بعد أن قاطعت إيران مراسم الحج في العام الماضي احتجاجا على أحداث منى التي ذهب ضحيتها المئات من الحجاج الايرانيين حاولت المملكة السعودية استرضاء الجمهورية الاسلامية عبر القبول بمطالبها والخضوع لشروطها المسبقة حتى لا تحرم المسلمين الايرانيين الشيعة من ممارسة واجبهم الديني.
وخلافا للاتجاه المتشدد في إيران أبدت منظمة الحج في الجمهورية الإسلامية الإيرانية حسن نواياها تجاه المبادرة السعودية ودخلت في سلسلة من المفاوضات مع الطرف السعودي وطرحت معها جملة من المخاوف حول أداء مناسك الحج حرصا على سلامة الحجاج وتجنبا لتكرار حادث تدافع منى المؤلم.
وبالرغم من أن بعض شروط الإيرانيين كانت تمس بالسيادة السعودية إلا أن الطرف السعودي أبدى مرونة نوعية لا مثيل لها لإزالة قلق الطرف الإيراني على أمن مواطنيه وسلامتهم.
بالتزامن مع الجهود الحثيثة التي بذلها الطرفان شن قوميون ايرانيون حملة إعلامية ضد الحج أو بالأحرى على الإسلام نفسه وزعزعة المعتقدات الدينية ليرغب الإيرانيون عن الحج واطلقوا موجة من الكراهية ضد العرب واعتبارهم غزاة مجرمين احتلوا الإمبراطورية الفارسية.
وبالرغم من النجاح النسبي لتلك الحملة التي جعلت الكثير من المهيئين لأداء الحج في العام الجاري يلغون سفرهم خوفا على أمنهم وسلامتهم إلا أن التطمين السعودي أعطى مفعوله وسيؤدي الإيرانيون مراسم الحج إن شاء الله آمنين.
وأولى الحملات الإيرانية ستغادر إلى السعودية خلال الاسبوع المقبل وفق أمير الحاج الايراني السيد قاضي عسكر.
بطبيعة الحال ستكون تصرفات الاخوة السعوديين تجاه ضيوف الرحمن الايرانيين تحت المجهر المأمول من الإخوة السعوديين حكومة وشعبا أن يحترموا إخوتهم الشيعة وأن لا تعطي ذريعة للقوميين الإيرانيين الذين يلومون مواطنيهم على أداء حج بيت الله الحرام. كفى تسييس للحج الذي أمر الرب رسوله : اذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق.