إن نظرة سريعة على تاريخ الشرور العامة الواقعة في الأرض سنكتشف من خلالها أنها قد خرجت من هذه المنطقة وبالأخص من مدينة القدس التي كانت على الدوام مقرا للفتن والمصدرة لها، ولذلك ترى أن الله تعالى قد أرسل العدد الأكبر من كبار الأنبياء (ع) إلى هذه المدينة ليقاتلوا الشر في عقر داره.
فالأديان السماوية الثلاث التي تحكم البشرية اليوم، وهي اليهودية والمسيحية والإسلامية قد خرجت من هذه المدينة مباشرة أو عبر وسائط والحروب الواقعة في الأرض منذ قرون طويلة إنما هي بسبب الصراع الدائر بين أتباع هذه الديانات الثلاث التي وضعت بذرتها الأولى في تلك المدينة ومنها انطلقت إلى العالم ولذلك ترى مدينة القدس هدفًا لغزوات الأمم التي تتبع هذه الديانات الثلاث التي لأتباعها اليد العليا في الأرض فدول الفيتو الخمس - أمريكا روسيا بريطانيا فرنسا الصين- أربعة منها مسيحية ومنشأ عقيدتها في القدس، واليهودية المتحالفة اليوم مع هذه الدول والمدعومة منها نشأت أيضا من القدس، والإسلام الذي نشأ في مكة المكرمة قد خطط لنشأته نبي الله إبراهيم (ع) وجاء بزوجه هاجر وابنهما إسماعيل من القدس ومنطقته أيضًا.
إقرأ أيضًا: البشرية تسبح في بحر دمائها نحو السلام !!
والعجيب هو ترك المسلمين وبكل مذاهبهم لهذه المنطقة بيد الذين يخططون فيها ومنها لكل ما يدور من كوارث في بلاد المسلمين وغيرها، ويتوجهون لقتال وقتل بعضهم البعض، بل ويتقربون بجهلهم الدموي هذا إلى الله تعالى وتحت الأعين الإسرائيلية المحتلة للقدس بدعم من كل أمم الأرض، بينما نجد أن الله تعالى قد كشف لنا عن خطة نجاتنا من كل هذه الفتن عبر مسيرة إسراء النبي محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وأعظمهم (ص) والتي بدأت من مكة وانتهت في القدس حيث عرج به منه إلى السماء مركز قرار الكون، وهي مسيرة سيعيد سلوكها حفيد هذا النبي (ص) والمكمل لمشروعه الرباني العظيم وهو الإمام المهدي (ع).
فالإمام المهدي (ع) وكما هو معروف ومتفق علبه بين مل المسلمين سسوف يبدأ مسيرته التطهيرية مجددا من مكة المكرمة وينهيها في مدينة القدس الذي كان ولا يزال مهد المؤامرات الدولية ومنبع الفتن، حيث سيعينه على أمره هذا السيد المسيح عيسى بن مريم، والذي سيهبطه الله تعالى من السماء إلى مدينة القدس أيضا ليعين المهظي على الامر المشترك بينهما، وهو نشر السلام والعدل في الأرض والقضاء على الظلم وأهله.
إقرأ أيضًا: النظام اللبناني الحالي ... إلى متى يستمر بجوره ؟!
لكن العجب العجاب هو أن هذه الحقيقة التاريخية هي حقيقة مدوية ومجلجلة، لكننا في الوقت نفسه نرى أن مدعي الفهم والحكمة والمعرفة من قادة مذاهب المسلمين قد عموا عن هذه الحقيقة الواضحة كعين الشمس وقاموا بتحريض أبناء هذه المذاهب ليتذابحوا فيما بينهم وتحت الأعين الإسرائيلية بل ورعايتها فيما مدينة القدس - مهد الفتن العالمية تاريخيا - يخلد محتلوها في أمن وأمان تامين، وهم يبكون من شدة ماما يضحكون علينا وهم يرون قادة مذاهبنا الإسلامية يلبون نداء شياطين أنفسهم في إيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين حيث يتصور كل واحد من هؤلاء القادة أن الطريق إلى مدينة القدس - مهد الفتن التاريخية ومصدرها - يمر على جثث المسلمين وركام بيوتهم وآلام أطفالهم وداخل كل عضو من أعضاء أجسادهم الممزقة بفتن بينهم لا تنتهي ولن تنتهي ما دام قادة مذاهب المسلمين يحسنون الإستماع إلى أصوات شياطين أنفسهم وأهوائهم التي جعلوا منها أربابا من دون الله، والمصيبة الأعظم هو أنهم جميعم يحسبون أنهم بذلك يحسنون صنعا !!
قال الله تعالى في كتابه المبين : {قُل هَل نُنَبِّئُكُم بِالأَخسَرِينَ أعمَالًا & الذِينَ ضَلَّ سَعيُهُم فِي الحَيَاةِ الدُّنيَا وَهُم يَحسَبُونَ أَنَّهُم يُحسِنُونَ صُنعًا} [الكهف/ 104 - 103]