هناك وهمٌ شائع بأنّ النظام السياسي في سوريا الذي أرساهُ حزب البعث العربي الإشتراكي، وآخر تجلّياته حكم بشار حافظ الأسد، هو نظام طائفي مذهبي علوي.
إقرأ أيضا : كيف سيتعامل المتشددون في ايران مع العقوبات الأميركية الجديدة؟
والواقع أنّ هذا النظام هو سليل أنظمة الانقلابات العسكرية في المنطقة العربية، غداة استقلالها عن الاستعمار الأوروبي. وقد تآلف النظام العسكري مع نظام الحزب الواحد بهيكلية حديدية، أمين عام واحد، أشبه ما يكون بأمين عام الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي البائد، أو مرشد الثورة الإسلامية في إيران،مُطلق الصلاحيات، وسيلة إعلامية مرئية واحدة، ومسموعة واحدة، وجريدة واحدة، ومجلس شعب يُعيّن قبل الانتخاب الصُّوري ، ولجان مُتفرّعة عن هيكلية الحزب لا تُعدُّ ولا تُحصى، مع جبهة وطنية مُركّبة حسب الطلب، تُستدعى عند الحاجة، وتوضع على الرّف معظم الأوقات، مع موروثات دينية ومذهبية ومناطقية من فترة ما قبل الإستعمار الأوروبي، وانخراط فئات برجوازية وسطية مدنية وعسكرية من الطائفة السُّنّية ذات الأغلبية العددية، في تمويه طبيعة النظام، وتعزيز ركائزه وضمان استمراريته، كل ذلك مترافقاً مع أجهزة استخباراتية ونظام قضائي تابع ومشلول، ينتج عنهما ما لا يخطر على بال من قمعٍ وعُسف واستبداد.
إقرأ أيضا : انتصارات ترفرف في سماء العرب
ديكتاتورية مُقنّعة بحزب طليعي، وجبهة وطنية ، وجيش وطني في خدمة النظام، مع إيديولوجية مُرقّعة، لُحمتُها وسُداها ممانعة التطبيع مع إسرائيل، والحضّ على المقاومة من خارج الأراضي السورية. وهي في المحصلة لم تتمخّض إلاّ عن وضع اليد على المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وخدمة إسرائيل وتأييد احتلالها للجولان السوري، وتمزيق وحدة سوريا وقتل شعبها وتدمير مدنها وتهجير أهلها، وصيانة أمن إسرائيل، واستجرار التدخلات الأجنبية من كلّ حدبٍ وصوب.