يختلف الواقعُ العسكري بين عرسال من جهة ورأس بعلبك والقاع من جهة أخرى. ففي عرسال كانت «النصرة» تحتلّ جرودَها، أما في القاع ورأس بعلبك فهناك تنظيم «داعش» ومَن إلتحق به وبايعه، وقد سجّل الجيش اللبناني إنتصاراتٍ في رأس بعلبك وإسترجع نقاطاً عدّة في الجرود وخصوصاً تلّتي أم خالد والحمرا، وسقط له عددٌ من الشهداء والجرحى، وقاد المواجهة بشكل أساسي فوجُ الحدود البري الثاني.
أثبتت تلك المواجهات قدرة الجيش اللبناني على مواجهة «داعش»، وقد حاز هذا الأمر على ثناء أهم رؤساء دول العالم، وكان آخرهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الأول، الذي عبّر عن فخرِه، وفخر الجيش الأميركي بأداء الجيش اللبناني في مواجهة «داعش» والإرهاب.
ومع إنتشار الأخبار أمس عن تعزيزاتٍ ضخمة للجيش توجّهت الى بلدة القاع، وإستنفارٍ في رأس بعلبك، سرت شائعاتٌ عن إحتمال تعرّض البلدتين المسيحيّتين لهجوم من «داعش» أو تسلّل إنتحاريين إليهما خصوصاً أنّ القاع تعرّضت في 27 حزيران من العام الماضي لأشرس هجوم إنتحاري نفّذه 8 إنتحاريين أوقعوا 5 شهداء.
لكنّ الواقع ليس كما تصوّره البعض، إذ إنّ الهجوم سيكون معاكِساً هذه المرّة وسيحصل من الجهة اللبنانية، إذ يكشف مصدرٌ عسكريّ رفيع لـ«الجمهورية» أنّ «التعزيزات في القاع والإستنفار في رأس بعلبك هما دليل على بدء معركة تحرير جرود البلدتين والقضاء على تنظيم «داعش».
ويشير المصدر الى أنّ «قيادة الجيش استكملت التجهيزات والإستعدادات للمعركة المرتقبة، ويظهر ذلك من حجم الحشود العسكرية الضخمة، أما توقيت إنطلاق الرصاصة الأولى فهو رهنُ القيادة والأرض». وينفي كل الأخبار التي تحدّثت عن إختراق «داعش» لجبهات الجيش وخطوطه العسكرية الدفاعية في القاع أو تسلّل إرهابيين وإنتحاريين الى داخل البلدة ونيّتهم تنفيذ تفجيرات.
إذاً، بات واضحاً أنّ معركة تحرير جرود رأس بعلبك والقاع باتت قريبة جداً، أما الذين كانوا يسألون عن دور الجيش ولماذا لم يحرّر هو جرود عرسال، فقد يأتيهم الجواب قريباً. وفي السياق يؤكد المصدر العسكري لـ«الجمهورية» أنّ «الجيش اللبناني سيدخل وحدَه في المعركة المرتقبة، ولا دخلَ لـ«حزب الله» فيها، وهذا أمر حدّدته القيادة العسكرية».
وعن السبب الذي منع الجيش من دخول معركة عرسال فيما سيقود وحيداً معركة جرود رأس بعلبك والقاع، يشدّد المصدر على أنّ «لكلّ معركة خفاياها وحساباتها العسكرية المختلفة، وبالنسبة الى المعركة المقبلة فإنّ الجيش مستعدّ للمنازَلة الكبرى ضدّ «داعش»، وطبيعتها الجغرافية مختلفة تماماً عن عرسال، وهناك أمور تتعلّق بالسياسة العامة».
ويؤكّد المصدر أنّ «الجيش لم ولن يتخلّى يوماً عن دوره وعن السيادة على أراضيه، وكل ما يفعله منذ إندلاع الحرب السورية هو حماية حدود لبنان، ومنع خرقها، وقد أبعد خطر الإرهابيين من البلاد، في حين أنّ أقوى الجيوش العربية لم تستطع الصمود في وجه «داعش» وهزيمتها مثلما فعل الجيش اللبناني».
تضع قيادة الجيش أمامها كلّ الحسابات للمعركة المقبلة، في حين تؤكّد أنّ المخزونَ العسكري، إن كان من العتاد أو العتيد كافٍ لخوض مواجهة كبيرة، لكنها تفضّل الحسم السريع وعدم الدخول في حرب إستنزاف.
ومن جهة أخرى، فقد حشد الجيش كل الألوية القتالية وأعلن الإستنفارَ العام والتعبئة الشاملة، إذ إضافة الى القوّات البرّية الخاصة، سيدخل الطيران بقوّة في المعركة، وسيكون الغطاءُ الناري الجوّي إضافةً الى غطاء المدفعية أساساً في تحرير أراضي رأس بعلبك والقاع المحتلة.