معركة تطهير الجرود من التكفيريين «تتحدث عن نفسها» كما اعلن الاعلام الحربي «وستسير وفقا لمراحل تمّ التخطيط لها».
فسير العمليات العسكرية في اليوم الاول من حيث التقدم السريع لمجاهدي حزب الله نحو مواقع الارهابيين يساندهم الجيش السوري بقصف عنيف كانت نتيجته صدمة وترويعاً للارهابيين.
فعملا بالموعد المحدد منذ قرابة الاسبوع من قبل القيادة العسكرية المشتركة بين الجيش السوري وحزب الله، وبعد تحقيق المرحلة الاولى من العملية التطهيرية ضد التكفيريين هدفها، بعد نجاح القصف الجوي والبري السوري،  لمواقع المسلحين لانهاكهم، وبعد افشال خطتهم في تطويل امد المفاوضات، انطلقت عند الساعة الخامسة والنصف فجر اول من امس العملية العسكرية من محوري الشرق من فليطة تحديدا ،حيث استشهد للحزب 6 مقاتلين في كمين نصب لهم، ومن الجنوب باتجاه مناطق سيطرة «النصرة» عبر قصف تمهيدي عنيف من الجيش السوري استمر زهاء ساعتين، قبل ان تتقدم «قوات الرضوان» الخاصة المقدرة بـ 2500 عنصر تواكبها عناصر الهندسة في حزب الله، بمساندة من مدفعية الـ 130 المباشرة المحمولة وسلاح المضاد للدروع بصواريخه الموجهة، لتنجح بعد معارك ضارية مع المسلحين، بالسيطرة على منطقة سهل الرهوة وموقع ضهرة الهوّة، ووادي دقيق، ووادي زعرور، ومواقع رعد 1 و2 و3 في جبل الانزح، فضلا عن سيطرتها بالنار على وادي الخيل من الجهة الجنوبية، مكبدة المسلحين عشرات القتلى بينهم مسؤول موقع الهوة واثنان من مرافقيه، كما تمكنت من اسر عدد منهم.
وتكشف مصادر مطلعة على سير العمليات ان خطة حزب الله ترمي الى الفصل بين مناطق تواجد «داعش»، التي تبلغ ضعفي المساحة التي تسيطر عليها «النصرة» والتي لم يتحرك مسلحو «الدولة» حتى الساعة رغم المصالحة التي تمت مع «الجبهة»، و«فتح الشام»، وثانيا عزل المواقع الاساسية ذات الثقل بالنسبة لـ «النصرة» في كل من كسارات عرسال، ضهر الهوة، وادي الخيل، ووادي حميد، (يبلغ عديد مقاتليها الـ 400 مسلح)، من خلال احكام الحزب على مناطق  حاكمة لابطال مفعول القناصين المنتشرين بكثافة، متجنبا سلوك الممرات العادية خوفا من وجود اي كمائن.
وتشير المصادر الى ان مدينة الملاهي تشكل نقطة محورية، اذ انها عقدة المسالك عبر عدة خطوط يستعملها المسلحون:
-مدينة الملاهي - وادي عجرم «المستشفى الميداني» - مراح الشيخ - وادي الزمراني.
-وادي عجرم خربة يونين - وادي الريحان - وادي الدم.
-وادي الريحان - وادي العويني - وادي الرهوة (النقطة التي انطلق منها الهجوم لجهة الجنوب للوصول الى عزل منطقة الكسارات الاستراتيجية عن جرود عرسال).
واكدت المصادر ان من بين الاهداف المرسومة عدم السماح بانتقال تلك المجموعات نحو مناطق «داعش»، رغم ان لا شيء يثبت حتى الساعة صحة الادعاءات عن مبايعة بعض المسلحين لتنظيم الدولة، ومن جهة ثانية عدم تمكينهم من النزول باتجاه مواقع الجيش، وبالتالي حصرهم بين فكي كماشة عبر فصل المواقع عن بعضها البعض وقضمها تباعا وفق مقتضيات سير المعارك، معتبرة ان لا حل امام المسلحين غير الاستسلام او الموت، مشيدة باداء المقاتلين «اذ تسير العملية وفقا للمرسوم لها والمخطط تماما» مبدية اعتقادها بان تستغرق بحدود السبعة ايام لانهاء تواجد «فتح الشام» «والنصرة» قبل الانتقال الى المرحلة الثانية لتطهير الجرود من «داعش»، كاشفة ان قرار انطلاق المعركة عبر الاجهزة اللاسلكية صدر من احد القياديين الجهاديين في غرفة العمليات.
انطلاق المعركة اذا،جاء بعد ساعات طويلة من المفاوضات والطروحات التي حملها الوسطاء من الجرود وآخرهم الشيخ مصطفى الحجيري والتي انتهت الى رفض حزب الله والقيادتان السياسية والعسكرية اللبنانيتان، لمطالب ابي مالك التلي التي اعتبرت غير مقبولة، سواء لجهة انسحابه مع مسلحيه عبر مطار بيروت، وان كان دون سلاح، وهو المسؤول عن اراقة دماء اللبنانيين والعسكريين، او عبر احد المرافئ البحرية مع سلاحه  كما طلب.
 

