أثارت مغادرة عمار الحكيم، المجلس الأعلى الإسلامي، وإعلانه تأسيس "تيار الحكمة الوطني"، تساؤلات ملحة حول أسباب تركه كيانا أسسته إيران في ثمانينيات القرن الماضي برئاسة عمه محمد باقر الحكيم، ثم أبيه عبد العزيز الحكيم.
ترك الطائفية
وأعلن عمار الحكيم، الاثنين، تركه لرئاسة المجلس الأعلى وتأسيس تيار الحكمة الوطني الذي قاله إنه "سيكون معتصما بالوسطية والاعتدال ومنطلقا للبناء، وأنه سيخوض الانتخابات الديمقراطية بعناوين جامعة".
وقال الحكيم في كلمة له إن العراق يواجه تحديات مصيرية وانعطافات تاريخية، تتطلب منا مواقف كبيرة وقرارات صعبة وحكيمة، وإن العراق يتطلع برغبة عارمة نحو التغيير الحقيقي، من أجل الخروج من حالة اليأس والإحباط التي تعيشها الجماهير.
وأضاف أن "تيار الحكمة الوطني سيكون حيثما تكون الحكمة ويكون العراق، معتصما بالوسطية والاعتدال ومنطلقا للبناء السياسي والاقتصادي والمجتمعي كي يعود العراق إلى أخذ دوره الذي يستحقه".
ولفت الحكيم إلى أن "الحكمة" سيعمل مع كل أبناء العراق إلى خوض الانتخابات الديمقراطية بعناوين جامعة وشاملة لكل الطيف العراقي والخروج من التخندقات المذهبية والقومية والانطلاق بأفق سياسي جديد.
وشدد على ضرورة أن "يكون العراق المتصالح مع نفسه، ويجب أن يكون العراقي الواثق من مستقبله… وترسيخ مفهوم القوائم الوطنية التي تحتضن كل أبناء العراق وإعادة الانصهار الوطني لأبناء شعبنا".
شكرا لإيران
وقدم رئيس تيار الحكمة الوطني، شكره لإيران ومرشدها السابق "الخميني" على ما قدماه للمجلس الأعلى من دعم "سياسي وجهادي وعقائدي"، لافتا في الوقت ذاته إلى أن تياره الجديد يتبنى "حوار الشجعان" لإنهاء أزمات المنطقة.
وقال الحكيم إن تياره يرفع شعار "العراق جسر للتواصل وليس ساحة للصراع"، و"إننا نؤمن أن قضايا الأمة الكبيرة يجب أن تتفاهم عليها الدول الشقيقة والصديقة الفاعلة والمؤثرة فلقد كنا وسنبقى دائما من دعاة حوار الشجعان وتفاهمات الكبار".
وأضاف أن "العراق سيقوم بدوره المحوري بين جميع إخوته في المحيط الإقليمي وصولا إلى تفاهمات تحفظ دول المنطقة وتعمل على تنمية شعوبها وقطع الطريق أمام التدخلات الدولية السلبية والخروج من حالة الاستقطاب المنهكة للجميع".
"جلبي" جديد
وعلى الرغم من أن الانشقاقات اقتصرت في بدايتها على القيادة الثلاث عادل عبد المهدي وجلال الصغير وبيان جبر، لكنها اتسعت في الاونة الأخيرة لتشمل قيادات أخرى رئيسة.
ولكن ما أثار استغراب مراقبين في هذه الخطوة، هو سرعة إعلان الحكيم انفصاله عن تيار يوصف بأنه النموذج الإيراني في العراق، كونه يؤمن بمبدأ ولاية الفقيه كنظام للحكم في البلاد.
وقال المحلل السياسي الدكتور عدنان التكريتي في حديث صحفي إن إيران تواجه تحدي النفوذ مع الولايات المتحدة الأمريكية في العراق، وهي عادة لا تستسلم وإنما تساير الوضع بأي طريقة كانت.
وأوضح أن إيران نجحت في أن تقدم السياسي العراقي (الشيعي) الراحل أحمد الجلبي لأمريكا ليكون رجلها الأول في العراق، وهو الذي لعب دورا كبيرا في احتلال العراق.
وعرف أحمد الجلبي الذي توفي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، بدوره البارز في إقناع أمريكا بغزو العراق عام 2003، كما أنه أسس لاحقا "البيت الشيعي العراقي".
وتساءل التكريتي: "هل تعمل إيران الأمر نفسه الآن بتقديم عمار الحكيم بعد افتعال أزمة داخلية وانشقاق لتصل رسالة إلى أمريكا باعتبار المخضرمين رجال إيران لأنهم ذهبوا بالشكوى إليها؟".
ونوه المحلل السياسي العراقي إلى أن "عمار الحكيم جمع مصادر القوة التنظيمية والمالية معه، وقد حاول التقرب إلى العرب وأبقى درب أمريكا سالكا طوال هذا الوقت".
وكان القيادي في المجلس الأعلى فادي الشمري، لفت في حديث تلفزيوني إلى وجود سجالات سياسية داخل المجلس، مؤكدا أن قيادات من المجلس ذهبت إلى إيران بالفعل لطرح مجموعة من القضايا ضمن حالة السجالات الموجودة.
وأفاد بأن "قيادات قديمة من المجلس الأعلى يقودها رجل الدين جلال الدين الصغير، ووزير النقل السابق باقر الزبيدي، والنائب حامد الخضري، قدموا شكوى إلى إيران ضد الحكيم بخصوص اختلافات وتباينات في وجهات النظر معه".
وكان من أبرز القياديات التي ذهبت بشكوى إلى إيران ضد الحكيم، رجل الدين جلال الدين الصغير، ووزير النقل السابق باقر الزبيدي، ورئيس كتلة المواطن النائب حامد الخضري.