ما حققه مجاهدو المقاومة وخلال ايام في جرود عرسال وعلى مساحة 100 كلم2 وفي منطقة شديدة التضاريس ووعورة الوديان والمنحدرات والتلال المرتفعة ما بين 2500 م الى 3000 م تعجز عنه اكبر جيوش العالم.
وحسب المعلومات، فان سماء عرسال ازدحمت بالاقمار الاصطناعية وطائرات الاستطلاع الاميركية والروسية والفرنسية والبريطانية وغيرها لمراقبة المعركة وتسجيل ما يقوم به مقاتلو حزب الله، حيث ظن القادة العسكريون الغربيون ان جرود عرسال ستكون «عصية» على حزب الله لوعورتها ولانتشار اكثر من 1000 مسلح من «جبهة النصرة» قادرون عبر الكمائن الصغيرة من وقف تقدم مقاتلي حزب الله. لكن تكتيكات الحزب مع الجيش السوري كسرت كل خطط المسلحين، وهذا ما ادى الى ثناء عسكري غربي على قدرات الحزب العسكرية ترجمتها السفارات الغربية في بيروت  بابداء اعجابها بقدرات الحزب، وهذا ما عبرت عنه صحيفة «نيويورك تايمز» بالقول: «لبنان قبل حزب الله فريسة للارانب»، وكتبت «يعد حزب الله قوة قوية تكتب مصير الشرق الاوسط مثل اميركا وروسية وبقية القوى الاقليمية الكبيرة»، واحياناً «يفعل حزب الله ما لا تستطيعه القوى العالمية كما هي الحال في لبنان وسوريا والعراق واليمن والشريط النافذ»، واضافت الصحيفة «ان مكاتب سياسات الشرق الاوسط باميركا تنظر بدهشة للقدرات البشرية والتكتيكية لمقاتلي حزب الله في الجرود المعقدة بخلفية ان قوة مقاتلي حزب الله اضحت نموذجاً مدهشاً بنظر اكثر قيادات جيوش العالم»، وتابعت الصحيفة «الآن في اعقد تضاريس الجرد يخوض حزب الله حرب ارادة قل نظيرها في جيوش العالم».
وقالت الصحيفة «كانت واشنطن تعتقد ان بناء قواعد اميركية قرب التنف والقلمون يعني شرق اوسط اميركي بامتياز، الا ان المفاجأة كانت باختراق حزب الله الحدود السورية - العراقية ونصب اعلامه الصفراء فوق اعالي جبال القلمون ونهاية ذلك»، وختمت الصحيفة «حزب الله فوق جبال القلمون يعني نهاية حلم تل ابيب».
 

 

 الاستسلام او الرحيل


وعلى الصعيد الميداني، واصل مجاهدو حزب الله تقدمهم لليوم السادس وباتوا يسيطرون على 95% من جرود عرسال، باستثناء منطقة ضيقة في وادي حميد ومدينة الملاهي، ومعبر الزمراني، واعطوا فرصة للمسلحين للاستسلام او الرحيل. وهذه الفرصة تعود لحرص مجاهدي حزب الله على تجنب سقوط مدنيين في مخيمات النازحين السوريين حيث يتواجد ما بين 7 الى 8 الاف مدني بالاضافة الى عائلات لبنانية.
وعلم ان فاعليات ومشايخ في المنطقة دخلوا على خط الوساطات، بناء لطلب ابو مالك التلي الذي وافق على شروط التفاوض وهي محصورة بنقطة واحدة «الاستسلام او الرحيل»، وان حزب الله وافق على طلب الفاعليات، لكن المدة ليست مفتوحة ولا تراجع عن الحسم العسكري ومطلب: «الاستسلام او الرحيل..». علماً، ان وضع ابو مالك التلي ضعيف جداً ولا يسمح له بفرض اي مطلب بعد خسارة كل مواقعه وابرز قياداته العسكرية وبات مطوقاً من الجيش  اللبناني وحزب الله و«داعش» ولا خيا رله الا الاستسلام او الرحيل الى ادلب.
وفي المعلومات، ان ابو مالك التلي فقد 90% من قواته، وان ابو طلحه الانصاري احد ابرز كوادره فرّ الى منطقة داعش، كما ان داعش وضعت شرطاً لاستقبال ابو مالك التلي وهو اعلان الولاء لها.
 

 موقف قائد الجيش


وكان لافتاً موقف قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي اكد ان جهد الجيش يتركز حالياً على حماية اهالي عرسال والقرى الحدودية ومخيمات  النازحين من محاولات تسلل الارهابيين، كما يقوم ايضاً بالتنسيق مع الصليب الاحمر الدولي بتقديم المساعدات الطبية والغذائية للنازحين. وعلم ان الجيش اللبناني لن يسمح على الاطلاق لاي من المسلحين بالدخول الى المخيمات او التسلل الى عرسال، وان هذا القرار اتخذته قيادة الجيش ولا تراجع عنه من اجل حماية عرسال والبقاع والنازحين.
اما على صعيد العسكريين المخطوفين لدى «داعش» فقد اشارت معلومات ان لا معلومات عنهم ولا شيء جديداً في هذا الملف.
 

