جبهة جرود عرسال على أهبة ان تطوي صفحة إرهابيي «جبهة النصرة» نهائياً، والساعات المقبلة حاسمة على صعيد تنفيذ اتفاق إخراج الارهابيين منها، وسط مؤشرات جدية تؤكد أنّ الأمور تتم وفق ما هو مرسوم لها، ما يعني انّ التنفيذ سيتم قريباً، وفق ما اكد مصدر امني رفيع لـ«الجمهورية»، في وقت يبدو البلد كله في انتظار تحقيق الهزيمة الكاملة للارهابيين، التي تكتمل بتحرير جرود رأس بعلبك والقاع من إرهابيي «داعش»، والجيش اللبناني قابض على الزناد في هذه المعركة. في هذا الوقت، جدّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أمام المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، تأكيده على التزام لبنان تطبيق القرار 1701 بالكامل.
إذا كان شهر آب المقبل مرشّحاً لأن يكون شهر الحسم عسكرياً في جبهة جرود راس بعلبك ويكتمل فيه عيد الجيش، فإنه في المقابل يبدو مزدحماً بجملة محطات، بدءاً من سلسلة الرتب والرواتب وبَت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في امر القانون المتعلق بها لناحية نشره او ردّه الى المجلس النيابي، وكذلك بجلسة تشريعية قريبة للمجلس النيابي بجدول الاعمال الذي تأجّل من الجلسة السابقة، تليها جلسة اسئلة واجوبة، وايضاً بزيارة البطريرك الماروني مار بشارة الراعي الى دير القمر في السادس من آب، وصولاً الى القمة الروحية المسيحية التي تقرر ان يعقد مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك في الديمان خلال النصف الاول من آب، على أن يليها في وقت ليس ببعيد قمة روحية مسيحية شاملة لكل الطوائف.
وعلمت «الجمهورية» انّ البطاركة سيصلون الى لبنان يوم 8 آب، على ان يزوروا في اليوم التالي رئيس الجمهورية، ويلي ذلك في 10 آب انعقاد مجلس البطاركة الكاثوليك في الديمان، وبجدول اعمال يبحث اوضاع مسيحيي الشرق في ظل الحروب المشتعلة ودورهم في مرحلة التسويات وما بعدها، مع التأكيد على أهمية الحضور المسيحي المشرقي.
ومن المعلوم انّ اجتماع مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك، كان يعقد سابقاً لمدّة أسبوع كامل، وكل سنة في دولة، الّا انّ ظروف بعض بلدان الشرق فرضت توقّفه عن الاجتماع لسنتين، وتقرّر عقده هذا العام في لبنان بمشاركة البطاركة الأرثوذكس على غرار الإجتماعات السابقة إضافة الى ممثّل عن الطائفة الإنجيلية.
ويكتمل النصاب السياسي مع عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من واشنطن، حيث يفترض ان ينصرف الاهتمام مجدداً الى الملفات الداخلية، اضافة الى ملفات اخرى ضاغطة طَفت على السطح في الايام الاخيرة، والتي اظهرت تعرّض المواطن اللبناني لهجوم إرهابي من نوع آخر، من جبهة غليان الرفع الجنوني لأسعار السلع والمواد الغذائية من دون حسيب او رقيب، وكذلك سياسة الابتزاز التي بدأتها بعض المدارس بزيادة الاقساط المدرسية لأرقام خيالية.
وقال مرجع سياسي لـ«الجمهورية»: «الوضع الامني الذي استجَد لا يجب ان يصرف النظر عن متابعة شؤون الناس، بل يوجب الانصراف الى اولوية التحصين الداخلي على كل المستويات. واولى المهام هنا، العمل بوَحي اتفاق بعبدا وتنشيط العمل الحكومي في شتى المجالات وتفعيل الانتاجية التي ينبغي ان يلمسها المواطن، ولعلّ المهمة الاساس في هذه المرحلة هي منع الاعتداء على المواطنين في لقمتهم ومعيشتهم وزيادة الاعباء عليهم، من قبل التجّار والفلتان في رفع الاسعار، وكذلك زيادة الاقساط المدرسية، وهنا مسؤولية الحكومة في أن تمارس دورها الرقابي الحازم وتوجِد العلاج الرادع لهؤلاء».
