انتهى الأسبوع الأخير من تموز على محطات ثلاث:
1- إختتام زيارة الرئيس سعد الحريري والوفد المرافق له إلى الولايات المتحدة الأميركية بعد لقاء مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير الخارجية تيلرسون، ونواب وشيوخ في الكونغرس، فضلاً عن زيارة مقر صندوق النقد الدولي، واجتماعه مع مديرة الصندوق كريستين لاغارد، ثم توسع بمشاركة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
والاهم في المحادثات دور صندوق النقد بالحؤول دون ان تؤدي التشريعات التي ستصدر عن الكونغرس الأميركي إلى عدم استقرار القطاع المصرفي اللبناني..
كما تناولت المحادثات مع الصندوق نتائج النزوح السوري على لبنان، وكان ثمة اتفاق على ضرورة تنفيذ برنامج استثماري في البنى التحتية كوسيلة لتحفيز النمو، وخلق فرص جديدة، إضافة إلى دراسة تحديد الآثار السلبية للنزوح السوري على موازنة الدولة اللبنانية.
2- المحطة الثانية، تتعلق بمعارك عرسال، والنتائج التي أسفرت عنها، ميدانياً وسياسياً ودبلوماسياً، والترتيبات الجارية لإنهاء الوضع، المشابه للجرود، في جرود رأس بعلبك والقاع والفاكهة، وينظم حزب الله جولة للاعلاميين اليوم في المنطقة.
3- اتفاقية نقل ما تبقى من مسلحي «النصرة» وعائلاتهم إلى أدلب، مقابل الإفراج عن مقاتلين لحزب الله محتجزين لدى «النصرة».
وفي هذا الإطار، كشف اللواء إبراهيم ان العمل جارٍ على قدم وساق لناحية تنفيذ اتفاق جرود عرسال، وكل شيء يسير وفق المرسوم له.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان هذه المواضيع ستكون على جدول أعمال الأسبوع السياسي الطالع، لا سيما في محطتين رئيسيتين: الاحتفال بعيد الجيش في الأوّل من آب، وما سيحمله هذا الاحتفال من مواقف، والمحطة الثانية، جلسة مجلس الوزراء التي يتوقع ان يتحدّد موعدها في الساعات المقبلة على ان تكون يوم الأربعاء أو الخميس من الأسبوع المقبل.
وفي ما خصّ مشروع سلسلة الرتب والرواتب لم يصل بعد إلى دوائر قصر بعبدا وعندما يصل يجري الرئيس عون دراسة معمقة حول الأرقام الواردة. وقالت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية أن رئيس الجمهورية كان يفضل إقرار الموازنة قبل السلسلة من دون أن تشرح ماهية الموقف الذي سيتخذه حول المشروع.
وافيد أن الرئيس عون عازم على مزاولة النشاط الرسمي في المقر الصيفي لرئاسة الجمهورية في بيت الدين وذلك بعد منتصف الشهر المقبل ريثما يتم الانتهاء من مهرجانات بيت الدين.
وفيما غادر أمس رئيس الوفد الوزاري المرافق لرئيس الحكومة عائداً إلى بيروت، يفترض ان يغادر الرئيس الحريري واشنطن اليوم، بعدما اختتم زيارته رسمياً، أوضحت مصادر الوفد اللبناني، ان الزيارة حققت أهدافها، لناحية النقاط الأربع التي ركز عليها خلال محادثاته مع المسؤولين الأميركيين، وهي:
– تعزيز الشراكة مع الولايات المتحدة في المجالات السياسية والاقتصادية.
– دعم لبنان في مواجهة أزمة النزوح السوري، وهو ما تأكد من خلال الموازنة الجديدة التي رصدتها الإدارة الأميركية لمساعدة النازحين.
– الحصول على ضمانات مؤكدة لدعم الجيش بالعتاد والسلاح، وهو ما سيترجم من خلال الزيارة التي سيقوم بها قائد الجيش العماد جوزف عون لواشنطن في 12 آب المقبل.
– أما مسألة العقوبات، فقد لمس الرئيس الحريري انه من المستحيل إلغاؤها أو تأجيلها طالما سلكت طريقها نحو التشريع في الكونغرس والذي يتوقع التصويت عليها قبل نهاية أيلول المقبل، إلا ان الرئيس الحريري تلقى – بحسب مصادر الوفد- ضمانات بتحييد الاقتصاد اللبناني، ولا سيما القطاع المصرفي عن هذه العقوبات التي ستكون موجهة ضد «حزب الله» ومؤسساته.
اتفاق الانسحاب
في هذه الاثناء، بقي وقف اطلاق النار الذي تم التوصل اليه بين «حزب الله» و«جبهة النصرة» بوساطة المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم صامداً، حيث سيطر هدوء على كافة محاور القتال في جرود عرسال، لم تشهده المنطقة منذ سنوات.
وفيما اكد اللواء ابراهيم ان العمل جار على قدم وساق على خط المفاوضات، وكل شيء يسير وفق المرسوم له، اشارت معلومات الى ان لجنة من فتح الشام وصلت الى عرسال برئاسة «ابو الخير» لتسجيل اسماء النازحين السوريين من المسلحين والمدنيين الراغبين بالعودة الى ادلب في الشمال السوري، وطلبت اللجنة من رؤساء المجموعات في المخيمات رفع لوائح الاسماء باسرع وقت ممكن الى الامن العام.