 الوضع الميداني


وكان مجاهدو حزب الله سيطروا على كل التلال المشرفة على وادي حميد ومدينة الملاهي نهار امس والمتاخمة لـ 18 مخيماً للنازحين السوريين، وسيطروا بالنار على معبر الزمراني، وعلى اودية كميد وحمودي وشعبان الحلة ووادي الخيل البراك ومراح الخربة وطلعة النصاب ومرتفع النصاب وعقبة نوح في جرود عرسال واطراف وادي الخيل واحكموا سيطرتهم بالنار على آخر مربع لمسلحي النصرة في وادي حميد ومدينة الملاهي. كما واصل مجاهدو حزب الله تنظيف الجرود من العناصر الضالة للنصرة، والمجموعات المختبئة في الاودية والمغاور، كما عثر مجاهدو حزب الله على اكثر من سيارة مفخخة وعبوات ناسفة وليلاً تم ضبط كميات كبيرة من الاسلحة كانت متجهة من البادية السورية الى النصرة في القلمون الغربي.
جبهة النصرة انتهت في جرود عرسال وفليطا، وقرار ازالة «داعش» اتخذ لكن التوقيت يعود لقيادة حزب الله، فيما ازالة النصرة سيؤدي الى انتهاء هذا الكابوس عن اهالي عرسال ومنطقة البقاع. لان مواقع النصرة متاخمة لبلدة عرسال وجرودها ومخيماتها. واشارت المعلومات الى ان مجاهدي حزب الله دخلوا الى مقر قيادة ابو مالك التلي وشاهدوا على الارض «شعرا» من «لحية التلي مما يؤشر الى «حلق ذقنه» وتغيير شكله وملابسه وفراره الى وادي حميد بالقرب من مراكز النازحين السوريين، واتصل ببعض وجهاء عرسال طالبا التدخل لترتيب مفاوضات رحيله الى ادلب. في حين طلب عدد من مسلحي النصرة تسليم انفسهم اما البعض منهم فبقي الى جانب التلي.
وفي المقابل واصل الجيش العربي السوري تنظيف جرود فليطا والتي باتت خالية كليا من المسلحين، ونفذ الطيران الحربي السوري سلسلة غارات على معبر «الزمراني» من الجهة السورية، كما لاحق فلول المسلحين والقى القبض على العديدين منهم. 
اما جبهة «حركة انصار الشام» فقد سلمت كل مواقعها والمفاوضات متواصلة لنقل المسلحين الى ادلب.
 

 المستقبل يطالب بقوات دولية


وفي موازاة التطورات العسكرية وانتصارات حزب الله في الجرود، صعدت كتلة المستقبل من مواقفها بعد اجتماع في «بيت الوسط» برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، واعتبرت قرار حزب الله المتفرد في خوض معركة الجرود تجاوز للدولة وتجاهل ارادة اللبنانيين وطالبت الحكومة بامرين اثنين، «تمركز قوات الجيش في المناطق التي ينسحب منها المسلحون لحماية الحدود اللبنانية الشرقية، بما يمكن اهل عرسال من العودة الى مزارعهم ورعاية مصالحهم» والثاني «استعمال ما هو متاح في القرار 1701 لجهة الطلب من مجلس الامن الدولي الموافقة على توسيع صلاحيات قوات الامم المتحدة في موازاة الجيش اللبناني لحماية الحدود الشرقية والشمالية للبنان اسوة بالتجربة السابقة في الجنوب».
هذا الموقف لكتلة المستقبل جوبه بردود فعل عنيفة من قيادات 8 اذار ومسؤولين في حزب الله واعتبروه موقفاً يذكر بمواقف المستقبل والسنيورة في حرب تموز، فموقف المستقبل في تموز 2006 لا يختلف عن تموز 2017. ولا يقل سوءاً فموقف المستقبل في تموز 2006 كان الى جانب العدو وفي تموز 2017 يستعيد نفس الموقف من المقاومة ويقف الى جانب الارهاب.
 

