على بُعد أيام من الأول من آب المجيد، عيد المؤسسة الجامعة بثلاثية «الشرف والتضحية والوفاء» لجميع اللبنانيين، والمظلة الشرعية الحامية بكل عزم واستبسال لسيادة الأرض من الحدود إلى الحدود، اتجهت الأنظار خلال الأيام الأخيرة إلى التعزيزات العسكرية والتدابير الاحترازية المتسارعة التي يتخذها الجيش عند جبهة «القاع - رأس بعلبك» الحدودية على وقع تمشيط مدفعي متصاعد يستهدف مواقع إرهابيي «داعش» في جرود المنطقة حيث رصدت «تحركات مشبوهة لهم في سياق متزايد ومتزامن مع اندلاع المعارك مؤخراً في المنطقة الجردية المحاذية لعرسال»، حسبما أوضحت مصادر عسكرية رفيعة لـ«المستقبل»، مؤكدةً في المقابل أنّ «الجيش اللبناني يستعد حالياً لإطلاق معركة تطهير جرود القاع ورأس بعلبك من الوجود الإرهابي خلال 72 ساعة» باعتباره المسؤول الأول والأخير عن هذه المهمة الواقعة ضمن نطاق أراضٍ وجرود لبنانية 100% بخلاف واقع الحال إزاء تلك المعارك التي دارت ضد «جبهة النصرة» في منطقة جردية متداخلة جغرافياً بين لبنان وسوريا ولم يكن الجيش اللبناني معنياً مباشرةً بها إلا ضمن إطار «تحصين الحدود ومنع تسرب أي من المسلحين إلى القرى والبلدات اللبنانية». 

وإذ أعربت عن ثقة القيادة بجهوزية الجيش واستعدادات وحداته المرابطة عند الجرود اللبنانية لتطهيرها ودحر الإرهابيين عنها، لفتت المصادر العسكرية إلى أنّ التحصينات المُحكمة والتعزيزات العسكرية المُتخذة في القاع ورأس بعلبك تأتي في سياق الاستعداد لـ«ساعة الصفر» إيذاناً بانطلاق المعركة التي سيخوضها الجيش اللبناني لتحرير أراضٍ جردية لا يوجد أي التباس في لبنانيتها، وهو ما يقع ضمن إطار واجباته ودوره في حماية الحدود والسيادة.

ورداً على سؤال، ذكّرت المصادر بأنّ معارك الجرود الأخيرة ضد «جبهة النصرة» كانت قد انطلقت أساساً من داخل الأراضي السورية وتحديداً من جرود فليطا، وبالتالي لم يكن للجيش اللبناني أي مهمة أو دور فيها باستثناء حماية الحدود اللبنانية والمدنيين اللبنانيين والنازحين السوريين، أما المعركة المُرتقبة في جرود رأس بعلبك والقاع فالجيش اللبناني هو الوحيد المعني بها وهو من يقودها إمرةً وتخطيطاً وتنفيذاً، مع إشارتها في هذا المجال إلى أنّ هذه المعركة ستقع ضمن نطاق جغرافي خالٍ من أي مدنيين أو نازحين بشكل سوف يريح الوحدات العسكرية في مواجهة المجموعات الإرهابية التي لن يكون في مقدورها التلطي خلف أي تجمعات أو مخيمات مدنية للتواري عن مرمى نيران الجيش اللبناني. 

وأمس برزت الزيارة التفقدية التي قام بها رئيس الأركان اللواء الركن حاتم ملاك للوحدات العسكرية المنتشرة في مناطق القاع ورأس بعلبك وعرسال، حيث نوّه بالجهود التي بذلتها هذه الوحدات خلال الأيام الماضية «لناحية ضرب خطوط تسلّل الإرهابيين باتجاه بلدة عرسال أو مخيمات النازحين، وبالتالي تأمين حماية الأهالي وإبعادهم عن ساحة الاشتباكات، بالإضافة إلى تأمين وصول المساعدات الغذائية والطبية لهذه المخيمات بالتنسيق مع الصليب الأحمر اللبناني والصليب الأحمر الدولي». 

وفي معرض تأكيده أنّ «حرب الجيش ضدّ الإرهاب ستبقى مفتوحة حتى تحرير آخر شبر من الحدود الشرقية»، جزم ملاك بأنّ «المعركة القادمة ستكون فاصلة وسينتصر الجيش فيها لا محالة كما انتصر سابقاً في جميع المواجهات التي خاضها ضدّ التنظيمات الإرهابية، وذلك بالاستناد إلى الكفاءة القتالية لوحداتنا، وإلى ثقة اللبنانيين على اختلاف مكوّناتهم بالمؤسسة العسكرية وإجماعهم على دورها الوطني».

عون

وفي سياق متقاطع، جدد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تأكيد التزام لبنان بتطبيق القرار الدولي 1701 «التزاماً كاملاً بكل مندرجاته»، مشدداً خلال استقباله المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ على أهمية وقف الانتهاكات الإسرائيلية لهذا القرار من جهة، وعلى ضرورة «دعم الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للجيش اللبناني في حربه ضد الإرهاب» من جهة أخرى.

ونقل زوار قصر بعبدا لـ«المستقبل» أنّ عون يعرب عن ثقة مطلقة بقدرات الجيش في محاربة الإرهاب سواءً في الداخل أو عند الحدود، مؤكداً أن الوحدات العسكرية ستقوم بواجباتها على أكمل وجه في المنطقة الحدودية لا سيما لناحية مهمة تحرير جرود السلسلة الشرقية في رأس بعلبك والقاع بوصفها أراضٍ لبنانية 100% يقع على عاتق الجيش اللبناني واجب تطهيرها من المجموعات الإرهابية.

الحريري

في الغضون، اختتم رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أمس زيارته الرسمية إلى الولايات المتحدة الأميركية بعد سلسلة اجتماعات ولقاءات عقدها خلال الساعات الأخيرة في مبنى الكابيتول وفي مقر إقامته في فندق «فور سيزنز». في حين كان قد زار مقرّ صندوق النقد الدولي حيث اجتمع مع مديرة الصندوق كريستين لاغارد ثم عقد معها اجتماعاً موسّعاً حضره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى جانب عدد من أعضاء الوفد اللبناني المرافق، تم خلاله التركيز على «أهمية استقرار وسلامة القطاع المصرفي في لبنان وأهمية مواكبة صندوق النقد للتشريعات التي سيُصدرها الكونغرس الأميركي والتأكد من أنها لن تؤدي إلى عدم استقرار في القطاع المصرفي اللبناني»، فضلاً عن التطرق إلى تداعيات النزوح السوري على لبنان بحيث كانت وجهات النظر متطابقة لا سيما وأنّ الصندوق كان قد أصدر توصية مُطابقة لرؤية وتوجه الحكومة اللبنانية إزاء هذا الملف، علماً أنّ رئيس الحكومة طالب خلال الاجتماع بأن يُجري صندوق النقد «دراسة لتحديد الآثار السلبية للنزوح السوري على موازنة الدولة اللبنانية».