يمكن وصف اليوم الثالث من زيارة الرئيس سعد الحريري والوفد الوزاري – الاقتصادي المرافق له إلى واشنطن بأنها تناولت كيفية حصر ذيول العقوبات الأميركية على لبنان، بحيث لا تشمل مصارف أو مؤسسات اجتماعية واقتصادية ومستشفيات وتقتصر على أفراد تشملهم هذه العقوبات.
وسيواصل الرئيس الحريري لقاءاته مع مجموعات الضغط في الكونغرس اليوم لتخفيف العقوبات، والحد من تأثيرها على الوضعين الاقتصادي والمصرفي.
لكن مصدراً مصرفياً لم يشأ الخوض في النتائج واكتفى بوصف مهمة الرئيس الحريري والوفد المرافق بأنها تحدٍ لا يمكن استباق نتائج مواجهته على مستوى العقوبات الأميركية التي باتت مسألة وقت لتصديرها في قوانين.
الحريري
ومدد الرئيس الحريري اقامته في واشنطن يوماً واحداً، حيث سيغادرها غداً بدلاً من اليوم، وذلك لاستكمال لقاءاته مع أعضاء الكونغرس الأميركي، في مبنى «الكابيتول» حيث أمضى فيه يوماً طويلاً، استهله باجتماع مع رئيس مجلس النواب الأميركي بول راين في حضور أعضاء الوفد اللبناني المرافق، ثم لقاء مع أعضاء لجنة الصداقة اللبنانية – الأميركية في الكونغرس التي يرأسها النائب من أصل لبناني داريل عيسى، وتضم كلاً من شارلي كريس ودارين لحود وديبي دنغل، كما التقى على التوالى كلاً من اليان روس، وانغوس كينغ وتوم كوتون وجميعهم سيناتور في الكونغرس.
وأوضح الحريري ان المحادثات التي عقدها سواء مع راين أو مع الأعضاء الآخرين في الكونغرس تناولت اساساً كيفية حماية لبنان من العقوبات الأميركية، بحيث تكون اكثر دقة ومحددة وغير شاملة، لكي لا تلحق الضرر باللبنانيين،آملاً في ان يتمكن من اقناعهم بذلك، لافتاً إلى ان «حزب الله» الذي تشمله هذه العقوبات، موجود اصلاً على لائحة الإرهاب الأميركية، وبالتالي، نحن علينا ان نحمي المصارف اللبنانية واللبنانيين، بحيث لا تصيب العقوبات النّاس التي لها حسابات في المصارف لأن ذلك سيؤثر على الاقتصاد اللبناني.
ولاحظ ان النص الجديد لقانون العقوبات المكتوب أخذ بالاعتبار ان تكون العقوبات محددة، لكننا نعمل على ان تكون محددة أكثر.
اما عيسى فأوضح من جهته، بأن أحد المواضيع التي ناقشها مع الرئيس الحريري هي التأكيد على ان لا تعاقب الإجراءات الشعب اللبناني أو الاقتصاد اللبناني، وقد تلقى منا جميعاً تأكيداً بأن يكون الهدف هو الحد من استخدام الأموال لاعمال إرهابية، والتأكيد بأن الاقتصاد اللبناني محمي، لكنه لفت إلى ان «حزب الله» سيستمر بأن يكون موضع عقوبات حتى يُصار إلى نزع سلاحه ودمجه مع باقي المجتمع اللبناني، لأن بقاءه كقوة عسكرية ليس بالأمر الصحي لا للبنان ولا لجيرانه.
وفي السياق رأى وزير المال علي حسن خليل في حديث إلى برنامج «كلام الناس» ان قانون العقوبات الأميركية يمس شريحة واسعة من اللبنانيين، مشيراً إلى ان الأميركي يحمل عصا ويستفيد منها ويفاوض على الحلول بمسألة أميركية، متوقعاً ان يكون اثر العقوبات قاسياً على لبنان الذي يمكن ان لا يتحملها.
وعن عدم المشاركة في الوفد المرافق للرئيس الحريري قال انه لا يريد ان يكون «شاهد ما شفش حاجة».
واضاف: «اعتبر نفسي غير ذي فائدة في هذا اللقاء، ولا استطيع ان أكون شاهد على موضوع لا استطيع ان أغيّر في معطياته، ولدي موقف سياسي ليس مخفياً، واعتبر ان جزءاً من الكلام لا يعكس قناعاتي السياسية».
وتابع: «بالنسبة لنا كلبنانيين حزب الله مكون أساسي ومشارك في الحكومة، وهو على تواصل وعلاقة قوية مع الحريري في عمله الوزاري، وعلى هذا الأساس يتعاطى معه الفرقاء اللبنانيون».