 ترامب  - الحريري


وكان  رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري التقى عند الساعة الثانية من بعد ظهر امس بتوقيت واشنطن، التاسعة ليلا بتوقيت بيروت في البيت الابيض الرئيس الاميركي دونالد ترامب، الذي استقبله عند المدخل الرئيسي . 
وتوجه الرئيسان الى المكتب البيضاوي، وخلال التقاط الصور رحب الرئيس ترامب بالرئيس الحريري وقال: «انه لشرف عظيم ان نستقبل رئيس الوزراء سعد الحريري وقد شاهدنا التقدم الكبير في لبنان وهذا امر ليس سهلا في الوقت الذي يحارب فيه على جبهات عدة، وقد طور العلاقات بشكل حقيقي، العلاقات مع ممثلينا ومعي .سيدي الرئيس انه لشرف استضافتك في المكتب البيضاوي».
ورد الرئيس الحريري قال: «انه لشرف ان نكون هنا معك سيدي الرئيس ومسرورون للتأكيد على ان شراكتنا في محاربة داعش وكل انواع الارهاب مستمرة، ونأمل ان تستمر هذه الشراكة لما فيه خير المنطقة. وآمل ان نتحدث بشكل اوسع عن هذه الامور». 
ثم عقد اجتماع موسع حضره الرئيسان ترامب والحريري وشارك فيه عن الجانب اللبناني الوزير جبران باسيل، القائم باعمال السفارة اللبنانية في واشنطن كارلا جزار، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، السيد نادر الحريري والمستشارة آمال مدللي، وعن الجانب الاميركي وزير الخزانة الاميركية ستيفن منوشين، مدير مكتب الرئيس ترامب راينس برياباس، مستشار الامن القومي الجنرال ماك ماستر، مستشار الرئيس الاميركي جاريد كوشنير، مدير مجلس الاقتصاد الوطني غاري كوهن، السفيرة الاميركية في لبنان اليزابيت ريتشارد وعدد من كبار مساعدي الرئيس ترامب، وتم خلال الاجتماع عرض الاوضاع في لبنان وآخر المستجدات في المنطقة وسبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين.
 

 مؤتمر صحافي


وبعدها عقد مؤتمر صحافي مشترك، وقال ترامب «يشرفني ان ارحب برئيس الوزراء سعد الحريري وقد انتهينا الان من حديث مكثف عن تحديات لبنان وجيران لبنان، وهو على الخط الامامي في قتال «داعش» و«القاعدة» و«جبهة النصرة» و«حزب الله»، مشيراً الى أنه «انتم مسؤولون عن استقرار وامان الشعب اللبناني، اود ان اهنئكم على صمودكم وروابطنا تعود الى اكثر من مئة عام حين تم تأسيس الجامعة الاميركية في بيروت».
وأوضح ترامب «أننا نبحث عن الاستقرار والسلام المتبادل، وما انجزه الجيش اللبناني في السنوات الاخيرة عظيم، وقد استمر الجيش في حماية حدود لبنان، ان اميركا والجيش الاميركي كان فخورا في المساعدة بالحرب ضد الارهاب، والجيش اللبناني هو المدافع الوحيد الذي يحتاجه لبنان»، معتبراً أن «حزب الله يمثل تهديدا للدولة والمنطقة كلها وهو يعزز تسليحه ويمثل خطر اندلاع نزاع مع اسرائيل، وحزب الله يمثل نفسه ولا يدافع عن مصالح اللبنانيين لكن الحقيقة ان حزب الله يدافع عن مصالحه الخاصة وعن مصالح ايران».
وأشار الى أن «الشعب اللبناني استضاف اكبر عدد من النازحين ونحن نشكر الشعب اللبناني على ذلك، واؤكد دعمنا المستمر للبنان، ومن بداية الازمة السورية ساعدنا لبنان واتعهد ان ادعم الاحتياجات الانسانية للنازحين السوريين، وبقاءهم قرب دولتهم افضل طريقة».
وشدد على «أنني أحيي صمود الشعب البناني في وجه الارهاب والحرب واحيي الشعب اللبناني الذي يسعى لتأمين مستقبله».
وعن الرئيس الاسد قال ترامب: ان موقفه من الاسد معروف، لكن ترامب لم يتعامل معه بالجدية المطلوبة وهذا ما ادى الى دخول روسيا وايران على خط الازمة السورية ودعمه ووصلنا الى ما وصلنا اليه.
 

 الحريري


وقال الحريري، «شكرت ترامب على جهود الادارة الاميركية  المبذولة في لبنان لحماية الاستقرار السياسي والاقتصادي، كما ان اليونيفيل تساعد في حماية الاستقرار، وحكومتنا ملتزمة بالقرار 1701، ونحن بحثنا الضغوط التي يواجهها لبنان نتيجة النزوح السوري وبحثت مع الرئيس ترامب رؤية الحكومة في مواجهة الازمة، وبحثت معه جهود الحكومة لخلق الوظائف وفرص العمل والشعب اللبناني يناضل للحفاظ على لبنان مثال للحكم الديمقراطي».
وردا على سؤال حول الأزمة الخليجية مع قطر اوضح الحريري ان «الكويت تقود الجهد لحل الازمة الخليجية، والحوار افضل طريقة لحل الازمة بين السعودية وقطر، واميركا يمكن ان تساعد في حل ازمة الخليج»، وحول ملف العقوبات الأميركية لفت الحريري الى اننا «تعاونا مع اي موضوع في ملف العقوبات الاميركية، ونحن سنستكمل التعاون ونحن نقوم بإتصالات مع الكونغرس للوصول الى تفاهمات حول قرارات الكونغرس»، واكد الحريري ان «الدعم الاميركي للجيش اللبناني سيكمل كما كان في السابق».