 

 سير المعركة العسكرية


وبالعودة الى سير العمليات العسكرية فقد اعلن الاعلام الحربي «انه مع ساعات الفجر الأولى اول من امس، انطلقت العملية العسكرية لتطهير جرود عرسال والقلمون من المسلحين الإرهابيين، بقصف مدفعي وصاروخي من قبل رجال الجيش السوري والمقاومة.
واستهدف القصف تجمعات وتحصينات ومواقع «جبهة النصرة» في ضهر الهوى وموقع القنزح ومرتفعات عقاب وادي الخيل وشعبة النحلة في جرود عرسال اللبنانية.
كما استهدف الجيش والمقاومة نقاط انتشار المسلحين في مرتفعات الضليل وتلة الكرة وتلة العلم في جرود فليطة بالقلمون الغربي.
وانطلق الهجوم من محورين باتجاهات متعددة لكل محور. الاول من بلدة فليطة السورية باتجاه مواقع النصرة في جردها في القلمون الغربي، والثاني من جرود السلسلة الشرقية للبنان الواقعة جنوب جرد عرسال (مسيطر عليه منذ 2015) باتجاه مرتفعات وتحصينات ارهابيي جبهة النصرة شمال وشرق جرد عرسال.
وأعلنت قيادة العمليات أن لا وقت محدد للعملية، وأن المعركة هي ستتحدث عن نفسها وستسير وفقاً لمراحل تم التخطيط لها.
ومع ساعات الظهيرة، حققت قوات الجيش السوري والمقاومة تقدماً ملحوظاً على جبهات جرد فليطة في القلمون الغربي، بالتزامن مع تقدم المقاومة في جرود عرسال باتجاه موقع القنزح ووادي القرية جنوب شرق جرد عرسال، وسط اشتباكات مع ارهابيي جبهة النصرة أوقعت قتلى وجرحى في صفوفهم.
أولى التلال التي سيطرت عليها القوات هي تلة البركان في جرد فليطة في القلمون الغربي، وبعدها شن مجاهدو المقاومة هجوما كبيرا باتجاه سهل الرهوة وعلى موقع ضهرة الهوة الذي يعد من اهم المواقع في جرد عرسال.
وسيطرت القوات على سهل الرهوة بعد مواجهات مع الإرهابيين، أدت إلى مقتل وإصابة العشرات منهم، وتدمير عددا من الآليات، كما تم استهداف غرفة لمسلحي النصرة، ما أدى إلى تدميرها ومقتل من بداخلها.
ورفع المجاهدون راية المقاومة فوق موقع ضهرة الهوة في جرد عرسال بعد نزع راية النصرة، بعد السيطرة عليه، ليفتح هذا التقدم الطريق أمام القوات باتجاه وادي الخيل ووادي الدب. ويضم الموقع 3 مواقع لجبهة النصرة وهي الطائف والفتح والراية، وتتميز بتحصينات قوية.
وفي ظل هذا التقدم الكبير للجيش السوري والمقاومة، اعترفت تنسيقيات المسلحين بمقتل 17 مسلحا بينهم مسؤول ضهرة الهوة واثنين من مرافقيه.
واستمر تقدم الجيش والمقاومة مع ساعات بعد الظهر، وتمت السيطرة على وادي دقيق ووادي زعرور جنوب شرق عرسال، الذي يضم 3 مواقع لجبهة النصرة، بالتوازي مع السيطرة على موقع تفتناز في جبل القنزح جنوب جرد عرسال.
كما سيطرت القوات على مرتفع الكرة الأول ومرتفع ضليل الحاج ومرتفع حرف الصعبة في جرود فليطة في القلمون الغربي.
الوحدة الصاروخية في المقاومة الإسلامية استهدفت بصاروخ ثقيل قصير المدى نقاط التحشد الخلفية وخطوط امداد ارهابيي جبهة النصرة في مثلث وادي العويني ووادي الخيل بجرد عرسال، ما أدى إلى حدوث دمار كبير في المكان المستهدف ووقوع عدد كبير من القتلى والجرحى بصفوف الإرهابيين.
واختصر الاعلام الحربي عمليات امس بالسيطرة على :
- في القلمون الغربي : تلة البركان، مرتفع الكرة الأول، مرتفع ضليل الحاج، مرتفع حرف الصعبة في جرد فليطة.
- في جرود عرسال : سهل الرهوة، موقع ضهر الهوة، وادي دقيق ووادي زعرور، موقع تفتناز في جبل القنزح.
 

