كتب جاك مور، مراسل الأمن الدولي والإرهاب لدى مجلة "نيوزويك"، عن كيفية إدارة "داعش" عناصره لتنفيذ هجمات إرهابية، عبر التركيز على وجوب التحرك سريعاً وعدم الاستغراق في التخطيط.
وفي العام الماضي أدار داعش هجومين نفذا في ألمانيا، بعيداً من معقله في العراق وسوريا. وكان الانتحاري الذي فجر نفسه في آنسباخ، والمهاجم بواسطة فأس في مدينة فوزبيرغ البافارية، على تواصل مع مقاتلي التنظيم في العراق وسوريا.
كيفية تواصل
وتحدث صحافي ألماني عن طريقة تواصل داعش مع الراغبين في تنفيذ عمل إرهابي، لافتاً إلى أن نفوذ التنظيم في أوروبا يفوق بكثير مجرد التحريض والإلهام.
فقد أمضى بيورن ستريتزل، صحفي من "بيلد" الألمانية، أشهراً منتحلاً صفة مهاجم محتمل من أوروبا، وكان يعمل بالتنسيق مع أجهزة استخبارات ألمانية. وقد تمكن من الوصول إلى قيادي في داعش مسؤول عن الرسائل المشفرة على تطبيق تيليغرام، وعن المسؤول عن قناته الدعائية، ناشر. ويأتي عمل ستريتزل السري في إطار سلسلة جديدة ستنشرها الصحيفة.
أول رد فعل
ويكشف الجزء الأول من السلسلة عن رد فعل مسؤولي داعش لدى تواصلهم مع جهادي أوروبي مفترض يسعى للتحرك باسم التنظيم.
وسأل ستريتزيل كيف يستطيع أن يرسل فيديو لوكالة "أعماق"، وكالة الأنباء الخاصة بالتنظيم، والتي تنشر أشرطة فيديو لمن يؤكدون ولاءهم بعد تنفيذ هجمات إرهابية باسمه. وقد طلب مسؤول التنظيم من الصحفي أن ينتقل إلى تطبيق آخر مشفر للرسائل، "ويكر" الذي أصبح التطبيق المفضل للتواصل لدى التنظيم، حيث تمحى الرسائل تلقائياً بعد مدة محددة من إرسالها.
أسلوب جديد
وينقل مور عن الصحافي الألماني أنه عند استخدامه لتطبيق "ويكر" تم تعريفه على مرشدين أو مدربين لدى داعش. وقال له أحدهما: "إن كنت تخطط للقيام بعمل ما، أقترح عليك التواصل معي هنا، ولا تستخدم تيليغرام"، وقال له أيضاً: "مزق بطاقة هاتفك الذكي (سيم كارد)، لدواع أمنية".
وفي رسائل لاحقة، بدأ المدرب بتقديم النصائح مثل: "من فضلك كن حذراً، واتخذ تدابير احتياطية، ونفذ العملية بسرعة. وكلما استغرقت وقتاً أطول في الإعداد لعملية ما، كلما كانت فرص الفشل أكبر. ليسدد الله خطاك".
تعليمات
ويتابع المدرب: "لا تخطط كثيراً. بمجرد وضع الفكرة الرئيسية، من الضروري أن تضع ثقتك في الله. وإن كان الفيديو الخاص بك جاهزاً، أرسله لي، وسيصل إلى من سينشره. أرسله ولا تقلق بشأنه لاحقاً".
ويقول مور أن منفذي هجومي آنسباخ وورزبيرغ، النازح السوري محمد دليل، واللاجئ الأفغاني، رياض خان، صورا فيلمين يؤكدان فيهما الولاء للتنظيم الجهادي. وقد وضع داعش الفيديوين على موقع قناته الإخبارية، "أعماق"، فور تنفيد الهجومين ومقتل الإرهابيين، مشيراً لكونهما تواصلا مع الذراع الإعلامي للتنظيم.
اكتشاف
وفي وقت لاحق، اكتشفت السلطات الألمانية أن جهاديي داعش في المنطقة كانوا يوجهون كلا المهاجمين عبر تطبيقات مشفرة. ففي هجوم آنسباخ، انتهت محادثة المهاجم السوري مع مدربه الداعشي بعد برهة قصيرة من تفجيره لنفسه.
ويعتبر مسؤولون أمنيون ألمان وأوروبيون أن التفاصيل والرسائل المتبادلة الخاصة بالهجمات تمثل أكبر المخاوف والأخطار، لأنها تتعلق بتفعيل جهاديين نشأوا في أوروبا، أو مقيمين في دول الاتحاد الأوروبي، ومن الذين لم يسافروا إلى سوريا أو العراق للقتال لصالح داعش، بل يؤمنون بإيديولوجيته.
خشية
وعلى رأس تلك المخاوف التي عبر عنها مسؤولو استخبارات أوروبية، القلق من عودة مئات المقاتلين الأجانب إلى أوروبا لينفذوا هجمات هناك، بعد خسارة التنظيم لمناطق واسعة في المنطقة.
وفي هذا السياق، يلفت مور لما كشفه "الإنتربول" أخيراً عن قائمة تضم أسماء 173 انتحارياً محتملاً تلقوا تدريبات لشن هجمات في أوروبا بالتزامن مع تدهور داعش. وقد استندت القائمة إلى معلومات جمعتها استخبارات أميركية تعمل في مناطق يسيطر عليها التنظيم.
(نيوزويك - 24)