ورجحت المعلومات ان يتخطى عدد الاسماء المسجلة اكثر من ثلاثة آلاف نازح، وبالتالي ستصبح هناك حاجة الى حافلات وطرق معبدة بدلا من طريق الجرود الوعرة، وان تكون عملية الانتقال عن طريق القاع، معبر الجيوسية، او المصنع.
ورصدت امس بدء اعمال تفكيك خيم بعض المخيمات في وادي حميد والملاهي، القريبة من عرسال، تمهيدا لعملية اخلاء المسلحين.
وخلافً للهدوء على محاور جرود عرسال، كثف الجيش اللبناني ضغطه المدفعي على جبهات القتال في جرود رأس بعلبك والقاع، وسط تعزيزات عسكرية مكثفة، بانتظار ساعة الصفر التي سيحددها الجيش، والذي اعطى تعليمات بأن يكون على أهبة الاستعداد، والرد بعنف على المسلحين.
وقصف الجيش بالمدفعية مواقع مسلحي تنظيم «داعش» في جرود القاع ورأس بعلبك بعد رصد تحركات مشبوهة، وعمل على تعزيز آلياته وعناصره في المحيط، فيما اعلنت قيادة الجيش ان مركزاً تابعاً لها في مرتفع حرف الجرش في رأس بعلبك تعرض لسقوط قذيفتي هاون مصدرها المجموعات الارهابية المنتشرة في جرود المنطقة، وردت قوى الجيش بقصف مصدر اطلاق النيران من دون تسجيل اصابات في صفوف العسكريين.
وفي خطوة لافتة، تفقد رئيس الاركان في الجيش اللواء الركن حاتم ملاك الوحدات العسكرية المنتشرة في مناطق القاع ورأس بعلبك وعرسال، واطلع على الاجراءات الميدانية المتخذة، ثم اجتمع بالضباط والعسكريين وزودهم بالتعليمات اللازمة.
واكد ملاك ان حرب الجيش ضد الارهاب ستبقى مفتوحة حتى تحرير آخر شبر من الحدود الشرقية، لافتا الى ان المعركة المقبلة ستكون فاصلة، وسينتصر الجيش فيها لا محالة، كما انتصر سابقا في كل المواجهات التي خاضها ضد التنظيمات الارهابية، ودعا العسكريين الى مزيد من اليقظة والاستعداد الاقصى للقيام بالمهمات المرتقبة في القريب العاجل.
قلق دولي
وفي السياق، اشارت مصادر ديبلوماسية غربية الى ان المعركة التي خاضها حزب الله في الجرود، اثارت قلقا دوليا من احتمال ان تمهد لاضفاء شرعية لبنانية على سلاح الحزب المصنف ارهابيا اميركيا وخليجيا واوروبيا، وقد عبر عن هذا القلق البيان المشترك للسفارتين الاميركية والبريطانية في بيروت، والذي اكد ان «الجيش اللبناني هو المدافع الشرعي الوحيد عن لبنان».
ورجحت المصادر، بحسب ما ذكرت وكالة الانباء «المركزية» ان يكون السفير البريطاني هيوغو شورتر والمنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ اللذان زارا امس قصر بعبدا، كلا على حدة، حملا للرئيس ميشال عون الذي يعتزم نقل نشاطه الرسمي في المقر الصيفي في بيت الدين منتصف الشهر المقبل، حرص المجتمع الدولي على اعتبار المؤسسة العسكرية دون سواها، حامية استقرار لبنان وأمنه وشريكته في الحرب على الارهاب، وكذلك تحذيراً من اي تسليم رسمي لبناني بسلاح حزب الله وبثلاثية الجيش والشعب والمقاومة.
واوضحت المعلومات الرسمية عن زيارة شورتر بأنه نقل للرئيس عون الموقف البريطاني من الاحداث التي شهدتها الحدود اللبنانية – السورية خلال الايام الماضية، فيما نقلت السيدة كاغ رسالة شفهية من الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس ثم قدمت عرضاً مفصلاً عن المناقشات التي جرت في مجلس الأمن خلال مناقشـة التقرير الدوري حول تطبيق القرار 1701. وإن الرئيس عون أبلغ ممثلة الأمم المتحدة ان لبنان ملتزم التزاماً كاملاً بتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، لأنه يُدرك المخاطر المحتملة التي تنجم عن انتهاكه.
وفي حين أشار إلى أن مجلس الوزراء قرّر في جلسته الأخيرة طلب التمديد لقوات «اليونيفل» سنة إضافية، شدّد عون على أهمية دعم الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للجيش في حربه ضد الإرهاب، لافتاً إلى تحقيق خطوات مهمة سوف تعيد الاستقرار والأمن إلى الحدود اللبنانية – السورية التي عانت خلال الأعوام الماضية من الاعتداءات الإرهابية.
وفي معلومات «اللــواء» ان السيدة كاغ لم تتناول خلال لقائها الرئيس عون، معركة عرسال، ولا حتى أي اقتراح بشأن توسيع مهمة «اليونيفل» لتشمل الحدود الشرقية، حسبما طالبت كتلة «المستقبل» النيابية، قبل معرفة ما إذا كان سيطرح أثناء عرض موضوع التمديد لهذه القوات في مجلس الأمن.