وتتوجه الانظار الى مجلس الوزراء المُرجّح انعقاده الاسبوع المقبل، خصوصاً انّ التطورات الامنية الاخيرة تفرض نفسها على جدول أعماله، بالاضافة الى ملف الكهرباء. وعلى ما اكد احد الوزراء لـ«الجمهورية» سيكون ضيفاً استثنائياً على مجلس الوزراء سواء أحالَ وزير الطاقة تقريره الذي يفترض ان يعدّه بناء على تقرير ادارة المناقصات في شأن ملف البواخر الذي اشار الى مجموعة ثغرات تعتري المناقصة وتحول دون فتح العروض، او العرض الوحيد المقدّم من شركة تركية في هذا الخصوص، او عبر توجّه بعض الوزراء، الذين يعارضون الصفقة، الى إثارة الموضوع في الجلسة، من باب ما أحاط هذه المسألة في الايام الاخيرة وصولاً الى المؤتمر الصحافي لوزير الطاقة وما تضمّنه من انتقاد لإدارة المناقصات وهجوم على قوى سياسية، من دون ان يأتي على ذكر المخالفات التي لحظتها الادارة، وتحول دون انطباق مناقصة البواخرعلى أحكام استدراج العروض.
وقال مصدر وزاري لـ«الجمهورية»: «انّ الصورة في ملف البواخر باتت شديدة الوضوح بعد صدور تقرير إدارة المناقصات، واي كلام حول هذا الموضوع ومن اي موقع صدر، لا يؤخّر ولا يقدّم.
وبالتالي، بات مجلس الوزراء هو المرجع الصالح لاتخاذ القرار النهائي في هذا الشأن، ونقطة على السطر. ومن الطبيعي الّا يكون قرار مجلس الوزراء الّا مع مصلحة الدولة وماليتها، ورافضاً لأي صفقات تعاني الخلل القانوني، او تلك التي تشتمّ منها رائحة مصالح خاصة».
جرود عرسال
أمنياً، ثبت وقف إطلاق النار المعلن في جبهة جرود عرسال من دون خروقات، فيما بَدا انّ اتفاق إخراج إرهابيّي «النصرة» وعائلاتهم من المنطقة الى ادلب في سوريا، بلغ مراحل متقدمة، لَخّصتها جهات سياسية وامنية بأنّ المسألة دخلت في عملية إتمام اللوجستيّات المطلوبة في حالة من هذا النوع، ولا سيما لناحية إحصاء عدد الارهابيين مع عائلاتهم، وتأمين وسائل النقل الذي سيتمّ دفعة واحدة.
ودخل عامل جديد كاد يهدّد الاتفاق بانتكاسة، بعدما خطف الارهابيون ثلاثة عناصر من «حزب الله» تاهوا في منطقة جردية قريبة من مربع «النصرة» الذي يحاصره الحزب. وفرض هذا التطور اتصالات سريعة ابلغت خلالها قيادة الارهابيين بضرورة الافراج عنهم على الفور لأنهم لم يكونوا في مهمة قتالية. وعلى رغم الجو الإيجابي الذي نقله الوسطاء عن قيادة المسلحين لم يعلن حتى ليل امس عن الإفراج عنهم.
وفي سياق متصل، اكدت مصادر فلسطينية ان لا علاقة لمخيم عين الحلوة بالاتفاق في جرود عرسال، نافية ما تردد عن تحضيرات في المخيم لإخراج عدد من الفلسطينيين مع «النصرة» الى ادلب.
وقال مسؤول حركة «حماس» في صيدا ايمن شناعة لـ«الجمهورية» لا أساس من الصحة لهذا الكلام الذي يستبطِن محاولة لزَجّ الفلسطينيين في الأزمة السورية وتردداتها، علماً انّ جميع الفصائل ملتزمة بما تعهّدت به أمام المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم في لقائها معه في صيدا».
جرود راس بعلبك
يأتي ذلك في وقت يستمر فيه الترقّب سيّد الموقف في منطقة راس بعلبك والقاع، فيما يواصل الجيش إجراءاته الامنية المشددة بالتوازي مع استمرار الوحدات العسكرية باستهداف «داعش» في الجرود بالمدفعية. في وقت عَمّت رأس بعلبك والقاع وغيرهما من بلدات المنطقة مسيرات تضامن شعبية مع الجيش.
