تكتسب زيارة الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر (34 مقعد بالبرلمان) إلى المملكة العربية السعودية أهميتها الواسعة، كونها تأتي في لحظة متغيرات كبرى على مستوى المنطقة، وفي خضم ذروة التنافس الايراني السعودي على أكثر من ساحة عربية يكون فيها العنصر الشيعي العربي معظم الأحيان هو الخاسر الأكبر كونه يُستعمل من النظام الايراني كرأس حربة في هذا الصراع الذي سرعان ما يلبس او يلبّس زورا وبهدف التجييش قميص المذهبية البغيض.
عنصران اساسيان ساهما في إنضاج هذه الزيارة والتي نأمل أن تؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات الطبيعية بين الشيعة العرب واخوانهم على امتداد الجغرافيا العربية من الخليج ووصولا إلى لبنان.
الأول هو إدراك المملكة بالخطيئة التاريخية التي ارتكبتها بحق العراق عندما أدارت له ظهرها وتركته لقمة سائغة في فم الايرانيين، وهذا ما تلمسناه من خلال عودة الزيارات لمسؤولين سعوديين إلى العراق في الأشهر الماضية والدور الذي لعبه وزير الخارجية عادل الجبير والوزير ثامر النبهان وزير الدولة لشوؤن الخليج العربي.
العنصر الثاني الذي ساهم ببلورة هذه الزيارة هو الأداء المزري والمشين للتجربة الإيرانية في إدارة الشأن العراقي، والذي لم يحصد منه العراقيون إلا المزيد من التفسخ المذهبي في المجتمع العراقي مصحوبا بطغمة حاكمة حليفة للنظام الإيراني لا تجيد إلا اللصوصية وسرقة المال العام مما أدى إلى إفقار الشعب العراقي ونهب ثرواته فضلا عن الدمار والخراب الذي أصاب العراق بسببهم مما حدا بجمهور الصدر وآخرين معهم للهتاف أكثر من مرة في شوارع بغداد، " بغداد حرة حرة ايران برا برا "
يبقى السؤال الأهم في هذا السياق هو عن انعكاس هذا التحول على الساحة اللبنانية، وهل سوف نشهد تحولا ما في البيئة الشيعية اللبنانية وللأسباب الموجبة عينها، مع ملاحظة أن الساحة اللبنانية مهيأة سلفا لمثل هذا الخطوة بوجود زعيم عروبي أبعد ما يكون عن التأثيرات المذهبية هو نبيه بري وعنده من الحاضنة الشعبية ما تؤهله لمثل هكذا خطوة خدمة للشيعة أولا وللبنان ثانيا، فهل يتفلت بري من القبضة الايرانية ويفعلها ؟ نأمل ذلك .