مع توالي الأيام، يُثبت أهالي عرسال أنّهم مع الجيش اللبناني الذي ينتشر على تلال بلدتهم لحماية الأهالي ويمنع تدفّقَ الإرهابيين، في حين ما زال البعض يطالب بدخوله المعركة.
وفي السياق، يؤكّد مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنّ «محاولات الضغط على الجيش لدفعِه الى اتّخاذ قرارات متسرّعة لن توصل الى نتيجة، فهو يقوم بمهماته بكثير من الحكمة والرويّة، خصوصاً أنّ المهمّة الأساسية الملقاة على عاتقه هي تأمين المدنيين اللبنانيين والسوريين، وقد نجح فيها حتى الساعة، ولم يُسجّل أيّ أذى أو وقوع خسائر في الأرواح».
لكن كلّ ذلك لا يعني أنّ الجيش غيرُ معنيّ بما يحصل، لأسباب عدّة أبرزُها:
أولاً: الجيش كان أوّل من خاض المعارك في عرسال والجوار واسترجَع البلدة بعد غزوة 2 آب 2014، ودفع فاتورةً غالية من الشهداء، وما زال هناك جنود أسرى لن يتخلّى عنهم.
ثانياً: منذ انتهاء تلك المعركة، والجيش اللبناني يتصدّى يومياً لمحاولات المسلحين خرقَ خطوط دفاعِه، وقد شلَّ حركتَهم في الجرود واسترجَع التلال وباتت مراكزه محصّنة، وساهمت الضربات اليومية التي وجَّهها إلى المسلحين في إضعافهم بشكلٍ كبير.
ثالثاً: في العِلم العسكري، تُعتبر الجرود منطقةً ساقطة عسكرياً، ولا تؤثّر على الحياة العامة في البلاد، وهذا حصل بفضل تكتيك الجيش الذي دحَر خطرَ المسلحين إلى الخلف، وبالتالي فإنّ الجيش كان ضامناً لأهله في عرسال ولم يتخلَّ عن البلدة ويجعلها تتهاوى في يد الإرهابيين.
رابعاً: القرار السياسي للدولة اللبنانية ما زال موجوداً، إذ إنّ الحكومة تعطي قيادةَ الجيش الضوءَ الأخضر للتحرّك كيفما يشاء وفي الوقت الذي يراه مناسباً، وبالطريقة الأفضل، وهذا ما يعطي الجيشَ المنتشر في الميدان حرّية حركة تتناسب مع اتّجاهات المعركة.
ويشدّد المصدر العسكري على أنه لا يوجد تاريخ محدّد لمعرفة توقيت انتهاء المعركة، فالجميع يعلم متى بدأت، لكنّ أحداً لا يعرف متى ستنتهي، خصوصاً إذا ما أصرّ المسَلحون على القتال حتى النفَس الأخير، وعدم نجاح أيّ وساطة من أجل إخلاء مواقعهم والذهاب إلى إدلب أو أيّ منطقة سوريّة أخرى.
ويرفض المصدر كلَّ الحديث عن عدم قدرة الجيش على خوض المعارك، معتبراً أنّ الجيش خاضَ معارك أصعب بكثير ونجح، وبالتالي فإنّ جهوزيته في ذروتها، ويملك من الإمكانات ما يجعله قادراً على طمأنة اللبنانيين.
أمّا عن لحظة تدخّلِ الجيش، فيقول المصدر: «الديك بِصيح عندما يحين وقت الصياح»، ولا يستبق هذه الخطوة، لذلك فإنّ توقيت دخول الجيش أيَّ معركة يتحدّد في الوقت المناسب، وكلّ ما يحدث لا يعني أنّ الجيش خارج الدائرة، فهو على أهبة الاستعداد».
يُجمع الكثيرون على أنّ منعَ اختراقِ المسلحين ليس بالمهمّة السهلة، نظراً إلى طبيعة المنطقة الجغرافية، فالمناطق شاسعة ويستطيع المقاتلون اتّخاذ المخيّمات التي تقع وراء حاجز وادي حميد مراكزَ لهم، فيتحصّنون فيها ويأخذون النازحين دروعاً بشرية، لكن هناك طريقة لمنع ذلك، والمداهمات التي ينفّذها الجيش لن تتوقّف.
ومع فرار عناصر إضافية من «جبهة النصرة» إلى داخل المخيّمات، يشدّد المصدر على أنّ للنازحين دوراً كبيراً في هذا الأمر، حيث يجب ألّا يؤمّنوا مأوى لهم، بل يجب أن يساعدوا في الكشف عنهم لأنّهم قد يجلبون الويلات إلى المخيّم.
في نظر الجيش أنّ تحرير جرود عرسال لا يشكّل نهاية المعركة، فهناك أيضاً جرود رأس بعلبك والقاع التي تحتلّها «داعش»، لذلك هو في قلب المعركة، ويتدخّل عندما يحين الوقت. فيما يرى كثُر أنّه ربّما تكون المعركة مع «داعش» قريبةً إذا لم تُحَلّ الأمور بالمفاوضات، خصوصاً أنّ الغطاء المحلّي والعربي والإقليمي للقضاء عليها موجود ولم يتغيّر.