أما وقد أُعلن وقف لإطلاق النار في جرود عرسال، لترك المجال أمام المفاوضات ونجاحها، فإن صفحة وجود جبهة النصرة في تلك المنطقة ستطوى خلال ساعات. ثلاثة أيام بأقصى حدّ هي المهلة المتبقية أمام إعلان إنجاز الاتفاق وتطبيقه. ووفق ما تؤكد مصادر متابعة لـ"المدن"، فإن الاتفاق أصبح شبه ناجز، وهو يتضمن إنسحاب مسلحي النصرة إلى إدلب عبر الأراضي السورية، وبعد التواصل مع النظام السوري لأجل سماحه بانتقالهم عبر الأراضي التي يسيطر عليها، مقابل إطلاق سراح أسرى حزب الله الأربعة، وهم حسن نزيه طه، محمد مهدي شعيب، موسى كوراني، ومحمد جواد ياسين، وكل جثامين عناصر الحزب التي تحتفظ بها النصرة من معارك سابقة. وهنا، ترجّح معلومات لـ"المدن" أن أسرى حزب الله سيتم تسليمهم في حلب، ونقلهم برّاً إلى بيروت. وهذه ستحمل رسالة أساسية من الحزب، بأنه يبسط سيطرة واسعة على الأراضي السورية، من خلال تأمينه طريق من بيروت إلى حلب.
ووفق مصادر متابعة فإن الإتفاق يلحظ خروجاً آمناً لمسلحي النصرة إلى إدلب بسلاحهم الفردي، متوقعة أن يحصل ذلك خلال يومين. وبعد مغادرة مراكزهم سيدخلها حزب الله، على أن يعمل على تسليمها إلى الجيش اللبناني خلال أيام قليلة. ولعل ذلك رسالة تقدير من الحزب للجيش في عيد تأسيسه بالأول من آب. وتنفي المصادر أن تشمل المفاواضات مسألة إطلاق سراح معتقلين من سجون النظام السوري، لافتة إلى أنها محصورة بخروج مسلحي النصرة وتسليم أسرى الحزب والجثامين.
في مقابل الهدوء الذي عمّ جرود عرسال، فإن الأنظار تتجه إلى جرود رأس بعلبك والقاع، حيث يسيطر تنظيم داعش. وتؤكد مصادر متابعة أن الجيش اللبناني أصبح مستعداً لخوض معركة عسكرية ضد عناصر التنظيم في تلك المنطقة. وهو سيختار التوقيت المناسب للبدء بها. فيما ترجّح مصادر أخرى أن تحصل خلال أيام قليلة. وهنا، ثمة من يعتبر أن الجيش أصبح مصرّاً على خوض هذه المعركة، لإجبار مسلحي التنظيم على الخضوع لشروطه التفاوضية التي تقضي بإنسحاب داعش من الجرود إلى الداخل السوري. وقد تكون المحطة الأولى لإنسحابهم مخيم اليرموك أو تدمر.
ويعتبر مراقبون، أن الجيش يصرّ على شن هجوم عسكري بطريقة أو بأخرى، خصوصاً بعد كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي أجّل الحديث عن معركة تلك الجرود بوجه التنظيم. بالتالي، فإن الجيش سيشدد من خلال ذلك على استقلالية قراره، واختياره التوقيت الذي يريده لبدء المعركة، وفقاً لحساباته هو. فيما هناك من يرى أن نصرالله أجل الحديث، كي لا يظهر وكأنه يفرض على الجيش ما يريد، واعتبر ذلك عدم تدخل في شؤون المؤسسة العسكرية.
لا شك في أن الجيش سيعمل على تحرّك عسكري للتقدم باتجاه الجرود والسيطرة عليها. وقد يشتبك مع تنظيم داعش. والتقدم الذي سيحرزه، سيدفع مقاتلي التنظيم وقيادته إلى الإنصياع للتفاوض والإنسحاب. مقابل معلومات تفيد بأن التنظيم عرض التفاوض لأجل الإنسحاب، لكن الحكومة اللبنانية اشترطت توضيح مصير العسكريين المخطوفين لدى التنظيم، للبدء فيما بعد بالتفاوض. وهذا ما تنقله مصادر قريبة من حزب الله، لافتة إلى أن الجيش إذا ما خاض المعركة فهو سيعمل على التنسيق مع الحزب والجيش السوري، نظراً لتداخل جغرافية المنطقة بين لبنان وسوريا، ولأجل ضمان النتائج المرجوّة.
بدوره أكد المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بعد لقائه الرئيس نبيه بري أنه "خلال أيام سيكون اتفاق وقف إطلاق النار في جرود عرسال قد أُنجز"، مضيفاً أن "الاتفاق هو لتطهير الأراضي اللبنانية وتحريرها، ومن يستفيد من هذا التحرير فلا مانع". ويؤكد أن "المسلحين ومن يرغب من المدنيين سيتوجهون إلى إدلب بإشراف الدولة اللبنانية والأمور اللوجستية يتكفل بها الصليب الاحمر".