عشية العيد الـ72 للجيش اللبناني، وفور عودته من زيارة، هي الأولى من نوعها للولايات المتحدة، في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد مرور 6 أشهر على توليه منصبه في البيت الأبيض، وقبل أيام قليلة من جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية، زار الرئيس سعد الحريري قصر بعبدا بعد ظهر أمس.
وتناول البحث المحادثات اللبنانية الأميركية، وتطورات الوضع في جرود عرسال، وجدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي تقرر نقلها من السراي الكبير إلى بعبدا، ومن يوم غد الأربعاء إلى بعد غد الخميس، على خلفية البحث في تمويل سلسلة الرتب والرواتب، وتقرير إدارة المناقصات في التفتيش المركزي حول بواخر الكهرباء، والتي يصّر وزير الطاقة سيزار أبي خليل على تمريرها.
وعلمت «اللواء» أن تغيير مكان وزمان جلسة مجلس الوزراء أدى إلى تغيير جدول الأعمال، وإضافة بند يتعلق بادراج بند يتعلق بالتعيينات في بعض المراكز الشاغرة في هيئات الرقابة.
ووصفت مصادر وزارية الجلسة بالحساسة، لجهة إثارة قضية الوضع في جرود عرسال، وزيارة الرئيس الحريري، والوفد اللبناني إلى الولايات المتحدة الأميركية والمواقف التي صدرت عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه حزب الله.
وكشف الرئيس الحريري لـ«اللواء» ان الوضع النقدي في لبنان كان على رأس أولوياته في العاصمة الأميركية.
وأكّد ان هاجسه الأساس كان ولا يزال، قبل الزيارة وبعدها حماية القطاع المصرفي.
ونقل زوّار الرئيس الحريري عنه تأكيده ان لا تراجع عن موضوع السلسلة، كاشفاً ان إنجاز الموازنة بات ممكناً في غضون أسبوعين وستحال إلى المجلس النيابي فوراً لمناقشتها واقرارها.
وقال وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة لـ«اللواء» ان وزيري اللقاء الديمقراطي، ووزراء آخرين سيناقشون الثغرات في مناقصة بواخر الكهرباء، وأن الاتجاه لعدم السير فيها في الجلسة.
وأكّد الوزير حمادة ان سلسلة الرتب والرواتب ستكون على جدول الأعمال، وأن رئيس الجمهورية سيطرحها من باب توفير الموارد لها، بعيداً عن الاستدانة أو فرض الضرائب، ولم يخفِ الاحراج الذي يواجه هذه السلسلة.
ودعا الوزير حمادة إلى أن تردّ وزارة الخارجية والحكومة على المذكرة الكويتية المتعلقة بملف العبدلي، بعد ان أبدت الكويت عدم ارتياحها من «إدارة الظهر» للمطالب الكويتية، مشيراً إلى انه لا يجوز التعامل على هذا النحو مع دولة الكويت، التي وقفت منذ أربعة عقود ولا تزال مع لبنان، إن لجهة الدعم المالي والاستثماري أو الوقوف إلى جانبه سياسياً، وعلى كافة المستويات.
قانون السلسلة
وكان موضوع السلسلة حضر بقوة في مداولات الرئيس عون في بعبدا، بعد تسلم رئاسة الجمهورية قانوني السلسلة وتمويلها، أمس، سواء مع الرئيس الحريري الذي زاره بعد الظهر لوضعه في أجواء زيارته لواشنطن، والاتفاق على مواضيع جلسة مجلس الوزراء التي تقررت الخميس في بعبدا، أو مع رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل الذي تمنى عليه ردّ القانون إلى مجلس النواب لمزيد من الدرس، أو مع جمعية المصارف التي رفعت إليه مذكرة تعتبر بعض الاحكام الضريبية مخالفة للدستور.
وأبلغ الرئيس عون زواره، ان مجلس الوزراء سيجري «تقييما للواقع الذي استجد بعد اقرار مجلس النواب سلسلة الرتب والرواتب والاحكام الضريبية الجديدة، وذلك في ضوء ردود الفعل المتفاوتة التي برزت على مختلف الاصعدة».
