بعد سنوات شغور عجاف نكّلت بالدولة ونكّست «سيوف» مؤسستها العسكرية، يعود الجيش اليوم ليستلّ السيف من غمده محتفلاً بعيده الـ72 في حضرة رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، وسط مشهدية تؤكد كل المعطيات والتحضيرات أنها ستكون استثنائية ومميزة «شكلاً وجوهراً» خلال حفل تقليد السيوف الذي سيُقام صباحاً تحت شعار «بمجدك احتميت» في المدرسة الحربية في الفياضية بعد غياب طويل منذ العام 2013. وعشية العيد حرص رئيسا الجمهورية العماد ميشال عون ومجلس الوزراء سعد الحريري على تثبيت دعائم الغطاء الرسمي للمؤسسة العسكرية في سياق يؤكد أن الأمر والإمرة للجيش في الحرب ضد الإرهاب، في حين أفادت مصادر قصر بعبدا «المستقبل» أنّ كلمة رئيس الجمهورية خلال احتفال الفياضية سوف تركز في مضامينها على معاني التضحية في سبيل الذود عن الوطن مع تشديده على أهمية دور الجيش في مواجهة الإرهاب وتأكيده على محورية هذا الدور في حماية السيادة واسترجاع الأرض. وأمس، غرّد عون مستذكراً شهداء المؤسسة العسكرية في عيدها، بينما أكد الحريري في تغريدة معايدة للجيش عدم إدخار «أي جهد للوقوف إلى جانبه في معركته ضد الإرهاب». 

وكان رئيس مجلس الوزراء قد عبّر من قصر بعبدا عن الدعم المطلق للمؤسسة العسكرية، مؤكداً رداً على أسئلة الصحافيين عن موقف الحكومة إزاء المواجهة المرتقبة مع «داعش» في جرود القاع ورأس بعلبك أنّ «الجيش يحظى دائماً بتغطية شاملة لكل عملياته العسكرية (...) وعندما تحين ساعة الصفر سيكون الجيش منتصراً بإذن الله، فالحكومة وكل القوى السياسية تقف إلى جانبه».

وبعد لقاء عقده مع رئيس الجمهورية وضعه خلاله في أجواء ونتائج المحادثات التي أجراها في الولايات المتحدة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعدد من المسؤولين الأميركيين، أوضح الحريري أنّ كل المواقف التي أطلقها أثناء الزيارة «كانت نابعة من الرغبة في حماية لبنان والمواطنين والاقتصاد»، أما في ما خصّ الموقف الأميركي من بعض الأفرقاء في لبنان فلفت إلى أن مواقف الدول يتم إطلاقها علناً بوجوده كما في غيابه، وأردف قائلاً: «موقفي هو أن لبنان يعاني أزمات وتحديات، يجب علينا أن نحمي الاقتصاد اللبناني في وجه عقوبات يتحضر لتطبيقها مجلس النواب ومجلس الشيوخ الأميركي، وهذا كان السبب الأساسي للزيارة، إضافة طبعاً الى استكمال المساعدات لمحاربة الإرهاب، وكل ما يُقال عن أن زيارتي كانت من أجل تغيير الموقف الأميركي هو من باب المزايدات التي يعلم أصحابها أنّ هذا الأمر غير صحيح، وهو كلام غير مسؤول».

وفي معرض إعرابه عن الاستعداد لإطلاق جولة انتاجية جديدة تفعّل العمل الحكومي، أعلن الحريري أنّ مجلس الوزراء سينعقد بعد غد الخميس في جلسة ستشهد إقرار سلة تعيينات جديدة «من أجل تعزيز أجهزة الرقابة والتفتيش»، موضحاً رداً على استفسارات الصحافيين حول ملف سلسلة الرتب والرواتب، أنّ ما يهمه هو «المحافظة على موازنة الدولة وعدم إضافة أي ديون لتأمين الموارد للسلسلة»، وطالب في هذا الإطار المعترضين بتقديم «بدائل فعلية لا وهمية لتمويل السلسلة» لافتاً الانتباه إلى أنّ «إطلاق الكلام في الهواء سهل».

غارات لبنانية على الجرود

ولمناسبة الذكرى الثانية والسبعين لتأسيس الجيش، وجّه قائده العماد جوزيف عون «أمر اليوم» إلى العسكريين، مشدداً على أهمية دورهم وتضحياتهم في مواجهة التنظيمات الإرهابية وإحباط أي محاولة منها «للنفاذ باتجاه البلدات والقرى الآمنة أو باتجاه مخيمات النازحين»، وأضاف متوجهاً إلى العسكريين: «شكّلتم الخطوط الحمر التي لا يمكن لأحد أن يتجاوزها، لأنه تجاوز لمصالح الدولة ومؤسساتها، وتجاوز لسلامة المواطنين وحقهم المقدس في العيش الآمن الحر الكريم».

وتزامناً، برز عشية العيد دخول سلاح الجو اللبناني بقوة على ساحة المعركة ضد الإرهاب، بحيث أفيد أمس عن شنّ الجيش غارات بواسطة مقاتلاته من نوع «سيسنا» على مواقع وأهداف تابعة لتنظيم «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع حيث قصفت الطائرات العسكرية هذه الأهداف بخمسة صواريخ جو أرض من طراز «هيل فاير» الذي يتمتع بفاعلية تدميرية كبيرة وتستخدمه مقاتلات الأباتشي الأميركية.

.. وتفكيك خلية «داعشية»

توازياً، استقطبت الاهتمام أمس العملية النوعية التي أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي عن تنفيذها من قبل شعبة المعلومات في إطار الأمن الوقائي الاستباقي. إذ وبنتيجة المتابعة الاستعلامية والميدانية، نجحت الشعبة في تفكيك «خلية أمنية خطيرة تعمل لصالح تنظيم «داعش» في لبنان» وتمكنت من توقيف كامل أعضائها الأربعة فضلاً عن ضبط 13 صاروخاً مذنّباً عيار 60 ملم و13 صاعقاً كهربائياً وبنادق ومسدسات وذخائر حربية وأجهزة تواصل لاسلكية وحافظات معلومات وشرائح تتضمن خرائط مفصّلة لمنطقتي الشمال والبقاع وغيرها. 

وبالتحقيق مع أعضاء الخلية الإرهابية (م. ب وهو المشغل الرئيسي للشبكة ويحمل الجنسيتين اللبنانية والفرنسية، واللبنانيين ف. د، ج. ج، أ.ح) تبيّن تواصلهم مع كوادر هامة في «داعش» في سوريا والعراق بهدف تنسيق عمل هذا التنظيم في داخل لبنان والخارج من النواحي الأمنية والميدانية واللوجستية والمالية