بيع النظام منذ الأزمة وبداية الحرب في سورية لمرة ثانية بعد أن تمّ شراءه من قبل آل مخلوف وسقطت تجربة البعث وتجربة الأمن وتجربة الطائفة وتجربة العائلة وتجربة الأسد الصغير الذي كبُر قبل آوانه واستلم ملكاً لم يستطع المحافظة عليه كونه فاقد للأهلية من جهة وللشرعية من جهة ثانية.
لو نجح لما كانت الأزمة ولما كانت الحرب ولكن الإستبداد صرفه عن الخير لصالح الشر فكان ما كان من بكاء على الأطلال السورية هو ومن معه من المستفيدين الذين حكموا البلاد والعباد بقوّة النار والبارود لسنيين سمان بالنسبة لهم وعجاف بالنسبة لشعب مشوه في تقويمه وفي طبعه وطباعه.
إقرأ أيضًا: عرسال والعرس الشيعي
هلُك النظام و لم يبق منه سوى اسم للدلالة عليه كطرف في الحرب فرضته آلة الحرب المدمرة وعدم رغبة أميركا في الحلّ وخلق تعقيدات لأزمة تشعبت بحيث لم تعد حرباً بين السوريين كما بدأت بل باتت حرباً بين جبهتين أو محورين كما يحب أهل النظام توصيف ما يجري على الأرض السورية من حرب كونية ضدّ محور المقاومة والممانعة في حين أن السوريين لم يرشقوا حجراً على اسرائيل منذ اتفاق الهدنة المتمسكين به حتى الموت.
وحدها إيران تختصر الحضور الذي يدّعيه النظام ووحدها روسيا تفاوض دون الرجوع الى أحد من حلفائها لملاقاة الولايات المتحدة وسط الطريق الذي تريده لوضع حلول سياسية تعطي روسيا حصّة الأسد ويبدو التفاهم القائم الآن ما بين ترامب وبوتين والذي يرعى مصلحة اسرائيل هو بداية تحاصص سياسي بين الدولتين وما تثبيت الميدان على قاعدة التفاهمات الاّ من قبيل المحاصصة للواقع والاعتراف به كحيّز قوة للجهات المتقاتلة في سوريا.
إقرأ أيضًا: ميريام كلينك اغربي بجسدك عن الجنوب
لقد باع النظام ما عنده ولم يبق له شيء وحراسه يكملون على ما تبقى فالجيش يعرض كل شيء للبيع من البشر الى الحجر الى السلاح كما أن الجيش الحرّ يبيع هو الآخر كل ما حصل عليه وكلاهما يبحثان عن ثروات لا عن سلطات سواء كانت بإسم النظام أو بإسم المعارضة ولو أنهما قاتلا أو أنهما مستعدان للقتل لما جاءت إيران بما حملت ولما دخلت روسيا ولما فُتحت أبواب مأجوج ويأجوج للباكستانيين والأفغانيين والشيشانيين والصينيين وغيرهم من مقاتلين عرب.
فالسوري أيّاً كان تواجده على الخارطة السورية غير مستعد للقتال بل هو على استعداد لبيع السلاح الذي يتركه المقاتلون الذين يموتون على الجبهات وثمة طائفة كبيرة من الأخبار التي يتحدث عنها السوريون أنفسهم عن دور السوريين في التشليح والبحث عن الثروة وهذا ما تؤكده طائفة أخرى من الأخبار وعلى ألسن لبنانيين يقاتلون في سورية فحدث ولا حرج عن ذمّة السوريين سواء في النظام أو في المعارضة والتي تتسع للسرقات فقط وآخر همهم من سيربح أو سيخسر في حرب داحس والغبراء السورية.
إقرأ أيضًا: الجيوش تتقدّم باتجاه عرسال والمستقبل يبكي
في عرسال لم يقاتل الجيش السوري ولم يكن هناك جيش للحر وفي حمص تراجع الجميع وقدمت روسيا عرضاً لآلتها التدميرية واستعراضاً لجنودها من النساء وثمّة تعايش قائم بين الجيشين النظامي والحرّ في كل المحافظات وهم يتبادلون الخدمات وهدايا الحواجز والسرقات ومغانم الخطف لأناس ميسورين.
يحدث السوريون ودون حرج بأننا لا نريد القتال بقدر ما نريد الأموال وغيرنا من يقاتل عنا سواء باسم النظام أو باسم المعارضة وقيادة الاثنين غير سورية وهي أعجمية وهي التي تدير الحروب وأتباعها من يقاتلون دون السوريين الاّ من سُحب سحباً لا رغبة منه تحت وطأة الخوف ومع ذلك يمارس حتى على الجبهات طريقته في القتال من خلال بيع سلاح من مات معه من المقاتلين الذين آتوا للشهادة في الأرض المُقدسة.