واشار الرئيس عون الى ان «ثمة ملاحظات طرحت في اكثر من قطاع لا بد من درسها بروية ومسؤولية وبعيداً عن المزايدات السياسية والاعلامية، لأن الأمر يتعلق بالسلامة العامة لمالية الدولة من جهة، وبالاستقرار الاجتماعي والاقتصادي من جهة ثانية، اضافة الى كون التشريعات التي اقرها مجلس النواب على صلة مباشرة بحقوق العمال والموظفين ومكتسباتهم، والمسؤوليات الملقاة على عاتقهم، فضلا عما ترتبه على الدولة من موجبات»، مجدداً تأكيده ان «إقرار الموازنة خطوة ضرورية على مجلس النواب انجازها في اسرع وقت بهدف انتظام الوضع المالي وتحديد واردات الدولة وما يترتب عليها من نفقات».
اما الرئيس الحريري فكان أكثر وضوحاً، حيث اعتبر ان الإنجاز الكبير الذي تحقق في السلسلة هو اقرارها دون الاستدانة، وما يهمنا هو المحافظة على موازنة الدولة، وعدم إضافة أي ديون لتأمين الموارد للسلسلة، موضحاً بأنه إذا تمّ سحب هذه الموارد فهذا يعني اننا سنستدين لزيادة الرواتب.
وأشار إلى ان السلسلة بكل اصلاحاتها وضرائبها نوقشت منذ ثلاث سنوات، وكل الأفرقاء السياسيين وافقوا عليها بمن فيهم حزب الكتائب، وعلينا بالتالي أخذ الموضوع بالاعتبار، اما القول عن وجود فساد وهدر بالمليارات فهو يدخل في إطار الكلام فقط، وهو غير مقرون بحقائق.
مجلس الوزراء
وكشف الرئيس الحريري انه سيجري في جلسة مجلس الوزراء والتي استؤخرت من الأربعاء إلى الخميس المقبل، لافساح المجال امام اعداد جدول الأعمال، تفعيل العمل الحكومي، وستتم تعيينات في هيئات الرقابة والتفتيش من أجل تعزيز هذه الأجهزة، الا انه لم يشر إلى طبيعة هذه التعيينات.
وعلم ان دوائر رئاسة مجلس الوزراء عكفت منذ صباح أمس، وفور عودة الرئيس الحريري من سفره على تحضير جدول أعمال الجلسة لتوزيعه على الوزراء اليوم. ولم تستبعد مصادر وزارية ان تشمل التعيينات تعيين محافظي جبل لبنان والبقاع، لافتة إلى ان بحث ملف الكهرباء، ومناقصة بواخر الكهرباء بعد قرار دائرة المناقصات ينتظر تقرير وزير الطاقة سيزار أبي خليل في هذا الشأن. وتوقفت عند اللقاء المطوّل بين الرئيسين عون والحريري (ساعة ونصف الساعة) والذي تمت فيه مناقشة جميع الملفات الرئيسية، مؤكدة انهما توافقا على تحصين الساحة الداخلية وتسيير العديد من الملفات.
وتوقعت المصادر ان تكون الجلسة الحكومية جلسة نقاشات عامة، خصوصاً بعد التطورات الهامة التي حصلت خلال الأسبوعين الماضيين، وأبرزها الحدث الأمني الكبير الذي حصل في جرود عرسال وعلى الحدود الشرقية اللبنانية – السورية، مشيرة الى انه ستكون هناك مطالبة بأهمية ضبط الحدود، كما لفتت الى مصير ملف النزوح السوري ومستجداته في ضوء معركة الجرود، والذي ستتم اثارته بطبيعة الحال لارتباطه بشكل مباشر بما جرى في الجرود.