ملف الكهرباء
على صعيد حكومي، توقعت مصادر وزارية ان يلتئم مجلس الوزراء في جلسة عادية منتصف الاسبوع المقبل، بعد عودة رئيس الحكومة نهاية الاسبوع من واشنطن، حيث يُفترض ان يناقش العديد من القضايا الحيوية ومنها حسبما اعلن امس وزير الداخلية نهاد المشنوق من قصر بعبدا موضوع الانتخابات الفرعية في طرابلس وكسروان، لكن المصادر اوضحت ان موضوع مناقصة بواخر الكهرباء قد تكون الموضوع الابرز اذا احال وزير الطاقة الى المجلس تقرير هيئة ادارة المناقصات في التفتيش المركزي، والذي اعتبرت فيه ان الصفقة «لا تنطبق عليها احكام استدراج العروض المنصوص عليها في قانون المحاسبة العمومية وانظمة مؤسسة كهرباء لبنان»، وارتأت «عدم فتح العرض المالي» (المقدم من شركة واحدة فقط)، متمنية على وزير الطاقة «اتخاذ القرار المناسب ورفع التقرير الى مقام مجلس الوزراء».
واوضح وزير الشؤن الاجتماعية بيار بو عاصي لـ«اللواء» ان وزراء «القوات اللبنانية» سيتابعون الموضوع حتى النهاية، وسندعو الى عرضه في اول جلسة للمجلس، ليعود الملف كاملاً الى مجلس الوزراء حسب القرار المتخذ، وللاطلاع على تقرير ادارة المناقصات.
وحول ما يُثار عن ضغوط تتعرض لها ادارة المناقصات من اجل تعديل التقرير؟ قال بوعاصي: لا مصلحة لأي طرف ان يقوم ب «تهريبة» في مجلس الوزراء لأن الأمر سينفجر بوجههم، واذا كان هناك من ضغط فيُفترض ان يكون قد حصل، والمهم ان تصمدادارة المناقصات امام الضغوط، واذا صمدت فستصمد امام كل الضغوط الاخرى والرأي العام سيكون معهم بالتأكيد ونحن معهم .ونحن لن نتراجع مهما كلف الامر عن الشفافية وعن الانتاجية.
تجدر الإشارة إلى ان وزير الطاقة سيزار أبي خليل، لفت في مؤتمر صحفي عقده لهذه الغاية إلى تناقض واضح بين محاضر لجنة دراسة العروض ومن بينهم رئيس هيئة إدارة المناقصات، وتقرير رئيس الهيئة، مشيراً إلى ان المحاضر تتحدث عن شركتين مؤهلتين تقنياً، لكنهما بحاجة إلى استكمال الملف لكل شركة، بينما يقول التقرير ان هناك شركة واحدة مؤهلة من إحدى الشركتين، وبالتالي لا يجوز فتح العروض المالية.
وقال انه امام هذا الواقع رفع إلى مجلس الوزراء كتاباً دوّن فيه هذا التناقض بالإضافة إلى تسريب التقرير إلى الإعلام.
المشنوق في بعبدا
تجدر الإشارة إلى ان الوزير المشنوق، كان زار الرئيس عون في قصر بعبدا، وبحث معه التطورات الحدودية والوضع الأمني ككل، ومسألة الانتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس، فضلاً عن الخلاف حول قيام «حزب الله» بالعملية العسكرية الأخيرة في جرود عرسال، لافتاً إلى ان الأرض بجزئها الأكبر في جغرافيتها مختلف عليها بين لبنان وسورياً، مقترحاً إعادة موضوع سلاح الحزب إلى طاولة الحوار من خلال البحث بالاستراتيجية الدفاعية.
وعلمت «اللواء» ان القسم الأكبر من محادثات عون – المشنوق تناول المواقف السياسية مما يجري في عرسال.
وقالت مصادر مطلعة ان الرئيس عون لم يعلن أي موقف في ما خص العودة إلى الاستراتيجية الدفاعية ووضعها على طاولة البحث، مع العلم ان ما من توجه لعقد طاولة حوار.
وأفادت ان الشق السياسي من موضوع الانتخابات الفرعية لجهة دعوة الهيئات الانتخابية ينتظر ان يتم البت به في اجتماع الرئيس عون والرئيس الحريري، اما مجلس الوزراء فلا يُقرّر الانتخابات وهو ينظر في تشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات وتخصيص الاعتمادات المالية اللازمة.
وقف النار وترحيل المسلحين
ميدانياً، دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في جرود عرسال بين حزب الله و«جبهة فتح الشام» (النصرة سابقاً)، بموجب اتفاق يتضمن اجلاء مسلحي هذه الجبهة وأميرها أبو مالك التلي إلى ادلب في سوريا، عبر الأمن العام اللبناني ممثلاً بمديره اللواء عباس إبراهيم، الذي انتقل من قصر بعبدا إلى عين التينة، حيث وضع الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي في أجواء الاتفاق.
وكشف اللواء ابراهيم ان هناك فعلا وقف نار، موضحا: «المسلحون ومن يرغب من المدنيين سيتوجهون الى ادلب (شمال غرب سوريا) بشكل منظم وباشراف الدولة اللبنانية، على ان يتولى الصليب الاحمر اللبناني الامور اللوجستية، لافتا الى انه «خلال ايام سيكون الاتفاق قد انجز». ولم يتضح مضمون كامل بنود الاتفاق التي وصفها ابراهيم بأنها «سرية»، لكن وسائل اعلام محلية ذكرت انها تنص ايضا على اطلاق اسرى لحزب الله لدى المجموعات المسلحة.