وقال مرجع أمني رفيع لـ«الجمهورية»: «انّ الجيش استكمل التحضيرات العسكرية والانتشار، الّا انّ قرار بدء المعركة لم يتخذ بعد بانتظار الايام المقبلة والتطورات الميدانية».
واذ لفت الى «انّ وتيرة القصف ارتفعت مؤخراً بسبب تحرّكهم بشكل اوضح، خصوصاً بعد فتح جبهة عرسال»، اكد انّ الجيش «وكما أعلن مراراً، مهمّته حماية المدنيين ومنع الارهاب من التمدّد، وهو بالمرصاد لأي تحرك لإرهابيي «داعش» ويستهدفهم باستمرار.
«القوات»
وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» إنّ «معركة جرود رأس بعلبك تختلف عن معركة جرود عرسال في الشكل والمضمون:
ففي الشكل، جرود رأس بعلبك هي جرود لبنانية، فيما جرود عرسال مثلثة الأضلع بين لبنانية ولبنانية - سورية وسورية. وبالتالي، لا يمكن للدولة اللبنانية ان تدخل في مواجهة على ارض سورية وتقاتل إلى جانب الجيش السوري المعزول سوريا وعربيا ودوليا، لا سيما انّ هذا الجيش كان أوّل مَن باشَر بالمعركة من خلال طيرانه ومدفعيته. فالمعركة في جرود عرسال لم تكن للأسباب المذكورة جائزة إطلاقاً لدخول الجيش اللبناني الذي كان يوفّر الحماية المطلوبة للحدود على أكمل وجه.
وفي المضمون، قتال الجيش اللبناني يمثّل كل الشعب اللبناني، وهو يقاتل دفاعاً عن لبنان والحدود اللبنانية والمصلحة اللبنانية العليا، فيما قتال «حزب الله» هو قتال فئوي حتى لو استفاد لبنان هذه المرة على هامشه وبشكل استثنائي، لأنّ الهدف الأساس لقتال الحزب تحقيق المصلحة العليا للمحور الذي ينتمي إليه، وكل معاركه تندرج في سياق مصلحة محور الممانعة لا المصلحة اللبنانية».
واكدت المصادر «انّ كل الشعب اللبناني يقف صفاً واحداً خلف الجيش اللبناني الذي وحده يحمي السيادة الوطنية، والدولة لا يمكن ان تستعيد فعاليتها إلّا بحصرية السلاح داخلها».
«الكتائب»
واكد حزب الكتائب «ضرورة تمّسك الدولة اللبنانية بسيادتها الكاملة على اراضيها، من خلال قرار سياسي واضح تتخذه الحكومة بتكليف الجيش اللبناني حماية الحدود والداخل».
وقال مصدر كتائبي مسؤول لـ«الجمهورية»: «تثبت التجارب التاريخية التي مرّ بها لبنان منذ العام ١٩٦٩ انّ تلكؤ الحكومة عن اتخاذ قرار حاسم بممارسة دورها في حماية الارض والناس والمؤسسات ينعكس سلباً على منطق الدولة وعلى فاعلية مؤسساتها وعلى وحدة اللبنانيين».
اضاف: «انّ التباين في المواقف حيال ما شهدته جرود عرسال وما يمكن ان تشهده جرود رأس بعلبك والقاع، يؤكد مرة جديدة انّ الجيش اللبناني وحده يمكن ان يحظى بالاجماع الوطني في أي خطوة عسكرية او تدبير يراه مناسباً للدفاع عن لبنان».
وذكّر المصدر بموقف النائب سامي الجميّل «من مسألة حرب الجرود عندما سأل الحكومة عمّا اتخذته من تدابير للقضاء على الارهابيين؟ وعمّا اذا كانت هناك غرفة عمليات مشتركة بين الجيشين اللبناني والسوري والجهات المسلحة التي خاضت معركة عرسال؟. وقد ردّ رئيس الحكومة بنَفي وجود مثل هذه الغرفة، وبالاعلان صراحة عن انّ الجيش اللبناني هو الذي سيقوم بالعملية».
