استبق الجمهوريون والديمقراطيون في الكونغرس الأميركي زيارة الرئيس سعد الحريري إلى واشنطن، فعملوا على تقديم مشروع قانون العقوبات الجديد على حزب الله. عملياً أصبح القانون في مكان لا يمكن التراجع عنه أو ادخال تعديلات عليه، ويعتبره المشرعون الأميركيون أنه سيسهم إلى حدّ كبير في تجفيف المصادر المالية لحزب الله.
ويشمل قانون العقوبات كل الأشخاص المرتبطين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بالحزب. بالتالي، فهي تطال أي فرد أو جهة تقوم بدعمه. ومن هذه المؤسسات: بيت المال وجهاد البناء وجمعية دعم المقاومة وقسم العلاقات الخارجية لحزب الله، إلى جانب الأمن الخارجي للحزب وتلفزيون المنار واذاعة النور. كذلك طلب مشروع القانون من الإدارة الأميركية وضع قائمة بمصادر تمويل حزب الله، بما في ذلك نشاطات التهريب والمساعدات الإيرانية وعائدات الجمعيات الخيرية، ودعا إلى تقديم تقرير حول ثروات قادته.
وفيما تلفت مصادر متابعة لزيارة إلى الحريري إلى أنه سيركز على ضرورة فصل الاجراءات والعقوبات ضد حزب الله عن لبنان واللبنانيين، وضرورة عدم تأثيرها السلبي على القطاعين الإقتصادي والمالي، إلا أن الهدف الأساسي لزيارة الحريري هو إستشراف المرحلة المقبلة من مستقبل المنطقة، في ضوء الخطّة الأميركية للشرق الأوسط، وبعد الاتفاق الروسي- الأميركي حول الجنوب السوري. أما المسائل الأخرى فهي عبارة عن أمور روتينية، خصوصاً لجهة طلب الحريري من الولايات المتحدة الأميركية زيادة الدعم للجيش اللبناني، والمساعدة في ملف اللاجئين السوريين في لبنان.
يذهب الحريري إلى واشنطن في مرحلة هامة، وكان حزب لله قد استبق هذه الزيارة باطلاق عملية عسكرية واسعة في جرود عرسال، من أجل تثبيت منطقة نفوذه في سوريا. ولا تخفي المصادر وجود تخوف من أن يكون ما يقوم به الحزب يحظى برضا دولي، وتقاطع في المصالح الإقليمية، بحيث تصبح جرود عرسال والمناطق السورية المحيطة بها، ربطاً بالعمق السوري، وصولاً إلى الحدود العراقية السورية، منطقة خاضعة لسيطرة الحزب وإيران، على أن يكون ذلك كثمن مقابل لانسحاب إيران وحزب الله من الجنوب السوري وتأمين حدود إسرائيل.
تتضارب وجهات النظر إزاء هذه القراءة. ففيما يعتبر البعض أن كل تحركات إيران وحلفائها على الساحة السورية تحظى بضوء أخضر دولي غير معلن، هناك من يستبعد ذلك، معتبراً أن واشنطن مصّرة على تحجيم نفوذ إيران عسكرياً ومالياً. وهذا ما يتجلى من خلال العقوبات التي تفرض عليها وعلى حزب الله. كما في معارضة المجتمع الدولي لاعادة اللاجئين من لبنان إلى سوريا، قبل انجاز الاتفاق السياسي.
من جهة أخرى، تكتسب زيارة الحريري الأميركية أهميتها لناحية دعم الجيش اللبناني، خصوصاً أن قائد الجيش جوزيف عون يستعد لاجراء زيارة إلى الولايات المتحدة في آب 2017. بالتالي، فإن الحريري سيبحث حالياً مسألة توفير مزيد من المساعدات للجيش، بالإضافة إلى التشديد على أهمية الدور الذي يؤديه في مواجهة الإرهاب، وإستعداده للإنتشار على كامل حدود السلسلة الشرقية، خصوصاً في جرود عرسال بعد انتهاء المعارك، ليحل بدلاً من حزب الله. ورغم أن ذلك يثير علامات الإستفهام لدى البعض، إلا أن هناك من يشير إلى أهمية مراقبة ما يحصل في قاعدة رياق العسكرية ومطار رياق، إذ إن ثمة من يعتبر أن واشنطن تركز عملها هناك، وهي قد تنشئ ما يشبه قاعدة عسكرية كبيرة في تلك المنطقة.