 اجراءات الجيش


من جهتها اكدت مصادر متابعة ان الهدوء يعم بلدة عرسال ومخيماتها نتيجة اجراءات الجيش المتخذة، معتبرة ان ما اعلنه رئيس الحكومة عن عملية للجيش في الجرود يمكن ادراجه في اطار الكلام السياسي الاستباقي في حال استجدت اي تطورات على الجبهة استدعت تدخلا مباشرا من قبل الجيش اللبناني، خلال فترة تواجده في الولايات المتحدة والتي يغادر اليها اليوم على ان يلتقي الرئيس الاميركي دونالد ترامب الثلاثاء ويعقد سلسلة اتصالات بمسؤولين اميركيين، كاشفة ان المسؤول الامني الرفيع الذي كان سيرافق رئيس الحكومة الى واشنطن اعتذر عن المشاركة في الوفد نتيجة التطورات الحاصلة في جرود عرسال ، مبدية اعتقادها بانه كان على «الشيخ» سعد اختصار زيارته بيوم واحد نتيجة الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد.
مصدر امني لبناني اكد ان الجيش باشر بتطبيق الخطة الموضوعة من قبل قيادة الجيش التي يتابع كبار ضباطها مجريات العمليات العسكرية على الارض لحظة بلحظة عبر وسائل الجيش الخاصة، والمقسمة على ثلاث مستويات:
-الاول : رفع الجهوزية العسكرية الى 100% على الجبهة واستقدام التعزيزات العسكرية اللازمة لضمان تأمين خط الجبهة وحمايتها من اي اختراق وكذلك حماية القرى والبلدات اللبنانية من اي اعتداءات ، بما فيها اتخاذ الاجراءات الضرورية لمنع اي عمليات انتحارية سواء عبر سيارات مفخخة او انتحاريين ضمن الممكن، وكذلك رفع الجهوزية على كامل الاراضي اللبنانية بنسبة 50% لمواجهة اي تطورات امنية غير محسوبة. يضاف الى ذلك وضع كل الهيئات الصحية والمدنية في قطاع عمليات الجيش بحال الاستنفار.
-الثاني : بالنسبة للنازحين الموجودين خارج رقعة انتشار الجيش والذين يقدر عددهم بعشرة آلاف نازح، فقد اقامت قيادة الجيش ممرا آمنا لمن يرغب بالنزول الى داخل عرسال، وقد حاول صباح امس ما بين 20 الى 30 امراة وطفل الدخول عبر حاجز الجيش بعدما وصلن الى مسافة قريبة منه الا انهن ما بتن ان تراجعن، يشار الى ان الامم المتحدة ارسلت موفدا خاصا يتواجد في المكان لمراقبة وتسجيل تفاصيل اي عملية دخول عبر حاجز الجيش وللتأكد من التزام الدولة اللبنانية بما تعهدت به. وبهذا الخصوص اشارت اوساط عرسالية الى ان «احرار الشام» والتي يبلغ عديدها بين 150 الى 200 عنصر تعهدت بمنع نزول مسلحي جبهة فتح الشام الى مخيمات النازحين المنتشرة خارج منطقة سيطرة الجيش في مدينة الملاهي ووادي حميد ووادي عطا.
-الثالث : فيما خص الوضع داخل عرسال فان الجيش باشر منذ صباح امس بتسيير دوريات راجلة ومؤللة في كل شوارع البلدة، لطمأنة المقيمين فيها من اهالي ولاجئين، مشددا من اجراءاته الامنية عند مداخلها مدققا في الهويات، كما انه نفذ انتشارا في محيط مخيمات اللاجئين التي لم تشهد اي حركة غير عادية، فيما سجل رفع للاعلام اللبنانية على خيم بعضها، وفي هذا الاطار تتابع الاجهزة المعنية الامنية مراقبتها الشديدة بعدما توافرت معلومات لدى المحققين عن وجود حوالى 150 مقاتلا لفتح الشام داخل مخيمات عرسال التي يبلغ عددها 110 وتضم 100000 نازح، للتحرك ضد الجيش دون وجود اي مؤشرات حتى الساعة توحي بذلك. وعلم ان بلدية عرسال تتعاون بشكل كامل مع الاجهزة الامنية والعسكرية لضبط الاوضاع داخل البلدة ومنع اي احتكاك بعدما غابت مظاهر الدراجات النارية والسيارات ذات الزجاج الداكن.
وكشف المصدر الامني ان الجيش يتعامل مع اي محاولة تسلل باتجاه مواقعه بالاسلحة المناسبة وهو في هذا الصدد قام باستخدام الاسلحة المتوسطة صباحا ضد احدى المجموعات التي اشتبه بانها تحاول التقدم باتجاه مواقعه قبل ان تكمل طريقها في اتجاه آخر، محاولا عدم استخدام سلاح المدفعية قدر المستطاع وتنفيذ رمايات في بقعة المواجهات في جرود عرسال التي تبعد بين 10 الى 15 كلم عن البلدة