وتابع المصدر: «لكن، وبكل أسف، تبيّن انّ من قام بالعملية ليس الجيش اللبناني، وانّ الجيش السوري قد شارك بدباباته في المعركة على الاراضي اللبنانية. وعوض ان تتحرر جرود عرسال من الارهابيين السوريين عاد الجيش السوري الى جزء من الاراضي اللبنانية».
ورفض المصدر «النظرية الحكومية التبريرية القائلة إنّ المعارك دارت على «أراض متنازع عليها» بين لبنان وسوريا، متمسّكاً بلبنانية الجرود. ودعا «الى انتشار كامل للجيش اللبناني في الجرود واستكمال ترسيم الحدود لإزالة ايّ التباس في هذا المجال».
واكد انّ الحزب «لا يفرّق بين قرى مسيحية وقرى اسلامية، وبالتالي فإنّ الجيش اللبناني يبقى في نظره الجهة الوحيدة التي تحظى بإجماع اللبنانيين، والتي يمكنها ان تزرع الامان والاستقرار في نفوسهم».
وعلمت «الجمهورية» انّ البطاركة سيصلون الى لبنان يوم 8 آب، على ان يزوروا في اليوم التالي رئيس الجمهورية، ويلي ذلك في 10 آب انعقاد مجلس البطاركة الكاثوليك في الديمان، وبجدول اعمال يبحث اوضاع مسيحيي الشرق في ظل الحروب المشتعلة ودورهم في مرحلة التسويات وما بعدها، مع التأكيد على أهمية الحضور المسيحي المشرقي.
ومن المعلوم انّ اجتماع مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك، كان يعقد سابقاً لمدّة أسبوع كامل، وكل سنة في دولة، الّا انّ ظروف بعض بلدان الشرق فرضت توقّفه عن الاجتماع لسنتين، وتقرّر عقده هذا العام في لبنان بمشاركة البطاركة الأرثوذكس على غرار الإجتماعات السابقة إضافة الى ممثّل عن الطائفة الإنجيلية.
ويكتمل النصاب السياسي مع عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من واشنطن، حيث يفترض ان ينصرف الاهتمام مجدداً الى الملفات الداخلية، اضافة الى ملفات اخرى ضاغطة طَفت على السطح في الايام الاخيرة، والتي اظهرت تعرّض المواطن اللبناني لهجوم إرهابي من نوع آخر، من جبهة غليان الرفع الجنوني لأسعار السلع والمواد الغذائية من دون حسيب او رقيب، وكذلك سياسة الابتزاز التي بدأتها بعض المدارس بزيادة الاقساط المدرسية لأرقام خيالية.
وقال مرجع سياسي لـ«الجمهورية»: «الوضع الامني الذي استجَد لا يجب ان يصرف النظر عن متابعة شؤون الناس، بل يوجب الانصراف الى اولوية التحصين الداخلي على كل المستويات. واولى المهام هنا، العمل بوَحي اتفاق بعبدا وتنشيط العمل الحكومي في شتى المجالات وتفعيل الانتاجية التي ينبغي ان يلمسها المواطن، ولعلّ المهمة الاساس في هذه المرحلة هي منع الاعتداء على المواطنين في لقمتهم ومعيشتهم وزيادة الاعباء عليهم، من قبل التجّار والفلتان في رفع الاسعار، وكذلك زيادة الاقساط المدرسية، وهنا مسؤولية الحكومة في أن تمارس دورها الرقابي الحازم وتوجِد العلاج الرادع لهؤلاء».
وتتوجه الانظار الى مجلس الوزراء المُرجّح انعقاده الاسبوع المقبل، خصوصاً انّ التطورات الامنية الاخيرة تفرض نفسها على جدول أعماله، بالاضافة الى ملف الكهرباء. وعلى ما اكد احد الوزراء لـ«الجمهورية» سيكون ضيفاً استثنائياً على مجلس الوزراء سواء أحالَ وزير الطاقة تقريره الذي يفترض ان يعدّه بناء على تقرير ادارة المناقصات في شأن ملف البواخر الذي اشار الى مجموعة ثغرات تعتري المناقصة وتحول دون فتح العروض، او العرض الوحيد المقدّم من شركة تركية في هذا الخصوص، او عبر توجّه بعض الوزراء، الذين يعارضون الصفقة، الى إثارة الموضوع في الجلسة، من باب ما أحاط هذه المسألة في الايام الاخيرة وصولاً الى المؤتمر الصحافي لوزير الطاقة وما تضمّنه من انتقاد لإدارة المناقصات وهجوم على قوى سياسية، من دون ان يأتي على ذكر المخالفات التي لحظتها الادارة، وتحول دون انطباق مناقصة البواخرعلى أحكام استدراج العروض.