واشار المصدر الوزاري الى انه من المواضيع التي ستثار في الجلسة، نتائج لقاءات الرئيس الحريري في واشنطن، والمواقف الاميركية التي اطلقت خلال هذه الزيارة، ولا سيما تصريحات الرئيس الاميركي دونالد ترامب، وموقف الادارة الاميركية بشكل عام من حزب الله ومشروع قانون العقوبات المصرفية عليه والمرتقب صدوره الشهر المقبل، متوقعة ان تكون هناك ردود فعل على هذه المواقف، لكنها لاحظت انه رغم الخلاف في وجهات النظر حول هذا الموضوع وغيره من المواضيع، فإن النقاشات ستبقى ضمن الاصول، وفي اطار الالتزام بالتهدئة والابتعاد عن اثارة اي ملفات خلافية قد تؤثر على الاستقرار الوطني.
يشار الى انه عندما سئل الرئيس الحريري، بعد لقاء الرئيس عون، عن ان هناك انتقادات لصمته حيال التصريحات الاميركية، اعتبر ان كل ما يقال عن ان زيارته كانت من اجل تغيير الموقف الاميركي هو من باب المزايدات التي يعلم اصحابها ان هذا الامر غير صحيح، وهو كلام غير مسؤول.
واوضح ان موقفه هو ان لبنان يعاني ازمات وتحديات، ويجب علينا ان نحمي الاقتصاد اللبناني في وجه عقوبات يتحضر لتطبيقها مجلس النواب ومجلس الشيوخ الاميركيين، وهذا كان السبب الاساسي للزيارة، اضافة طبعا الى استكمال المساعدات لمحاربة الارهاب، مؤكدا ان الجيش يحظى دائماً بتغطية شاملة لكل عملياته العسكرية.
وقال: «عندما تحين ساعة الصفر سيكون الجيش منتصرا، والحكومة وكل القوى السياسية تقف الى جانبه، خصوصا وان اليوم يترافق مع عيد الجيش».
بوصعب وزيارة واشنطن
وفي السياق، اوضح عضو الوفد اللبناني الذي رافق الرئيس الحريري الى واشنطن، المستشار الرئاسي للعلاقات الدولية الوزير السابق الياس بو صعب لـ «اللواء»: «ان اللقاءات التي حضرها مع الرئيس الحريري اظهرت استمرار الدعم الاميركي للبنان، لاسيما للجيش اللبناني، والذي سيبقى وفق الوتيرة ذاتها من اجل مكافحة الارهاب، ولاخوف لدينا من وقف هذا الدعم في كل المجالات.
وحول مصير العقوبات التي سيفرضها الكونغرس الاميركي في المجال المالي على لبنان بحجة مكافحة «حزب الله»: قال بوصعب: لم اطلع على التفاصيل لكن لن تكون هناك إجراءات اقسى او اصعب من تلك المتخذة سابقاً ويمكن ان تضر بالحكومة اللبنانية او بالاقتصاد اللبناني، لكن بالتأكيد لن تلغى العقوبات.
واوضح بوصعب ان الرئيس ترامب يعلم ان «حزب الله» حزب ممثل في الحكومة التي يرأسها الرئيس الحريري، وان الدولة اللبنانية تكافح الارهاب المتمثل بتنظيم «داعش وجبهة لنصرة» ولا يواجه «حزب الله» كتنظيم ارهابي، علماً ان الاميركي يقول انه يواجه هذين التنظيمين الارهابيين. لكن الموقف الاميركي من الحزب سيبقى كما كان، ولكن في الوقت ذاته سيحافظ الجانب الاميركي على استقرارلبنان وعلى العلاقة مع الدولة اللبنانية وعلى الجيش وتقويته.
واوضح انه في المجال السياسي، ركز الرئيس الحريري على تجنيب لبنان اجراءات عقابية جديدة قاسية، وعلى مساعدة لبنان في ملف النازحين، وقد طلب الجانب اللبناني البدء في البحث والتفكير في كيفية العودة الامنة للنازحين، لكن ليس العودة الالزامية او الاجبارية الى مناطق خطرة، لكن يجب التشجيع على العودة الامنة، ولم نلحظ اعتراضاً او رفضاً اميركياً على هذه النقطة.
