس أولوياته في العاصمة الأميركية.
وأكّد ان هاجسه الأساس كان ولا يزال، قبل الزيارة وبعدها حماية القطاع المصرفي.
ونقل زوّار الرئيس الحريري عنه تأكيده ان لا تراجع عن موضوع السلسلة، كاشفاً ان إنجاز الموازنة بات ممكناً في غضون أسبوعين وستحال إلى المجلس النيابي فوراً لمناقشتها واقرارها.
وقال وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة لـ«اللواء» ان وزيري اللقاء الديمقراطي، ووزراء آخرين سيناقشون الثغرات في مناقصة بواخر الكهرباء، وأن الاتجاه لعدم السير فيها في الجلسة.
وأكّد الوزير حمادة ان سلسلة الرتب والرواتب ستكون على جدول الأعمال، وأن رئيس الجمهورية سيطرحها من باب توفير الموارد لها، بعيداً عن الاستدانة أو فرض الضرائب، ولم يخفِ الاحراج الذي يواجه هذه السلسلة.
ودعا الوزير حمادة إلى أن تردّ وزارة الخارجية والحكومة على المذكرة الكويتية المتعلقة بملف العبدلي، بعد ان أبدت الكويت عدم ارتياحها من «إدارة الظهر» للمطالب الكويتية، مشيراً إلى انه لا يجوز التعامل على هذا النحو مع دولة الكويت، التي وقفت منذ أربعة عقود ولا تزال مع لبنان، إن لجهة الدعم المالي والاستثماري أو الوقوف إلى جانبه سياسياً، وعلى كافة المستويات.
قانون السلسلة
وكان موضوع السلسلة حضر بقوة في مداولات الرئيس عون في بعبدا، بعد تسلم رئاسة الجمهورية قانوني السلسلة وتمويلها، أمس، سواء مع الرئيس الحريري الذي زاره بعد الظهر لوضعه في أجواء زيارته لواشنطن، والاتفاق على مواضيع جلسة مجلس الوزراء التي تقررت الخميس في بعبدا، أو مع رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل الذي تمنى عليه ردّ القانون إلى مجلس النواب لمزيد من الدرس، أو مع جمعية المصارف التي رفعت إليه مذكرة تعتبر بعض الاحكام الضريبية مخالفة للدستور.
وأبلغ الرئيس عون زواره، ان مجلس الوزراء سيجري «تقييما للواقع الذي استجد بعد اقرار مجلس النواب سلسلة الرتب والرواتب والاحكام الضريبية الجديدة، وذلك في ضوء ردود الفعل المتفاوتة التي برزت على مختلف الاصعدة».
واشار الرئيس عون الى ان «ثمة ملاحظات طرحت في اكثر من قطاع لا بد من درسها بروية ومسؤولية وبعيداً عن المزايدات السياسية والاعلامية، لأن الأمر يتعلق بالسلامة العامة لمالية الدولة من جهة، وبالاستقرار الاجتماعي والاقتصادي من جهة ثانية، اضافة الى كون التشريعات التي اقرها مجلس النواب على صلة مباشرة بحقوق العمال والموظفين ومكتسباتهم، والمسؤوليات الملقاة على عاتقهم، فضلا عما ترتبه على الدولة من موجبات»، مجدداً تأكيده ان «إقرار الموازنة خطوة ضرورية على مجلس النواب انجازها في اسرع وقت بهدف انتظام الوضع المالي وتحديد واردات الدولة وما يترتب عليها من نفقات».
اما الرئيس الحريري فكان أكثر وضوحاً، حيث اعتبر ان الإنجاز الكبير الذي تحقق في السلسلة هو اقرارها دون الاستدانة، وما يهمنا هو المحافظة على موازنة الدولة، وعدم إضافة أي ديون لتأمين الموارد للسلسلة، موضحاً بأنه إذا تمّ سحب هذه الموارد فهذا يعني اننا سنستدين لزيادة الرواتب.
وأشار إلى ان السلسلة بكل اصلاحاتها وضرائبها نوقشت منذ ثلاث سنوات، وكل الأفرقاء السياسيين وافقوا عليها بمن فيهم حزب الكتائب، وعلينا بالتالي أخذ الموضوع بالاعتبار، اما القول عن وجود فساد وهدر بالمليارات فهو يدخل في إطار الكلام فقط، وهو غير مقرون بحقائق.