وقال مصدر وزاري لـ«الجمهورية»: «انّ الصورة في ملف البواخر باتت شديدة الوضوح بعد صدور تقرير إدارة المناقصات، واي كلام حول هذا الموضوع ومن اي موقع صدر، لا يؤخّر ولا يقدّم.
وبالتالي، بات مجلس الوزراء هو المرجع الصالح لاتخاذ القرار النهائي في هذا الشأن، ونقطة على السطر. ومن الطبيعي الّا يكون قرار مجلس الوزراء الّا مع مصلحة الدولة وماليتها، ورافضاً لأي صفقات تعاني الخلل القانوني، او تلك التي تشتمّ منها رائحة مصالح خاصة».
جرود عرسال
أمنياً، ثبت وقف إطلاق النار المعلن في جبهة جرود عرسال من دون خروقات، فيما بَدا انّ اتفاق إخراج إرهابيّي «النصرة» وعائلاتهم من المنطقة الى ادلب في سوريا، بلغ مراحل متقدمة، لَخّصتها جهات سياسية وامنية بأنّ المسألة دخلت في عملية إتمام اللوجستيّات المطلوبة في حالة من هذا النوع، ولا سيما لناحية إحصاء عدد الارهابيين مع عائلاتهم، وتأمين وسائل النقل الذي سيتمّ دفعة واحدة.
ودخل عامل جديد كاد يهدّد الاتفاق بانتكاسة، بعدما خطف الارهابيون ثلاثة عناصر من «حزب الله» تاهوا في منطقة جردية قريبة من مربع «النصرة» الذي يحاصره الحزب. وفرض هذا التطور اتصالات سريعة ابلغت خلالها قيادة الارهابيين بضرورة الافراج عنهم على الفور لأنهم لم يكونوا في مهمة قتالية. وعلى رغم الجو الإيجابي الذي نقله الوسطاء عن قيادة المسلحين لم يعلن حتى ليل امس عن الإفراج عنهم.
وفي سياق متصل، اكدت مصادر فلسطينية ان لا علاقة لمخيم عين الحلوة بالاتفاق في جرود عرسال، نافية ما تردد عن تحضيرات في المخيم لإخراج عدد من الفلسطينيين مع «النصرة» الى ادلب.
وقال مسؤول حركة «حماس» في صيدا ايمن شناعة لـ«الجمهورية» لا أساس من الصحة لهذا الكلام الذي يستبطِن محاولة لزَجّ الفلسطينيين في الأزمة السورية وتردداتها، علماً انّ جميع الفصائل ملتزمة بما تعهّدت به أمام المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم في لقائها معه في صيدا».
جرود راس بعلبك
يأتي ذلك في وقت يستمر فيه الترقّب سيّد الموقف في منطقة راس بعلبك والقاع، فيما يواصل الجيش إجراءاته الامنية المشددة بالتوازي مع استمرار الوحدات العسكرية باستهداف «داعش» في الجرود بالمدفعية. في وقت عَمّت رأس بعلبك والقاع وغيرهما من بلدات المنطقة مسيرات تضامن شعبية مع الجيش.
وقال مرجع أمني رفيع لـ«الجمهورية»: «انّ الجيش استكمل التحضيرات العسكرية والانتشار، الّا انّ قرار بدء المعركة لم يتخذ بعد بانتظار الايام المقبلة والتطورات الميدانية».
واذ لفت الى «انّ وتيرة القصف ارتفعت مؤخراً بسبب تحرّكهم بشكل اوضح، خصوصاً بعد فتح جبهة عرسال»، اكد انّ الجيش «وكما أعلن مراراً، مهمّته حماية المدنيين ومنع الارهاب من التمدّد، وهو بالمرصاد لأي تحرك لإرهابيي «داعش» ويستهدفهم باستمرار.
