حلمت باليوم الذي ترتدي فيه الفستان الأبيض وتزفّ الى حبيبها وخطيبها الذي ارتبطت به على مدى خمس سنين، لكن عندما اقترب موعد زواجها زفت الى مثواها الأخير، بعدما تعرضها لحادث مريع... هي غدير ناصر الدين ابنة بلدة - القصر الهرمل التي فارقت الحياة، لا لذنب ارتكبته، الاّ لانها كانت في المكان الخطأ.
التجربة الاولى والأخيرة
صباح الاثنين الماضي، توقف عدّاد عمر غدير (22 عاماً)، بعدما اوقفت سائق تاكسي كي يوصلها من منزل عمتها في المنصورة الى بيتها في منطقة القصر، "كانت المرة الاولى والاخيرة التي تصعد فيها مع سائق سيارة اجرة، فقد اعتاد والدها ان يوصلها حيثما تشاء. لكن في ذلك اليوم ارادت الوصول بسرعة لتعمل على تجهيز عيد ميلاد شقيقتها الصغرى، وبدلاً من ان تفرح بها بكى الجميع على فراقها"، وفق ما قالته ابنة عمتها فاطمة لـ"النهار"، قبل أن تضيف: "باتت ليلتها مع شقيقتها في بيتنا بعدما امضينا سهرتنا على نهر العاصي. كانت سعيدة جداً، ومع هذا تطرقت الى مواضيع الموت والآخرة والايمان. لا اعلم إذا كانت تشعر أنّ أجلها اقترب، لكن ما هو اكيد أنّها كانت فرحة للغاية".
اللحظات القاتلة
"في اللحظة القاتلة تجاوزت سيارة مرسيدس إحدى الدراجات النارية قبل أن تصطدم وجهاً لوجه مع سيارة التاكسي، كانت غدير تجلس في الخلف والى جانبها ز. ن. فارقا الحياة على الفور، أما سائق التاكسي وهو ايضاً من عائلة ناصر الدين فوضعه خطير، ويرقد حالياً في مستشفى "دار الامل"، حيث يتلقى العلاج بعدما خضع لجراحة في قدميه لوقف النزيف. كذلك يرقد سائق سيارة المرسيدس التي اصطدمت بهم، في المستشفى للعلاج من إصابة في صدره"، وفق ما قال مختار الهرمل عقيد علي ناصر الدين (من اقارب الضحية)، قبل أن يضيف: "ما حصل قضاء وقدر، لذلك لم تتقدم عائلة غدير بدعوى ضد أحد".
عروس الهرمل
لم تمنح الحياة فرصة لغدير كي تتابع دراستها في الـ graphic design، وتحقق حلمها بالدخول الى منزلها الزوجي لتشارك مع مَن اختارته حبيباً بقية عمرها. لم يكتب لها أن تزف الى خطيبها حسن بعدما كانت تحضّر معه للفرحة الكبرى قبل عيد الأضحى، ومع ذلك زفّها اهالي الهرمل عروساً بعدما وضعوا فستاناً أبيض على نعشها. ولفت المختار الى أنّهم "رقصوا معها رقصة الوداع، قبل ان ترقد بسلام تحت التراب تاركة شقيقة وشقيقين، ووالدين مفجوعين بهول رحيلها المفاجئ. لقد كانت زهرة البيت، ورائحة طيبتها وأخلاقها الحميدة تفوح أينما حلّت. غادرت قبل أن تلقي على الجميع الوداع الاخير، وهذا ليس من عادتها، فهي معروفة بحبها واحترامها للجميع، الصغير قبل الكبير".
اما ز. ن. التي كانت تجلس الى جانب غدير في رحلة الموت السريع، فهي ابنة الهرمل ايضاً، أم لولدين ومن سكان السماقيّات على الحدود اللبنانية - السورية. عانت الكثير في حياتها وفي رحيلها، لكن اهلها يرفضون الحديث عن التفاصيل... في لحظة واحدة، خطف شبح الموت على الطرق بريئتين تاركاً غصة لن يمحوها الزمن في قلب أهلهما!