ووفقا لقناة المنار فمن البنود التي اتفق عليها فهي «بدء الاجراءات التي لها علاقة بإحصاء النازحين الذين سيخرجون مع مسلحي النصرة، بالاضافة الى اطلاق سراح 5 اسرى لحزب الله، وهم: احمد مزهر – برعشيت، حسن نزيه طه – الهرمل، موسى كوراني – ياطر، محمّد هاني شعيب – الشرقية، محمّد جواد ياسين – مجدل سلم.
وقالت معلومات ان الاتفاق ينص على التالي: 1 – موافقة المسلحين على الانسحاب من المساحة التي ما يزالون يحتفظون بها في جرود عرسال والمقدرة بحو 7٪.
ثانيا: ينتقل ابو مالك التلي ومعه آخر مسلحيه وجرحاهم ومن تبقى معهم من عائلاتهم، عبر باصات، بضمانة السلطات السورية نفسها، من جرود عرسال الى ادلب، عبر ريف حمص ومن ثم ريف حماه، وصولا الى احد المعابر الفاصلة عن منطقة سيطرة المسلحين في ريف ادلب. ويقدر المتابعون للاتفاق عدد المسلحين المنسحبين، بنحو مئتي مسلح. كما يقدرون العدد الاجمالي للمنسحبين مع العائلات، بنحو 500 شخص. وهو ما قد يقتضي نحو خمسة عشر باصا لتأمين الموكب، ثالثاً: بعد وصول الموكب الى المعبر المقصود في ريف ادلب، يتم تسليم الاسرى الخمسة من مقاتلي حزب الله، الى السلطات السورية، على المعبر نفسه.
وتحدثت معلومات ان بعد انتهاء كلمة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله امس الاول، بادر طرف ما الى نقل رسالة مفادها ان «النصرة» جاهزة للتفاوض. وان لبنان دخل على خط التفاوض عبر اللواء ابراهيم الذي بدأ التوصل مع رئيس الاستخبارات التركية ومدير المخابرات القطرية لانهاء معضلة الجرود.
ومن هذه الصعوبات، «اجراء عملية احصاء للمسلحين الذين سيغادرون الجرود، بحيث طلب من امير «النصرة» ابو مالك التلي وفق معلومات «المركزية» اعداد لائحة بالمسلحين الذين يتراوح عددهم بين 140 و265 في مهلة اقصاها اليوم، على ان يغادروا مع اسلحتهم الفردية الخفيفة في اتجاه ادلب السورية».
ولفت، اللواء ابراهيم الى انه لا يوجد مهلة زمنية محددة لعملية التفاوض الجارية، لكن الوقت ليس مفتوحا، الا انه اعرب عن امله بأن يكون الاتفاق قد انجز خلال أيام، مؤكدا ان الاتفاق هو لتطهير وتحرير اراض لبنانية، ومن يستفيد من هذا التحرير لا مانع، في اشارة الى امكانية شمول الاتفاق تحرير اسرى من حزب الله في قبضة «جبهة النصرة».
ومن جهته، اوضح وزير الداخلية نهاد المشنوق انه عرف بالاتفاق قرابة الرابعة من فجر امس، واشار الى ان اللواء ابراهيم يتابع مسألة اخراج المسلحين حيث هم ضمن تسوية سيتبين لاحقا شكلها النهائي. وقال انه لا يعتقد ان «داعش ضمن المفاوضات».
وفي هذا الاطار، اكد مصدر رسمي مسؤول لـ «اللواء»، انه لا يوجد اي خط تفاوض او اتصال مع تنظيم «داعش»، والاتجاه حتى الآن هو باتجاه معركة يخوضها الجيش اللبناني لتحرير جرود راس بعلبك والقاع، مشيرا الى ان الاستنفار العسكري ما زال قائما على الجبهة، حيث تصدى الجيش لمحاولات المسلحين التقدم.
وكان تردد ان «داعش» طلب التفاوض عبر وسطاء مع الدولة اللبنانية للانسحاب الا ان الطلب جوبه بالرفض قبل كشف مصير العسكريين المخطوفين لدى التنظيم.
وعلمت «اللواء» من مصادر واسعة الاطلاع ان المفاوضات تجري في ادلب، ويشارك فيها الطرفان الايراني والتركي، بحيث تشمل الصفقة عناصر من الحرس الثوري الايراني مأسورين لدى «النصرة».
وقالت المصادر ان الاتفاق بات بحكم الناجز، ويجري تنفيذه بضمانات اقليمية وسورية ولبنانية.
واشارت المصادر الى ان مسؤول «النصرة» في القلمون، ابو مالك التلي، سيخرج مع عدد من عناصره، بأسلحتهم الفردية والاموال التي في حوزتهم، الى ادلب براً بالباصات من عرسال الى مطار بيروت، ومن هناك الى تركيا، على ان يدخلوا الى سوريا من هناك، وفقاً للمصادر التي لم تتمكن «اللواء» من تأكيدها من مصدر رسمي.