تطالب الكويت بتوضيح لبناني علني وبموقف رسمي يرفض تحركات حزب الله. وتكشف المصادر أن الرسالة الكويتية لم تكن يتيمة أو وحيدة، بل أرفقت بملف كامل ومتكامل، هو عبارة عن تحقيقات معمّقة أجرتها السلطات الكويتية، تتضمن تفاصيل كاملة عن خلية كبيرة لحزب الله، كانت تعمل داخل الأراضي الكويتية، لكن من غير المؤكد إذا كانت هذه الخلية ستعمل على الأراضي الكويتية، أم أنها ستنطلق منها لتنفيذ عمليات في دول خليجية أخرى. وتؤكد المصادر أن الكويت تواصلت مع لبنان بلغة حازمة، حول وجوب إتخاذ قرار نهائي وموقف حازم تجاه هذه المسألة، كما أنها لوّحت بإحالة القضية على القضائين الكويتي والدولي.
ويشير هذا الملف إلى أن عدداً من الكويتيين حضروا إلى لبنان وتلقوا تدريبات لدى حزب الله، كما أن الأجهزة الأمنية وجدت ذخائر وأسلحة لدى الخلايا التي تم إلقاء القبض عليها. بدأ حزب الله نشاطه في الكويت منذ نشأته، وتعزز هذا النشاط في حقبة الحرب العراقية الإيرانية. ولا يخفي مطّلعون أن نشاط حزب الله هناك كان يرتكز على العداء للكويت، التي كانت تدعم العراق، أو كانت تشكّل محطّة لسلاحه. كما أن إيران كانت تعتبرها الحلقة الأضعف في الدول الخليجية القريبة منها. لذلك، حاولت إيران قلب النظام الكويتي. وفي أواخر العام 1983، وأوائل العام 1984، كان حزب الله يعمل في الساحة الكويتية، وتجلّى ذلك بإلقاء القبض على القيادي فيه مصطفى بدرالدين، الذي كان يحضر لعمليات داخل الكويت، من بينها إغتيال أمير الكويت.
لكن بعد الاجتياح العراقي للكويت، تحسّنت العلاقات الإيرانية- الكويتية، واستمرت جيّدة إلى اليوم. وهذا ما تجلى في العام 2006، بعيد حرب تموز، حين خرجت تظاهرات كبيرة في الكويت للتضامن مع حزب الله، ورفعت فيها أعلام حزب الله وصور الأمين العام للحزب. كما أنه من المعروف حجم التسليف الكويتي لمصلحة الحزب في لبنان مثلاً، كإنشاء مركز اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية، وإنشاء مجمعات تعليمية، بالإضافة إلى مراكز صحية ومستشفيات، بالإضافة إلى كل التقديمات التي قدمها صندوق التنمية الكويتي إلى الضاحية والجنوب من خلال تمويل مشاريع تنموية.
يستغل حزب الله الوضع في الكويت، نظراً لوجود شرائح شيعية واسعة في المجتمع الكويتي، وأعداد لا بأس بها من هؤلاء ذات أصول إيرانية. كما أن السفارة الإيرانية في الكويت فاعلة جداً، وتتمتع بهامش حركة لا بأس به. وللكويت اعتبارات عديدة، يحكمها القرب الجغرافي من العراق. لا شك أن لدى الكويت تخوف من نشاط الحزب وإيران على أراضيها. وصحيح أنه في السابق حصل تمايز كويتي لجهة العلاقة مع إيران، لكن اليوم أصبح هذا التمايز صعباً جداً، في ظل المواجهة المحتدمة بين دول الخليج وإيران. وهناك من يعتبر أن الضغط الدولي له تأثير على هذا الخيار الجديد.
ثمة من يتحدث عن أن قضية العبدلي فيها نوع من الإلتباس. إذ إنه أثناء المحاكمة وبانتظار صدور الحكم، تم إخلاء سبيل عناصرها بسندات كفالة، وتم تهريبهم إلى إيران. وهنا يطرح سؤال أساسي عن سبب إخلاء سبيل هؤلاء؟ تشير التقديرات إلى أن السلوك الكويتي كان يهدف إلى لملمة الوضع وعدم تفجيره، ولم تكن الأمور بهذا المستوى من التصعيد. أما اليوم فالأمور تغيّرت. والموقف الموجه إلى حزب الله ولبنان على خلفية هذه القضية يعكس قراراً خليجياً وربما أميركياً، يمهد لتصعيد في المرحلة المقبلة. ولا ينفصل هذا الكلام عن كلام رئيس جهاز السي آي إي، الذي يعتبر أن الأمور ذاهبة باتجاه التصعيد والمواجهة مع إيران.