تحرير الجرود
ويترافق العيد الـ72 للجيش اللبناني، والذي يحتفل به لبنان اليوم، مع انتهاء المرحلة الثانية من صفقة التبادل بين حزب الله وجبهة النصرة برعاية الامن العام اللبناني، ضمن اتفاق وقف النار، وتقضي هذه المرحلة، بحسب «الاعلام الحربي» التابع للحزب نقل المسلحين الى الاراضي السورية على 5 دفعات يتزامن كل منها مع اطلاق واحد من اسرى الحزب الثمانية، وبينهم خمسة سبق ان اسروا في الحرب السورية في اوقات سابقة، وثلاثة اضاعوا الطريق مؤخرا في جرود عرسال وقعوا في قبضة «النصرة».
وتشمل هذه المرحلة ايضا انتقال عائلات المسلحين وغيرهم من النازحين من مخيمات عرسال ووادي حميد، والذي يقدر عددهم بنحو 9 آلاف شخص، مقابل الافراج عن اسرى للحزب كانوا لدى «النصرة» في ريف حلب، سينقلون الى حلب، بعد ان كان مكان التسليم في قلعة المضيق، ما يعني ان هذه المرحلة ستأخذ وقتاً نظراً للعدد الكبير من النازحين المغادرين، حيث ستنقل كل حافلة نحو 60 شخصاً.
ولهذه الغاية، بدأت منذ صباح امس تجميع الحافلات السورية في سهل الرهوة في منطقة وادي حميد، لنقل المغادرين، وبلغ عدد هذه الحافلات حتى مساء امس 98 حافلة، وقد يرتفع هذا العدد اليوم الى 160، وسط اجراءات للجيش ومشاركة فاعلة للصليب الاحمر الدولي واللبناني والسوري، لمواكبة عملية نقل المسلحين وعائلاتهم، وكذلك جرحى «النصرة»، بموجب لوائح اسمية سيجري التدقيق فيها، ووزعت 5 نسخ منها للامن العام اللبناني والامن السوري والصليب الاحمر اللبناني والهلال السوري.
ويتوقع ان تبدأ عملية الاجلاء بعيد ظهر اليوم، وبعد ان يكتمل وصول قوافل النازحين والمسلحين، وتتوجه الباصات الى فليطة السورية، والتي عملت آليات تابعة للحزب على تأهيل الطريق الترابية في اتجاهها، ومن هناك تتجه القوافل الى حلب عبر الطريق الدولية الى حمص، ومن هناك الى ادلب، حيث سيتسلم الحزب اسراه عند معبر الراموسة مع كل دفعة تصل الى لبنان، اما الاسرى الثلاثة فسيتم تسليمهم مع وصول آخر قافلة الى فليطة، وبعد اخلاء المدنيين يبدأ اخلاء الجرحى، وهي المرحلة الثالثة من الصفقة.
اما في ما خص «سرايا اهل الشام» فلن يتم اجلاؤهم في هذه المرحلة، وسيتم، بحسب المعلومات نقلهم فيما بعد الى القلمون او اذا ارادوا التوجه الى الشمال السوري.
الى ذلك، افاد الاعلام الحربي على العثور على وثيقة كتبها ابو مالك التلي بخط يده في وادي الخيل، جاء فيها انه «في حال قتلت، يتم تشكيل مجلس شورى ومن خلاله يتم تعيين امير عام للجبهة في «القلمون»، خاتما رسالته بتوقيعه.
في هذا الوقت، بقيت الانظار مشدودة الى جرود رأس بعلبك والقاع والتي يتحصن فيها مسلحو تنظيم «داعش»، حيث يتوقع ان يحدد الجيش قريباً ساعة الصفر لبدء معركة تطهيرها.
وسجل، امس، على هذا الصعيد، قيام طائرة تابعة لسلاح الجو اللبناني من نوع سيسنا بقصف اهداف لداعش في هذه الجرود، واستهدفتها بـ5 صواريخ جو – ارض، فيما قصفت المدفعية الثقيلة للجيش مواقع المسلحين بعد ان تم رصد تحركات مشبوهة لهم.
وشدد قائد الجيش العماد جوزف عون في «آمر اليوم» الى العسكريين عشية عيد المؤسسة العسكرية، على ان الجيش هو من يضع الخطوط الحمر امام من يحاول زعزعة الامن والنظام وضرب المؤسسات والعبث بالحياة الديمقراطية روحاً وممارسة