مجلس الوزراء
وكشف الرئيس الحريري انه سيجري في جلسة مجلس الوزراء والتي استؤخرت من الأربعاء إلى الخميس المقبل، لافساح المجال امام اعداد جدول الأعمال، تفعيل العمل الحكومي، وستتم تعيينات في هيئات الرقابة والتفتيش من أجل تعزيز هذه الأجهزة، الا انه لم يشر إلى طبيعة هذه التعيينات.
وعلم ان دوائر رئاسة مجلس الوزراء عكفت منذ صباح أمس، وفور عودة الرئيس الحريري من سفره على تحضير جدول أعمال الجلسة لتوزيعه على الوزراء اليوم. ولم تستبعد مصادر وزارية ان تشمل التعيينات تعيين محافظي جبل لبنان والبقاع، لافتة إلى ان بحث ملف الكهرباء، ومناقصة بواخر الكهرباء بعد قرار دائرة المناقصات ينتظر تقرير وزير الطاقة سيزار أبي خليل في هذا الشأن. وتوقفت عند اللقاء المطوّل بين الرئيسين عون والحريري (ساعة ونصف الساعة) والذي تمت فيه مناقشة جميع الملفات الرئيسية، مؤكدة انهما توافقا على تحصين الساحة الداخلية وتسيير العديد من الملفات.
وتوقعت المصادر ان تكون الجلسة الحكومية جلسة نقاشات عامة، خصوصاً بعد التطورات الهامة التي حصلت خلال الأسبوعين الماضيين، وأبرزها الحدث الأمني الكبير الذي حصل في جرود عرسال وعلى الحدود الشرقية اللبنانية – السورية، مشيرة الى انه ستكون هناك مطالبة بأهمية ضبط الحدود، كما لفتت الى مصير ملف النزوح السوري ومستجداته في ضوء معركة الجرود، والذي ستتم اثارته بطبيعة الحال لارتباطه بشكل مباشر بما جرى في الجرود.
واشار المصدر الوزاري الى انه من المواضيع التي ستثار في الجلسة، نتائج لقاءات الرئيس الحريري في واشنطن، والمواقف الاميركية التي اطلقت خلال هذه الزيارة، ولا سيما تصريحات الرئيس الاميركي دونالد ترامب، وموقف الادارة الاميركية بشكل عام من حزب الله ومشروع قانون العقوبات المصرفية عليه والمرتقب صدوره الشهر المقبل، متوقعة ان تكون هناك ردود فعل على هذه المواقف، لكنها لاحظت انه رغم الخلاف في وجهات النظر حول هذا الموضوع وغيره من المواضيع، فإن النقاشات ستبقى ضمن الاصول، وفي اطار الالتزام بالتهدئة والابتعاد عن اثارة اي ملفات خلافية قد تؤثر على الاستقرار الوطني.
يشار الى انه عندما سئل الرئيس الحريري، بعد لقاء الرئيس عون، عن ان هناك انتقادات لصمته حيال التصريحات الاميركية، اعتبر ان كل ما يقال عن ان زيارته كانت من اجل تغيير الموقف الاميركي هو من باب المزايدات التي يعلم اصحابها ان هذا الامر غير صحيح، وهو كلام غير مسؤول.
واوضح ان موقفه هو ان لبنان يعاني ازمات وتحديات، ويجب علينا ان نحمي الاقتصاد اللبناني في وجه عقوبات يتحضر لتطبيقها مجلس النواب ومجلس الشيوخ الاميركيين، وهذا كان السبب الاساسي للزيارة، اضافة طبعا الى استكمال المساعدات لمحاربة الارهاب، مؤكدا ان الجيش يحظى دائماً بتغطية شاملة لكل عملياته العسكرية.
وقال: «عندما تحين ساعة الصفر سيكون الجيش منتصرا، والحكومة وكل القوى السياسية تقف الى جانبه، خصوصا وان اليوم يترافق مع عيد الجيش».
