مندفعاً، كعادته، تسلّق العمود ليمدّ شريط اشتراك من مولّد كهربائي لزبون، لكن في لحظة صعقه التيار فوقع على الأرض مسلّماً الروح. هو إيهاب ناصر الدين ابن بلدة دير قوبل، الذي صعق خبر وفاته أهله وأبناء بلدته وكل من عرفه.
خطأ قاتل
"خطأ قاتل دفع ثمنه ابن الـ39 عاماً، حين همّ بمدّ شريط كهربائي إلى منزل أحد المشتركينفيما كان المولد يعمل"، وفق ما قال قريبه رئيس بلدية دير قوبل وضّاح ناصر الدين لـ"النهار"، وأضاف: "كانت الساعة الثانية عشرة ظهر أمس عندما وقع الحادث الأليم. سقط إيهاب أرضاً، توفّي على الفور قبل أن تنقل جثته إلى مستشفى كمال جنبلاط، لنقوم بدفنه اليوم".
ولاء لـ"الديموقراطي"
في لمح البصر انطفأ وهج شابّ مشعّ بالحياة، "الرجل العصامي الذي بنى نفسه بنفسه، الصادق الوفيّ لحزبه ومسيرته السياسية، انتمى إلى الحزب "الديموقراطي" على الرغم من أنه ترعرع في عائلة ترفع الولاء للحزب "الاشتراكي"، حيث كان والده فاروق من المقرّبين إلى زعيم المختارة وهشام ناصر الدين الرجل الأمني الأول في الحزب "الاشتراكي" في حرب الجبل. إلا أنّ إيهاب بنى نهجاً سياسياً مع الحزب "الديموقراطي"، وفق ما قاله صديقه نواف البعيني لـ"النهار".
مواقف رجولية
على الرغم من وفاء إيهاب للحزب "الديموقراطي"، "انتفض في 7 أيار مع الشيخ صالح العريضي على مواقف طلال إرسلان المقربة من حزب الله، وحمل السلاح لحماية أرضه وعرضه"، قال البعيني، لافتاً: "هبّ لمنع دخول الغريب إلى بلدته كاسراً القرار الحزبي الذي يتبعه، فعلى عكس معظم الذين ينتسبون إلى أحزاب أو ينتمون إلى زعماء، حيث يضعون مصالحهم الشخصية ورضى زعمائهم فوق أي اعتبار، فإن مواقف إيهاب كانت رجولية، فهو صاحب نخوة، والتزامه بالحزب "الديموقراطي" الذي نعاه فور وفاته، كان من أجل قضية ولحماية وطنه وكرامته".
رحيل خاطف
لم يتسنَّ لناصر الدين أن يحقق ما يحلم به أي شابّ في تكوين أسرة ورؤية أبنائه، فعلى الرغم من زواجه سابقاً "انفصل عمن شاركها سنوات من عمره قبل أن يرزق بطفل منها. عمل شرطياً في بلدية ديرقوبل، عدا عن امتلاكه لحفّارات ومشاركة شقيقه بمولد الكهرباء"، قال البعيني، قبل أن يشير: "في غفلة ترك شقيقتيه وأشقاءه الثلاثة. رحل بهدوء كما أمضى سنوات عمره، فعلى الرغم من أنه مقدام يسارع إلى مساعدة كل محتاج، هو شاب هادئ إلى أبعد الحدود".
ترجّل إيهاب عن صهوة جواده، لكنه سيبقى الفارس الذي يفتخر به كل أبناء بلدته. لن ينسوا مواقفه وخوفه عليهم، ومخاطرته بروحه عند كل موقف يستدعي ذلك، فهو من لم يبالِ يوماً بوضع دمه على كفّه وتقديمه فداءً لهم. وفوق هذا حاول تبديد ظلمات العتمة المفروضة عليهم بمولّد ينير منازلهم، لكن، يا للأسف، أطفأت شمعته مهمّته!