«القوات»
وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» إنّ «معركة جرود رأس بعلبك تختلف عن معركة جرود عرسال في الشكل والمضمون:
ففي الشكل، جرود رأس بعلبك هي جرود لبنانية، فيما جرود عرسال مثلثة الأضلع بين لبنانية ولبنانية - سورية وسورية. وبالتالي، لا يمكن للدولة اللبنانية ان تدخل في مواجهة على ارض سورية وتقاتل إلى جانب الجيش السوري المعزول سوريا وعربيا ودوليا، لا سيما انّ هذا الجيش كان أوّل مَن باشَر بالمعركة من خلال طيرانه ومدفعيته. فالمعركة في جرود عرسال لم تكن للأسباب المذكورة جائزة إطلاقاً لدخول الجيش اللبناني الذي كان يوفّر الحماية المطلوبة للحدود على أكمل وجه.
وفي المضمون، قتال الجيش اللبناني يمثّل كل الشعب اللبناني، وهو يقاتل دفاعاً عن لبنان والحدود اللبنانية والمصلحة اللبنانية العليا، فيما قتال «حزب الله» هو قتال فئوي حتى لو استفاد لبنان هذه المرة على هامشه وبشكل استثنائي، لأنّ الهدف الأساس لقتال الحزب تحقيق المصلحة العليا للمحور الذي ينتمي إليه، وكل معاركه تندرج في سياق مصلحة محور الممانعة لا المصلحة اللبنانية».
واكدت المصادر «انّ كل الشعب اللبناني يقف صفاً واحداً خلف الجيش اللبناني الذي وحده يحمي السيادة الوطنية، والدولة لا يمكن ان تستعيد فعاليتها إلّا بحصرية السلاح داخلها».
«الكتائب»
واكد حزب الكتائب «ضرورة تمّسك الدولة اللبنانية بسيادتها الكاملة على اراضيها، من خلال قرار سياسي واضح تتخذه الحكومة بتكليف الجيش اللبناني حماية الحدود والداخل».
وقال مصدر كتائبي مسؤول لـ«الجمهورية»: «تثبت التجارب التاريخية التي مرّ بها لبنان منذ العام ١٩٦٩ انّ تلكؤ الحكومة عن اتخاذ قرار حاسم بممارسة دورها في حماية الارض والناس والمؤسسات ينعكس سلباً على منطق الدولة وعلى فاعلية مؤسساتها وعلى وحدة اللبنانيين».
اضاف: «انّ التباين في المواقف حيال ما شهدته جرود عرسال وما يمكن ان تشهده جرود رأس بعلبك والقاع، يؤكد مرة جديدة انّ الجيش اللبناني وحده يمكن ان يحظى بالاجماع الوطني في أي خطوة عسكرية او تدبير يراه مناسباً للدفاع عن لبنان».
وذكّر المصدر بموقف النائب سامي الجميّل «من مسألة حرب الجرود عندما سأل الحكومة عمّا اتخذته من تدابير للقضاء على الارهابيين؟ وعمّا اذا كانت هناك غرفة عمليات مشتركة بين الجيشين اللبناني والسوري والجهات المسلحة التي خاضت معركة عرسال؟. وقد ردّ رئيس الحكومة بنَفي وجود مثل هذه الغرفة، وبالاعلان صراحة عن انّ الجيش اللبناني هو الذي سيقوم بالعملية».
وتابع المصدر: «لكن، وبكل أسف، تبيّن انّ من قام بالعملية ليس الجيش اللبناني، وانّ الجيش السوري قد شارك بدباباته في المعركة على الاراضي اللبنانية. وعوض ان تتحرر جرود عرسال من الارهابيين السوريين عاد الجيش السوري الى جزء من الاراضي اللبنانية».
ورفض المصدر «النظرية الحكومية التبريرية القائلة إنّ المعارك دارت على «أراض متنازع عليها» بين لبنان وسوريا، متمسّكاً بلبنانية الجرود. ودعا «الى انتشار كامل للجيش اللبناني في الجرود واستكمال ترسيم الحدود لإزالة ايّ التباس في هذا المجال».
واكد انّ الحزب «لا يفرّق بين قرى مسيحية وقرى اسلامية، وبالتالي فإنّ الجيش اللبناني يبقى في نظره الجهة الوحيدة التي تحظى بإجماع اللبنانيين، والتي يمكنها ان تزرع الامان والاستقرار في نفوسهم».