تُخضع وزارة الدفاع العراقية 87 شخصاً غير عراقي من مقاتلي تنظيم "داعش" للتحقيق بسجون خاصة في بغداد، تم اعتقالهم خلال معارك بمحافظة نينوى والأنبار وسلسلة جبال حمرين بين كركوك وديالى شمال شرق العراق. ويؤكد مسؤولون عراقيون إن ملف هؤلاء غير قابل للتفاوض على الإطلاق وسيتم التعامل معهم وفقاً للقانون العراقي ضمن قانون مكافحة الإرهاب. ويواجه غالبيتهم الإعدام، إذ جرى اعتقالهم في مناطق قتال وبينهم من أصيب بالمعارك. وتحتجز السلطات أيضاً 14 امرأة ونحو 30 طفلاً جميعهم غير عراقيين، من جنسيات عربية وأوروبية وآسيوية.
مسؤولون عراقيون يستبعدون تسليم العناصر الأجانب لدولهم
في سجن الكاظمية العراقية شديد التحصين على نهر دجلة شمالي بغداد، يقبع عدد من مسلحي "داعش". ويتناوب على التحقيق معهم ضباط عراقيون وآخرون من الجيش الأميركي، أملاً بالحصول على المكان المرجح لوجود زعيم تنظيم "داعش"، أبو بكر البغدادي، وقيادات أخرى. إلا أن التحقيق لا يسير كما يرغب المحققون بسبب استمرار المعتقلين بالكذب، بحسب مسؤول عراقي، الذي أضاف "لا يتحدث المعتقلون بشكل مباشر وصريح على عكس زوجات عناصر التنظيم، المعتقلات، واللواتي كشفن الكثير من المعلومات وهن من جنسيات ألمانية وفرنسية وبريطانية وشيشانية، فضلاً عن نساء عربيات يتحدثن عن وقوعهن خديعةً لوعود أزواجهن بمستقبل مشرق في ظل دولة الخلافة".
وبيّن المسؤول أن "مسألة تسليم الإرهابيين لبلدانهم غير واردة ولم يتم مناقشتها كونهم مشاركين بقتل عراقيين". وحول جنسياتهم، أوضح أن الأمر يتعلق بأشخاص من الشيشان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، لكنه أكد أن بعضهم "من أصول عربية، تحديداً من مصر واليمن والسعودية والبحرين وسورية والمغرب العربي والأردن، ومن دول آسيوية، مثل طاجيكستان وأفغانستان وماليزيا، وهناك مقاتل واحد كردي من جنسية إيرانية".
وأكد المسؤول نفسه أن "قطر وسلطنة عمان هما الدولتان العربيتان الوحيدتان اللتان تخلو قوائم المعتقلين بتهمة الإرهاب في العراق، من وجود مواطنيهما، سابقاً أو حالياً". ولفت إلى أن عددا من "بعثات الدول الغربية في بغداد طالبت عبر وزارة الخارجية العراقية بلقائها مواطنيها المعتقلين والمشاركة بالتحقيق معهم"، مضيفاً أنه "تم السماح لدبلوماسيي بعض الدول بذلك، لكن ليس للتدخل بل من باب الشفافية واطلاعهم على الصورة بشكل كامل".
من جانبه، قال مسؤول المحور الشمالي في قيادة عمليات نينوى، العقيد جاسم الساعدي إن "غالبية أعضاء داعش من العرب والأجانب أنيطت بهم مهمات انتحارية في الأسبوعين الأخيرين من القتال في الموصل". وأضاف أنه "بالنسبة للمقاتلين المحليين (العراقيين) تمكن كثير منهم من التسلل عبر النازحين أو بطرق أخرى لكن العرب والأجانب خروجهم كان سيؤدي إلى اعتقالهم بسبب أشكالهم المميزة ولهجتهم التي تسهّل التعرف عليهم، لذا تم تكليفهم بتفجير أنفسهم وهناك كثير منهم خافوا باللحظات الأخيرة من تنفيذ عملية انتحارية بستر ناسفة أو بسيارات مفخخة وتم اعتقالهم أو قتلهم بعد مواجهات، والمعتقلون الموجودون حالياً هم حصيلة معارك الأشهر العشرة الماضية"، وفق تأكيد الساعدي.
وأعلن رئيس لجنة الأمن والدفاع العراقية، حاكم الزاملي أن بغداد لن ترسل أيا من المحتجزين إلى دولته الأم، بل "سيحاكمون في العراق". وأضاف أن "هذا أمر مفروغ منه ولا قبول للوساطات من دولهم"، لافتاً إلى أن "الحكومة تحتاج إلى موافقة البرلمان في قرارات كهذه، أي في حال أرادت تسليمهم، وهو ما لن يحصل وسيلقون محاكمات عادلة بالتأكيد، لكن بالنهاية هم متورطون بقتل عراقيين والقضاء له كلمته بالنهاية وليس السياسة بين الدول"، وفقاً لقوله.
وتم عزل الأطفال البالغ عددهم نحو 30 طفلاً، جميعهم دون سن العاشرة لدى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في بغداد. ووفقاً للمتحدث باسم الوزارة، عمار منعم، فإن الوزارة "تسلمت الأطفال بتنسيق مع منظمة الصليب الأحمر الدولية وجرى نقلهم إلى مركز إيواء خاص وتقديم رعاية صحية لهم". وبيّن أن "البت بمصيرهم سيكون من خلال القانون إذ إنهم لا يملكون أي وثائق أو أوراق تثبت نسبهم أو جنسية أبويهم وعثر عليهم في مناطق القتال وهم بحالة صحية سيئة".
"في هذا السياق، كشف مسؤول التوجيه المعنوي والإعلام في "قوات حرس نينوى"، سلام الحمداني عن أن "قسما كبيرا من هؤلاء المقاتلين قدموا للعراق مع أسَرهم بشكل كامل، الزوجة والأطفال والجدّة في بعض الأحيان". وقال إن "هناك اتفاقاً سياسياً وأمنياً على أن يبقى ملفهم قضائياً ومن خلال مجلس القضاء الأعلى فقط، وعدا ذلك فإن العراق ملزم بالتعامل معهم بشكل إنساني وفقاً للاتفاقيات الدولية"، على حد تعبيره. و"قوات حرس نينوى" هو أحد التشكيلات غير النظامية التي نشأت عقب احتلال تنظيم "داعش" للموصل، ويتألف من مقاتلين قبليين وسكان محليين بقيادة محافظ الموصل السابق، أثيل النجيفي.
وفي ما يتعلق بالأطفال من أبوين غير عراقيين، قال الخبير القانوني أمير الدعمي، إن القانون العراقي نصّ على أن من يولد في العراق لأبوين مجهولين أو أب مجهول وأم معلومة يحق له اكتساب الجنسية العراقية، وفق المادة الثالثة من القانون رقم 26 للعام 2006، الخاص بالجنسية العراقية. وأضاف الدعمي في تصريحات صحافية أن "القانون العراقي لم يسقط الجنسية العراقية عن مرتكبي الجرائم الجنائية، أما الأطفال الذين انتموا لتنظيم داعش وقاتلوا في صفوفه من عمر الثامنة لغاية السابعة عشرة من العمر، فهم يخضعون لقانون رعاية الأحداث رقم 76 لسنة 1983، إذ يمكن معاقبتهم بالسجن لمدة تصل إلى 15 سنة بسبب انتمائهم لتنظيمات إرهابية وفقاً لمواد القانون الخاص بالإرهاب"، وفق تعبيره.