بوصعب وزيارة واشنطن
وفي السياق، اوضح عضو الوفد اللبناني الذي رافق الرئيس الحريري الى واشنطن، المستشار الرئاسي للعلاقات الدولية الوزير السابق الياس بو صعب لـ «اللواء»: «ان اللقاءات التي حضرها مع الرئيس الحريري اظهرت استمرار الدعم الاميركي للبنان، لاسيما للجيش اللبناني، والذي سيبقى وفق الوتيرة ذاتها من اجل مكافحة الارهاب، ولاخوف لدينا من وقف هذا الدعم في كل المجالات.
وحول مصير العقوبات التي سيفرضها الكونغرس الاميركي في المجال المالي على لبنان بحجة مكافحة «حزب الله»: قال بوصعب: لم اطلع على التفاصيل لكن لن تكون هناك إجراءات اقسى او اصعب من تلك المتخذة سابقاً ويمكن ان تضر بالحكومة اللبنانية او بالاقتصاد اللبناني، لكن بالتأكيد لن تلغى العقوبات.
واوضح بوصعب ان الرئيس ترامب يعلم ان «حزب الله» حزب ممثل في الحكومة التي يرأسها الرئيس الحريري، وان الدولة اللبنانية تكافح الارهاب المتمثل بتنظيم «داعش وجبهة لنصرة» ولا يواجه «حزب الله» كتنظيم ارهابي، علماً ان الاميركي يقول انه يواجه هذين التنظيمين الارهابيين. لكن الموقف الاميركي من الحزب سيبقى كما كان، ولكن في الوقت ذاته سيحافظ الجانب الاميركي على استقرارلبنان وعلى العلاقة مع الدولة اللبنانية وعلى الجيش وتقويته.
واوضح انه في المجال السياسي، ركز الرئيس الحريري على تجنيب لبنان اجراءات عقابية جديدة قاسية، وعلى مساعدة لبنان في ملف النازحين، وقد طلب الجانب اللبناني البدء في البحث والتفكير في كيفية العودة الامنة للنازحين، لكن ليس العودة الالزامية او الاجبارية الى مناطق خطرة، لكن يجب التشجيع على العودة الامنة، ولم نلحظ اعتراضاً او رفضاً اميركياً على هذه النقطة.
تحرير الجرود
ويترافق العيد الـ72 للجيش اللبناني، والذي يحتفل به لبنان اليوم، مع انتهاء المرحلة الثانية من صفقة التبادل بين حزب الله وجبهة النصرة برعاية الامن العام اللبناني، ضمن اتفاق وقف النار، وتقضي هذه المرحلة، بحسب «الاعلام الحربي» التابع للحزب نقل المسلحين الى الاراضي السورية على 5 دفعات يتزامن كل منها مع اطلاق واحد من اسرى الحزب الثمانية، وبينهم خمسة سبق ان اسروا في الحرب السورية في اوقات سابقة، وثلاثة اضاعوا الطريق مؤخرا في جرود عرسال وقعوا في قبضة «النصرة».
وتشمل هذه المرحلة ايضا انتقال عائلات المسلحين وغيرهم من النازحين من مخيمات عرسال ووادي حميد، والذي يقدر عددهم بنحو 9 آلاف شخص، مقابل الافراج عن اسرى للحزب كانوا لدى «النصرة» في ريف حلب، سينقلون الى حلب، بعد ان كان مكان التسليم في قلعة المضيق، ما يعني ان هذه المرحلة ستأخذ وقتاً نظراً للعدد الكبير من النازحين المغادرين، حيث ستنقل كل حافلة نحو 60 شخصاً.
ولهذه الغاية، بدأت منذ صباح امس تجميع الحافلات السورية في سهل الرهوة في منطقة وادي حميد، لنقل المغادرين، وبلغ عدد هذه الحافلات حتى مساء امس 98 حافلة، وقد يرتفع هذا العدد اليوم الى 160، وسط اجراءات للجيش ومشاركة فاعلة للصليب الاحمر الدولي واللبناني والسوري، لمواكبة عملية نقل المسلحين وعائلاتهم، وكذلك جرحى «النصرة»، بموجب لوائح اسمية سيجري التدقيق فيها، ووزعت 5 نسخ منها للامن العام اللبناني والامن السوري والصليب الاحمر اللبناني والهلال السوري.
