حتى تزور أميركا وتعقد معها الصفقات ينبغي أن تكون مالكًا لشيء تقدمه لها، لأنه من البديهي أن التجارة لا تكون من طرف واحد، وأميركا هي دولة قوية أشبه بسوبرماكت تتضمن كل ما يطلبه الزبائن، وهي التي تصرّح وبدون خجل أن مصالحها فوق كل إعتبار، ولا مانع لديها من الحفاظ على مصالح الآخرين ولكن بثمن، ولم تعلن ولو مرة واحدة أنها تسعى إلى تأييد دينٍ معين أو مذهب معين، بل هي مع مصالحها أينما كانت.
هذه الحقيقة التي باتت تُعرف بها السياسة الاميركية في العالم، لا يجوز أن يتناساها مَنْ يريد عقد الصفقات معها، ومَنْ كان يرى مصالحه أولا وبالذات هي الأولوية على كل شيء، فمن الطبيعي ان يغيّر ويَبدّل التحالفات كل لحظة تبعا لتلك المصالح.
إقرأ أيضًا: ماذا جرى بين ترامب والحريري؟
السعودية ذهبت إلى أميركا وهي تملك المال والنفط، وإيران ذهبت إلى أميركا وهي تملك المال والنفط وأذرعا عسكرية وأمنية في الشرق الأوسط، هذا يؤهلهما لعقد أي صفقة أو إتفاق ويكون محمي بما يملكان، وإلا فإن إميركا لا ترى ولا تسمع إلا صوت المصلحة.
أما لبنان، أو رئيس حكومته، أو أي شخصية سياسية لبنانية لماذا تذهبون إلى أميركا وماذا تريدون منها فلو إفترضنا أنها طلبت من الشيخ سعد نزع سلاح حزب الله وحلفائه، مقابل أن تعطيه خدمات معيّنة، فماذا يفعل الشيخ سعد؟
لماذا تذهبون إلى دولة تعرف كل شيء، وترى كل شيء، وأكثر من ذلك هذه الدولة قادرة على حل الصراع في الشرق الاوسط بأقل من 24 ساعة، وهي لا تريد ذلك، بل تريد عكس ذلك، وهذه الدولة وبكل جرأة تَعطي الشرعية لمن تشاء وتنزع الشرعية عمن تشاء، لأن المعيار الوحيد عندها في العلاقات الدولية هو المصلحة الذاتية.
إقرأ أيضًا: ترامب يتشدد أمام الحريري: حزب الله يهدد لبنان والمنطقة
وهذه العقلية السياسية المرتبطة بآلية المصلحة على حساب مصالح الشعوب الضعيفة، أو الدول الضعيفة، ليست مختصة فقط بأميركا، بل جميع الدول تعمل بهذا المعيار، فلذلك لا بد للذين يراهنون على تحالفات مع الدول، لا بد لهم من أن يمتلكون شيئا من القوة أو الحضور السياسي على الاقل، كي يقدمونه على طاولة اللقاءات وبالتالي على أوراق الصفقات.
فإذا كنت ضعيفًا، سوف تعطي بدون أن تأخذ، بغض النظر عن شرعية العطاء والاخذ، إنما الكلام محصور عن العمل السياسي السائد في العالم المعاصر، وهذا ما نراه في العراق وفي سوريا وفي اليمن وفي المملكة السعودية وفي فلسطين المحتلة وغيرها من الدول الشرق أوسطية.