طبعا، ليس ابن الطائفة الشيعية الذي يرفض الإذعان لما يمليه "حزب الله" عليه وعلى بيئته، وهو لو أذعن، لانهال عليه المال، وانتقل، كما انتقل كثيرون، من العسر الى اليسر، ومن حال المطلوب تصفيته الى حال المكرسة مواقعه.ثمة أمثلة كثيرة وبعضها يصيب قوما، بصغارهم وكبارهم.
طبعا، ليس الخائن والعميل، من يعارض محاولة تأسيس دولة يكون فيها "حزب الله" على ما هي عليه وضعية الحرس الثوري الايراني، وكما اصبحت عليه وضعية الحشد الشعبي في العراق.
طبعا، ليس من يرفع منذ اتفاق الطائف، أو أقله منذ انسحاب الجيش الاسرائيلي من لبنان، مطلب جيش لبناني واحد في دولة لبنانية واحدة.
طبعا، ليس من التزم بإعلان بعبدا الذي هدف الى ابعاد لبنان، بجميع فئاته، عن المشاركة في تحويل الثورة الى مأساة، بعدما كان يتهافت كثيرون، لأسباب عاطفية او طائفية، الى الميدان، نصرة لجهة على أخرى.
طبعا، ليس من وقف خلف الجيش في حربه ضد مخيم نهر البارد، غير آبه بخط أحمر رسمه من رثوا اسامة بن لادن ورموا وردة على بحر العرب.
طبعا، ليس الخائن والعميل،من وقف مع الشرعية في مواجهة الارهاب أينما حل، وبمطالبته التي لا تنتهي بوجوب معاملة كل أشكال الارهاب معاملة متساوية، كما بوجوب معاملة جميع المواطنين وفق معيار صحيح واحد.
طبعا، ليس من ساهم، بفاعلية،بتحرير بلادنا من سطوة الجيش الأسدي ومخابراته.
طبعا، ليس من يلتزم بقرار دولته إقامة علاقات اخوية مع دول الخليج العربي .
وهناك طبعا، ألف طبعا وطبعا، لمعرفة من تنتفي عنه صفة الخيانة والعمالة، ولا يتسع المجال لسردها.
لنقل الآن من هو الخائن والعميل.
انه بالتأكيد، من يعتبر الانصياع لحزب كحزب الله هو معيار الوطنية.
انه بالتأكيد، من يعتبر تكريس وجود حزب مسلح في بلاده، ضرورة لا بد منها، بأي وسيلة كانت.
انه بالتأكيد، من يهدد المختلفين عنه بالقتل، وإذا قتلوا يعمم تضليل التحقيق ليحمي القاتل بوضعه في خانة المجهول.
انه بالتأكيد، من يلحس توقيعه على اتفاق، كإعلان بعبدا، وينتظم بأمر إيراني الى حرب ضد المعارضة السورية، بتمهيد طائفي بغيض.
انه بالتأكيد، من يقتطع لنفسه صلاحيات سيادية فيقيم احلافا عسكرية، على ذوقه، ويتسبب، "بأعلم او بلو كنت أعلم"بمآس وطنية كبيرة.
انه بالتأكيد، من ينقل البلاد، بقرارات مصلحتها خارجية، من حرب الى حرب، بخفة برغشة تنتقل من امتصاص دماء هذا الى امتصاص دماء ذاك.
انه بالتأكيد، من يجابه قرارات حكومية، ليس بالسياسة، انما بعملية عسكرية، كتلك التي عرفها لبنان في ٧ أيار الشهير، ومن ثم يروح يهدد كل من لا يقبل بما يمليه عليه من شروط، بتكرار التجربة.
انه بالتأكيد، من يرعى فراغا رئاسيا طويلا، ليفرض المرشح الذي سيعينه على وضع لبنان على السكة العراقية.
إنه، بالتأكيد من لا يتوانى عن رعاية أعمال إرهابية ضد دول تصنفها الدولة اللبنانية دولا شقيقة أو صديقة، فيعرض بلاده وشعب بلاده، لأخطار اقتصادية.
انه بالتأكيد، كل من يتعامل مع هذا الواقع او يغطيه، كسبا لمنفعة فاسدة او وصولا الى سلطة مرهونة.
نعم، هنا بالتأكيد تكمن الخيانة والعمالة، وهنا بالتأكيد ينص قانون العقوبات اللبناني على عقوبات تصل الى حد الإعدام.
الخط الفاصل بين خائن ووطني، ليس مجرد وجهة نظر، أو قدرات على الفجور، بل هو وضوح قانوني ودستوري ووطني ومنطقي، لا لَبْس فيه.
ولكن،تبا لزمن اصبح فيه مستحق الإعدام يوزع الأوسمة، فيما مستحق الأوسمة خاضعا لمستحق الإعدام.
وفي هذا الفجور، تحديدا ترصف الطريق الى الارهاب، ويعرف من هو المسالم والدولتي ومن هو قاطع الرؤوس وآكل الأكباد.
حبَّذا لو ان الجيش اللبناني يملك القدرة في الاول من آب ليعلن حربه على "داعش" الجرود و"داعش" الثغور.
تحرير الجرود مهم ولكن تحرير الدولة والشعب من التسلط ... بطولة.
أحلم؟
نعم، ولكن رحلتي على جناح النورس زادتني اقتناعا بأن حقائق الغد لا تولد الا في رحم الجرأة على الأحلام.
لم يبق لدينا الا بعض لسان وبعض حنجرة وبعض المنابر. لن نهدرها بكاء على الاطلال، بل سنستثمرها، حتى بزوغ الشمس، لغزل وطن من خيوط الاحلام.