ويتوقع ان تبدأ عملية الاجلاء بعيد ظهر اليوم، وبعد ان يكتمل وصول قوافل النازحين والمسلحين، وتتوجه الباصات الى فليطة السورية، والتي عملت آليات تابعة للحزب على تأهيل الطريق الترابية في اتجاهها، ومن هناك تتجه القوافل الى حلب عبر الطريق الدولية الى حمص، ومن هناك الى ادلب، حيث سيتسلم الحزب اسراه عند معبر الراموسة مع كل دفعة تصل الى لبنان، اما الاسرى الثلاثة فسيتم تسليمهم مع وصول آخر قافلة الى فليطة، وبعد اخلاء المدنيين يبدأ اخلاء الجرحى، وهي المرحلة الثالثة من الصفقة.
اما في ما خص «سرايا اهل الشام» فلن يتم اجلاؤهم في هذه المرحلة، وسيتم، بحسب المعلومات نقلهم فيما بعد الى القلمون او اذا ارادوا التوجه الى الشمال السوري.
الى ذلك، افاد الاعلام الحربي على العثور على وثيقة كتبها ابو مالك التلي بخط يده في وادي الخيل، جاء فيها انه «في حال قتلت، يتم تشكيل مجلس شورى ومن خلاله يتم تعيين امير عام للجبهة في «القلمون»، خاتما رسالته بتوقيعه.
في هذا الوقت، بقيت الانظار مشدودة الى جرود رأس بعلبك والقاع والتي يتحصن فيها مسلحو تنظيم «داعش»، حيث يتوقع ان يحدد الجيش قريباً ساعة الصفر لبدء معركة تطهيرها.
وسجل، امس، على هذا الصعيد، قيام طائرة تابعة لسلاح الجو اللبناني من نوع سيسنا بقصف اهداف لداعش في هذه الجرود، واستهدفتها بـ5 صواريخ جو – ارض، فيما قصفت المدفعية الثقيلة للجيش مواقع المسلحين بعد ان تم رصد تحركات مشبوهة لهم.
وشدد قائد الجيش العماد جوزف عون في «آمر اليوم» الى العسكريين عشية عيد المؤسسة العسكرية، على ان الجيش هو من يضع الخطوط الحمر امام من يحاول زعزعة الامن والنظام وضرب المؤسسات والعبث بالحياة الديمقراطية روحاً وممارسة
الاخبار :
بعدما كادت المفاوضات تسلك خواتيمها بين الجانب اللبناني، ممثلاً بحزب الله والدولة اللبنانية ممثلةً بالمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم من جهة، وجبهة النصرة من جهة أخرى، عادت لتتعرقل يوم أمس نتيجة ثلاثة أسباب رئيسية: أولها، لوجستي يتعلق بطريقة نقل المسلحين والنازحين الى الأراضي السورية، إذ طلب الطرف اللبناني انطلاق القافلة دفعة واحدة وهو ما كان يتطلب وصول كل الحافلات من سوريا الى لبنان في الوقت عينه وتجمعها في مكان واحد حتى يتسنى للجميع المغادرة معاً.
وفعلاً، وصلت غالبية الباصات الى نقطة قريبة من وادي حميد، لكن في وقت متأخر. فحتى الساعة السابعة مساءً، لم يكن عددها قد اكتمل. ويتعذّر واقعياً تسيير الباصات ليلاً من عرسال الى جرود فليطا بسبب وعورة الطريق التي لا تسلكها السيارات المدنية عادة، الأمر الذي حتم على حزب الله استقدام جرافات لتسويتها، إلا أنها رغم ذلك بقيت وعرة، فتقرر عدم سلوكها ليلاً.
ثانيها، يتعلق بمشكلات ربع الساعة الأخير، إذ طلبت النصرة الإفراج عن أكثر من 20 موقوفاً في السجون اللبنانية. وبعد أخذ وردّ، تم الاتفاق على إخلاء سبيل 5 أشخاص. واللافت هنا أن جبهة النصرة أصرت على الإفراج عن سجين لبناني الجنسية يدعى عبد الرحمن زكريا الحسن وهو محكوم ب<